تنمية بشرية

كيف تسيطر على غضبك

كيف تسيطر على غضبك

يعدُّ الغضب عاطفةً طبيعيةً، وصحية. ولكن يُمكن أن يكون التحكم بالغضب مشكلةً عند كثيرٍ من الأشخاص الذين يعجزون عن كظم غضبهم.

هناك العديد من المشاكل الصحية المرتبطة بالغضب المستمر وتشتمل على ارتفاع ضغط الدم، والإصابة بنوبة قلبية، والاكتئاب، والزكام، والانفلونزا ومشاكل هضمية.

لكن ليس من الضروري أن يكون الغضب مشكلةً. تقول عالمة النفس السريرية ايزابيل كلارك أخصائية في إدارة الغضب: “يمكنك أن تتحكم بغضبك، وتقع على عاتقك هذه المسؤولية. يمكن أن يكون الغضب شعوراً مخيفاً، لكنه يمكن أن يكون منشطاً أيضاً”.

التعامل مع الغضب

تكمل إيزابيل: “كل شخص لديه رد فعل جسمي تجاه الغضب، انتبه إلى ما يخبرك به جسمك، واتخذ خطوات لتهدئة نفسك.”

التعرف على علامات الغضب

تتسرع ضربات القلب ويزداد معدل التنفس خلال الغضب، وذلك لتهيئة الجسم للتصرف. يمكن ملاحظة علامات أخرى، كالتوتر في الكتفين أو التشنج في قبضة اليد. تقول إيزابيل:

“إذا لاحظت تلك العلامات، فعليك الخروج من ذلك الموقف إن كان لديك سوابق في فقدان السيطرة على نفسك”.

كيف تسيطر على انفعالاتك

توجد بعض المؤشرات والعلامات التي تظهر على الأشخاص الانفعاليين من قبل أن يدركوا بأنهم على وشك الإنفجار من الغضب، ومن هذه الأعراض التي يجب عليه الإنتباه لها هي الفك والعضلات المشدودة، والشعور بالدوار، والصداع، وألم في المعدة، وزيادة معدل ضربات القلب، والتعرق أو الارتجاج المفاجئ، بالإضافة إلى وجود أعراض نفسيةٍ يمر بها الشخص مثل الشعور بالذنب، وعدم الارتياح، والحزن او الإكتئاب، والقلق؛ إذ تعتبر الإنفعالات حالةً نفسيةٍ وليست إنفعالاً جسدياً فقط؛ إذ يفرز الجسم مواد كيميائية خلال فورة الغضب.

الابتعاد عن مسببات الانفعال: ينفعل الشخص بعد أن يتعرضَ لأنواعٍ مختلفةٍ من المواقف المحفزة والمستفزة للانفعال مثل الشعور بعدم التحكم في حياته أو بالبيئة المحيطة حوله، أو عند إرتكاب الأخطاء، أو عند الشعور بالتلاعب فيه من قِبَلِ أشخاصٍ آخرين، أو قلة النوم، أو زيادة التعب والإجهاد في العمل، أو التعرض لموقفٍ عاطفيّ؛ لذا يجب عليه الابتعاد عن تلك المواقف وعدم التفكير فيها لكيلا ينفعل ويغضب وأن يجد حلولاً أخرى نافعة؛ فإذ كان يُعاني مثلاً من صراخ مديره عليه يمكنه أن يطلب منه أن يحدثه بنبرةٍ أكثرَ هدوئاً،[١] بالإضافة إلى ما سبق يمكن أن تكون مسببات أخرى قد تسبب الإنفعال مثل تلقي الإتصالات وقت العمل، وفي جميع الأحوال يجب على المرء أن يبقى هادئاً قدر المستطاع.

محاولة الهدوء: الكثير من المواقف اليومية التي يقوم بها الشخص تعرضه للمزيد من التوتر والقلق مثل العادات والعلاقات والتفكير وغيرها من الأمور التي تزيد من حدة قلقه وتوتره؛ لذا يجب على المرء أن يبقى هادئاً.[٣]

ترك مسافة بين الفعل ورد الفعل: يجب ترك مسافة كافية بين الفعل الذي وقع وبين ردة الفعل؛ لتفادي قول أو فعل أي شيء قد يندم عليه المرء لاحقاً، ويمكنه القييام بذلك عن طريق العد للرقم مئة مثلاً، أو يغفل الهاتف ويتصل خلال عشرة دقائق، أو الذهاب للمشي.

كيفية طرح الأسئلة: عادةً ما تكون نتائج الأسئلة الذكية أو الأسئلة المطروحة في الوقت المناسب إيجابيةً، ولها ردود فعلٍ جيدةٍ بالنسبة للمرء، فمعرفة الوقت المناسب والأسئلة أو الاستفسارات من الأمور الواجب معرفتها للسيطرة على الإنفعالات.

ممارسة تمارين الاسترخاء: يمكن ممارسة تمارين التنفس الاسترخائية بانتظام حتى تغيّر كيميائية الدماغ حتى تتحكم بالإنفعالات السلبية، ويمكن ممارسة هذه التمارين من خلال أخذ نفسٍ عميقٍ وحبسه لمدة أربعة ثوانٍ، ثمَّ الزفير ببطءٍ، وتكرار هذه الخطوة عدة مراتٍ للشعور بالهدوء.

التعامل مع الآخرين: عند توقع الكثير من الآخرين يصاب الشخص بخيبةٍ أملٍ كبيرةٍ وردةِ فعلٍ سلبيةٍ اتجاه الموقف؛ لذا يجب عليه أن يخفف من سقف توقعاته من الآخرين، والاعتماد على النفس لإنجاز مهماته، وتجنب البحث عن الكمالية في التعامل مع الآخرين.

السيطرة على الغضب في علم النفس

يعتبر الغضب شعوراً، أو عاطفةً اجتماعيةً تحفّز الكثير من المشاعر عندَ الإنسان، مثل الشعور بالألم الناجم عن الأفكار المثيرة للغضب؛ لذا يحمي الإنسان نفسه، ويتخذ إجراءاتٍ وقائيةٍ لذلك ويبدّله دون أن يشعر بالغضب؛ لأنه يفضل القيام بذلك في المواقف التي تستثير عاطفته، والتي تشتت انتباه مؤقتاً عن السبب الرئيسي، حيث يمنعه من التعامل المباشر مع المشاعر الحقيقية في نفس اللحظة ويتجنبها، ويبذل الجهد في تحويل الألم إلى غضب، وصب التركيز على الآخرين والابتعاد عن التركيز بالنفس، ويؤمن التغطية للإنسان حتى لا يكشف ما يشعر به أمام الآخرين، كما يمنح الغضب سواء كانَ مبرراً أم لا، حالة من الشعور باحترام الذات، وأداةً لتحويل مشاعر الإنسان الضعيفة والعاجزة إلى الموقف المسيطر القويّ، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن للغضب أن يُذهب الألم.

التحكم في الغضب في الإسلام

الغضب هو الشعور النفسي الانفعالي الذي تنتج عنه آثار سلبية قد تتعدى الشخص الغاضب إلى من حوله، فمن الممكن لأي إنسان أن يشعر بالغضب فهو حالة يختلف الناس في كيفيّة التعامل معها، وكذلك يختلفون عن بعضهم في مببراته، وشدته، وأسبابه كالغضب عندما تنتهك حرمات الله سبحانه، والغضب في مواجهة الظلم، و تختلف آثار الغضب بين شخص وآخر، فهناك الغضب المعتدل الذي لا يُخْرِج الإنسان عن طوره ولا يُفْقِدُه صوابه، وهناك الغضب المذموم الذي يخرج صاحبه عن طوره، بل ويُخرجه أحياناً به عن آدميته، فتترتب عليه آثار خَطِرَة على صاحبه ابتداء، ثمّ على النّاس من حوله، و تعدد ردات فعل الناتجة عن هذا النوع من الغضب والمطلوب منه ضبط النفس.

طرق ضبط النفس عند الغضب في الإسلام

  1. الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فالشيطان من أسباب السلوك أو انفعال السلبي الذي يصدر عن الإنسان، والاستعاذة فيها دعاء باللجوء إلى الله سبحانه والشيطان متى سمعها ينكفئ ويصمت مذعوراً.
  2. التزام الصمت، فالإنسان في حال الغضب تصدر منه الكلمات بانفعال، فلا يقيم وزناً لما يصدر عنه من كلام، فالكلام يجر الكلام، ممَّا يُوصل الأمور إلى درجة عالية من التأزم لا تحمد عقباها.
  3. قال صلى الله عليه وسلم: (إذا غَضِبَ أحدُكم فلْيسكتْ) [صحيح]. تغيير بالجلوس إن كان الإنسان الغاضب قائماً، أو بالاضطجاع والنوم إن كان جالساً، والحكمة في ذلك أنّه في حال ثبات الحالة بالوقوف يكون الإنسان الغاضب أقرب إلى القيام بردات فعل عنيفة، كالضرب أو تحطيم الأثاث والممتلكات، وبتغيير الحالة إبعاد له عن ذلك، بل ونقل حتى لعقله الباطن عن هذا التفكير.
  4. الاقتداء بخُلق الرسول صلى الله عليه وسلم ومنه الحلم وعدم الغضب وكظم الغيظ.
  5. تذكُّر النتائج السيِّئة التي قد ترتب على الغضب.
  6. الوضوء، فالغضب جمرة مشتعلة يوقدها الشيطان في نفس الإنسان، ولا يطفئها إلا الاستعاذة بالله وذكره ثمّ الوضوء.
  7. الصلاة ففيها يزول غضب الإنسان ليحل محله للإنسان التعقل والهدوء، والطمأنينة والسكينة.

التحكم في الغضب مع الأطفال

طفلك ليس ملاكا كما يراه البعض في المناسبات، وسلوكياته السيئة تزعجك إلى حد كبير، بل تفقدك أعصابك في بعض المواقف مما يضطرك للصراخ في وجهه أو عقابه بصورة مؤذية، ما العمل؟

حسنا، لست الأم الوحيدة التي تظن ذلك، ولكن ما الحل إذا تسبب طفلك بسلوك غير موفق في إيذاء نفسه أو الآخرين، أو تلفظ بكلمات غير لائقة، أو تسبب في وضعك بموقف صعب أمام المحيطين، ما التصرف الأمثل حينها، تذكري أن الغضب شعور إنساني طبيعي، ولكن كيف يمكن التحكم به.

لماذا نصرخ في وجوه أطفالنا؟
صارحي نفسك أولا، ربما يغضب البعض لتعرضهم لضغوط خارجية خلال اليوم، أدت لفقدانهم السيطرة على أعصابهم، وكل أم ليست بعيدة عن ذلك الموقف، فقد تصرخ في وجه طفلها لارتكابه خطأ بسيط أو بكائه المستمر، لذا عليك تقدير الموقف بالصورة التي يستحقها.

إذا مررت بيوم صعب، عليك أن تشركي طفلك فيما تشعرين، واطلبي منه مراعاة ذلك، مع ضرورة التنبيه على التوقف عن السلوكيات المزعجة، أو بصورة أخرى، ضعي حدا لسلوكيات طفلك وكرري التوجيه إن لم يستجب، وضعي عقابا واضحا للحفاظ على الموقف ومنع غضبك من التصاعد.

وعلى الأم أن تميز بين حالتين “أنا أعاقب على سلوك سيئ” أم “لأنني غاضبة من السلوك أو خطأ ابني تسبب في تعرضي للإحراج”، ربما على الأم أن تفكر ولو للحظات قبل اتخاذ أي رد فعل غاضب تجاه طفلها، وتسأل نفسها “هل أقوم سلوكه أم سأثأر لنفسي فقط؟”، فتقويم السلوك لا يحتاج لعاصفة من الغضب، بحسب موقع سيكولوجي توداي، وإنما مزيد من الحكمة لإرشاد طفلك إلى السلوك الجيد.

الضحك وسيلتك لخداع عقلك
ربما يبدو الأمر غير منطقي إلى حد ما، لكنك إن لم تقدري على الضحك في المواقف المتأزمة، يمكن فقط إجبار نفسك على الابتسام مع أخذ نفس عميق أكثر من مرة، وذلك لتدريب نفسك على تجاوز المواقف الصعبة، بهدوء وأقل قدر من الخسائر.

الضحك في المواقف الصعبة أو المؤلمة يرسل رسالة إلى نظامك العصبي مفادها أنه لا يوجد أمر طارئ والأمور ستكون على ما يرام.

اهربي
لن تحتاجي للهرب من منزلك، وإنما عليك مغادرة مكان الحدث لدقائق قليلة لاستعادة توازنك، تنصحك لورا ماركهام مؤلفة كتاب “الآباء المسالمون والأطفال السعداء: كيف تتوقف عن الصراخ وتبدأ التواصل الآمن”، قائلة إن مغادرة المكان ربما إلى المطبخ أو دورة المياه وغسل والوجه والابتعاد عما أغضبك قد يكون حلا مناسبا، لكن عليك تجنب ذلك إذا كان ذلك يعرض طفلك للخطر، مثلما حدث حين يكسر الطفل مزهرية أو شيئا زجاجيا، حذار عندها من تركه وسط الخطر لتستعيدي هدوءك، تأمين طفلك أهم من أي شيء.

بعد دقائق قليلة عودي لطفلك مرة أخرى، وعالجي الأمر بحكمة، بمحاسبته على السلوك السيئ، أو إرشاده إلى أن تصرفه ليس موفقا، وضحي لطفلك أن إلحاحه في طلب شيء ما بصورة مستمرة لن يتحقق مع شرح أسباب رفضك، واطلبي من الطفل وضع حل للموقف الذي تسبب فيه.

التحكم بالغضب والانفعالات

الغضب من الصفات التي نهى عنها النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم، وكلنا يذكر قصة ذلك الأعرابي الذي جاء ليأخذ النصيحة من الرسول فأمره ألا يغضب فقال زدني قال لا تغضب فقال زدني قال لا تغضب… ولا زال النبي يكرر هذا الأمر حتى انتهى الأعرابي عن السؤال. وسؤالنا: لماذا كل هذا الاهتمام النبوي بموضوع الغضب، وما هي آثاره الخطيرة، وما هي وسائل العلاج؟ هذا هو موضوع بحثنا.

إن هذه الكلمة يطلقها علماء الغرب اليوم بعدما اكتشفوا ما تحمله من أسرار وفوائد ودلالات، إنها (لا تغضب) والتي كررها النبي مراراً للأعرابي حتى خُيل له أن الإسلام يتلخص في هذه العبارة الرائعة (لا تغضب)، فالغضب هو مفتاح لكل أبواب الشر، ومفتاح للاستكبار الذي يعاني منه الملحدون وغيرهم من المشككين، ويمكنني أن أقول إن الغضب هو مفتاح جهنم والعياذ بالله.

وقد كان نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم لا يغضب أبداً لنفسه ولا لأمر من أمور الدنيا، إلا أن تُنتهك حرمة من حرمات الله تعالى، وهنا تكمن عظمة هذا النبي الذي يستهزئ به أعداؤه لأنهم حقيقة لم يجدوا أي حجة علمية يطلقوها وبعدما أصبحت حقائبهم فارغة لجؤوا إلى وسيلة الضعفاء ألا وهي الاستهزاء!

ولكي تكون حجتنا علمية أود أن أعرض أولاً ما نشرته جريدة ديلي ميل البريطانية عن نداء يوجهه باحثون بريطانيون يعتقدون أنه الحل لمشاكل الغرب التي تولدت لديه بنتيجة الإلحاد. فاليوم يشهد الغرب أعلى معدلات للجريمة والاغتصاب والعنف بأشكاله في الشارع والمنزل، إنها ظاهرة اجتماعية خطيرة أنفقوا الملايين من أجل إيجاد علاج لها، فانظروا بماذا خرجوا أخيراً!!

فقد حذر عدد من الأطباء البريطانيين من تفشي ظاهرة انعدام السيطرة علي المزاج مؤكدين أنها تعد مشكلة كبيرة علي الرغم من أن أحداً لا يعتبر أنها تحتاج علاجاً. وقال الأطباء إن عدم التمكن من السيطرة على الغضب أصبح ظاهرة تتزايد وتتسبب بارتفاع أعداد الأعمال الإجرامية وتفكك عائلات بالإضافة إلي المشاكل الصحية الجسدية والعقلية.

وجد الأطباء علاقة قوية بين الغضب المزمن والحاد وأمراض القلب والسرطان والجلطات والإحباط وحتى الإصابة بالزكام بشكل متكرر!! وكانت مؤسسة العناية بالصحة العقلية قد أطلقت مسحاً يظهر خطر هذه الظاهرة داعية إلى مواجهة خطرها لأنها تؤذي حياة الكثيرين.

وقال المدير التنفيذي في المؤسسة الدكتور “أندرو ماكالوك” إنه من الغريب أن يترك الناس وحيدين عندما يتعلق الأمر بشعور قوي مثل الغضب في مجتمع يستطيعون فيه أن يحصلوا على مساعدة عند المعاناة من الإحباط والقلق والذعر والخوف واضطرابات الأكل وغيرها من المشاكل النفسية. إن هذا الغضب إذا استمر فسوف يهدم حياة الفرد. وأقر الباحثون بأن معالجة مشكلة الغضب ليست بالأمر السهل لكن منافعها كبيرة جداً!!

وأكدت هذه الدراسة أن الغضب أصبح مشكلة كبرى تشمل ربع المجتمع وتسبب الكثير من الإحباط، ولذلك أطلقوا نداء موحداً يؤكدون من خلاله على ضرورة ألا يغضب الإنسان كوسيلة لعلاج معظم مشاكل المجتمع وبخاصة الشباب.

ونقول يا أحبتي! إن علماء الغرب يرددون كلام النبي الأعظم بعدما ثبت لهم أن الحل يكمن في هذه العبارة (لا تغضب)، وأقول بالله عليكم هل صاحب هذا النداء الرائع (لا تغضب) هو رجل انفعالي أم رجل رحيم بأمته يريد الخير لهم؟؟

انظروا معي كيف يعود الغرب شيئاً فشيئاً إلى تعاليم الإسلام، ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني شيئاً واحداً ألا وهو أن الإنسان عندما يبحث ويفكر ويكتشف الحقائق العلمية ويخوض التجارب لابد أن يصل إلى نفس الحقائق التي جاء بها هذا النبي الأعظم صلوات ربي وسلامه عليه!! وسؤالي هل ازداد حبكم لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بعدما اطلعتم على هذا البحث؟

إن الحقائق التي جاء بها رسولنا تمثل الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهذا أكبر دليل مادي على أن محمداً صلى الله عليه وسلم صادق في دعوته إلى الله، وصدق الله عندما وصفه بصفة لم يصف بها غيره من المخلوقات، يقول تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة: 128-129].

الغضب الإيجابي!

جاء في دراسة أجراها بنك المعلومات “كاهوت” على شبكة الإنترنت أن فقدان الأعصاب يكلّف الاقتصاد البريطاني 16 مليار جنيه إسترليني في العام. وتقول الدراسة إن من يفقدون أعصابهم يحطمون أكثر ما يحطمون الأدوات الفخارية والكؤوس. وتقول الدراسة إن الرجال يفقدون أعصابهم أكثر من النساء. وقال 20 بالمئة من عينة بلغت 700 شخص أجريت عليهم الدراسة إن الازدحام في الشوارع يدفعهم إلى الغضب. ولكن أكثر من النصف قالوا إن الانتظار على الهاتف يدفعهم إلى الغضب. وإن ربع الأشخاص الذين أجريت عليهم الدراسة يعرفون كيف يعبرون عن غضبهم بطريقة إيجابية.

وتقول “دونا دوسون” المتخصصة في علم النفس: إن الغضب شيء معقد جداً. وسببه في أكثر الأحيان هو الخوف من الخسارة، أو الخوف من الإصابة، أو حتى الخوف من خيبة الأمل. إنهم يعلموننا أن الغضب عاطفة سلبية، ولكنه في الواقع عاطفة إيجابية ومفيدة، ولكن الأمر يعتمد على الطريقة التي نعبّر بها عنه. فمن الأفضل بطبيعة الحال أن نعبّر عن العواطف وألا نكبتها في أجسامنا وعقولنا. ولكن يجب أن نحرص على أن نعبر عن الغضب بطريقة إيجابية وان نحولها إلى فعل يغير المواقف. إن الغضب الذي لا نعبر يؤدي إلى إفراز هرمونات تضعف نظام المناعة بتدمير خلايا المناعة الرئيسية.

كيف عالج النبي غضب الأعرابي؟

وهنا نتذكر كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغضب إلا في حالة واحدة وهي أن تُنتهك حرمة من حرمات الله، أي أن غضب النبي كان موجهاً في اتجاه محدد وهو الحفاظ على الحدود والحرمات، وهذا يضمن سلامة المجتمع وأمنه. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتميز بأسلوب تعليمي فيستغل المواقف التي يغضب فيها الإنسان العادي ليعطينا العبرة والموعظة.

وربما نذكر قصة ذلك الأعرابي الذي جاء غاضباً إلى النبي وكلمه بلهجة شديدة بل وجذبه إليه وصرخ في وجهه قائلاً يا محمد أعطني مما أعطاك الله… فغضب أصحاب النبي غضباً شديداً وهمّوا بقتل الأعرابي، ولكن النبي الرحيم قال لهم: خلّوا بين  وبينه…

لقد عرف المرض وعرف العلاج، الأعرابي يغضب والصحابة يغضبون ولكن النبي بكل هدوء يعالج الموقف ويعطينا درساً في علاج الغضب. ويأمر النبي ذلك الأعرابي أن يأخذ ما يشاء من بيت المال، وعند هذه اللحظة يدرك الأعرابي كرم محمد وأنه ليس رجلاً عادياً بل هو نبي مرسل، وهنا يعتذر للنبي ويعلن إسلامه…

وهنا تأملوا معي كيف يستغل النبي هذا الموقف ليعلم أصحابه – انظروا إلى البرمجة الإيجابية في أسلوب خير البشر، يقول لهم لو تركتكم تقتلوه لمات كافراً… ولكن هذا الأعرابي ذهب فجاء بقبيلته وكلها قد أعلنت إسلامها!!! بالله عليكم هل هذا نبي العنف أم نبي الرحمة؟

الغضب يضعف جهاز المناعة

ومواصفاتها وخصالها قد يكون لها جميعاً نفوذ على قدرة جهاز المناعة في الجسم على مواجهة المرض والتخلص منه. وتقول الدكتورة “آنا مارشلاند” من جامعة بيتسبره الأمريكية إن ذوي المعدلات العالية من التنبه العصبي (نيوروتيسيزم) قد لا يتمتعون بجهاز مناعة قوي بما فيه الكفاية

فقد قام باحثون في كلية الطب بجامعة بيتسبره تحت إشراف الدكتورة مارشلاند، بفحص ردود فعل أكثر من ثمانين متطوعاً حقنوا بلقاح لمعالجة مرض التهاب الكبد الوبائي، وهو مرض فيروسي، واللقاح ينشّط جهاز المناعة في الجسم من خلال تعريضه لكمية صغيرة جداً من الفيروس، كما أُدخل المتطوعون في اختبار لقياس طبيعة شخصياتهم ودرجة تنبهها العصبي.

وتبين للعلماء أن من لديهم درجات عالية من التنبه العصبي يميلون إلى التقلبات المزاجية الشديدة، وإلى التعصب الكثير، كما تسهل استثارتهم وتعريضهم للضغط والاضطراب النفسي والإجهاد العصبي. وظهر أن المتطوعين من ذوي التنبه العصبي العالي يميلون أيضاً إلى تسجيل استجابات أقل من حيث جودة الأداء للقاح مرض التهاب الكبد الوبائي مقارنة بنظرائهم الذين لهم معدلات طبيعية من التنبه العصبي. وربما تفسر هذه النتائج ما خلصت إليه دراسات سابقة من أن ذوي التنبه العصبي العالي أكثر عرضة من غيرهم لمشاكل الأمراض وتعقيداتها.

وتقول الدكتورة مارشلاند إن نتائج الدراسة تدعم الفكرة القائلة بأن ذوي التنبه العصبي العالي يتمتعون بجهاز مناعة أقل كفاءة من غيرهم، مما يعرضهم أكثر من غيرهم للأمراض وأعراضها. وكانت دراسة سابقة أجريت في أوهايو بالولايات المتحدة، قد وجدت أن قوة تأثير اللقاحات والعقاقير الطبية المضادة لذات الرئة تقل عند من يعانون من الضغوط العصبية، وهو ما يؤيد النتائج الجديدة. كما ذكرت دراسة أوهايو أنه للضغط النفسي والقلق تأثير مباشر على حجم الهرمونات في الجسم، ومنها الكورتيزول الذي له تأثير فعال على أداء جهاز المناعة.

عدم التحكم بالغضب يؤدي إلى الوزن الزائد ومشاكل صحية

أفادت دراسة جديدة بأن عدم قدرة المراهق على التحكم في الغضب قد يسبب له مشكلات صحية في المستقبل. وخلصت الدراسة إلى أن المراهقين الذين يعانون من مشكلات في التحكم في غضبهم يكونون أكثر عرضة لزيادة الوزن. وقال العلماء في الاجتماع السنوي لجمعية القلب الأمريكية في سان فرانسيسكو إن المراهقين الذي يكتمون شعورهم بالغضب يتعرضون لخطر السمنة أو زيادة الوزن وهو ما قد يؤدي إلى تعرضهم لأمراض مثل مرض القلب أو السكري.

وقام أطباء من مركز علوم القلب في جامعة تكساس بدراسة 160 مراهق تتراوح أعمارهم ما بين 14 و 17 عاماً على مدى ثلاث سنوات. واستخدم الأطباء اختبارات نفسية لمعرفة كيفية استجابتهم للغضب. ووجد الأطباء أن المراهقين الذين يمكنهم التحكم في غضبهم والتصرف بشكل مناسب عند الغضب يكونون أقل عرضة لزيادة الوزن. أما من يعانون من مشكلات في التعامل مع الغضب سواء بكبت مشاعرهم أو فقدان أعصابهم فهم الأكثر عرضة لزيادة الوزن.

يقول البروفيسور “ويليام مولر” الذي قاد فريق البحث في الدراسة: ترتبط السمنة بالطرق غير الصحية في التعبير عن الغضب. فمشكلات التعبير عن الغضب يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في الأكل وزيادة الوزن وهو ما قد يؤدي بدوره إلى الإصابة بمرض القلب في سن مبكرة. إن الأمر لا يقتصر فقط على مجرد الأكل والتمرينات، ولكن يجب علينا أن ننتبه إلى الجانب الاجتماعي.

تحميل كتاب كيف تسيطر على غضبك pdf

لتحميل الملف اضغط هنا

السابق
كيف أحب نفسي وأقدرها
التالي
مبادئ التفكير المنطقي لنجاح المنظمات

اترك تعليقاً