تنمية بشرية

كيف انسى من ظلمني

كيف انسى من ظلمني

إنّ من أصعب الأمور على الإنسان وأشدّها أن يتعرّض للظّلم في حياته ، ذلك بأنّ الظّلم حقيقةً يولّد في النّفس شعوراً بالغبن لا يوصف ، فقد يقوم أحدٌ من النّاس بظلم أخيه من النّاس بأكل حقوقه أو أذيته بغير حقّ أو غير ذلك الكثير من صور الظّلم التي نراها في مجتمعاتنا والتي تؤثّر في نفسيّة النّاس وتجعلهم في حالةٍ من التّفكير العميق في أنفسهم ما بين أن ينتقموا لأنفسهم ممّن ظلمهم أو يوكلون الأمر لله تعالى في ذلك ، ولا شكّ بأنّ الانتصار مطلوبٌ ولكن ضمن ضوابط ، وبعد أن يستنفد المظلوم كلّ الوسائل لردّ حقّه ودفع الظّلم عنه ، عليه أن يكل أمره إلى الله تعالى إن عجر عن تحصيل حقّه ، وأن يقول حسبي الله ونعم الوكيل ، وهذه الكلمة حقيقةً هي من أعظم الكلمات وعبارات التي تجعل النّفس تطمئن إلى أنّ لها ربّاً هو أعظم من تكله في ردّ حقّها ، فهو ربّ البشر أجمعين وهو القادر على الانتقام من الظّالمين بقوله كن فيكون .
وإنّ من الأمور التي تعين المرء المظلوم على نسيان الظّلم وتجاوزه ، ونسيان من ظلمه هو أن يعلم الإنسان علم اليقين أنّ الله تعالى سوف يأخذ حقّه ولو بعد حين ، وفي الحديث إنّ الله تعالى ليملي للظّالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، وبترسيخ هذه الحقيقة في النّفس وتجذيرها يطمئن الإنسان وكأنّه قد ردّ حقّه حالاً وعاجلاً وليس آجل ، فينطلق في حياته مفعماً بالحيويّة ، ينظر إلى من ظلمه نظرةً كلّها ثقة ، تعلوه الإبتسامة وقد يرى من ظلمه يعلوه اليأس والقنوط . وإنّ من الأمور التي تعين الإنسان على نسيان من ظلمه كذلك انشغاله بأمور الحياة ، فحين يضع الإنسان أهدافاً له في حياته ويسعى إليها بالعمل الدّؤوب والاجتهاد ترى قلبه ونفسه تنشغل بذلك وبالتّالي ينسى ما حدث له من ظلم ، كما أن مجالسة الأصدقاء الذين يؤنسون الإنسان تساهم إسهاماً كبيراً في نسيان الظّالمين . وأخيراً نقول إنّ على الإنسان أن يمحو الذّكريات السّلبيّة في حياته ما أمكن ، ويبتعد عنها هاجراً لها ، كمن يسمح أحد الملفات في جهاز الحاسوب فتصبح كشيءٍ مضى وانتهى ، وتصبح إعادته إلى الواجهة من جديدٍ مستحيلة ، وكل هذا يتطلب نفسيّةً قويّةً قادرةً على ذلك بإيمانها بالله تعالى ثمّ إيمانها بقدراتها .

إحساس الظلم

يقول أفلاطون إنه لا يعرف معنى العدالة، ولكنه يعرف معنى غياب العدالة.

ربما يبدو هذا مدخلاً فلسفياً مناسباً للحديث عن الظلم، لكن الفلسفة قد لا تكون هي المدخل الصحيح للحديث عن هذا الموضوع، ذلك أن المظلوم عادة ما يفكر في أشياء كثيرة عندما يتعرض للظلم، ليس من بينها الفلسفة، مع كل الاحترام والتقدير للفلاسفة العظماء، منذ فجر التاريخ حتى اليوم.

وبرغم أن «الظلم من شيم النفوس»، كما يقول شاعر العربية الكبير أبو الطيب المتنبي، إلا أن قليلاً مِن البشر مَن يعترف بأنه ظلم ذات يوم نفساً بشرية، أو طيراً، أو حيواناً، أو حجراً، ذلك أنه حتى الظالم يشعر بفداحة هذا الفعل، ويحاول إبعاد نفسه عنه.

ومع هذا فقلّ أن تجد مَن لم يباشر هذا الفعل بشكل من الأشكال، إلى درجة أن الإنسان قد يظلم نفسه أحياناً على حساب مراعاة مشاعر الآخرين، وتقديم مصلحتهم على مصلحته، إما لإحساسه بالمسؤولية عنهم، أو لتقمصه دور المخَلِّص الذي عليه أن يضحي من أجل الآخرين، مقدماً نفسه قرباناً على مذبح الفضيلة.

الإحساس بالظلم شعور ينشأ عند الإنسان منذ الطفولة، فالطفل يشعر بأن والديه يظلمانه عندما يحرمانه من اللعب طوال اليوم، ويحددان له وقتاً للدراسة.. وآخر للعب.. وثالث للنوم.. وهكذا.

والشاب يشعر بالظلم عندما يمنعه والداه من البقاء خارج المنزل حتى أوقات متأخرة من الليل، والفتاة تشعر بالظلم عندما تتدخل والدتها في اختيار ملابسها، وتحرص على معرفة من تصاحب من زميلاتها في المدرسة، وتسأل عن أسرهن، وتتحرى عن أخلاقهن وسيرتهن.

ثم ينتقل هذا الشعور عند الوصول إلى مرحلة الدراسة الجامعية، فيتدخل الأهل في اختيار التخصص الذي سيدرسه الأبناء، ومدى ملاءمته لوضع الأسرة، فالطبيب يختار لأبنائه دراسة الطب، والمهندس يوجه أبناءه إلى دراسة الهندسة، والمحامي يوجه أبناءه إلى دراسة القانون.. وهكذا، بغض النظر عن حب الأبناء هذا التخصص، ورغبتهم في دراسته من عدمها.

وتكون قمة الشعور بالظلم عندما يكون للأهل الرأي الأول والأخير في اختيار الزوجة للابن، أو الزوج للبنت، عندها تصبح الحياة جحيماً لا يطاق، إذ يمثل هذا التدخل قمة الأنانية والظلم، من وجهة نظر الأبناء.

هكذا تتكون منظومة الظلم عبر مراحل العمر المختلفة، وتنتقل مع الإنسان من مرحلة إلى أخرى، تبدأ مثل دائرة صغيرة على وجه بحيرة راكدة، ثم تكبر شيئاً فشيئاً، مكونة حولها دوائر كثيرة، حتى تغطي سطح البحيرة كله.

لذلك حين يشكو الموظف من ظلم المسؤول له، فهو إنما يستعيد سيرة بدأت معه منذ الصغر، ورافقته في كل مراحل حياته، لتصل إلى محيط الوزارة.. أو الدائرة.. أو الشركة.. أو المصنع.. أو حتى البقالة التي يعمل فيها، ليصبح المسؤول أو صاحب العمل، هو الظالم الأكبر في هذه الحياة، ويصبح الموظف، أو العامل، هو المظلوم والضحية المسفوح دمها، المهدرة حقوقها.

كيف انسى انسان جرحني

  1. إعطاء الأمر الوقت اللازم
  2. تقبل الأمر
  3. الاعتناء بالصحّة الجسديّة والعقليّة
  4. قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء
  5. التعبير عن الألم
  6. المسامحة
  7. تجنّب الشعور بالوحدة
  8. عدم الملاحقة

كيف أتعامل مع من ظلمني

لا يجب على الإنسان مسامحة الآخرين الذين ظلموه، ولو طلبوا المسامحة لم تجب الاستجابة لهم، والإسلام يحترم مظلوميّة المظلوم ولا يقمعها أو يلغي عناصر الشعور بالانفعال والمظلوميّة التي عنده، حتى أنّ من موارد جواز الغيبة في الشرع أن يغتاب المظلومُ ظالمَه، قال تعالى: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) (النساء: 148)، ولهذا نجد في بعض الأدعية الدعاء على من ظلمني أو كادني أو غير ذلك.

وإذا كانت المظلمة شخصيّة وانقضت فإنّ العفو أقرب للتقوى، لاسيما وأنّها لا تتكرّر ولا تستمرّ. فلنلاحظ هذه الآية الكريمة التي تتحدّث عن حالات الطلاق قبل الدخول وما يوصي به القرآن الكريم الطرفين عندما يقدمان على الطلاق، حيث قال تعالى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة: 237)، فرغم حالة الطلاق التي يصاحبها ـ عادة أو أحياناً ـ نفور أو ظلم من طرف للآخر لكنّه يرى أنّ العفو عن الحقّ في نصف المهر المسمّى الذي في ذمّة الزوج أفضل وأقرب للتقوى.

أمّا لو كانت المظلمة الشخصيّة مستمرّة ولم تنقضِ، فإن لمس الإنسان مؤشرات التأثير في المسامحة ولو على المدى البعيد، فإنّ الأفضل هو الإعلام بالمسامحة، بل المبادرة إلى فعل الخير معهم، قال سبحانه وتعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت: 34 ـ 35). وهذه مرحلة سامية في التعامل الأخلاقي قلّما يتحلّى بها إنسان، فهنا يحكّم العقل ويتخلّى عن الشعور بالانتقام لكي يكسب الآخر بدل أن يصرعه وينتقم منه. وإذا لم تكن المسامحة أو مبادلة الظالم بالخير مؤثرةً بحسب المعطيات الموضوعيّة أو كانت موجبةً لتماديه في الظلم والعدوان فإنّ الأفضل هو المصارحة وبيان المظلمة والمطالبة بالحقّ ورفع الظلم عنك وعدم الخوف، فإن لم يتمكّن الإنسان من هذا أيضاً أعرض عن الظالم وحاول أن يفكّ ارتباطه به وينعزل تماماً عنه.

لقد قدّم القرآن الكريم مجموعة من المعايير التي ينبغي النظر بعين العقل والتدبير في مجال تطبيقها، مثل: 1 ـ الحقّ في ردّ العدوان والظلم وفي الانتقام الشرعي من الظالم. 2 ـ مبدأ العفو عمّن ظلمك. 3 ـ مبدأ المقابلة بالحسنى بهدف التأثير الإيجابي على الآخر. 4 ـ مبدأ الإعراض. وقد اختصر الحديث الشريف المبدأ الثاني والثالث، فقد جاء في الحديث الشريف الوارد مضمونه بصيغ متعدّدة وبعضها صحيح السند: قال رسول الله في خطبته: (ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة؟ العفو عمّن ظلمك، وتصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك) (الكافي 2: 107؛ وانظر مسند أحمد 4: 148 و..). وهذه المبادئ ليست متعارضة، فالأوّل مبدأ حقوقي فيما الثاني والثالث مبدأ أخلاقي غير إلزامي، ويحتاج التعامل مع هذه المبادئ لدراسة الواقع دراسة موضوعيّة عقلانية هادئة، وليست نفسية انفعالية، لمعرفة أيّ من هذه القوانين العمليّة يفترض القيام به، فحقوقياً المبدأ هو ردّ العدوان والتعامل بالمثل، أمّا أخلاقيّاً فالمبدأ هو التعامل بالحسنى والصبر والتحمّل، والقيم الأخلاقية ليست خالية من الاستثناء، فعلى الإنسان متابعة الموضوع عقلياً للنظر فيما يحسن تنفيذه من هذه المبادئ الحقوقيّة والأخلاقيّة.

علاج القهر والظلم

يمكنك علاج القهر والظلم من خلال القيام بإتباع عدد من الخطوات التي تساعدك على ذلك بسهولة كبيرة حيث أنك بحاجة فقط لما يلي:

  1. عليك أن تفصح عن الظلم الذي يقع عليك فلا تتحمل وتظل ساكت عن الظلم الذي يقع حيث أن هذا السكوت يزيد من الظلم والقهر.
  2. عليك أن تعرف طريقة رد الظلم والقهر عن نفسك فلابد من أن تقوم بالرد على من يقوم بظلمك بدون خوف لتقلل من شعورك.
  3. يمكنك أن تتواصل مع الأشخاص القرباء منك ليساعدوك على مواجهة القهر والظلم الذي يقع عليك من أجل التخفيف عن نفسك قدر الإمكان.
  4. في حالة عدم وجود قدرة لواجهة الظلم عليك أن تقألم نفسك على الحياة التي تعيشها مع التخفيف من الشعور من خلال الإستعانة به فهو خير معين.
  5. يمكنك أن تطلب المساعدة من أحد الأشخاص المقربين لك ليعينك على مواجهة الظلم الذي يقع عليك.

كيف أخذ حقي ممن ظلمني بالقران

تعلم سلمك الله أن الدنيا ليست بدار جزاء ووفاء، وإنما هي دارُ محنةٍ وبلاءٍ، وأنها لم تُخْلَقْ للدوام والبقاء، بل للزوال والفناء، والآخرةُ دارُ جزاءٍ ثم بقاءٍ، واللهُ – تعالى – خَلَقَنَا ليبتلينا، ويمتحنَنَا، وينظرَ كيف نعمل؛ قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7]، وقال سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2]، وقال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35]. وما وَقَعَ عليك من ظُلمٍ سيوفيك الله أجرك على الصبر، وسيكون حساب الظالمين عسيرًا إن لم يتوبوا عن ظلمهم، ولم يخلصه ولم يتركه حتى يستوفي عقابه؛ كما روى البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» قال: ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [هود: 102]. وأعظم ما تستعين به على هؤلاء الظلمة صدق الضراعة، وكلما احترقت أحشاءك نار الظالم ، يخرج منك الدعاء بالتضرع والانكسار، فيحصل حالة الاضطرار، وذلك أدعى لقبول الدعاء؛ كما قال تعالى:{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ } [النمل: 62]   و قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمعاذ لما بعثه إِلَى الْيَمَنِ:( اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ)، وقال: (ودعوة المظلوم تحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السماوات، ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين ). والمعنى لا أضيع حقك ولا أرد دعاءك، ولو مضى زمان طويل؛ لأني حليم لا أعجل عقوبة العباد لعلهم يرجعون عن الظلم والذنوب إلى إرضاء الخصوم والتوبة، فهو تعالى يمهل الظالم ولا يهمله. فاستعن بالله ولا تعجز وعليك بالصبرُ والرضى بأمر الله تعالى، وأحسنُ الظنِّ به سبحانه، وأن تُبصِرِ الرحمة من خلال البلاء؛ فقد قال – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: (إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ)؛ رواه الترمذيُّ وحسنه، وابنُ ماجهْ. فاصبري على قضاء الله وقدره، فالظالم مهما بلغ ظلمه فهو في قبضة الله، ولن يُفْلِتَ من الله، وهذا كليمُ الله موسى – عليه السلامُ – يَنْهَي عَنِ المُنكَرِ بِيَدِهِ، حِينَ رَجَعَ فَوَجَدَ قَوْمَهُ يَعْكُفون عَلَى عِجْلٍ جَسَدٍ له خُوَار؛ فخاطب الدَّجَّال الذي أضلَّهم – وهو السَّامريُّ – بقوله: {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه: 97]؛ وقوله تعالى:{وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا}: أي: يوم القيامة، {لَنْ تُخْلَفَهُ}؛ أي: لا مَحِيدَ لَكَ عنهُ. وأخيرًا احرص على قراءة القرآن بتدبر وستجد فيه شفاء لما في صدرك؛ قال تعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [إبراهيم: 42]… ظاهر الأمر يبدو هكذا لبعض من يرون الظالمين يتمتعون، ويسمع بوعيد الله، ثم لا يراه واقعاً بهم في هذه الحياة الدنيا، فهذه الصيغة تكشف عن الأجل المضروب لأخذهم الأخذة الأخيرة، التي لا إمهال بعدها، ولا فكاك منها!  أخذهم في اليوم العصيب الذي تشخص فيه الأبصار من الفزع والهلع، فتظل مفتوحة مبهوتة مذهولة، مأخوذة بالهول لا تطرف ولا تتحرك. ثم يرسم مشهدًا للقوم في زحمة الهول.. مشهدهم مسرعين لا يلوون على شيء، ولا يلتفتون إلى شيء، رافعين رؤوسهم لا عن إرادة ولكنها مشدودة لا يملكون لها حراكاً، يمتد بصرهم إلى ما يشاهدون من الرعب فلا يطرف ولا يرتد إليهم، وقلوبهم من الفزع خاوية خالية لا تضم شيئاً يعونه أو يحفظونه أو يتذكرونه، فهي هواء خواء. قاله في الظلال.

كيف آخذ حقي ممن ظلمني

في كثير من الأحيان ، نشعر بأن الدنيا قد ضاقت علينا بما رحبت ، فظلم هناك ، وقذف هناك ، ونحن لا نستطيع أن نأخذ حقوقنا ، فنلجأ في أغلب الأوقات الى البكاء ، والكبت ، والانطواء ، لآن شعور الظلم من أسوأ المشاعر التي قد يشعر بها الانسان ، ولكن كيف نستطيع أخذ حقنا ممن ظلمنا ، وهل يجوز لنا أن نظلم من ظلمنا ؟؟

الحقيقة أن الله أعطانا كامل الحق ، لنأخذ حقوقنا بأيدينا ، ولكن ذلك سيؤدي الى حياة أشبه بالغاب ، فسن لنا القوانين ، وشرع القصاص ، لكي نأخذ حقوقنا من خلالها .

الدعاء : فكلمة حسبي الله ونعم الوكيل ، تعني أنك وكلت أمرك للحي الذي لا ينام ، وللقيوم الذي لم يقبل الظلم على نفسه ، وحرمها على عباده ، فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ، فادع الله ، وانتظر أن يأخذ الله حقك بنفسه ، لآنه وعد عباده فقال ، وعزتي وجلالتي لانصرنك ولو بعد حين ، فاجعل الدعاء رفيق قلبك ، ولا تنتظر النصرة من العباد ، واجعل قلبك خاشعا لله .

اللجوء لولي الأمر منكم : فان كان ظلمك كبيراً ، ولا تستطع أن يأخذ الله بحقك ، يمكنك أن تلجأ إلى ولي أمرك ، وتخبره بما حدث معك ، واجعله يحضر من ظلمك ، وليعترف أمامه بظلمك ، ثم اطلب ماتريد منه ، لكي تشعر بالراحة ، فان رفض فعلى ولي الأمر اتخاذ الاجراءات اللازمة ، أما ان وافق فعليك أن تبدأ بمسامحته على فعلته ، وتستغفر الله له ولك .

الجأ للقضاء : فإن كانت مشكلتك تتعلق بأمنك وأمانك واستقرارك ، فلجأ الى القانون لكي يحميك ، ويوفر لك كل الامكانيات اللازمة لتخطي المشكلة ، ويمسك المعتدي عليك ، ويعطيه العقاب الذي يستحق

اياك أن تقابل الظلم بالظلم : فان جاءك من ظلمك ، وطلب منك السماح ، فاعف ، واصفح ، فالله تعالى سيجعل أجرك في الدنيا والأخرة ، وسيمكنك في الأرض خير تمكين ، أما ان لم ترض بالصفح ، فهذا حقك أيضا خاصة ان كان الظلم عميقا ، فيمكنك أن تصرفه ، ولكن بدون الحاق أي أذى به ، واترك الأمر لأولي الأمر .

وأخيرا : فان أعظم الظلم ، هو ذاك الظلم الذي يمس شرف الفتاة وسمعتها ، ويجعلها تمشي في الأرض ، منزلة رأسها ، خاشية أن يلق أحدهم اللوم عليها ، فان هذا الظلم لا يمكن أن يغترف ، وعده الله من الكبائر ، التي تدخل صاحبها النار ، فالفتاة التي تلوث سمعتها ، لا يمكنها أن ترجعها كما كانت ، خاصة في المجتمعات العربية .

السابق
أفضل معهد لتعليم القيادة في دبي
التالي
دور حلقات الجودة في تطوير إدارة الجودة الشاملة

اترك تعليقاً