تنمية بشرية

ماهو اليأس ؟

يعرف اليأس في اللغة على أن هو ذلك القنوط أو قطع الأمل وهو نقيض الرجاء ويتم تعريفه اصطلاحياً على أنه هو ذلك الانقطاع للأمل لدى الإنسان في أمرها أو الرجاء بحدوثه واليأس هو عبارة عن ذلك الإحباط الذي يصيب الإنسان ، وتحديداً روحه وعقله فيتم من خلاله تجريد الإنسان من الشعور بالأمل تجاه موضوعاً معيناً أو أمراً ما ، و بالتالي يصيب الإنسان الإحباط وانقطاع الأمل بتغير حاله من حال سيئ كمثال إلى حال أفضل .

ماهو اليأس ؟

هو ذلك الشعور الداخلي ، و الذي يبعث الحزن وعدم الراحة و الإحباط ، وعدم التفاؤل في نفس الإنسان اليائس ، و قد يؤدي به في العديد من الحالات منه إلى إصابته بالاكتئاب ، مما يجعل الشخص اليأس في تلك الحالة محتاجاً إلى القيام بمراجعة الطبيب النفسي لكي يستطيع الخروج من حالة اليأس تلك التي أصبحت مصاحبة له ، كما أن اليأس هو من الأمراض النفسية العارضة ، و التي يمكن معالجتها في خلال فترة زمنية قصيرة ، وهو من أحد الأمراض النفسية المنتشرة بشكل عالي ، وفي حالة عدم قيام الإنسان بمعالجتها أو محاولة الخروج منها فمن الممكن أن تجعل منه شخصاً خطيراً على نفسه ، وعلى المحيطون به لأنه قد تحول إلى شخصاً محبطاً ، وفاقداً لأي نوع من الأمل في المستقبل وبالتالي من الممكن أن يتطور ذلك الشعور باليأس لديه إلى درجة أعلى منه وهي الاكتئاب بمشاكله المتعددة وأبعاده الخطيرة على الإنسان .

معنى اليأس

حالةُ مَنْ فَقَد الأَمَل وانْقطَع رَجاؤُه، قُنوط.

اليأس في الإسلام

يعني بالإياس الإياس من رحمة الله، ومعناه هنا: انقطاع الرجاء والطمع في حصول رحمة الله بالكلية، وإلا فلو بقي معه أصل الرجاء لم يكن كفرا مخرجا من الملة، بل هو كبيرة من الكبائر، فلا بد من ضابط للفرق بين اليأس الذي هو كفر واليأس الذي هو كبيرة

ولذلك قال الشيخ صالح آل الشيخ في (شرح الطحاوية): ومن المهم معرفة هذا الضابط؛ لأنه هو نكتة المسألة وعُقْدَتُها، وهو: أنَّ الأمن يكون كُفْراً إذا انعدم الخوف، واليأس يكون كُفْراً إذا انعدم الرجاء، فمن لم يكن معه خوف من الله عز وجل أصلاً – يعني أصل الخوف غير موجود- فقد أَمِنَ فهو كافر، ومن لم يكن معه رجاء في الله عز وجل أصلاً فقد يئس من روح الله فهو كافر .. الأمن لأجل عدم الخوف، واليأس لأجل عدم الرّجاء، فمن كان عنده خوف قليل ويأمن كثيراً فإنه من أهل الذّنوب لا من أهل الكفر، فإن لم يكن معه خوف أصلاً فإنه كافر بالله عز وجل، كما قال هنا: “يَنْقُلَانِ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ” أما أهل التوحيد، أهل الذنوب من أهل القبلة، فإنهم بِقَدْرِ ما عندهم من الذّنوب يكون عندهم أَمْنْ من مكر الله عز وجل … وكذلك في اليأس من رَوحِ الله يغلب على المرء الموحّد تارةً أنه ييأس إذا نظر إلى ذنبه، أو نَظَرَ إلى ما يحصل في مجتمعه أو ينظر إلى ما قضى الله عز وجل في هذه الأرض وعلى أهلها من الشرك مثلاً أو من الذنوب أو من الكبائر أو من القتل أو من الفساد، فيأتيه اليأس، فإنْ غَلَبَ عليه اليأس بحيث انعدم الرجاء لنفسه أو للناس فإنه يكفر بذلك. أما إذا وُجد عنده اليأس ووُجد عنده رجاء فإنه لا يخرج من الملّة. اهـ.

وأما صور اليأس فكثيرة، جاء في (الموسوعة الفقهية): اليأس قد ينضم إليه حالة هي أشد منه، وهي التصميم على عدم وقوع الرحمة له، وهذا هو القنوط، بحسب ما دل عليه سياق الآية: { وإن مسه الشر فيئوس قنوط } وتارة ينضم إليه أنه مع اعتقاده عدم وقوع الرحمة له يرى أنه سيشدد عذابه كالكفار. وهذا هو المراد بسوء الظن بالله تعالى. وقد ورد النهي عن اليأس من الرزق في مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم لحبة وسواء ابني خالد: “لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رءوسكما”.

وورد النهي عن القنوط بسبب الفقر والحاجة أو حلول المصيبة في مثل قوله تعالى: { وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون *أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون }.

وورد النهي عن اليأس من مغفرة الذنوب في قوله تعالى: { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } فإن الله تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، فرحمته وسعت كل شيء. ومن أجل ذلك فالإنابة إلى الله تعالى مطلوبة، وباب التوبة إليه من الذنوب جميعا مفتوح للعبد ما لم يغرغر، أي حين ييأس من الحياة. اهـ.

وليس من التشاؤم ولا من اليأس أن يتوقع المرء المصيبة بسبب دلالة الأحداث والقرائن ووجود الأسباب المؤدية إليها، بل ذلك من الحكمة والتعقل، ولا يتعارض هذا مع كون الإنسان في هذه الحال موصول الرجاء، وموفور الأمل، بحصول رحمة الله وفضله وعافيته، مما يدعوه للسعي والأخذ بأسباب الفلاح والنجاح، والتخلص والفرار من أسباب الفشل والخسران.

علاج اليأس في الإسلام

أولا: الإيمان بأسماء الله وصفاته؛ فإنّ العلمَ والإيمان بأسماء الله وصفاته الدالة على رحمته ومغفرته وكرَمه وَجُوده وحِلمه ولطفه وإحسانه… مما يجعل المسلم راجيا لرحمة الله، طامعا في مغفرته وإحسانه، غيرَ آيس من رَوْحِه وفضلِه وعطائِه… ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾ [الشورى: 25، 26].

فلا ييأسُ مِن رحمتِه مَن يخافُ انتقامَه، ولا يأمَنُ انتقامَه مَنْ يرجو رحمَته، وذلك باعث على مُجانبةِ السيئة ولو كانت صغيرة، وملازمةِ الطاعة ولو كانت قليلة…

يقول العَلاّمة محمد السفاريني رحمه الله: (حالُ السلف؛ رَجاءٌ بلا إهمال، وخوف بلا قنوط. ولابدّ من حُسن الظن بالله تعالى).

فعلى العبد أن يكون بين الخوف والرجاء؛ يخاف الله ولا يقنط من رحمته، يخاف ذنوبه، ويعمل بطاعة ربه، ويرجو رحمته… فقد قال تعالى في مدح عباده المؤمنين: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾. [الأنبياء: 90].

ثانيا: حُسْنُ الظن بالله، ورَجاءُ رحمتِه؛ فواجبٌ على العبد أن يُحسن الظن بربه، وعليه أن يتدبرَ الآياتِ والأحاديثَ الواردةَ في كرَم الله وعفوه ورحمته ومغفرته، مع الأخذِ بالأسباب التي اقتضتها حِكمة الله تعالى في شرْعه وقدَره وثوابه وكرامته…

فلا ييئسُ مَكروبٌ من الفرَج، ولا ييأسُ مُبتلىً في بدنه أو ماله أو ولده من الفرَج، ولا تيأسُ امرأة عقيم من رحمة الله، ففضلُ الله عظيم، والأملُ في رحمته كبير!.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة». متفق عليه.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم؛ إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم؛ لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم؛ إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة». أخرجه الترمذي وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.

وفي الصحيحين عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “إنّ ناساً من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا، وَزَنَوْا وأكثروا، فأتوْا محمداً صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحَسَن، لو تخبرُنا أنّ لِمَا عَمِلنا كفارة؟”. فنزل: ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخرَ ولا يقتلون النفس التي حَرّمَ الله إلا بالحق ولا يزنون ﴾… [الفرقان: 68]. ونزلتْ: ﴿ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ﴾… [الزمر: 53].

ثالثا: الصبرُ، مع تمام الرضا بقضاء الله وقدَره؛ فإذا علم المرءُ وأيقن أن ما حصل له إنما هو بقضاء الله وقدَرهِ، استراحَ قلبُه، ولم ييأس لفوات شيء… قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾. [الحديد: 22].

وقال سبحانه: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾. [التغابن:11].

فليس للمسلم في أيام الرخاء أنفعُ من الشكر والثناء، وليس له في أيام البلاء أنجعُ من الصبر والدعاء، فذلك مما يجعل المسلم ينطلق نشيطاً قوياً مهما تتابعت الفتن أو تواترت المصائب من بين يديه أو من خلفه؛ لأنه يعلم أن الأمر بيد الله، وأن الملك كله لله، وأن الله وعد عباده باليُسر والفرَج، فقال سبحانه: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6]. وقال عز وجل: ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ﴾ [الطلاق: 7].

وقال نبينا صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس رضي الله عنه: «…واعلمْ أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرَج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا». أخرجه الإمام أحمد، وصححه شعيب الأرناؤوط في تعليقه على المسند..

وعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن، إنّ أمرَه كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سَرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له». رواه مسلم.

كما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تمني الموت بسبب الضر والبلاء، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يُدخِلَ أحدا عمله الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: « لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا، ولا يتمنيَنّ أحدكم الموت: إما مُحسنا فلعله أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يَسْتعتِب».

رابعا: التأسي بأنبياء الله ورُسُلِه؛ ففي سِيَرهِم أروع الأمثلة في الصبر والثبات وعدم اليأس والقنوط، لبثوا في أقوامهم يدعونهم ويعلمونهم سنين عددا، من غير ملل ولا يأس ولا قنوط، وما دعا بعضهم على قومه بالهلاك إلا من بعد أن بين الله له وأوحى إليه: ﴿ أنه لن يؤمن من قومك إلا مَن قد آمن ﴾ [هود: 36]..

ومن أروع القصص في الصبر على البلاء، وحسن الظن بالله، ورجاء الفرَج من الله، وعدم اليأس والقنوط: قصة نبي الله يعقوب عليه السلام عند فقده لابنه يوسف عليه السلام.

فعندما جاءه نعيُ أحبّ أولاده إليه يوسفُ عليه السلام لم يفقدْ صَوَابَه، بل قابلَ قدَرَ الله النازل بالصبر والحِلم والاستعانة بالله تعالى في رَفعِه. ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18].

ولما عَظمَت المصيبة بفقد ابنه الثاني ازداد صبرُه، وعظم رجاؤه في الفرَج من الله سبحانه، ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف:83].

وحين عُوتِبَ في تذكّرِ يوسف عليه السلام بعد طول الزمان وانقطاع الأمل وحصول اليأس في رجوعه، قال بلسان المؤمن الواثق في وعد الله برفع البلاء عن الصابرين وإجابة دعوة المضطرين: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 86].

فلم ييأس ولم يقطع الأمل، بل أخذ بالأسباب في السعي والبحث عن يوسف وأخيه، فقال لأبنائه: ﴿ يَا بَنِيَّ اذهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]. فكانت العاقبة لمن صبر وأمّلَ ورضي ولم يتسخط، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ﴾. جاء البشير مِنْ عندِ الحبيب مبشراً باللقاء القريب، فألقى قميصَ يوسف عَلَى وَجْهِهِ فرجع البصر، وبلغ الأمل، وزال الكرْب، وحصل الثواب لمن صبر ورضي وأناب.. ﴿ قالَ ألمْ أقلْ لكُمْ إنِّي أعْلمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تعْلمُونَ ﴾ [يوسف: 96].

اليأس من الدنيا

  1. لا تيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين.
  2. كل إنسان لديه موهبة، ولكن إن حكمت على السمكة بالفشل لعدم قدرتها على تسلق شجرة فقد قتلت موهبة السباحة لديها، هل وجدت موهبتك بعد.
  3. اليأس انتحار القلب.
  4. سنعمل معاً لدعم الشجاعة حيث هناك خوف لتشجيع التفاوض عندما يكون هناك صراع، وإعطاء الأمل حيث يوجد اليأس. المعاناة لديها جانبها من الفرح، واليأس له نعومته والموت له معنى.
  5. غالباً ما ربح اليأس المعارك.
  6. لا يصل الناس إلى حديقة النجاح دون أن يمروا بمحطاتِ التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات.

اليأس من الناس

الإنسانُ يكون في أشرف أحواله عندما يتبتَّل إلى الله تعالى، فلا يرجو إلا جداه ولا يؤمِّل فيما سواه.  هذه الحالة تقوم على إدراك عقلي سديد لطبائع الأمور، فماذا يرجو الفقير من فقير مثله، وماذا يبغي العاجز من عاجز مثله.

إنَّ المسلك الرشيد الوحيد أن لا يقف المرء سائلاً إلا بباب الله القوي الغني، أما أن يتولَّد في نفسه رجاء عند ذي جاه من الخلق، فهذا هو الحُمق، وما أحسنَ قول الشاعر:

ولي بالله إيمان وثيق       فعن لكم بإيمان وثيق؟

قويت به فما أعيا بعبء   ولا أشكو عثارا في طريق

ولا أخشى المضرة من عدو       ولا أرجو المبرة من صديق

وما طمعك في بشر لو اعتَدَتْ عليه ذبابةٌ لم يستطع الانتصار منها؟ إنَّ جرثومة مرض ما – وهي أقل وأضأل من الذبابة – تسلب الجبَّار من الخلق صِحَّته، فيحارُ كيف يستردها منها؟.

وصدق الله العظيم إذ يقول: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالمَطْلُوبُ] {الحج:73}.

والغريب أنَّ الطمع في العبيد خالطَ ألوف القلوب فأفسدها. هذا عالم يتكلم بصوت خفيض وطرف كسير مع الحكام الجائرين، ولو شاء لرفع صوته كالرعد، ولكنه يهمس حيناً ويخرس أحياناً؛ لأن بذور الطمع نَمَت في نفسه فأذلته.

إنَّ تطلعه إلى ما يملك فلان من مال، وإلى ما يهب فلان من جاه جعله يَلين وينكسر وينكمش، ولو أنَّه يئس من عطاء الخلق، وأَنِسَ بعطاء الخالق، لكان أعزَّ نفساً وأعلى رأساً، وكم من أناس أزرى بهم طمع في هذا وأمل في ذاك. وكم من حقوق طُمست، ومَصَالح عُطِّلت؟ وأوضاع اعوجَّت بسبب أطماع نفسيَّة محقورة.

واليأس من الناس يحتاج إلى تدريب النفس على العفَّة والأنَفَة، وعلى اكتفاء ذاتي يصدها عن التطلع إلى ما بأيدي الآخرين، والاستغناء بالقليل الموجود عن الكثير المشتهي.

قال محمد بن بشير:

لأن أُزَجِّىَ عند العُرْى بالخلَقِ = وأجْتَزي من كثير الزَّاد بالعُلَق

خَيْرٌ وأَكْرَمُ لِي مِنْ أنْ أرَى مِننًا = مَعْقُودَة للئامِ النَّاسِ في عُنُقي

إني وإن قصرت عن همتِي جِدَتِي = وكان ماليَ لا يقوى على خلق

لَتَارِكٌ كُلَّ أمر كان يلزِمُني عَارا = ويُشرِعُنِي في المَنهلِ الرَّنِق

نقص القادرين على التمام: 

(ربما كنت مسيئاً فأراك الإحسان منك صحبتك لمن هو أسوأ حالاً منك)

الأعور أحسن حالاً من العميان، ولكن العَوَر ليس كمالاً في الأجسام أو صحَّة في الحواس. ومن الناس من يُقارن جُهده المحدود بأعمال أهل البلادة، أو عِلْمه القليل بأفكار أهل الجهالة فيظن نفسه على شيء طائل، وهو في الحقيقة فقيرٌ إلى ما يُكمِّل مَواهبه ولكنه مخدوع.

إن النظر إلى أدنى حجاب قاطع، أو هو عائق عن الرفعة المنشودة.

وإذا أحببتَ أن تُقارن نفسك بغيرك فلا تنظر إلى الدهماء ثم تقول: أنا أفضلُ حالاً، بل انظرْ إلى العلية ثم قل: لماذا أقَصِّر عنهم؟ يجب أن أمضي في الطريق، ومن سار على الدرب وصل.

كثيرٌ من الأذكياء وقفهم في مُنتصف الطريق أو في مبادئه أنَّهم صحبوا نفراً من القَاصرين والعَجَزة، فغرَّهم ذلك بأنفسهم وستر عنهم ما كمن فيهم من نقص أو أخفى عنهم ما يُطيقونه من درجات الكمال لو نشطوا.

وهذه الصحبة وبالٌ على الإنسان؛ لأنها قيَّدت الهمَّة وشلَّت الطموح، ولذلك ينصح ابن عطاء الله قبل ذلك فيقول: (لا تصاحبْ من لا يَنهضك حالُه ولا يدلُّك على الله مقاله).

أحذِّرك نفسك: 

(أصل كل معصية وغفلة وشهوة الرضا عن النفس، وأصل كل طاعة ويقظة وعفَّة عدم الرضا عنها، لأن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه خير لك من أن تصحبَ عالما يرضى عن نفسه، فأي علم لعالم يرضى عن نفسه! وأي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه!).

لا يبحث عن الشفاء إلا من أحسَّ المرض، أما من أصيب بعلَّة فلم يشعر بها ولم يستشفِ منها؛ فإنَّ جراثيمها تستشري في أوصاله حتى تأتي عليه. وكذلك النفس الإنسانيَّة لا يُطلب لها العافية إلا من أدرك ما بها من أدواء والشعور بالنقص أول مراحل الكمال.

وقد قال الله تعالى على لسان أحد أنبيائه المطهَّرين: [وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ] {يوسف:53}، فإذا وجدت امرءاً راضياً عن نفسه فافقد فيه الأمل؛ لأنَّه ينطوي على ركام من العيوب والنقائص وهو لا يلتمس الخلاص منها، بل إنَّه فاقد الشعور بوضاعتها، وهيهات لمثل هذا اكتمال أو نجاة.

والعلم النظري لا يرفع قَدْر أصحابه، فأي قيمة لشخص يختزن في رأسه قدراً من المعلومات ولكن نفسه طافحة بآثام لم تُعَالج وخشونة لم تُهذَّب، ثم هو مع ما يختزن من معرفة، لا يدري أنَّه عليل.

مثل هؤلاء يكون علمهم آفة؛ لأنَّه يقوي جهالاتهم ولا يُزيلها، ويغرُّهم بما أوتوا بدلاً من أن يُزيل من أنفسهم ما يسوءها.

وأفضل من هؤلاء رجل قليل المعرفة، عميق الإخلاص، كثير التفتيش عن عيوبه، مجتهد في تزكية نفسه وترقية أحواله، هذا أرجى عاقبة وأرقى عاجلة من العلماء الكبار إذا رضوا عن أنفسهم، وغفلوا عن إصلاحها.

عواقب اليأس

إن عواقب اليأس وخيمه وأخطاره عقيمة تتولد عندما يُفقد المرء الأملُ والطموحُ فالإنسانُ اليائس قد يكون فريسة سهلة للأمراض المعنوية كالقلق والأرق والخوف وقد يكون كثير التفكير بسبب إخفاقه في أمر من متطلبات الحياة فلعله لا يوفق ويكتبُ له الفلاح النجاح في مراحل الدراسة أو قد يتعرض لإهانة من مسئول متجبر ومتكبر على الخلق .

اليأس والأمل

لا تضيع الحاضر من أجل المستقبل، لا تهدم ما بنيت أو تستغني عما في يديك من أجل أحلام لم تتحقق بعد. قال تعالى: (خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ). وقال تعالى: (وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا). طَمعنا في امتلاك مالا نملك وسعينا خلف الأوهام يفقدنا الكثير من الإيمان ويضعف قلوبنا. لا نعلم ما نفقد حتى نملك تلك الأوهام وندرك أنها ليست أثمن مما كان في متناولنا.

أن تتغير الأمور من تلقاء نفسها بفعل القدر أخف وقعاً من أن نغيرها نحن ثم نلوم أنفسنا كل يوم. أن نستسلم للقدر أهون علينا من لومِ خياراتنا الخاطئة أو مشاعرنا الجياشة التي تقودنا من غير تفكير أو تخطيط. في الحياة خيارات عديدة، لكننا لا نختارها دائما قاصدين بل نختارها بقلة وعينا واستخفافنا في أولوياتنا. عندما نسكت في وقت الكلام، أو أن نبتسم في وقت الحزن، أو أن نصم آذاننا عما نرى، أو تخوننا أفعالنا فلا تعكس ما في قلوبنا، هنا نسقط فريسة سهلة لأفكارنا المشوشة. نقع ضحية لمخاوفنا الكاذبة، أمام وهن قلوبنا التي سلبناها كرامتها. قال تعالى: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً (23) إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا 24) سورة الكهف.

نستطيع أن ننطلق نحو المستقبل ونسعى خلف حياة جديدة ونبني طموحاتنا لكن ذلك لن يكون سهلاً عندما ندفع مسبقاً ثمن هذا التفكير وقبل البدء به. يمكن لنا أن نتخذ الخيارات، لكن يقع على عاتقنا تحمل ما يعقبها من نتائج وتابعت، لن يكون التعايش معها أمراً سهلاً. الشعور بالفشل أو الحظ السيء خطير جدا إذا لم نتدارك ذلك بعزيمة قوية. يُمكِنُنا أن نبدأ من جديد إذا تعايشنا مع فكرة الفشل على أنها تجربة نادرة لن تحدث مرة أخرى.

تعبير عن اليأس

لتحميل الملف اضغط هنا

 

السابق
كيفية التخطيط للحياة ؟
التالي
خمسة طرق للتميز في فن الإلقاء

اترك تعليقاً