تنمية بشرية

تعريف التفكير الابداعي ومهاراته

مقدمة عن التفكير الإبداعي

تحتل مسألة التفكير في علم النفس وفي علوم أخرى وفي الحياة بوجه عام مكانة رئيسية لأن مهمة التفكير تكمن في إيجاد حلول مناسبة للمشكلات النظرية والعملية الملحة التي يواجهها الإنسان في الطبيعة والمجتمع وتتجدد باستمرار مما يدفعه للبحث دوماً عن طرق وأساليب جديدة تمكنه من تجاوز الصعوبات والعقبات التي تبرز والتي يحتمل بروزها في المستقبل ويتيح له ذلك فرصاً للتقدم والارتقاء.يعد التفكير كعملية معرفية عنصراً أساسيا في البناء العقلي – المعرفي الذي يمتلكه الإنسان ويتميز بطابعه الاجتماعي وبعمله المنظومي الذي يجعله يتبادل التأثير مع عناصر البناء المؤلف منها أي يؤثر ويتأثر ببقية العمليات المعرفية الأخرى كالادراك، والتصور، والذاكرة… الخ ويؤثر ويتأثر بجوانب الشخصية العاطفية، الانفعالية والاجتماعية… الخ ويتميز التفكير عن سائر العمليات المعرفية بأنه أكثرها رقياً واشدها تعقيداً وأقدرها على النفاذ إلى عمق الأشياء والظواهر والمواقف والاحاطة بها مما يمكنه من معالجة المعلومات وإنتاج واعادة إنتاج معارف ومعلومات جديدة، موضوعية دقيقة وشاملة، مختصرة ومرمزة.

مفهوم التفكير الإبداعي

لتفكير الإبداعي هو التفكير الذي يتسم بعدم التقليد، وتتسم نواتجه بالجدة والقيمة لدى كل من الشخص المفكر والثقافة التي ينتسب إليها ، وتدفع المفكر إليه دافعية قوية ومثابرة عالية

نشاط عقلي مركب وهادف توجهه رغبة قوية في البحث عن حلول أو التوصل إلى نواتج أصيلة لم تكن معروفة سابقا.

عملية ذهنية مصحوبة بتحفز وانفعال صادق ينظم بها العقل خبرات الإنسان ومعلوماته بطريقة خلاقة تمكنه من الوصول إلى جديد مفيد.

التفكير الابداعي ومهاراته

لا تقتصر مهارات التفكير الإبداعي على القدرات الفنية وحسب،بل تتوسع لتشمل مختلف المناحي، وإليك فيما يلي أهمّ المهارات التي تعدّ من مكوّنات التفكير الإبداعي:

  1. التفكير التحليلي: قبل أن تبدأ بالتفكير بشكل إبداعي في أمر أو قضية ما، عليك أولاً أن تفهمها. ويتطلّب ذلك القدرة على تمحيص جميع جوانب المشكلة بعناية لفهم ما تعنيه كلّ جزئية. سواءً كنت أمام نصّ، مجموعة من البيانات، مخطط منهج دراسي، أو معادلة علمية، عليك دومًا أن تبدأ بتحليلها قبل الشروع في التفكير في حل إبداعي لها.
  2.  الانفتاح: تنطوي الإبداعية على التفكير في أمور لم يأخذها أحد بعين الاعتبار من قبل. وهنا لا بدّ لك من أن تضع جانبًا أي افتراضات أو تحيّزات تمتلكها، وتنظر للأمور من حولك بطريقة جديدة تمامًا. وهكذا فالتطرق لمشكلة ما بعقل منفتح، سيتيح لك الفرصة للتفكير بشكل إبداعي.
  3. حل المشكلات: لا يبحث أرباب العمل عن الأشخاص المبدعين المثيرين للإعجاب وحسب. بل إنهم يرغبون في توظيف أشخاص مبدعين قادرين على حلّ المشكلات المرتبطة بالعمل. لذا عند التقدم لأي وظيفة، لا تكتفِ بذكر قدراتك الإبداعية، وإنّما وضّح كيف ساهمت قدراتك هذه على حلّ قضايا ومشكلات سابقة.
  4. التنظيم: قد يبدو هذا الأمر متعارضًا بعض الشيء مع ما هو متعارف عليه من أنّ الأشخاص المبدعين هم في الغالب أشخاص فوضويون. لكن لابدّ من التنويه إلى أنّ التنظيم يعدّ عاملاً مهمًا من عوامل التفكير الإبداعي. قد تجد نفسك فوضويًا بعض الشيء عند تجربة فكرة جديدة، لكنك تحتاج بعدها إلى ترتيب أفكارك وتنظيمها حتى يفهمها الآخرون ويتمكّنوا من السير وراء رؤيتك. أن تكون قادرًا على هيكلة خطة عمل ذات أهداف ومواعيد نهائية واضحة أمر في غاية الأهمية.
  5. التواصل: لن يقدّر أحد أفكارك الإبداعية أو الحلول الإبداعية التي أتيت بها إلاّ إذا امتلكت القدرة على إيصالها بفعالية للأشخاص الذين تعمل معهم أو أولئك المعنيين بهذه الحلول. لذا لابدّ لك من امتلاك مهارات تواصل قويّة سواءً شفويًا أو كتابيًا. ليس هذا وحسب، بل يتعيّن عليك أيضًا أن تكون قادرًا على فهم الموقف جيدًا لتتمكن من التفكير فيه بشكل إبداعي، وهذا الأمر لا يتأتّى إلاّ إذا كنت مستمعًا جيدًا وقادرًا على طرح الأسئلة الصحيحة التي تقودك في النهاية إلى فهم المشكلة المطروحة أمامك ومن ثمّ حلّها.

أنواع التفكير الإبداعي

لقد لقي التفكير الإبداعي اهتمامًا من قبل المختصين في التربية وعلم النفس، وكان لهم الفضل في شرح أنواع التفكير الإبداعي، وينقسم التفكير الإبداعي إلى قسمين تفكير إبداعي فردي، وتفكير إبداعي جماعي، ولكل من هذه الأنواع أهميته الخاصة، ويمكن فهمهم كالآتي:

التفكير الإبداعي الفردي :ويكون هذا النوع من التفكير مختصًا بفرد واحد ويكون هذا الفرد يتمتع بصفات الشخص المبدع من طلاقة فكرية، بحث يكون لديه القدرة على استدعاء أكبر عدد ممكن من الأفكار المناسبة في فترة زمنية معينة لمشكلة ما، وأيضًا يتمتع بالطلاقة اللغوية فهو قادر على إنتاج أكبر عدد من الكلمات التي تصف أفكاره الإبداعية في فترة زمنية محددة، وبالإضافة إلى تمتعه بالأصالة أي أن أفكاره أصيلة ونادرة وجديّة، وأيضً يتميّز بامتلاكه حساسية للمشكلات فهو يستطيع تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف في المواقف مع قدرته على فتح آفاق واسعة من الحلول لتلك المشكلة، ويرتبط هذا النوع من التفكير الإبداعي بالذكاء.

التفكير الإبداعي الجماعي: يعد التفكير الإبداعي الجماعي أحد أهم الأساليب التي تلجأ إليها المؤسسات لإيجاد الحلول المناسبة لبعض المشكلات أو لإيجاد أفكار جديدة لزيادة الإنتاج وتسهم في رفع كفاءة المؤسسة، ولا داعي في هذا النوع من التفكير الإبداعي أن يتوفر في الفرد نفسه كافة مواصفات الشخص المبدع ففي هذا النوع يتم التشارك في الأفكار والبناء عليها من قبل الزملاء، ويساعد هذا النوع من التفكير الإبداعي على تشجيع الانسياب الحر للأفكار وانتاج عدد كبير ومتنوع منها، ويشجّع على المناقشة والحوار، ولكن يجب الحذر من أن تخلو هذه المناقشات من النقد السلبي والتجريح حتى لا يفقد التفكير الإبداعي الجماعي قيمته.

أهمية التفكير الإبداعي

تكمن أهمية التفكير الإبداعي في قدرته على إيجاد حلول للمشكلات بطريقة التفكير الابتكاري، وكذلك إضافة أفكار وأعمال جديدة وفريدة يكون لها مساهمة في رفعة المجتمع وتقدمه، ويمكن حصر أهمية التفكير الإبداعي في عدد من النقاط منها:

  1. التجويد والتحسين: ويعني ذلك العمل على تحسين جودة الإنتاج في قطاع أو عمل ما وإزالة العقبات والأخطاء، ويتم ذلك من خلال اقتراح أفكار جديدة يمكن من خلالها الوصول إلى التحسن المطلوب، وتحتاج المنظمات والمؤسسات إلى الإبداع من أجل العمل على تطوير الأداء، بحيث تتحقق الأجهزة الإدارية أهدافها من خلال معالجة المشكلات ومواكبة عملية الحداثة الدائمة.
  2. حل المشكلات ومواجهة الأزمات: تكمن أهمية التفكير الإبداعي في عملية التعرف على المشكلة، والعمل على تحديد أبعاد المشكلة بطريقة مفصلة، ثمّ يتم من خلال التفكير الإبداعي وضع بدائل وحلول للمشكلة، فالشخص المبدع هو الذي يفهم المشكلة ثم يفكر في حلها، ويساعد التفكير الإبداعي في العمل على استباق المشكلة وإلغاء أثرها قبل أنّ تبدأ.
  3. الابداع هو أحد أهم خصائص المنظمات المعاصرة: نتيجة للتطور السريع الذّي يمر في المجتمع وتزايد الاهتمام بالمعرفة بعملية التعليم وعملية الاقتصاد المعرفي في نهاية القرن العشرين ظهر الإبداع حاجة ملحة في منظمات القرن الحادي والعشرين، التّي اعتمدت على العقل المفكر في كل أعمالها بما في ذلك السلطة، ويعد الإبداع من ضمن الخصائص الهامة للمنظمات التي تعمل على التحول التدريجي نحو العالمية في ظل معايير الكفاءة والمنافسة بين المنظمات.
  4. التخطيط ووضع الاستراتيجيات: ترتبط عملية التخطيط بالتفكير الإبداعي من خلال عملية البحث عن أفكار فريدة من خلال آليات التخطيط والبدائل التي تؤدي إلى اكتشاف أفكار جديدة تعمل على إيصالنا إلى الهدف بطريقة أسهل وأكثر نفعًا.

معوقات التفكير الإبداعي

  1. عدم ثقة الشّخص بنفسه وقدراته، ممّا يحول بينه وبين مواجهة المواقف التي يتعرّض لها لشعوره بالخوف من عدم النّجاح.
  2. إفراط الحماسة والإقبال مندفعًا على تحقيق النّجاح دون تأنٍ.
  3. تقييد التّفكير والالتزام بالتّفكير داخل الصّندوق وعدم الجرأة في تجريب وسائل غير مألوفة.
  4. الظّروف المحيطة التي تقفُ عائقًا أمامَ التّفكير الإبداعي.
  5. الصّراع الدّاخلي لرفض التّغيير والخوف من المجهول، فيضعُ الشّخص أمامه عدّة عقبات لتفادي الخطر الذي يظنُ أنّه ربما يتعرّض له أو خوفًا من النّتائج غير المتوقعة.
  6. اعتقاد الفرد أنّ التّفكير الإبداعي يستلزمُ الانضباطَ والابتعاد عن التّرفيه فيدفع به لرفض التّجريب والخروج عن المألوف.
  7. الظّروف الاقتصاديّة والثقافيّة التي تُعدُّ من أهمّ العوامل التي تؤدي للتّفكير الإبداعي.
  8. التنشئة الأسرية التي تتعامل مع الفرد بالتّسلط وغياب مساحة الحرية لإطلاق العنان للتفكير الإبداعي.
  9. العادات والتقاليد والقيم المجتمعية القائمة على التّمسك بالماضي، وتقسيم الأدوار بين الجنسين ووضعه ضمن إطار العادات والأعراف.
  10. دور الرّفاق ومدى تأثيرهم على التّوجه الإبداعي نحو بعضهم، ودور المدرسة خاصةً في المراحل الأساسيّة.
السابق
تعريف تطوير الذات واهميته
التالي
تمارين لطرد الطاقة السلبية

اترك تعليقاً