تنمية بشرية

كيف تكون صادق مع نفسك ؟

يخدع بعض الأشخاص أنفسم لعدم قدرتهم على مواجهة الواقع أو الظروف ،و بالطبع هذا ما يضر بمستقبل الكثير منهم ،و لهذا يعتبر الصدق مع النفس من أهم الأمور التي تعين الفرد على النجاح ،و التميز في حياته.

كن صادقا مع نفسك اولا

يقول شكسبير: «السمة الأهم التي عليك التحلي بها طوال الوقت هي أن تكون صادقاً مع نفسك، وإذا فعلت فإنك لن تخدع أي إنسان». أي ان مفتاح النزاهة هو قول الصدق وتوخيه مع نفسك ومع كل من تعرفهم. وتحليك بالأمانة مع نفسك يجعلك قادراً على العيش في انسجام مع قيمك الجوهرية ومعتقداتك ويساعدك على التحكم في توجهك، والتوجه يتألف من جزأين، هما توجهك تجاه نفسك وتوجهك تجاه الآخرين، وكلما كان توجهك تجاه نفسك ايجابياً صار توجهك تجاه الآخرين أكثر إيجابية، حيث يتعلّق الجانبان أحدهما بالآخر، فعندما تكون إيجابياً ومتفائلاً تكون أكثر انفتاحاً في علاقاتك وأكثر قدرة على إظهار الود والتعاطف والانسجام مع الآخرين، وأكثر قدرة على العطاء في جوانب حياتك الاجتماعية والعملية، وسترى انعكاس ذلك بشكل واضح من خلال تفاعل من هم حولك. أما حين تتهرب من الحقيقة، وتحاول خداع نفسك بمبررات واهية، فستصبح شخصاً سلبياً يعكس سلبيته على الآخرين وقد يتهمهم بما هو ليس فيهم، كأن ترى بهم ما ترفض أن تراه في نفسك وتتهرب من مواجهته، فتتأثر علاقاتك وقد يتأثر إنجازك، ويتسبب ذلك في العديد من المشاكل التي قد تجر بعضها. الصدق صفة جاذبة في العلاقات، وأن تكون صادقاً وأميناً مع نفسك يعني أن تكون قوياً وتمتلك درجة عالية من الثقة، وقادراً على مواجهة نفسك بمواطن ضعفها، وفي الوقت ذاته تمتلك القدرة على إنصافها في المواقف التي تتطلب منك أن تكون رحيماً بها، لذا متى ما كنت صادقاً مع نفسك، فستكون جديرا بثقة الآخرين، لأنك لن تخدع أحداً أو تجره إلى الظلم.

كن صادقا مع نفسك ومع الله

الصدق مع الله ، هو من علامات الإيمان ، والإيمان ليس بالتمني ، والمظاهر ، وانّما من يقين القلب ، وأن يكون الصدق مع الله من خلال الطاعات والخلق الحسن ، والايمان بالله تعالى ورسله وكل ما أوتي به مما علمنا اياه رسول الله عز وجل ، قال تعالى ” (ليْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَة وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْس ) ” . البقرة ، آية 177.

وعلاقة العبد مع ربه يساعد المرء في جميع أمور حياته الدّينوية والآخرة ، والأهم أن يكون في النية الصّافية والخالصة كلّها لله ، فالصّادق مع ربّه يبلغ ما صدقه في نيته ، ولهم كل الخير في الدنيا والآخرة ، ” فعن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ) . رواه مسلم .

كما أن الصدق مع الله ينجي العبد من الشدائد ، كما نجى الله سيدنا يوسف من عذاب السجن وهو مظلوم ، ونجاة سيدنا اسماعيل من الذبح حين صدق نبي الله ابراهيم في تنفيذ الرؤيا بذبح ابنه ، لقوله تعالى ” (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ.قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ.وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) . كما كان نبينا الكريم محمد صل الله عليه وسلم من اعظم الصادقين حتى لقبه اهل قريش بالصادق الأمين .

فحتّى تكون صادقاً على المرء المسلم أن يكون صادقاً مع الله ومع النّاس ، فالصّدق مع الله بإخلاص الأعمال كلّها لله ، وأمّا مع النّاس بأن لا يكذب المسلم على غيره ، وقد روى رسول الله ” . رواه أحمد .(( كَبُرَتْ خيانة أن تحدِّث أخاك حديثًا، هو لك مصدِّق، وأنت له كاذب.

كيف تكون صادق مع نفسك ؟

الصدق مع النفس من الأمور الهامة التي تجعل الفرد يواجه المواقف ،و الظروف بشجاعة دون هروب أو خجل ،و كذلك تجعله يدرك جيداً وضعه الحقيقي ،و كيف يمكنه تطوير هذا الوضع ،و من أهم الطرق و الخطوات  التي يمكن للفرد حتى يكون صادق مع نفسه ما يلي :-

  1. – تقبل الواقع ،و الظروف ،و الإبتعاد عن تفضيل الظهور أمام الآخرين بوضع مخالف للوضع أو المكانة الحقيقة له .
  2. – الإبتعاد عن محاولة تقليد أصحاب المكانات الرفيعة ،و التشبه بهم ،و بالطبع عليه أن يدرك جيداً أن لكل شخص ظروفه الخاصة به التي يجب عليه أن يتعرف بها ،و يحاول التكييف معها ،و يبذل أقصى جهده من أجل تغييرها للأفضل .
  3. – يجب على الفرد أن يقوم بحصر ما يملكه من مهارات ،و قدرات و امكانيات بشكل جيد ،و يحاول الإعتماد على ما يملكه لتحقيق مايريد .
  4. –  تجنب الخوف ،و القلق لأن هذا كله بالطبع  سيجعل الفرد يحاول  تزيف الحقائق ،و عدم الإعتراف بها ،و عليه أن يتأكد أن خوفه سيكون سبباً في القضاء على أحلامه ،و طموحاته .
  5. – يجب على الفرد أن يثق بنفسه ،و بأنه يملك مهارات ،و مواهب تميزه عن غيره ،و من الضروري أن يحاول اكتشاف هذه المواهب ،و أن يحاول تنميتها بشكل صحيح يعينه على النجاح و التميز في حياته .
  6. – تجنب اليأس ،و الأفكار السلبية ،و النظرة التشاؤمية للأمور لأن هذا كله حتماً سيقوده بل يجب أن يشعر بأهمية نفسه ،و بالدور الذي يجب عليه أن يؤديه .
  7. –  يجب أن يدرك الفرد أن للكذب الكثير من الأضرار فهو سبباً فشله في توتر علاقته بمن حوله ،و ووقوعه في العديد من المشكلات ،و عليه أيضاً أن يتجنب المبررات الزائفة لكي يخرج من المواقف المختلفة لأن هذا سيضعف منزلته أمام نفسه ،و في نظر الآخرين .
  8. – يجب أن يقوم بالتفريق بين الأمور الخاطئة ،و الصائبة ،و يمكن أن يأخذ آراء ،و استشارة أصحاب الخبرة ليتكلم معهم ،و يتعرف على ما هو مفيد لحياته ،و مستقبله .
  9. – يجب أن يعتمد الفرد على نفسه في إيجاد حلول مناسبة للمشكلات التي يعاني منها ،و يركز فقط على التركيز في الأمور الإيجابية .
  10. – من الضروري أن يستمع الفرد بأهتمام إلى نصائح كبار السن من الآباء ،و المعلمين ،و غيرهم ،و  يحاول الإستفادة منها ،و تطبيقها بشكل صحيح .
  11. – يجب على الفرد أن يخصص جزء من وقته للترفيه ،و الإستمتاع ،و التخطيط بشكل جيد لمستقبل مميز متجنباً التفكير في الفشل .
  12. –  التمسك بأحترام الآخرين ،و يدرك جيداً أن معاملة للآخرين بأحترام لن تقلل من شأنه أو مكانة بل يمكن أن تكسبه وضعاً و مكانة مميزة .

الصدق مع النفس يتطلب شجاعة

الكثير منا يخشون أن يكونوا على حقيقتهم، ويتخلون عن أحلامهم، ويسيرون مع الجموع، في حين أنهم لو كانوا صادقين مع أنفسهم، وتمسكوا بفطرتهم السليمة، لعاشوا حياة أعظم، وأجمل بكثير. ولعل مقولة شكسبير «كن شجاعاً بما يكفي لتصبح صادقاً مع نفسك، ولتخرج أعظم ما فيها»، تؤكد هذا المعنى، الذي يشير إلى حقيقة أن الصدق مع النفس يدعمها، ويساعدها على التعرف إلى أهدافها، واستشعار ما وهبه الله لها من نعم، وإمكانات، وقدرات، وطاقات تستطيع الاهتداء بها إلى طريق النجاح.
تواجه إسلام زعرب، «ربة بيت» تحدياً كبيراً في التعامل بطبيعتها مع محيطها، وتحاول أن تعيش هذه الطبيعة مع صديقاتها المقربات جداً منها. وتقول: في كثير من الحالات تجد نفسك مضطراً لأن تتخلى عن بعض منك من أجل التعايش مع محيطك، والوصول إلى واقع أفضل للجميع، ولا شك في أن أهدافي وأحلامي تعيش في داخلي، أعرفها جيداً ولا أتخلى عنها إلا مضطرة، لأن الحياة لا تمنحنا كل ما نطمح إليه، وأنا بطبيعتي لا أحب المواجهة، خاصة مع أولئك الذين لا يحترمون فكرة الاختلاف، ولا يضيرني أن ألتزم الصمت أحياناً، أو لا أعبر عن نفسي بالشكل المطلوب، ولكني لا أتلون من أجل إرضاء الآخرين، مهما كلفني الأمر.
أيضاً يرى حازم سليمان «مهندس مدني»، أن كثيرين لا يعيشون على حقيقتهم خشية ألا يقبلهم محيطهم، قائلاً: كلنا مهتمون بأن نكون مقبولين في مجتمعاتنا لدرجة تجبرنا أحياناً على مجاراة بعض الأنماط السائدة في المجتمع، وبالنسبة إلي لا أجد في ذلك خطأ يستحق التراجع عنه، مادام في حدود المعقول، ولا يكون على حساب أولوياتنا في الحياة، حتى لو تخلينا عن بعض من ملامح شخصيتنا، وأحلامنا التي تميزنا عن غيرنا، فالحياة لن تمنحنا كل ما نريده، ومن أجل تحقيق النجاح في الحياة يجب أن نتوافق مع معطياتها ومستجداتها، ونتمتع بالمرونة المطلوبة لنستطيع القيام بذلك.
وتختلف عبير عادل، «مهندسة معمارية»عن رأي حازم، موضحة وجهة نظرها: البحث عن صيغة مناسبة للتعايش مع الواقع، والتعامل مع أنماط الناس المختلفة لا تتطلب بالضرورة التخلي عن هويتنا الشخصية، وحقيقتنا التي تميزنا عن غيرنا، وبالنسبة إلي أعتبر هذه التضحية في غير محلها، وأن من يقوم بها يفتقد للشجاعة الكافية للمواجهة، فالصدق مع النفس أولاً، ومن ثم الصدق مع الآخرين يتطلب شجاعة وقوة، لا يمتلكها الكثيرون، والبعض مستعد للتخلي عن مبادئه وقيمه الذاتية طواعية من أجل تحقيق مكاسب أخرى، وفي جميع الحالات لا يمكن أن يكون الإنسان سعيداً إذا تخلى عن حقيقته، وأحلامه، ولم يحقق التوافق والانسجام المطلوب بين ما يظهره للناس، وما يبطنه في داخله.

كيف يكون الصدق مع الناس

الصدق مع الناس: فلا يكذب المسلم في حديثه مع الآخرين، وأيضا موافقة الظاهر مع الباطن في الأقوال والأفعال، فإذا لم يكن كذلك كان من علامات النفاق. وقد رُوي أن النبي قال: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» (البخاري).

كيف تكون صادقا مع الناس

أن يتحرى الإنسان الصدق في كلامه وأفعاله؛ فالصدق هو أن تصدق في كلامك وتعاملك مع الناس، وأن تتحرى الصدق فتلك درجة أرفع؛ فالتحري يتطلب بذل جهد أكبر من أجل أن يتجنب الإنسان الكذب بجميع أشكاله، ونجد ذلك في الحديث الشريف: (وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا).

كيف تكون صادق مع الناس

يفضل الصادق الاستماع إلى ما يمليه عليه ضميره وليس ما تفرضه الظروف المحيطة، ويتصرف على هذا الأساس بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك.
 مؤشرات تدل أنك صادق مع نفسك ومع الآخرين:
  1. الثقة بالنفس واحترام الذات …
  2. العطف على الضعفاء …
  3. تبادل الأفكار والمعتقدات مع الآخرين …
  4. العطاء ورفض المديح والثناء …
  5. الإصغاء إلى الآخرين.

كيف يكون الصدق مع النفس

أن الصدق مع النفس يتحقق عندما لا يخدع المسلم نفسه، ويعترف بعيوبه وأخطائه ويصححها، فهو يعلم أن الصدق طريق النجاة، قال صلى الله عليه وسلم: «دع ما يُرِيبُك إلى ما لا يُرِيبُك، فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة».

 

 

السابق
بوابة سلطنة عمان التعليمية تسجيل دخول بالخطوات
التالي
طريقة تحسين الصوت في الكلام

اترك تعليقاً