تنمية بشرية

فن الاعتراف بالخطأ

فن الاعتراف بالخطأ

جميعنا نعلم مقولة ” لا أحد مثالي ” وبالرغم من معرفتنا أننا لسنا مثاليين ونرتكب الأخطاء بشكل أو بآخر، إلا أننا كثيرا ما نفشل في الاعتراف بالخطأ ، كثير من الناس يتعاملون مع أخطائهم عن طريق محاولة  تبريرها بطريقة أو بأخرى ، وهو ما يجعلهم يعيشون في واقع مشوه حيث لا يخطئون أبدًا ، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض القدرة على اتخاذ خيارات جيدة .

محاولة تبرير أخطائك هي أقرب إلى الكذب لأنه سيتضاعف ويسبب مشكلة أكبر ، ولكن هناك طرق لمكافحة هذا السلوك المدمر ، كل ما يتطلبه الأمر هو القليل من الشجاعة والثقة ، ما عليك القيام به هو البدء في اكتشاف أخطائك  فبنفس الطريقة التي يمكن أن يؤدي بها تبرير الخطأ إلى مشكلة أكبر ، فإن اكتشاف الخطأ قد يمنعه من أن يصبح أكبر .

وبدلاً من محاولة إخفاء ونسيان أخطائك ، يمكنك استخدامها لصالحك. يمكنك أن تتعلم من أخطائك بمجرد إقرارك بأنك ارتكبت هذه الأخطاء ،  إذا كنت لا تعترف بأخطائك ، فإنك ستكررها مجددا .

فن الاعتذار

كثيرا ما يجد بعض الناس أنه يبدي الأسف لخطأ ما، بقوله كلمة آسف، ثم يعاود الكرة ليعتذر بالمزيد من التأسف حتى يدمن هذه العادة.

ووصفت جيسيكا بوسطن، خبيرة التنويم الإيحائي والعلاجي البريطانيين بأنهم من أكثر الأمم الميالة للاعتذار والمدافعين عن هذا التقليد الذي أصبح جزءا من هويتهم الثقافية.

وأضافت بأن النساء يملن للاعتذار أكثر من الرجال، خاصة أنهن يواجهن بشكل غير واعٍ ضغوطا اجتماعية تجبرهن على ذلك، بأنه يجب على المرأة أن تكون لطيفة ومهذبة.

وأوضحت أن هناك العديد من الأسباب المنطقية للاعتذار. ولكن في الوقت نفسه فإنه قد يصبح الأمر معديا ويصبح عادة أكثر من كونه مؤثرًا.

الخوف من الآخر
وأكدت جيسيكا من مركز “غلوبار” الصحي، أن الإفراط في الاعتدال يجعل الإنسان يعيش إحساسا منخفضا بقيمة الذات وبقلق أكبر.

بالتالي فإنه يجهل التعامل مع أي شكل من أشكال التوتر المتصوّر، لأنه لا يعرف كيف يتعامل مع مشاعر الآخرين بطريقة بناءة.

وأضافت: “لهذا فهؤلاء الناس يخافون من ردة الفعل لو أنهم لم يسارعوا بالاعتذار”.

وتابعت: “في كثير من الأحيان يكون الاعتذار لإشعار الآخرين بأننا مهذبون وقد لا يكون ذلك ضرورياً، إذ لا داعي لقول آسف باستمرار”.

الطريقة الأمثل
النتيجة هي أن الناس ومع كثرة الاعتذار، سوف تعاملك على الأساس الذي يفيد بأنك لا تشعر بالأمان، وستكون ردة الفعل غير إيجابية.

لهذا فعلى المرء كثير الاعتذار أن يسارع لتغيير نفسه، لأن الآخرين من حوله سوف يعاملونه دون وعي وفق ما تشكل عندهم من تصور حوله.

على صعيد العمل
هذا السلوك قد ينعكس حتى على دور الشخص في الحياة والعمل، فربما يترتب عنه إعطاؤه مسؤوليات أقل أو عدم الثقة الكلية فيه، باعتبار أنه يفتقد إلى الثقة بالنفس.

وكما تكون عليه أنت يراك العالم، لهذا فإن التوصية الأخيرة من الخبيرة بأنه إذا كنت ستبدو ذلك المنزعج دومًا فستصبح هكذا.

كما أن الاعتذار المتكرر سوف يصنفك من قبل الناس بأنك كثير الأخطاء، مما يجعلك تبدو بمرور الوقت غير كفؤ بل غير موثوق به.

ثقافة الاعتراف بالخطأ

يعتقد كثيرون أن الاعتذار نقطة ضعف لا يجب إظهارها، كونها دليل انكسار وهزيمة لا تليق بهم، ومن هذا المنطلق فإن أشد المكابرين الرافضين للاعتذار، هم من الذين يصنفون أنفسهم كطبقة مثالية لا تخطئ وإن أخطئت فهي سامية لا تعتذر لمن هم دونها مرتبة، وفي هذا شيء من صفات الشيطان ألا وهو الكِبَر.

الاعتذار ليس دليل ضعف أو فشل، كي نخجل منه، يكفي أن نعلم أن مجرد الاعتذار، هو اعتراف بالخطأ ورجوع عنه، وبالتالي فإن ترجمة هذا الشعور إلى فعل حسي ملموس، يحتاج إلى قوة محركة تجبر النفس على النزول إلى الحق ومحاسبة ذاتها، وهذا لا يكون إلا عند من ملك صفة الشجاعة. إذا كنت من الذين يَجّبُرون الإساءة بالاعتذار فاعلم أنك شجاع.

في بعض المجتمعات يعتبر الاعتذار جزءاً من مقوماتها وثقافتها الفكرية، فتراهم يزرعون في أطفالهم ثقافة الاعتذار منذ الصغر، حتى أن الأمر عندهم وصل حداً جعلهم يقرنون الصفح عن المخطئ، أو تخفيف العقوبة عن المجرم بالاعتذار، وسنجد أنه وعندما تخطئ النخب في هذه المجتمعات فإن أول مطالب هو دعوة المخطئ للاعتذار عن خطئه بحق الدولة والمجتمع وحتى الأفراد.

الاعتذار ليس كلمة تقال في زحمة الحديث وتبرير الخطأ، أو البحث عن مخرج من الورطة التي سببها سلوك ما خاطئ، الاعتذار يعني الاقتناع التام بأن هناك خطأ ينبغي تصحيحه، وهو ما أوجب الاعتذار، وبالتالي فإن نوع الاعتذار لابد وأن يقترن بنوع الخطأ وحجمه. أن نخطئ فنعتذر لا يعني أننا أشخاص سيئون، بل جيدون لأننا نحاول إصلاح أخطائنا، فليس من بشر معصوم عن الخطأ بعد الرسل.

الاعتراف بالخطأ من شيم الرجال

الاعتذار هو الإقرار والاعتراف بالخطأ وطلب الصفح والسماح والعفو ممن وقع عليه الخطأ عما قمنا به من تصرف خاطئ .
مما لا شك فيه أن الإنسان خطاء بطبيعتة وهو قد يخطئ بحق ربه..نفسه..أو غيره..وهذا له تبعاته من قطع للعلاقات وخاصة منها قطع صلة الرحم.. وقد يؤدي إلى التخاصم والشحناء ولذلك نتناول فى هذه المقالة فن الاعتذار عن الخطأ مع الآخرين..
لكن هل من سبيل إلى التخلص من تبعات الخطأ ؟وهل من سبيل إلى تصحيح ما أفسده ماقلناه أو تصرفنا به؟
نعم .الطريق الوحيد لتصحيح كل هذا وبقاء العلاقات الاجتماعية سوية هو الاعتذار الصادق والواضح دون مواربة
لكن السؤال لماذا تغيب عنا هذه الثقافة, أي ثقافة الاعتذار عن مجتمعاتنا العربية , رغم روعة هذه العادة الطيبة ؟؟ بينما هي أمر جد طبيعي في المجتمعات المتحضرة وهي خصلة جميلة وعادة طيبة ونحن أولى أن نكون رحماء بيننا لطفاء
لماذا تفوق علينا الغربيون والشرقيون بثقافة الاعتذار؟؟!! فالياباني مثلا ينحي لك مرات كثيرة إن أراد حتى أن يقدم لك خدمة ما.والغربي ينهال عليك ويغمرك بالاعتذارات المتكررة لتسامحه وتصفح عنه عن زلة غير مقصودة .ونحن نخاصم ونتكبر عن تقديم كلمة طيبة رغم المصائب التي نقوم بها تجاه بعضنا بعض وحتى داخل الأسرة الواحدة وبين الإخوة
فالرجوع إلى الحق والاعتراف بالخطأ هو سلوك حضاري والاعتذار أيها الأحبة هو أسلوب حياة وسلوك اجتماعي يومي عند الشعوب المتحضرة
فهل من سبيل لإعادة النظر في تقويم سلوكنا والرقي بفكرنا..لماذا التعنت وعدم الاعتراف بالخطأ فنحن لا نخطئ أبدا بينما غيرنا هو من يخطئ دائما
علينا أن نعلم أولادنا كيف يقدمون الاعتذار عن أخطاءهم بأنفسهم وعلينا أن نريهم بأنفسنا كيف نعتذر منهم أو من غيرهم عن أخطاءنا.علينا أن نعلم الأجيال أن تكون أكثر تسامحا منا
الاعتذار الصادق هو أسلوب حياة وسلوك اجتماعي طيب عند الشعوب المتحضرة فالاعتذار الجميل قواعد وأصول أيها الأحبة
فحسن اختيار اللحظة المناسبة لتقديم الاعتذار مهم جدا لقبوله من الطرف الآخر. كذلك الطريقة التي نقدم بها الاعتذار أيضا هام جدا وكيفية تقديم الاعتذار فلكل منا شخصيته فما يناسب فرد قد لا يناسب آخر..حيث يكون بالشكل الجميل الذي يستحسن من الطرف الآخر. فـــفن الاعتذار بتقديم الاعتذار مع الهدية إن استلزم ذلك أو الحركة كالمصافحة أو المعانقة..كذلك اختيار الكلمة الطيبة وتكرار التأسف عما بدر واستعدادك لتقديم التعويض إن كان هناك ضرر مادي
يجب أن يكون الاعتذار صادقا واضحا لكي يحس الطرف الآخر انك صادق بما تقدمه من اعتذار وبذلك تزول الشحناء وتنظف الصدور وتنقلب إلى قوة في الأواصر والتواصل.فيتحول سوء الفهم إلى استحسان ومحبة وتفهم
إن الاعتذار هو استعداد لتحمل المسؤولية عما قمنا به من أفعال وكذلك تبعاتها فلا شك أن الشخص الذي يقوم بالاعتراف لديه الشجاعة والقوة بان يبادر لتحمل مسؤولياته
فالاعتذار فن التعامل مع الآخر وكسب ود الآخرين وتقوية العلاقة مع من حولنا وهو احد عوامل نجاح العلاقات الاجتماعية
وختااااما من صلب ديننا الحنيف الذي يدعو إلى التسامح والمحبة
عن أنس بن مالك رض الله عنه قال ..قال رسول الله (ص): كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون..رواه الترمذي وحسنه الألباني

الاعتراف بالخطأ للحبيب

الحب هو علاقة قوية تجمع بين حبيبين، زوجين. يسعي فيها كل من الطرفين بأن يكون على أفضل حال ويتجنب حدوث الخلافات لأي أسباب. لكن الحياة لا تخلو من المشاكل في بعض الأحيان، مهما كنت تحب شريك حياتك وحبيبك. يحدث مشاكل بينكما فقد يكون السبب أحداكما أو كلاكما. إذا ما حصل الخلاف وأخطأ طرف بحق طرف أخر لا بد له بالمبادرة بالاعتذار. الخلاف لا يعني زوال الحب بل هو ظرف تمر به أي علاقة بين طرفين. الإنسان ليس ملاك معصوم عن الخطأ.

الاعتذار ليس كلمة أنا أسف فقط بل الإحساس بالمسؤولية من خلال الإقرار بالتصرف الخاطئ الذي قمت به والمبادرة بتقديم الاعتذار. الاعتذار ليس عيب، بل هو عمل نبيل بما يحمله من شجاعة وقوة بأن يبادر المخطئ بتحمل المسؤولية، لكي يستدرك العواقب التي قد تتسبب تأخير الاعتذار أو عدمه وهو الأسوأ.

هناك أصول واساسيات للاعتذار بالطريقة المناسبة فالاعتذار ليست فقط كلمة وتقال وتدير بعدها ظهرك له. بل يجب أن يكون صادقا وواضحا لكي يحس الطرف الاخر أنك صادق بما تقدمه من اعتذار لكي يزول الغضب، فيتحول سوء التفاهم الى استحسان ومحبة وتفاهم. ويذوب قلب حبيبك ويسامحك فورا لأنه سوف يشعر بمدى أهميته عندك ومقدار الحب الذي تشعر به تجاهه.

هناك طرق مختلفة ومناسبة لتقديم الاعتذار للتعبير عن الحس الصادق للحبيب. كما يقال لكل مقام مقال. أولا الاختيار للوقت المناسب يلعب دورا كبيرا في التأثير على الطرف الآخر لقبول الاعتذار. لذلك على الحبيب معرفة اختيار الوقت المناسب للاعتذار الى حبيبه. فمثلا لا تذهب له إذا شعرت أن يومه مشحون فقد يكون غير مستعد أو غير مهيئ نفسيا. بل عليك اختيار الوقت المناسب وأيضا الجو المناسب، فلا مانع من أعداد عشاء رومانسي وببساطة اعترف بانك أخطأت وليكن شعورك صادقا. الى جانب حسن الاختيار، هناك فن الاعتذار من خلال تقديم اعتذار مع هدية أو قيام بمفاجأة فهي من الحالات المحببة جدا عند الحبيب، فهي تعبر عما بداخلك من أسف وحب، فهي تحي الحب وتعيد له الحياة.

بالإضافة إلى الاعتذار الصريح قول أنا مخطأ وانا أسف هي من أقوى العبارات التي تذيب المشكلات لأنها اعتراف صريح بالخطأ وتأكيد للحب، قد يبدو هذا الفعل صعب لبعض الاشخاص الذين يصعب عليهم الاعتذار الصريح ولكن الاعتراف بالخطأ هو دليل على الحب والاهتمام.

من الأفضل أيضا ان يكون الاعتذار وجها لوجه فالاعتذار وجها لوجه تكون فيه مشاعر أقرب للقلب وأكثر وضوحا، إذ أن تعابير الوجه لها عامل كبير في اقناع الطرف الاخر لاعتذارك، واحساسه بالصدق في عينيك. لاستمالة مشاعره والتعبير عن أنك ما زلت تهتم به وتريه أنك ما زلت نفس الشخص الذي وقع في حبه ووثق به منذ البداية وان ما حدث ليس سوى سوء تفاهم لم تقصده.

في النهاية الاعتذار هو أحد عوامل النجاح في العلاقات الاجتماعية وهو من صلب ديننا الذي يدعو الى التسامح والمحبة.

من قال الاعتراف بالخطأ فضيلة

كثيرا ما نقرأ عن بعض الأخطاء لبعض رجال الفكر سواء على الصعيد الفكرى أو الدينى، ولكننا لا نجد أحدا إلا ندرة تعد على أصابع اليد الواحدة من يقوم باعترافه بالخطأ الذى وقع فيه والحقيقة التى نخرج منها عند قراءتنا لمثل هذه الأخبار أن ثقافة الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه قد ماتت وشبعت موتا واندثرت تحت أطنان هائلة من المؤثرات والتغيرات والظروف المحيطة بنا ولم نعد نرى ممن نعرفهم من مدراءنا وأساتذتنا ومفكرينا ومسئولينا سواء علت مراكزهم أو تدنت من يقبل أن يعترف أنه أخطأ وكأنهم معصومون عن الخطأ، نسى الجميع كبارا وصغارا أن الاعتراف بالحق فضيلة والإقرار بالذنب فضيلة أعظم، وأن من اعترف بذنبه أصبح كمن لا ذنب له، فعندما يعترف أى شخص أنه أخطأ فتلك دلالة ناصعة على تواضعه، والاعتراف بالخطأ دائما ما يكون مشفوعا بالاعتذار والندم على ما أقدم عليه الفرد بنية صافية ألا يعود إلى ما ندم على اقترافه.

وإننا للأسف الشديد نرى فى دول العالم المتقدم العديد من المسئولين يعترفون بأخطائهم ويعتذرون علانية على صفحات الجرائد وفى التلفزيون دون وجل أو خجل، ويستقيلون من مناصبهم، وقد يصل ببعضهم الندم ولوم النفس إلى الانتحار!

والحقيقة أن رؤية أى من المسئولين العرب يعترف بذنبه ويعتذر عنه هو مشهد يستحيل حدوثه، ولم تكتحل عيوننا بمرآه مرة واحدة، ولأن من شب على شىء شاب عليه، فقد تعود معظم العرب أن الاعتذار يقلل من قيمة الشخص وهيبته، مع إن العكس هو الصحيح فالاعتذار عن الخطأ يزيد المرء مهابة واحتراما فى نظر الآخرين، ولم نعد نرى أو نسمع عن مسئول يخطئ ويعترف ثم يعتذر، بل نجد أن من يخطئ يتمادى أكثر فى الخطأ، ولا يعتذر عما بدر منه أبدا وذلك على جميع الأصعدة.

ففى الشوارع العربية نرى مشهدا يتكرر فى معظمها مثلا نجد معظم قائدى السيارات يخطئون فى إتباع قواعد وقوانين المرور، ولا أحد يعترف أو يعتذر، فالكل يظن أنه لا يخطئ، البعض يقود سيارته كأن الشارع ملك له وحده، والبعض الآخر يقود بسرعة جنونية دون أدنى اعتبار للآخرين، وهذه هى الحال عند معظم الناس وفى مختلف مستويات الوظائف، فقد اندثرت من مجتمعاتنا العربية القيمة السامية العليا فضيلة الاعتراف بالخطأ، ولم تعد هذه العبارة موجودة فى قاموس مفرداتنا: أعترف أنى أخطأت .. آسف .. أعتذر، وأضحت هذه الكلمات ثقيلة على اللسان، وأصبحنا يركبنا الغرور ولا نقر بأخطائنا، وهنا نذكر آية من أجمل آيات القرآن، يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) – الأعراف 201، يؤكد القرآن فى هذه الآية الكريمة أن كل بنى آدم- حتى المتقين- معرضون للخطأ، فإذا أدركوا خطأهم تذكروا فإذا هم مبصرون، كأنهم حين ارتكبوا الخطأ كانوا عميانا، فإن عادوا إلى أنفسهم واعترفوا بخطئهم، أصبحوا مبصرين.

ونحن حين نعلم أبناءنا الصدق مع أنفسهم ومع الآخرين، قد ننسى أنه يجب أن نربيهم- مع الصدق- على أهمية الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، بالقدوة أولا، فالفضيلة كلّ لا يتجزأ، وإلا أصبحنا ممن قال الله فيهم: (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)– الصف 3، الله تبارك وتعالى يمقت من يقول ولا يفعل.

إن فضيلة الاعتراف بالخطأ هى أحد مفاتيح صلاح المجتمع، وبداية للتغير الحقيقى وإن اعتنقها الناس وطبقوها فى حياتهم وربوا عليها أبناءهم؛ حتما ستتغير أشياء كثيرة، وسيعم الخير فى المجتمع، ويبرأ من أدوائه المزمنة؛ من سوء الإدارة وتفشى الفساد فى التعليم والاقتصاد والسياسة والدين، فلنعد إلى إحياء ثقافة الاعتذار وفضيلة الاعتراف بالحق، وأن الاعتذار عنه ليس نقيصة إنما هو فضيلة بل قمة الفضائل ولنذكر قول أبى بكر الصديق رضى الله عنه عندما أصبح خليفة المسلمين: إن أصبت فأعينونى وإن أخطأت فقومونى، وقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه: رحم الله امرأ أهدى إلى عيوبى، وليبدأ كل فرد بنفسه كما قال صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك ثم بأخيك، وعملا بهذا الحديث الشريف سأبدأ بنفسى، وأعتذر لكل من أسأت إليهم دون قصد، وأقول لهم سامحونى.. أعتذر إن أسأت إليكم وأرجو مخلصة أن تتقبلوا اعتذارى قبل أن يأتى يوم يحاسب فيه العبد على ما اقترفت يداه ولا ينفع ساعتها ندم ولا توبة، وأختم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، وأرجو أن يجعلنا الله عز وجل من القوم الذين إذا قالوا فعلوا، والله من وراء القصد..

شجاعة الاعتراف بالخطأ

الاستفادة من أخطاء الماضي هي الحكمة من دراسة التاريخ، وإلا فلا داعي منها إن كانت الأخطاء ستتكرر ويستمر المخطئ على خطئه.. إن القدرة على التنبه للخطأ يحتاج إلى فن ومهارة، بل الأفضل ليس في اكتشافه فحسب، وإنما العمل الفوري على معالجته.

الشيخ محمد الغزالي رحمه الله يقول في سياق الموضوع بأن: “ما يثير الحسرة، هو رفض دراسة الأخطاء التي تورط فيها بعضنا، ولحقت بنا من جرائها خسائر فادحة.. الأخطاء لا تخدش التقوى والقيادات العظيمة ليست معصومة ولا يهز مكانتها أن تجيء النتائج عكس تقديراتها.. إنما الذي يطيح بالمكانة هو تجاهل الخطأ ونقله من الأمس الى اليوم والى الغد… ” انتهى.

مشكلتنا الإدارية تتلخص في أننا لا نعترف بالخطأ، حتى لو ثبت الأمر علينا، وظهر أمر المتسبب في الخطأ.. بل يظل المرء منا يدافع عن نفسه ويحاول التنصل والتبرير إلى آخر نفس فيه، ويظل يجادل ويظل متنقلا في مواقع الدفاع من موقع التبرير إلى الجدال، ومن ثم إلى المراء حتى ينتهي به الأمر الى العناد!

السبب في ذلك يعود الى العقلية التي نحن عليها، والى التربية التي نشأنا عليها.. إذ لا يوجد في ثقافتنا المعاصرة قيمة السمو على النفس في مواقف الأخطاء.. وهذا ما يتطلب التغيير التدريجي حتى نجد ذاك المرء منا ينتقل من عقلية التبرير الى الدخول في منهج دراسة أسباب التقصير والاتصاف بروح الشجاعة التي تأبى الكذب وتتجه إلى الاعتراف بالخطأ، من باب فضيلة هذا العمل.

إن غياب تلك الروح من الأسباب الرئيسية لابتعاد التوفيق عن أعمالنا، وعدم الوصول إلى النجاح في الوقت المناسب وبالصورة المرغوبة.. قد تجد البعض يخلص في ترتيب وإصلاح ما لحق به الضرر في موقع العمل، بسبب أخطاء ماضية.. ولكن ذلك الإخلاص والحماسة نحو الإصلاح دون دراسة الأخطاء الماضية يمكن أن يؤدي الى تكرار الخطأ من جديد ولو بعد حين..

إن الاهتمام هنا لابد أن يكون مركزاً على الأعماق والوصول الى الجذور والأساسات، فإن الخلل في هذه المواضع كالسوس، ينخر فيها حتى مرحلة الخطر والانهيار، وإن التنبّه إلى تلك المواضع من شأنه تدارك الأمور وعلاجها، ومن ثم ضمان أمن الموقع واستمراريته.. ومن بعد الوصول الى الجذور وعلاج الآفات بها، يتم التحول إلى بعض الشكليات والمظاهر الخارجية، وهي التي نسميها اللمسات الأخيرة التي تعطي الموضوع كله رونقاً وبهاء..

إن السير عكس ذلك الطريق في العلاج، أشبه بمن يقاوم النهار الطالع، أو من يحاول إمساك الليل المدبر، وقد عرفنا بأن الإقرار بالخطأ، يزيل نصف الخطأ.. لكن كم منا من يدرك هذا؟ سؤال يحتاج إلى نقاش مستفيض..

اجمل ما قيل عن الاعتراف بالخطأ

  1. علينا أن نقدم الاعتذار بنية صادقة معترفين بالأذى الذي وقع على الآخر، كلنا نخطئ، ولكن حينما نخطئ، ونعرف خطأنا يجب علينا المسارعة بالاعتذار، فذلك دليل الشجاعة، والمحبة، والثقة بالنفس، وقوة الشخصية.
  2. نحن بحاجة كبيرة لنشر ثقافة الاعتذار في مجتمعنا، فحين نُربي أبناءنا، ونُعودهم على كلمات، ومفردات التواضع، والاعتذار، ومن ثمّ نعلمهم كيفية الاعتذار، فهذا بلا شك يستوجب منا الإشادة بتصرف الطفل أمام الآخرين، وتعزيز تلك الفضيلة فيه.
  3. الاعتذار روح قوية مفعمة بالحب، يبعثها القلب الذي اهتم، وعرف قدر الآخر.
  4. ثقافة الاعتراف، والاعتذار ما هي إلا قوة واعتراف بحبك للطرف الآخر.
  5. إن الاعتذارات التي يقدمها أصحابها التي تجمع العاطفة الصادقة، وتخرج من القلب بكل إخلاص هي وحدها من تستحق القبول.
  6. الاعتذار أسمى مكارم الأخلاق.
  7. كان يحب أن يُريها لوحات جميلة، أفلاماً جميلة، وأشياء جميلة، وكان ذلك بمثابة الاعتذار.

الاعتراف بالخطأ تويتر

لمتابعة القراءة اضغط هنا

السابق
فن تبرير الخطأ
التالي
ما هو فن الاعتراض

اترك تعليقاً