الطبيعة

تأثيرات التغير المناخي على البيئة

تأثيرات التغير المناخي على البيئة

يتسبب التغير المناخي في زيادة في الظواهر المناخية الشديدة مثل موجات الحر والجفاف والفيضانات والأعاصير. وتشير اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC إلى أن عدد موجات الحر قد ازدادت منذ عام 1950، وأن عدد الليالي الحارة قد ارتفع في جميع أنحاء العالم.

عناصر المناخ والبيئة

عناصر المناخ يُعرف المناخ (بالإنجليزية: Climate) بأنه الظروف الجوية السائدة في منطقة معينة، على مدى فترة طويلة من الزمن، ويتحدد المناخ من خلال تأثير مجموع عناصر الغلاف الجوي والتغييرات الحاصلة فيها على المدى الطويل، أما الطقس (بالإنجليزية: Weather) فيتشكل من تأثير عناصر الغلاف الجوي خلال فترات زمنية قصيرة، وتشمل عناصر الغلاف الجوي هذه؛ الإشعاع الشمسي، ودرجة الحرارة، والرطوبة، والهطول، والضغط الجوي، والرياح. الإشعاع الشمسي يعتبر الإشعاع الشمسي (بالإنجليزية: Solar Radiation) أهم عنصر في المناخ، ويعرف بأنه الإشعاع أو الطاقة التي نحصل عليها من الشمس، ويأتي الإشعاع الشمسي بأشكال متعددة، مثل: الضوء المرئي، وموجات الراديو، والحرارة أو الأشعة تحت الحمراء، والأشعة السينية، والأشعة فوق البنفسجية، ويبدأ تأثير الإشعاع الشمسي على الطقس والمناخ أولاً عندما يقوم بتسخين سطح الأرض، والذي بدوره يسخن الهواء أعلاه، فتحدد درجة حرارة الهواء استقراره، كما يتسبب الإشعاع الشمسي بحدوث تبخر للمياه على سطح الأرض، مما يؤثر على تطور السحب وهطور الأمطار، وتختلف كمية الإشعاع الشمسي التي تصل إلى المناطق المختلفة على سطح الأرض، بحيث يعتمد ذلك على الموقع الجغرافي للمنطقة، والوقت خلال اليوم، والموسم، والطقس المحلي، وتضاريس المنطقة وما تحتويه من عناصر طبيعية، وينتج عن التسخين غير المتكافئ لسطح الأرض اختلافات في ضغط الهواء والذي بدوره ينتج الرياح. ويعتمد مناخ الأرض على التوازن الدقيق بين الإشعاع الشمسي الذي يصل إليها، والإشعاع الحراري الصادر منها، بالإضافة إلى مكونات الغلاف الجوي للأرض، حيث أن حوالي 30% من الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض تنعكس عنها، حيث تؤدي الغيوم والرذاذ الجوي دوراً في تحويل مسار الأشعة القادمة، وكذلك يؤثر ما على سطح الأرض من ثلج وجليد ورمال وأسطح المحيطات، وحتى أسطح المنازل، في كمية الإشعاع الذي تتلقاه الأرض، أما حوالي 70% المتبقية من الطاقة الشمسية، فيتم امتصاصها عن طريق الأرض والمحيطات والغلاف الجوي. درجات الحرارة تؤثر درجة الحرارة على كل تفاصيل حياة الإنسان اليومية وأنشطته المختلفة، من تحديد نوع الملابس إلى اختيار نوع الطعام، وحتى اختيار وسيلة التنقل، وتحظى التغيرات في درجة الحرارة على مستوى العالم باهتمام العلماء وصانعي القرار لما له من أثر على تغيير أنماط المناخ، وتأثيرها على بقية عناصر المناخ الأخرى، فالانخفاض الحاد في متوسط درجات الحرارة يمكن أن يؤدي إلى تغيير في أنماط الهطول وتقليل كمية الأمطار، والذي بدوره يؤثر على إنتاج المحاصيل الزراعية سلباً، وقد ينتج عن الارتفاع في درجات الحرارة آثاراً أكثر تدميراً، مثل ذوبان الثلوج الذي يتسبب في ارتفاع مستويات سطح البحر بشكل خطير، كما يمكن أن ينتج من ارتفاع درجات الحرارة سلسلة من التغيرات حول العالم، ذلك لأن زيادة درجة حرارة الهواء تؤثر على أنماط الطقس، وعلى المحيطات، وكمية الثلج والجليد، بل وحتى على النباتات والحيوانات. الرطوبة يشير مصطلح الرطوبة (بالإنجليزية: Humidity) إلى كمية بخار الماء الموجودة في الهواء، وتؤدي الرطوبة دوراً مهماً في تحديد المناخ، إلا أنه لا يعد دوراً رئيسياً، نظراً لكون الطاقة الشمسية هي المحرك الرئيسي للطقس على الأرض، فقد تختلف المواقع التي تقع على نفس خط العرض في مناخها، رغم تعرضها لكمية متماثلة من الإشعاع الشمسي، ويظهر ذلك الاختلاف في متوسط درجة الحرارة، فعلى سبيل المثال، يقع جبل إفرست والصحراء الكبرى على نفس خط العرض لكن الفرق بين مناخيهما كبير جداً، ويعود هذا الاختلاف بنسبة كبيرة إلى فرق الارتفاع لكن حتى المناطق ذات الارتفاع المتقارب والموقع المتشابه على خط العرض قد يختلف مناخها، ويعود هذا الاختلاف في المناخ إلى الرطوبة. وتخففّ الرطوبة من التقلبات في درجات الحرارة، لأن الماء يحمل حرارة كامنة، فعندما يبرد الهواء ليلاً في المناطق الرطبة، يتكثف بخار الماء الموجود في الهواء ويطلق حرارته الكامنة في الجو، فيؤدي ذلك إلى تسخين الهواء حتى مع غياب الشمس، ويحدث عكس ذلك خلال النهار، فعندما تشرق الشمس تعمل أشعتها على تسخين الهواء، فيتحول الماء إلى بخار، ومع هذا التبخر يمتص الماء طاقة إضافية كانت ستستخدم في تسخين الأرض والهواء، وبالتالي لا ترتفع درجة الحرارة بسرعة كما يحدث مثلا في المناطق الرطبة مثل مدينة شيكاغو الأمريكية الواقعة على ضفاف بحيرة ميشيغان، والتي لا تشهد تفاوتاً كبيراً في درجات الحرارة بين اليوم والليلة، على عكس المدن الجافة مثل مدينة فينيكس الأمريكية في وسط الصحراء الجافة. الهطول يعد الهطول (بالإنجليزية: Precipitation) جزءاً من التبادل المستمر للمياه بين الغلاف الجوي وسطح الأرض، وهو أحد العمليات الثلاثة المكونة للدورة المائية الطبيعية على الأرض مع عمليتي التبخر والتكاثف، حيث يتبخر الماء من المحيطات، واليابسة، والمياه العذبة السطحية، وينتقل هذا البخار عالياً بواسطة التيارات الهوائية، ليتكثف بعد أن يبرد مشكلاً الغيوم، فيعود إلى سطح الأرض على شكل هطول، ويشمل الهطول تساقط الماء بأشكاله الثلاثة من الغلاف الجوي إلى سطح الأرض، وهي الثلج، والبرد، والمطر، وحتى الضباب. ويعد الهطول جزءاً مهماً من المناخ، حيث تؤثر التغيرات في كمية الهطول على حياة الإنسان بعدة طرق، فالكثير من الأنشطة البشرية اليومية، والأعمال، والصناعة، والزراعة، والبيئة، تتطلب الكثير من المياه التي يعد الهطول مصدراً لها، فقلة الهطول يؤدي إلى جفاف التربة، وضعف في جريان الجداول المائية، ونقص إمدادات المياه، ومع ذلك فقد يكون لكثرة الهطول تأثيراً سلبياً، فقد تؤدي كثرة الأمطار وذوبان الثلوج إلى حدوث فيضانات، مما يعرّض الكائنات الحية والمحاصيل الزراعية للغرق، ويمكن أن تجرف الفيضانات المنازل والمنشآت وتجرد الأراضي. الضغط الجوي يعرف الضغط الجوي (بالإنجليزية: Atmospheric pressure) بأنه وزن الهواء أو القوة التي يؤثر بها الهواء على سطح الأرض بفعل الجاذبية الأرضية، ويعتبر مؤشراً على الطقس، فهو يحدد أنماط الطقس المحتمل حدوثها، فعندما تتأثر منطقة ما بضغط جوي منخفض تتعرض لرياح وهطول للأمطار، أما المنطقة المتأثرة بضغط جوي مرتفع فتشهد طقساً دافئاً وهادئاً. وفيما يأتي دور الضغط الجوي في تشكيل المناخ عند الضغط المنخفض، والضغط المرتفع: أنظمة الضغط المنخفض (Low-Pressure Systems): نظام الضغط الجوي المنخفض أو منطقة الضغط الجوي المنخفض، هي المنطقة التي يكون فيها الضغط الجوي فيها أقل من المنطقة المحيطة بها، وعادة ما ترتبط الانخفاضات الجوية بالرياح العاتية، والسحب والأمطار، واضطرابات أخرى في الطقس، مثل العواصف الاستوائية والأعاصير، ومن مميزات المناطق الأكثر عرضة للمنخفضات الجوية عدم تباين درجات الحرارة اليومية فيها بشكل كبير، كما لا تتعرض للاختلافات الموسمية الكبيرة في درجات الحرارة، فالغيوم تعكس الإشعاع الشمسي الوارد إلى الغلاف الجوي، وفي الليل تعمل هذه الغيوم كعازل يحبس الحرارة في الأسفل. أنظمة الضغط المرتفع (High-Pressure Systems): في منطقة الضغط المرتفع يكون الضغط الجوي أعلى من ضغط المنطقة المحيطة، وتتحرك أنظمة الضغط المرتفع في اتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي، وعكس عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي، وذلك بسبب تأثير كوريوليس (Coriolis Effect)، وتحدث مناطق الضغط المرتفع عادة بسبب هبوط الهواء، أي أن الهواء عندما يبرد في الأعلى يصبح أكثر كثافة فيهبط نحو الأرض، فيزداد الضغط بسبب زيادة كمية الهواء التي تملأ المساحة، كما أن هبوط الهواء يؤدي إلى تبخر معظم الماء في الغلاف الجوي، لذلك ترتبط أنظمة الضغط العالي عادةً بالسماء الصافية والطقس الهادئ، وبسبب عدم وجود السحب في المناطق المعرضة للضعط المرتفع، فهي تتميز بتباين كبير في درجات الحرارة اليومية والموسمية، نظراً لعدم وجود الغيوم تمنع الإشعاع الشمسي الوارد، أو تحجز الإشعاع الحراري الصادرة من الأرض في الليل. الرياح تؤدي الرياح دوراً مهماً في تحديد المناخ والطقس والتحكم فيهما، وتُعرف الرياح (بالإنجليزية: Wind) في علم المناخ بأنها حركة الهواء فوق سطح الأرض، وتحدث الرياح نتيجةً لاختلاف درجة حرارة الهواء بسبب تسخين الشمس غير المتساوي لسطح الأرض، ويتحرك الهواء فوق قطاعات كبيرة من سطح الأرض على شكل تيارات هوائية، وتسمى التيارات الهوائية التي تهب في اتجاه واحد وتسود في اتجاه حركتها بالرياح السائدة (بالإنجليزية: Prevailing winds)، وتؤثر الرياح السائدة في المناخ، فالرياح الدافئة على سبيل المثال، التي تنتقل فوق الماء تجمع الرطوبة أثناء حركتها، ثم يتكثف بخار الماء الموجود في الهواء عند انتقاله إلى مناخات أكثر برودة، لذلك غالباً ما تشهد المناطق الساحلية المعتدلة هطولاً غزيراً للأمطار.

آثار تغير المناخ على الإنسان

يحدث التغير المناخي على فترات زمنية طويلة الأمد في منطقة معينة أو في الكرة الأرضية بأكملها، والذي يحدث بسبب التغير في درجات الحرارة وحالات الطقس، ويختلف المناخ عن الطقس بأنه يحدث على فترات زمنية طويلة بينما يعبر الطقس عن حالات التقلب اليومية أو السنوية، وبحسب اختلاف المنطقة يختلف المناخ أيضًا، فمثلًا المناطق الصحراوية يكون المناخ فيها جاف على مدار السنة لأنها مناطق قاحلة، وأما المناطق الاستوائية يكون المناخ فيها دافئ في الصيف وبارد في الشتاء. ويُصعّب التغير المناخي عمليات التنبؤ بحالة الطقس ودرجات الحرارة، ففي المناطق القاحلة قد يكون متوسط درجة الحرارة أعلى وموجات الجفاف أكثر حدة، وأما في المناطق المعتدلة تكون كمية هطول الأمطار كبيرةً في عام، وتكون قليلة جدًا في العام الذي يليه، مما يؤثر على المزارعين ويحدث أضرارًا لهم بسبب عدم إمكانية التنبؤ بحالات الطقس هذه، ونتيجةً للاحتباس الحراري فإن العالم بأكمله في حالة تقلب وتغير في المناخ، بحيث يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على المناطق القطبية بسرعة مما أدى إلى ذوبان الصفائح والأنهار الجليدية، الأمر الذي ساهم في ارتفاع منسوب المياه في البحر، وبالتالي حدوث أضرار بالمنشآت الساحلية نتيجة للفيضانات المتزايدة، لذلك فإن تأثير التغيرات المناخية على البشر حاصل لا محالة. تأثير التغيرات المناخية على البشر يحدث تأثير التغيرات المناخية على البشر بشكل مباشر أو غير مباشر، حتى أنه من المحتمل أن تؤدي هذه التغيرات إلى موت الأفراد، ويكون التأثير المباشر بسبب الإجهاد الحراري أو بسبب الفيضانات والعواصف، بينما يكون تأثير التغيرات المناخية على البشر بشكل غير مباشر بسبب تدني نوعية المياه أو نوعية الهواء أو توافر الغذاء وجودته أو زعزعة استقرار النظام الطبيعي، كما قد يكون التأثير غير المباشر بسبب الحشرات أو أي نوع من نواقل الأمراض المختلفة، إذ إنها تقوم بنقل الأمراض المعدية من منطقة إلى أخرى، وتكون هذه التأثيرات شديدة على البشر في كل من الظروف الاجتماعية والإقتصادية والبيئية المحلية، وهنالك أخرى لتأثير التغيرات المناخية على البشر، وهي كالآتي: انقطاع التيار الكهربائي في حالات الحر أو البرد الشديد، مما يؤدي إلى تعطيل المستشفيات وحركات النقل. انخفاض في إنتاج المحاصيل مما قد يؤدي إلى سوء التغذية وارتفاع أسعار المواد الغذائية. ازدياد حالات الإصابة بضربات الشمس. ارتفاع عدد الإصابات بمرض لايم، بسبب ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، التي تزيد من تكاثر القراد وانتشاره، إذ يساهم القراد في انتقال مرض لايم. الإصابة بمشاكل نفسية كالقلق والاكتئاب وحتى محاولات الانتحار. ازدياد مدة مواسم الحساسية بسبب زيادة الأمطار. ارتفاع منسوب مياه البحر مما يهدد توفر المياه العذبة. تأثير التغيرات المناخية على الأرض إن التغيرات المناخية تؤثر على جميع مناطق الكرة الأرضية من القطب الشمالي إلى الجنوبي، حيث يحدث تأثير التغيرات المناخية على البشر وعلى الأرض كاملةً، بحيث ازداد متوسط درجات الحرارة بمقدار 0.9 درجة مئوية منذ عام 1906 إلى الوقت الحالي، والتي تُنبّؤ بما هو أسوء في المستقبل، وفيما يلي بعض آثار التغيرات المناخية على الأرض: ذوبان الجليد: إذ إن التغيرات المناخية تؤثر على المناطق الجليدية في جميع أنحاء العالم وخاصة في الأقطاب. ارتفاع مستوى مياه البحر: ويحدث هذا بسبب ذوبان الأنهار والألواح الجليدية، وفي السنوات الأخيرة أصبح هذا الارتفاع في مستوى سطح البحر ملحوظ بشكل كبير ويحدث بسرعة أكبر، إذ إنه من المتوقع أن ترتفع مستويات سطح البحر من (26 إلى 82) سنتيمترًا بحلول نهاية القرن. هجرة الحيوانات: مع التغير في درجات الحرارة تبدأ بعض أنواع الحيوانات بالبحث عن مناطق ذات بيئة تناسب معيشتها فتبدأ بالهجرة. الجفاف: إذ تعاني بعض المناطق من جفاف شديد بسبب قلة هطول الأمطار فيها، مما يؤدي إلى حرائق الغابات، وفقدان المحاصيل، ونقص مياه الشرب العذبة، إذ إن الأنهار الجليدية توفر ثلاث أرباع المياه العذبة في العالم وبسبب تأثيرات المناخ على الأرض سوف تبدأ هذه الكمية بالانهدار تدريجيًا. الأعاصير والعواصف: فمن المحتمل أن تصبح الأعاصير والعواصف أقوى في السنوات القادمة وتصبح الفيضانات أكثر شيوعًا. انقراض بعض أنواع الكائنات الحية: قد تؤدي هذه التغيرات إلى انقراض أنواع من الحيوانات بسبب عدم قدرتها على التكيف كالدببة القطبية. الاحترار العالمي من المعروف أن الكرة الأرضية مرت بتغيرات مناخية كبيرة منذ بداية العصر الجيولوجي، وقد بدأ هذه التغيرات بالازدياد منذ بداية الثورة الصناعية بسبب النشاط البشري الكبير، والذي أدى إلى ظهور مفهوم الاحترار العالمي، والذي يعبر عن الزيادة التي تطرأ على متوسط درجة حرارة الهواء بالقرب من سطح الأرض، وأشارت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 2018 أن الأنشطة البشرية كانت مسؤولة عن زيادة متوسط درجة الحرارة ما بين 0.8 و1.2 درجة مئوية بسبب ظاهرة الاحترار العالمي، وإذا استمر متوسط درجة الحرارة العالمية بالارتفاع بأكثر من درجتين مئويتين فسوف تنتج عواقب اجتماعية واقتصادية وبيئية كبيرة بسبب تأثير التغيرات المناخية على البشر، وفيما يلي أهم أسباب الاحترار العالمي: غازات الدفيئة. القوى الإشعاعية. الأنشطة البشرية الباعثة لغازات الدفيئة. الهباء الجوي. التغير في طرق استخدام الأراضي. استنفاذ طبقة الأوزون. التأثيرات الطبيعية والتي تشمل انبعاثات البراكين والتغيرات الشمسية والتغير في مدار الأرض.

المناخ والبيئة

يشكل تغير المناخ تهديداً مباشراً لقدرة الطفل على البقاء والنماء والازدهار.

وقد أخذت الظواهر الجوية القصوى، من قبيل الأعاصير وموجات الحر، تتزايد في تواترها وشدتها، وهي تهدد حياة الأطفال وتدمر الهياكل الأساسية الحيوية لعافيتهم. كما تتسبب الفيضانات بإضعاف مرافق المياه والصرف الصحي، مما يقود إلى انتشار أمراض من قبيل الكوليرا، وهي تمثل خطراً داهماً على الأطفال بصفة خاصة.

الأطفال هم الفئة الأقل مسؤولية عن تغير المناخ، إلا أنهم يتحملون العبء الأكبر لتأثيراته.

ويؤدي الجفاف والتغيّر العالمي في نسق سقوط الأمطار إلى فشل المحاصيل وزيادة أسعار الأغذية، مما يعني انعدام الأمن الغذائي والحرمان من الأغذية للفقراء، وهذا قد يؤدي إلى تأثيرات تمتد مدى الحياة، إضافة إلى تدمير سبل العيش، وزيادة الهجرة والنزاعات، وكبح الفرص للأطفال واليافعين.

الأطفال هم الأكثر عرضة للأمراض التي ستزداد انتشاراً نتيجةً لتغير المناخ، من قبيل الملاريا وحمى الضنك. ويتحمل الأطفال دون سن الخامسة قرابة 90 في المئة من عبء الأمراض التي يمكن عزوها إلى تغير المناخ.

إن مسببات تلوث الهواء هي نفسها ما يتسبب بتغير المناخ. ويعيش حوالي مليوني طفل في مناطق تتجاوز فيها مستويات تلوث الهواء المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية – مما يجبرهم على تنفس هواء سامّ ويعرّض صحتهم وتطور أدمغتهم للخطر. ويتوفى أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخامسة سنوياً من جراء أسباب متعلقة بتلوث الهواء. وسيعاني عدد أكبر منهم من أضرار دائمة تلحق بنماء أدمغتهم ورئاتهم.

ويظل مرض التهاب الرئة من الأمراض المعدية الرئيسية المسببة للوفاة بين الأطفال دون سن الخامسة، إذ يودي بحياة ما يصل إلى 2,400 طفل يومياً. وترتبط وفيات الأطفال الناجمة عن التهاب الرئة ارتباطاً قوياً بنقص التغذية، ونقص المياه المأمونة والصرف الصحي، وتلوث الهواء في داخل البيوت، ونقص إمكانية الحصول على الرعاية الصحية – وجميع هذه التحديات تتفاقم من جراء تغير المناخ.

هذه هي المرة الأولى التي سينشأ فيها جيل عالمي من الأطفال في عالم أكثر خطورة بكثير وأقل يقيناً، وذلك نتيجة لتغير المناخ والتدهور البيئي.

ويواجه الأطفال المستضعفون أصلاً خطراً أكبر، إذ تواجه الأسر الأشد فقراً صعوبة أكبر في تحمل الصدمات. وقد أخذ الأطفال الأشد ضعفاً يخسرون منازلهم وصحتهم وتعليمهم. وبما أن تغير المناخ يجعل الأزمات أكثر شيوعاً، فإن ذلك يجعل التعافي منها أكثر صعوبة.

ويفتقر قرابة 785 مليون شخص إلى خدمات المياه الأساسية. وبحلول عام 2040، من المتوقع أن يعيش 600 مليون طفل في مناطق يتجاوز الطلب على المياه فيها كمية الموارد المتوفرة.

ومن دون القيام بإجراءت حالياً، سيؤدي تغير المناخ إلى تفاقم انعدام المساواة التي يواجهها الأطفال أصلاً، وستعاني أجيال المستقبل.

ثمة أدلة قوية ومتزايدة بخصوص تأثير تغير المناخ وتلوث الهواء على الأطفال، وقد بدأ الوقت ينفَد سريعاً للقيام بما يلزم لمواجهة ذلك.

ووفقاً لآخر الأبحاث من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أمامنا أقل من 11 سنة لإجراء التحوّل الضروري لتجنب أسوأ تأثيرات تغير المناخ. ويلزم تخفيض مستوى ثاني أكسيد الكربون في الجو بمقدار 45 في المئة بحلول عام 2030 لمنع تجاوز الاحترار العالمي 1.5 درجة مئوية — وبمعنى آخر، العتبة التي يمكننا تجنب أسوأ تأثيرات تغير المناخ إذا لم نتجاوزها.

وهذه هي المرة الأولى التي سينشأ فيها جيل عالمي من الأطفال في عالم أكثر خطورة بكثير وأقل يقيناً، وذلك نتيجة لتغير المناخ والتدهور البيئي. إن التصدي لتغير المناخ والحد من تأثيراته هما أمران ضروريان لحماية أطفال العالم وإعمال حقوقهم.

عناصر المناخ واثرها على البيئة

عناصر المناخ يُعرف المناخ (بالإنجليزية: Climate) بأنه الظروف الجوية السائدة في منطقة معينة، على مدى فترة طويلة من الزمن، ويتحدد المناخ من خلال تأثير مجموع عناصر الغلاف الجوي والتغييرات الحاصلة فيها على المدى الطويل، أما الطقس (بالإنجليزية: Weather) فيتشكل من تأثير عناصر الغلاف الجوي خلال فترات زمنية قصيرة، وتشمل عناصر الغلاف الجوي هذه؛ الإشعاع الشمسي، ودرجة الحرارة، والرطوبة، والهطول، والضغط الجوي، والرياح. الإشعاع الشمسي يعتبر الإشعاع الشمسي (بالإنجليزية: Solar Radiation) أهم عنصر في المناخ، ويعرف بأنه الإشعاع أو الطاقة التي نحصل عليها من الشمس، ويأتي الإشعاع الشمسي بأشكال متعددة، مثل: الضوء المرئي، وموجات الراديو، والحرارة أو الأشعة تحت الحمراء، والأشعة السينية، والأشعة فوق البنفسجية، ويبدأ تأثير الإشعاع الشمسي على الطقس والمناخ أولاً عندما يقوم بتسخين سطح الأرض، والذي بدوره يسخن الهواء أعلاه، فتحدد درجة حرارة الهواء استقراره، كما يتسبب الإشعاع الشمسي بحدوث تبخر للمياه على سطح الأرض، مما يؤثر على تطور السحب وهطور الأمطار، وتختلف كمية الإشعاع الشمسي التي تصل إلى المناطق المختلفة على سطح الأرض، بحيث يعتمد ذلك على الموقع الجغرافي للمنطقة، والوقت خلال اليوم، والموسم، والطقس المحلي، وتضاريس المنطقة وما تحتويه من عناصر طبيعية، وينتج عن التسخين غير المتكافئ لسطح الأرض اختلافات في ضغط الهواء والذي بدوره ينتج الرياح. ويعتمد مناخ الأرض على التوازن الدقيق بين الإشعاع الشمسي الذي يصل إليها، والإشعاع الحراري الصادر منها، بالإضافة إلى مكونات الغلاف الجوي للأرض، حيث أن حوالي 30% من الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض تنعكس عنها، حيث تؤدي الغيوم والرذاذ الجوي دوراً في تحويل مسار الأشعة القادمة، وكذلك يؤثر ما على سطح الأرض من ثلج وجليد ورمال وأسطح المحيطات، وحتى أسطح المنازل، في كمية الإشعاع الذي تتلقاه الأرض، أما حوالي 70% المتبقية من الطاقة الشمسية، فيتم امتصاصها عن طريق الأرض والمحيطات والغلاف الجوي. درجات الحرارة تؤثر درجة الحرارة على كل تفاصيل حياة الإنسان اليومية وأنشطته المختلفة، من تحديد نوع الملابس إلى اختيار نوع الطعام، وحتى اختيار وسيلة التنقل، وتحظى التغيرات في درجة الحرارة على مستوى العالم باهتمام العلماء وصانعي القرار لما له من أثر على تغيير أنماط المناخ، وتأثيرها على بقية عناصر المناخ الأخرى، فالانخفاض الحاد في متوسط درجات الحرارة يمكن أن يؤدي إلى تغيير في أنماط الهطول وتقليل كمية الأمطار، والذي بدوره يؤثر على إنتاج المحاصيل الزراعية سلباً، وقد ينتج عن الارتفاع في درجات الحرارة آثاراً أكثر تدميراً، مثل ذوبان الثلوج الذي يتسبب في ارتفاع مستويات سطح البحر بشكل خطير، كما يمكن أن ينتج من ارتفاع درجات الحرارة سلسلة من التغيرات حول العالم، ذلك لأن زيادة درجة حرارة الهواء تؤثر على أنماط الطقس، وعلى المحيطات، وكمية الثلج والجليد، بل وحتى على النباتات والحيوانات. الرطوبة يشير مصطلح الرطوبة (بالإنجليزية: Humidity) إلى كمية بخار الماء الموجودة في الهواء، وتؤدي الرطوبة دوراً مهماً في تحديد المناخ، إلا أنه لا يعد دوراً رئيسياً، نظراً لكون الطاقة الشمسية هي المحرك الرئيسي للطقس على الأرض، فقد تختلف المواقع التي تقع على نفس خط العرض في مناخها، رغم تعرضها لكمية متماثلة من الإشعاع الشمسي، ويظهر ذلك الاختلاف في متوسط درجة الحرارة، فعلى سبيل المثال، يقع جبل إفرست والصحراء الكبرى على نفس خط العرض لكن الفرق بين مناخيهما كبير جداً، ويعود هذا الاختلاف بنسبة كبيرة إلى فرق الارتفاع لكن حتى المناطق ذات الارتفاع المتقارب والموقع المتشابه على خط العرض قد يختلف مناخها، ويعود هذا الاختلاف في المناخ إلى الرطوبة. وتخففّ الرطوبة من التقلبات في درجات الحرارة، لأن الماء يحمل حرارة كامنة، فعندما يبرد الهواء ليلاً في المناطق الرطبة، يتكثف بخار الماء الموجود في الهواء ويطلق حرارته الكامنة في الجو، فيؤدي ذلك إلى تسخين الهواء حتى مع غياب الشمس، ويحدث عكس ذلك خلال النهار، فعندما تشرق الشمس تعمل أشعتها على تسخين الهواء، فيتحول الماء إلى بخار، ومع هذا التبخر يمتص الماء طاقة إضافية كانت ستستخدم في تسخين الأرض والهواء، وبالتالي لا ترتفع درجة الحرارة بسرعة كما يحدث مثلا في المناطق الرطبة مثل مدينة شيكاغو الأمريكية الواقعة على ضفاف بحيرة ميشيغان، والتي لا تشهد تفاوتاً كبيراً في درجات الحرارة بين اليوم والليلة، على عكس المدن الجافة مثل مدينة فينيكس الأمريكية في وسط الصحراء الجافة. الهطول يعد الهطول (بالإنجليزية: Precipitation) جزءاً من التبادل المستمر للمياه بين الغلاف الجوي وسطح الأرض، وهو أحد العمليات الثلاثة المكونة للدورة المائية الطبيعية على الأرض مع عمليتي التبخر والتكاثف، حيث يتبخر الماء من المحيطات، واليابسة، والمياه العذبة السطحية، وينتقل هذا البخار عالياً بواسطة التيارات الهوائية، ليتكثف بعد أن يبرد مشكلاً الغيوم، فيعود إلى سطح الأرض على شكل هطول، ويشمل الهطول تساقط الماء بأشكاله الثلاثة من الغلاف الجوي إلى سطح الأرض، وهي الثلج، والبرد، والمطر، وحتى الضباب. ويعد الهطول جزءاً مهماً من المناخ، حيث تؤثر التغيرات في كمية الهطول على حياة الإنسان بعدة طرق، فالكثير من الأنشطة البشرية اليومية، والأعمال، والصناعة، والزراعة، والبيئة، تتطلب الكثير من المياه التي يعد الهطول مصدراً لها، فقلة الهطول يؤدي إلى جفاف التربة، وضعف في جريان الجداول المائية، ونقص إمدادات المياه، ومع ذلك فقد يكون لكثرة الهطول تأثيراً سلبياً، فقد تؤدي كثرة الأمطار وذوبان الثلوج إلى حدوث فيضانات، مما يعرّض الكائنات الحية والمحاصيل الزراعية للغرق، ويمكن أن تجرف الفيضانات المنازل والمنشآت وتجرد الأراضي. الضغط الجوي يعرف الضغط الجوي (بالإنجليزية: Atmospheric pressure) بأنه وزن الهواء أو القوة التي يؤثر بها الهواء على سطح الأرض بفعل الجاذبية الأرضية، ويعتبر مؤشراً على الطقس، فهو يحدد أنماط الطقس المحتمل حدوثها، فعندما تتأثر منطقة ما بضغط جوي منخفض تتعرض لرياح وهطول للأمطار، أما المنطقة المتأثرة بضغط جوي مرتفع فتشهد طقساً دافئاً وهادئاً. وفيما يأتي دور الضغط الجوي في تشكيل المناخ عند الضغط المنخفض، والضغط المرتفع: أنظمة الضغط المنخفض (Low-Pressure Systems): نظام الضغط الجوي المنخفض أو منطقة الضغط الجوي المنخفض، هي المنطقة التي يكون فيها الضغط الجوي فيها أقل من المنطقة المحيطة بها، وعادة ما ترتبط الانخفاضات الجوية بالرياح العاتية، والسحب والأمطار، واضطرابات أخرى في الطقس، مثل العواصف الاستوائية والأعاصير، ومن مميزات المناطق الأكثر عرضة للمنخفضات الجوية عدم تباين درجات الحرارة اليومية فيها بشكل كبير، كما لا تتعرض للاختلافات الموسمية الكبيرة في درجات الحرارة، فالغيوم تعكس الإشعاع الشمسي الوارد إلى الغلاف الجوي، وفي الليل تعمل هذه الغيوم كعازل يحبس الحرارة في الأسفل. أنظمة الضغط المرتفع (High-Pressure Systems): في منطقة الضغط المرتفع يكون الضغط الجوي أعلى من ضغط المنطقة المحيطة، وتتحرك أنظمة الضغط المرتفع في اتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي، وعكس عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي، وذلك بسبب تأثير كوريوليس (Coriolis Effect)، وتحدث مناطق الضغط المرتفع عادة بسبب هبوط الهواء، أي أن الهواء عندما يبرد في الأعلى يصبح أكثر كثافة فيهبط نحو الأرض، فيزداد الضغط بسبب زيادة كمية الهواء التي تملأ المساحة، كما أن هبوط الهواء يؤدي إلى تبخر معظم الماء في الغلاف الجوي، لذلك ترتبط أنظمة الضغط العالي عادةً بالسماء الصافية والطقس الهادئ، وبسبب عدم وجود السحب في المناطق المعرضة للضعط المرتفع، فهي تتميز بتباين كبير في درجات الحرارة اليومية والموسمية، نظراً لعدم وجود الغيوم تمنع الإشعاع الشمسي الوارد، أو تحجز الإشعاع الحراري الصادرة من الأرض في الليل. الرياح تؤدي الرياح دوراً مهماً في تحديد المناخ والطقس والتحكم فيهما، وتُعرف الرياح (بالإنجليزية: Wind) في علم المناخ بأنها حركة الهواء فوق سطح الأرض، وتحدث الرياح نتيجةً لاختلاف درجة حرارة الهواء بسبب تسخين الشمس غير المتساوي لسطح الأرض، ويتحرك الهواء فوق قطاعات كبيرة من سطح الأرض على شكل تيارات هوائية، وتسمى التيارات الهوائية التي تهب في اتجاه واحد وتسود في اتجاه حركتها بالرياح السائدة (بالإنجليزية: Prevailing winds)، وتؤثر الرياح السائدة في المناخ، فالرياح الدافئة على سبيل المثال، التي تنتقل فوق الماء تجمع الرطوبة أثناء حركتها، ثم يتكثف بخار الماء الموجود في الهواء عند انتقاله إلى مناخات أكثر برودة، لذلك غالباً ما تشهد المناطق الساحلية المعتدلة هطولاً غزيراً للأمطار.

إن ثوران البراكين والزلازل والعواصف الترابية والنيازك التي تصطدم بقشرة الأرض هي ظواهر طبيعية يمكن أن تتسبب في تغير المناخ وتلوث الهواء: ربما تكون الديناصورات قد لقت حتفها بعد أن ارتطمت نيازك عملاقة بالكثير من الغبار لدرجة أنها منعت الشمس لعقود من الزمن، والحد من التمثيل الضوئي ومنع نمو النباتات.

إضافة إلى هذه التهديدات المحتملة، ساهمنا أيضًا في تلوث الهواء والاحتباس الحراري من خلال أساليب حياتنا الكثيفة الاستخدام للموارد. فنحن ننتج ونستهلك أكثر من أي وقت مضى، ونحن ننتج المزيد من غازات الدفيئة كنتيجة لذلك، وكذلك ملوثات الهواء في شكل مواد كيميائية وجسيمات، بما في ذلك “الكربون الأسود”.

وعلى الرغم من أنه قد يبدو أن هناك مسألتين مختلفتين للغاية، إلا أن تغير المناخ وتلوث الهواء مرتبطان ارتباطًا وثيقًا ، لذا فمن خلال الحد من تلوث الهواء، فإننا نحمي أيضًا المناخ. وتشتمل ملوثات الهواء على أكثر من مجرد غازات الدفيئة – بشكل رئيسي على ثاني أكسيد الكربون ولكن أيضًا الميثان وأكسيد النيتروز وغيرها – ولكن هناك تداخل كبير: غالباً ما يتفاعل الاثنان مع بعضهما البعض.

على سبيل المثال، يتم توزيع تلوث الهواء على شكل جسيمات من محركات الديزل حول العالم، وينتهي به الأمر في الأماكن النائية، بما في ذلك المناطق القطبية. وعندما تهبط على الجليد والثلوج، فإنها تجعل لونها غامق قليلاً، مما يؤدي إلى انعكاس ضوء الشمس مرة أخرى في الفضاء، والمساهمة في ظاهرة الاحتباس الحراري. وتشجع درجات الحرارة الأكثر دفئًا بعض الشيء النباتات في منطقة شبه القطب الشمالي على النمو أكبر قليلاً، ومع نموها خلال الثلوج يلقي بظلالها، والتي، عندما تتضاعف على ملايين النباتات الصغيرة، لها تأثير التعتيم على سطح الأرض، مما يؤدي إلى مزيد من الاحترار.

والخبر السار هو أن التغييرات الفورية في مستويات تلوث الهواء لها أيضًا تأثيرات فورية. ويمكن أن يقلل الإجراء السريع بشأن الحد من الملوثات المناخية شديدة الفعالية والقصيرة العمر – مثل الميثان والأوزون التروبوسفيري ومركبات الكربون الهيدروفلورية والكربون الأسود – بشكل كبير من فرص إطلاق نقاط تحول مناخية خطيرة، مثل الإطلاق غير القابل للانعكاس لثاني أكسيد الكربون والميثان من ذوبان الجليد في المنطقة القطبية الشمالية.

تأثير المناخ على الإنسان

لقد تسبب التغير المناخي في حدوث تغيرات خطيرة وربما تكون دائمة في حالة كوكبنا الجيولوجية والبيولوجية والنظم البيئية. إن اللجنة الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) تدعي الآن أن “هناك دليلًا جديدًا وأكثر قوة على أن معظم السخونة الملاحظة على مدار آخر 50 عامًا يمكن نسبتها إلى الأنشطة البشرية”. وقد أدت هذه التغيرات إلى حدوث الكثير من المخاطر البيئية تجاه صحة الإنسان، مثل نضوب طبقة الأوزون، فقدان التنوع الحيوي، الضغوط على الأنظمة المنتجة للغذاء وانتشار الأمراض المعدية بشكل عالمي. فقد قدرت منظمة الصحة العالمية (WHO) وقوع 160000 حالة وفاة منذ 1950 مرتبطة بصورة مباشرة بالتغيرات المناخية. والكثيرون يعتقدون أن هذه تقديرات محافظة. لقد أشار بحث أجري في معهد هوفر بواسطة الاقتصادي توماس مور (Thomas Moore) إلى أن الاحتباس الحراري العالمي سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات في الولايات المتحدة.

وإلى الآن يوجد مظهر مهمل من مظاهر مشكلة التغيرات المناخية؛ فقد تم إجراء قدر أقل من البحوث حول تأثيرات التغير المناخي على الصحة ووفرة الطعام والنمو الاقتصادي والهجرة والأمن والتغير الاجتماعي والمنافع العامةمثل مياه الشرب مقارنةً بتلك الأبحاث التي أجريت حول التغيرات الجيوفيزيائية المرتبطة بالاحتباس الحراري العالمي. إن تأثيرات البشر ربما تكون إيجابية وسلبية على حد سواء. فتغيرات المناخ في إقليم سيبيريا على سبيل المثال يتوقع أن تحسن من إنتاج الطعام وأنشطة الاقتصاد المحلي، وذلك على المدى القصير إلى المتوسط على الأقل. ولكن العديد من الدراسات أشارت إلى أن الآثار الحالية والمستقبيلة للتغير المناخي على الإنسان والمجتمع سلبية وستظل سلبية بصورة سائدة.

فغالبية الآثار العكسية للتغير المناخي تعاني منها المجتمعات الفقيرة وذات الدخل المنخفض حول العالم، والتي تتميز بمستويات كبيرة من التعرض للعوامل البيئية المؤثرة المتمثلة في الصحة والثروة والعناصر الأخرى، بالإضافة إلى مستويات منخفضة من القدرة المتوفرة للتأقلم مع التغيرالمناخي. لقد أظهر أحد التقارير حول التأثير البشري على تغير المناخ والذي صدر عن المنتدى الإنساني العالمي عام 2009 يتضمن رسمًا حول العمل الذي تم من قبل منظمة الصحة العالمية في فترة مبكرة من ذلك العقد أن الدول النامية تعاني من 99% من الخسائر المنسوبة إلى التغير المناخي. ولقد أثار هذا أيضًا تساؤلاً حول العدالة المناخية حيث إن أكثر 50 دولة نامية حول العالم لا تعدّ مسؤولة عن أكثر من 1% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتي تتسب في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية.

وبسبب قلة الأبحاث التي أجريت حول التأثيرات البشرية على التغير المناخي وبسبب صعوبة التفرقة بين تأثير التغير المناخي والعناصر الأخرى المساهمة؛ فإن الإحصاءات التي ترتبط بالتأثيرات البشرية على التغير المناخي بها هوامش كبيرة من عدم الدقة. وعلى المستوى العالمي بوجه خاص، فإن كثيرًا من البيانات الإحصائية حول التأثير البشري على التغير المناخي يجب أن يعدّ مؤشرًا على القيمة الأسية للتأثير.

وبالرغم من أنه لم يكن هناك بحث (ومناقشة مرتبطة بالسياسة) حول تأثير الإنسان على التغير المناخي، إلا أن عددًا من المنظمات تبرز ملف هذه القضية من خلال تنظيم لقاءات عالية المستوى ونشر تقارير حول الموضوع. وهذه المنظمات تتضمن منظمة أوكسفام وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة و منظمة الصحة العالمية والمفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والمنتدى الإنساني العالمي ومؤسسة كير الدولية ومنظمة السلام الأخضر وشركة مابلكروفت والبنك الدولي والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

البيئة
يمكن للتغير المناخي التأثير بصورة مأساوية على تدمير البيئة؛ على سبيل المثال فإن الظروف الجدبة ربما تتسبب في انهيار الغابات المطيرة كما حدث في الماضي. التغير المناخي يتميز بنطاق واسع من المخاطر على صحة الأشخاص – وهي مخاطر سوف تزداد في العقود القادمة وغالبًا ستصل إلى مستويات خطيرة، في حالة استمرار تغير المناخ في مساره الحالي.[3] وتتضمن الفئات الثلاث الأساسية للمخاطر الصحية: (أ) التأثير المباشر (على سبيل المثال نتيجة لـالموجات الساخنة وتلوث الهواء على نطاق واسع والكوارث الجوية الطبيعية)، و(ب) التأثيرات التي تحدث نتيجة للتغيرات المناخية المتعلقة بالنظم والعلاقات البيئية (على سبيل المثال المحاصيل الزراعية والناموس وعلم البيئة والإنتاج البحري) و(ج) التوابع الأكثر انتشارًا (غير المباشرة) المرتبطة بالإفقار والنزوح والصراع على الموارد (على سبيل المثال المياه) ومشكلات الصحة العقلية التالية للكوارث.

وبناءً على ذلك فإن التغير المناخي يهدد بأن يقلل أو يعوق أو يعكس التقدم العالمي تجاه تقليل الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والوفيات الناتجة عن مرض الإسهال وانتشار غيره من الأمراض المعدية. ويعمل التغير المناخي بصورة سائدة من خلال زيادة حدة المشكلات الصحية الموجودة والهائلة غالبًا، خاصة بالمناطق الفقيرة من العالم. إن لحالات تنوع الثروات المعاصرة العديد من التاثيرات العكسية على صحة الأشخاص الفقراء بالدول النامية [9] وهذه التأثيرات من المحتمل أن “تتضاعف” هي الأخرى من خلال الضغوط الإضافية للتغير المناخي

الصحة
التغير المناخي يتميز بنطاق واسع من المخاطر على صحة الأشخاص – وهي مخاطر سوف تزداد في العقود القادمة وغالبًا ستصل إلى مستويات خطيرة، في حالة استمرار تغير المناخ في مساره الحالي. وتتضمن الفئات الثلاث الأساسية للمخاطر الصحية: (أ) التأثير المباشر (على سبيل المثال نتيجة لـالموجات الساخنة وتلوث الهواء على نطاق واسع والكوارث الجوية الطبيعية)، و(ب) التأثيرات التي تحدث نتيجة للتغيرات المناخية المتعلقة بالنظم والعلاقات البيئية (على سبيل المثال المحاصيل الزراعية والناموس وعلم البيئة والإنتاج البحري) و(ج) التوابع الأكثر انتشارًا (غير المباشرة) المرتبطة بالإفقار والنزوح والصراع على الموارد (على سبيل المثال المياه) ومشكلات الصحة العقلية التالية للكوارث.

وبناءً على ذلك فإن التغير المناخي يهدد بأن يقلل أو يعوق أو يعكس التقدم العالمي تجاه تقليل الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والوفيات الناتجة عن مرض الإسهال وانتشار غيره من الأمراض المعدية. ويعمل التغير المناخي بصورة سائدة من خلال زيادة حدة المشكلات الصحية الموجودة والهائلة غالبًا، خاصة بالمناطق الفقيرة من العالم. إن لحالات تنوع الثروات المعاصرة العديد من التاثيرات العكسية على صحة الأشخاص الفقراء بالدول النامية وهذه التأثيرات من المحتمل أن “تتضاعف” هي الأخرى من خلال الضغوط الإضافية للتغير المناخي.

ومن ثّم فإن المناخ المتغير يؤثر سلبًا على متطلبات صحة الأفراد: وهي الهواء والماء النقي والطعام الكافي والعوائق الطبيعية لعوامل العدوى المرضية والمأوى المناسب والآمن. فالمناخ الحار والمتغير يؤدي إلى مستويات مرتفعة من بعض ملوثات الهواء وزيادة تكرار الحوادث المرتبطة بالطقس المتطرف. حيث يزيد من معدلات ونطاقات نقل الأمراض المعدية من خلال الماء غير النظيف والطعام الملوث وبالتأثير في الكائنات ناقل (مثل الناموس) وفصائل المضيف المتوسط والمستودع التي تأوي العامل المعدي (مثل الماشية والخفافيش والقوارض). إن التغيرات التي تطرأ على درجات الحرارة وسقوط الأمطار الموسمية تعرض الإنتاج الزراعي في العديد من المناطق للخطر بما يتضمن بعضًا من البلدان الأقل تطورًا؛ وذلك يشكل مخاطر على حياة الأطفال ونموهم والصحة العامة والقدرة الوظيفية للبالغين. ومع استمرار تزايد ارتفاع الحرارة، فإن خطورة الكوارث المرتبطة بالطقس (وبالطبع تكرارها) ستزداد – ويبدو أن هذا قد حدث بالفعل في عدد من المناطق حول العالم خلال العقود الماضية العديدة. ونتيجة لذلك وعلى سبيل الخلاصة فإن ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي بالإضافة إلى التغيرات التي تطرأ على موارد الطعام والماء؛ يمكن بصورة غير مباشرة أن تزيد من نطاق نتائج الحالة الصحية العكسية بما في ذلك سوء التغذية والإسهال والإصابات و الوعاء القلبي وأمراض الجهاز التنفسي والأمراض المنقولة عن طريق الماء والحشرات.

إن لتفاوت الرعاية الصحية والتغيرات المناخية تأثيرًا كبيرًا على صحة الإنسان وجودة الحياة وتعدّان متصلتين من خلال العديد من الطرق. أشار تقرير مفوضية منظمة الصحة العالمية للعوامل المحددة للصحة الاجتماعية إلى أن المجتمعات الفقيرة عرضة لتحمل حصة غير متكافئة من عبء التغير المناخي بسبب تعرضها المتزايد وقابليتها لمواجهة تهديدات صحية. فأكثر من 90 بالمائة من وفيات الملاريا والإسهال تنقل بواسطة أطفال يبلغون من العمر 5 سنوات أو أقل وغالبًا ما يكونون في الدول النامية. وتتضمن المجموعات التي تتأثر بدرجة خطيرة النساء والكبار والأشخاص الذين يعيشون في ولايات الجزر النامية الصغيرة والأقاليم الساحلية الأخرى والمدن الضخمة أو المناطق الجبلية.

التغير المناخي يمكن أن يؤدي إلى زيادة بالغة في انتشار مختلف الأمراض المعدية. وبداية من منتصف السبعينيات، كان هناك “ظهور وانتعاش وإعادة توزيع للأمراض المعدية”. والأسباب التي أدت إلى ذلك على الأرجح متعددة حيث تعتمد على عناصر اجتماعية وبيئية ومناخية متنوعة، ولكن العديد يزعمون أن “انتشار المرض المعدي ربما يكون واحدًا من التفسيرات البيولوجية المبكرة لعدم الاستقرار المناخي”. وبالرغم من أن العديد من الأمراض المعدية تأثرت بالتغيرات التي طرأت على المناخ، إلا أن الأمراض المنقولة بواسطة النواقل مثل الملاريا وحمى الضنك واللشمانيات تمثل أقوى علاقة سببية. فالملاريا بالتحديد التي تقتل ما يقرب من 300000 طفل سنويًا تشكّل أكبر تهديد وشيك.

الملاريا
الملاريا على وجه الخصوص تعدّ سريعة التأثر بالتغيرات التي تطرأ على البيئة حيث إن كلاً من العامل المسبب للمرض (المتصورات) وناقله (الناموس) يفتقدان للآلية الضرورية لضبط درجة الحرارة الداخلية ومستويات السوائل. وهذا يقتضي ضمنًا أن هناك نطاقًا محددًا من الظروف المناخية والتي يمكن في ظلها للعامل المسبب للمرض والناقل أن يعيشا ويتكاثرا وينقلا العدوى للكائنات المضيفة. الأمراض المنقولة بناقل مثل الملاريا تتميز بخصائص فريدة تحدد القدرة على نقل الأمراض. وهذه تتضمن: معدل تكاثر وإنتاج الناقل ومستوى نشاط الناقل (على سبيل المثال معدل القرص أو التغذية) ومعدل تطور وتكاثر العامل المسبب للمرض داخل الناقل أو المضيف. وهذه تعتمد على الظروف المناخية مثل الحرارة والترسب والرطوبة.

درجة الحرارة
راجع: أمراض الحرارة
تبلغ درجة الحرارة المثالية للناموس الحامل للملاريا 15 إلى 30 درجة مئوية. وتمارس درجة الحرارة تأثيرات متنوعة على معدلات بقاء وتكاثر الناموس. فإذا كانت درجة الحرارة الأولية مرتفعة، فإن ارتفاع درجة الحرارة المتوسطة مصاحبًا لظاهرة الاحتباس الحراري العالمي يمكن أن يقلل من معدل بقاء وتكاثر الناموس.

الترسب والرطوبة
كما أن الناموس كائنات حساسة بدرجة كبيرة تجاه التغيرات التي تطرأ على الترسب والرطوبة. فالزيادة في الترسب يمكن أن تزيد من أعداد الناموس بصورة مباشرة من خلال توسعة نطاق البيئة اليرقانية والإمداد بالطعام. ورغم ذلك فإن الناموس شديد الاعتماد على الرطوبة حيث يعيش في معدل رطوبة يتراوح من 55 إلى 80% فقط.

ظروف الطقس المتطرفة
غالبًا ما تصاحب الأمراض المعدية حالات الطقس المتطرف مثل الفياضانات والزلازل والجفاف. إذ تحدث هذه الأوبئة المحلية بسبب فقدان البنية الأساسية مثل المستشفيات والخدمات الصحية العامة، بل أيضًا بسبب التغيرات التي تطرأ على النظام البيئي المحلي والبيئة. على سبيل المثال فإن حالات ظهور الملاريا ترتبط بقوة بظاهرة دوائر إلنينو بعدد من البلدان (الهند وفنزويلا على سبيل المثال). إلنينو قد تؤدي إلى حدوث تغيرات وإن كانت مؤقتة ولكنها قاسية في البيئة مثل تأرجح درجات الحرارة والفياضانات المفاجئة. وعلاوة على ما سبق، فمع وجود ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي كان هناك ميل ملحوظ تجاه طقس أكثر تنوعًا وشذوذًا. وقد أدى هذا إلى زيادة عدد أحداث الطقس المتطرفة وحدتها. وهذا الميل نحو مزيد من التنوع والتأرجح ربما يعدّ أكثر أهمية، وذلك من ناحية تأثيراته على الصحة البشرية مقارنةً بالميل التدريجي طويل الأمد نحو ارتفاع متوسط في درجات الحرارة.

العوامل المحددة غير المناخية
كما يمكن للمرء أن يتوقع، فإن المناخ ليس عنصر التحديد الوحيد في انتشار الملاريا. فثمة مجموعة متنوعة من المؤثرات الاجتماعية الجغرافية والبيئية تحدد خصائص هذا المرض أيضًا. وتتضمن العوامل الاجتماعية الجغرافية على سبيل المثال لا الحصر: نماذج الهجرة البشرية والسفر وفعالية الصحة العامة والبنية التحتية الطبية في السيطرة على المرض وعلاجه ومدى انتشار مضادات الملاريا مقاومة الدواء والحالة الصحية الأساسية للسكان الخاضعين للدراسة. وتتضمن العوامل البيئية :التغيرات في استخدام الأرض (مثل إزالة الغابات) وتوسع مشروعات الزراعة وتنمية الموارد المائية (والتي تميل إلى زيادة مواطن تربية الناموس) والميل بوجه عام إلى التمدن (ونعني بهذا زيادة تركيز الكائنات البشرية المضيفة). يزعم “باتز” (Patz) و”أوسلون” (Olson) أن هذه التغيرات في العناصر الطبيعية يمكن أن تغير الطقس المحلي أكثر من تغير المناخ على المدى الطويل. على سبيل المثال، فإن إزالة الغابات وزراعة المستنقعات الطبيعية في المرتفعات الإفريقية أنشأت ظروفًا مناسبة لبقاء يرقات الناموس وأدت بصورة جزئية إلى الإصابة بالملاريا. إن تأثيرات هذه العناصر غير المناخية تعقد الأمور وتصنع علاقة سببية مباشرة بين تغير المناخ والملاريا يصعب إثباتها. وليس من المرجح بصورة كبيرة أن يحدث المناخ أثرًا معزولاً.

النموذج المستقبلي
يتضمن النموذج التنبؤ بالمدى والتوزيع الجغرافي وخصائص عنصر معين (الملاريا في هذه الحالة) خلال فترة زمنية. هذه النماذج تعدّ مهمة في إعداد استجابة صحية عامة مناسبة لمواجهة حالات تفشي المرض المعدي في المستقبل. إن وضع نموذج خاص بالملاريا يعدّ أمرًا معقدًا على وجه الخصوص في ظل الشكلين المختلفين الشائعين من العوامل المسببة للمرض (المتصورة المنجلية والمتصورة النشطة) والعديد من فصائل الناموس السائدة الإقليمية. ومن ثم يجب أن تتضمن هذه النماذج مجموعة متنوعة من العناصر تتضمن: التغيرات التي يحدثها الإنسان في المناخ (على سبيل المثال درجة الحرارة والترسب والرطوبة) والعناصر البيئية (على سبيل المثال الجفاف وإزالة الغابات) وعناصر المرض (على سبيل المثال معدل نمو الطفيليات وعدد النواقل ومقاومة الدواء) وعناصر أخرى (على سبيل المثال تغير حالة المناعة لدى المضيف وانتشار المرض في مناطق جديدة). وتظهر النماذج المتنوعة بصورة متحفظة أن مخاطر تعرض الأفراد الذين يعيشون في البلدان النامية للملاريا سوف يزيد من 5 إلى 15% بحلول عام 2100 بسبب التغير المناخي. ففي إفريقيا وحدها وطبقًا لمشروع MARA (تحديد خطر الملاريا في إفريقيا) ، توجد زيادة متوقعة بنسبة 16 إلى 28% لتعرض الأفراد شهريًا لمرض الملاريا بحلول عام 2100.

استجابة الصحة العامة
في الوقت الحالي، لا يوجد دليل يجعلنا نقترح أن البدء السريع للتغير المناخي آخذ في الهبوط. فحتى إذا تمكنا بمعجزة من وقف جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فسنظل نواجه التغيرات المحتملة غير القابلة للتحول التي تسببنا فيها بأنفسنا. ومن ثَمّ فمن الضروري التأقلم على هذه الظروف المتغيرة. ستكون استجابتنا تفاعلية واستباقية على حد سواء ويجب أن تتم على عدة مستويات (تشريعية وهندسية وسلوكية شخصية). واستجابة لمرض الملاريا سنحتاج على سبيل المثال إلى تحسين جودة الخدمات الصحية وسهولة الوصول إليها وتحديد مدى الاستجابة تجاه المجتمعات المعرضة للخطر واستهدافها وتحسين قدرتنا على وضع النماذج والرقابة وتطبيق حملات توعية عامة على مستوى واسع.

المياه
مع زيادة سخونة المناخ، فإنها تغير طبيعة سقوط الأمطار والتبخر والثلوج وتدفق ينابيع المياه والعناصر الأخرى التي تؤثر في وفرة المياة وجودتها على مستوى العالم. تعدّ موارد الماء العذب شديدة الحساسية تجاه التغيرات التي تطرأ على الطقس والمناخ. فالتغير المناخي من المتوقع أن يؤثر على توفر المياه. ففي المناطق التي تعتمد فيها كمية مياه الأنهار والجداول على ذوبان الثلوج، تؤدي زيادة درجات الحرارة إلى زيادة نسبة الترسبات الساقطة على هيئة أمطار بدلاً من الثلج، مما يؤدي للوصول إلى الحد الأقصى السنوي الربيعي لسريان المياه بشكل مفرط في فترة مبكرة من العام. وهذا قد يؤدي إلى احتمالية حدوث فيضان شتوي وتقليل معدل تدفق المياه في الأنهار في الفترة المتأخرة من الصيف. ويؤدي ارتفاع منسوب البحار إلى دخول المياه المالحة إلى المياه العذبة الجوفية وجداول المياه العذبة. وهذا يقلل كمية المياه العذبة المتوفرة للشرب والزراعة. وتؤثر أيضًا درجات المياه الأكثر حرارة على جودة المياه وتزيد من سرعة تلوث المياه.

النزوح/الهجرة
يؤدي تغير المناخ إلى نزوح الأفراد من خلال العديد من الطرق وأكثرها وضوحًا، ومأساوية، ما يكون بسبب زيادة عدد وخطورة الكوارث المتعلقة بالطقس والتي تدمر المنازل والمساكن مما يدفع الأفراد إلى البحث عن مأوى أو أماكن للعيش بمكان آخر. إن ظاهرة البداية البطيئة التي تتضمن تأثيرات التغير المناخي مثل التصحر وارتفاع منسوب البحار يؤدي تدريجيًا إلى تدمير أسباب المعيشة وتجبر المجتمعات على التخلي عن أوطانها التقليدية لتذهب إلى بيئات أكثر ملاءمة. ويحدث هذا حاليًا في مناطق الساحل الإفريقي وحزام مناطق المناخ شبه الجاف الذي يمتد حول القارة أسفل صحرائها الشمالية تمامًا. ويمكن أن تؤدي البيئات المتدهورة نتيجة للتغير المناخي إلى مزيد من الصراعات حول الموارد والتي قد تؤدي بدورها إلى نزوح الأفراد.

وأما الأحداث البيئية المتطرفة فيتم النظر إليها بصورة متزايدة باعتبارها السبب الرئيسي للهجرة عبر العالم. فطبقًا لمركز مراقبة النزوح الداخلي (Internal Displacement Monitoring Centre)، فإن أكثر من 42 مليون شخص نزحوا من منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال عامي 2010 و2011، وهذا يزيد عن ضعف سكان سريلانكا. وتتضمن هذه الأرقام أؤلئك الذين نزحوا بسبب العواصف والفياضانات وموجات الحر والبرد. ولا يزال هناك آخرون نزحوا بسبب الجفاف وارتفاع منسوب البحار. ومعظم هؤلاء الأفراد أجبروا على ترك منازلهم وفي النهاية عادوا عندما تحسنت الظروف، ولكن عددًا غير محدد أصبح في عداد المهاجرين، وهذا داخل بلادهم في العادة، إلا أن هناك أيضًا من هاجروا عبر الحدود القومية.

تعدّ منطقة آسيا والمحيط الهادئ أكثر مناطق العالم ميلاً لحدوث الكوارث الطبيعية، وذلك من ناحية العدد الإجمالي للكوارث والأشخاص المتضررين على حد سواء. حيث تتعرض تلك المنطقة بدرجة كبيرة للتأثيرات المناخية وتعدّ موطنًا لمجموعات سكانية معرضة للمخاطر بدرجة كبيرة تعدّ فقيرة ومهمشة بصورة غير متساوية. وقد أشار تقرير صدر عن بنك التنمية الآسيوي مؤخرًا إلى “المناطق الخطرة بيئيًا” والتي تمثل مخاطر خاصة لحدوث فياضانات وزوابع وأعاصير التايفون وزيادة ضغط المياه.

ومن أجل تقليل الهجرات الإجبارية بسبب سوء الأوضاع البيئية وتعزيز عودة المجتمعات المعرضة للمخاطر، يجب على الحكومات أن تتبنى سياسات وتضخ موارد التمويل من أجل توفير الحماية الاجتماعية وتنمية أسباب المعيشة وتطوير البنية التحتية الحضرية الأساسية وإدارة مخاطر الكوارث. ورغم أن كافة الجهود يجب أن تبذل للتأكيد على إمكانية بقاء الأفراد في المناطق التي يعيشون فيها، فمن المهم أيضًا إدراك أن الهجرة يمكن أن تكون هي الأخرى طريقة للأفراد للتأقلم مع التغيرات البيئية. ففي حالة إدارتها بطريقة صحيحة وبذل الجهود لحماية حقوق المهاجرين، يمكن أن توفر الهجرة منافع مستدامة بالنسبة للمنطقة الأصلية والوجهة المنشودة كذلك بالإضافة إلى المهاجرين أنفسهم. ولكن المهاجرين – خاصة منخفضي المهارات – يعدّون من بين أكثر الأفراد تضررًا في المجتمع وغالبًا ما يحرمون من وسائل الحماية الأساسية وإمكانية الوصول إلى الخدمات.

إن الروابط بين التدهور البيئي التدريجي الناتج عن التغير المناخي والنزوح تعدّ معقدة: حيث إن قرار الهجرة يؤخذ على مستوى أفراد الأسرة ومن الصعب قياس مدى التأثير المعين للتغير المناخي في هذه القرارت باعتبار العناصر المؤثرة الأخرى؛ مثل خيارات الفقر أو النمو السكاني أو التوظيف. وهذا يحدث جدلاً حول الهجرة البيئية في مجال عالي التنافس: ورغم أن مصطلح “اللاجئ البيئي” يشيع استخدامه في بعض السياقات إلا أنه لا ينصح به من قبل بعض الوكالات مثل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) والتي أشارت إلى أن مصطلح “لاجئ” يخضع لتعريف قانوني صارم لا ينطبق على المهاجرين البيئيين. لا تتضمن اتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي ولا اتفاقية كيوتو التابعة لها، والتي تعدّ اتفاقية دولية حول التغير المناخي، أي شروط مرتبطة بالمساعدة أو الحماية المحددة لمن سيتأثرون بشكل مباشر بالتغير المناخي.

الأمن
عادة ما تكون الصراعات شديدة التعقيد بالإضافة إلى العديد من الأسباب القائمة على بعضها البعض، والتي يُشار إليها غالبًا بالمصطلح “حالات الطوارئ المعقدة”. فلدى التغير المناخي القدرة على زيادة حدة مظاهر التوتر القائمة أو خلق توترات جديدة – حيث يعدّ أداة مضاعفة للتهديدات. بل ربما يمثل عاملاً محفزًا للصراع العنيف ومصدرًا لتهديد الأمن العالمي.

لقد عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مناقشته الأولى على الإطلاق حول التغير المناخي عام 2007، حيث كانت الروابط بين التغير المناخي والأمن موضوعًا للعديد من التقارير عالية الأهمية منذ عام 2007 من قبل رموز أمنية رائدة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. كما تنظر مجموعة G77 المؤلفة من الدول النامية إلى التغير المناخي باعتباره تهديدًا أمنيًا كبيرًا يتوقع أن يضرب الدول النامية على وجه التحديد بقوة. وتعدّ الروابط بين تأثير الإنسان على التغير المناخي وتهديد العنف والصراع المسلح مهمة على وجه الخصوص نظرًا لأن الظروف العديدة المسببة لعدم الاستقرار تتأثر هي الأخرى تلقائيًا.

التأثيرات الاجتماعية
إن توابع التغير المناخي والفقر ليست موزعة بالتساوي بين المجتمعات. فالعوامل الفردية والاجتماعية مثل الجنس (النوع) والعمر والتعليم والعرق والموقع الجغرافي واللغة تؤدي إلى مستوى مختلف من قابلية التعرض للخطر والقدرة على التكيف مع تأثيرات التغير المناخي. إن تأثيرات التغير المناخي مثل الجوع والفقر والأمراض مثل الإسهال والملاريا تؤثر بصورة غير متساوية على الأطفال؛ بمعنى أن 90 في المائة من وفيات الملاريا والإسهال تقع بين الأطفال الصغار

التغير المناخي الاسباب النتائج والحلول

لسنوات طويلة مضت، تجاهل المسئولون فى مصر ظاهرة «التغير المناخى»، واعتبر البعض أن التفكير فى وضع حلول لمواجهتها «ترف» يناسب الدول المتقدمة، غير أن «الموجة الحارة» التى ضربت مصر وعددا من الدول أخيرا وأسفرت عن وفاة ما يزيد على 100 شخص واصابة المئات، تسببت فى تحول «ظاهرة الاحتباس الحرارى»، إلى مادة لحديث المواطنين من مختلف الفئات بعيدا عن النظريات الأكاديمية.

وفى إشارة للتغيرات اللافتة فى الاهتمام الرسمى بملف «الاحتباس الحرارى»، أصدر رئيس مجلس الوزراء المهندس، إبراهيم محلب، منتصف يوليو الماضى، قرارا بإنشاء المجلس الوطنى للتغيرات المناخية.

«الشروق» تحدثت إلى عدد من خبراء التغير المناخى والتنمية المستدامة والبيئة والهندسة، والذين قدموا 10 حلول لمساعدة متخذى القرار فى وضع استراتجية قومية لمواجهة التغيرات المناخية، وتشارك فى تقديم المقترحات كل من: مستشار وزير البيئة السابق الدكتور مصطفى فودة، وأستاذ الدراسات البيئية بجامعة الإسكندرية وخبير التغيرات المناخية، الدكتور محمد الراعى، الباحث كريم خالد، الباحث فى مجال التغيرات المناخية الدكتور خالد حسن.

1 ــ وضع خطة طوارئ فى المدن والمحافظات التى تتأثر بالسلب من التقلبات المناخية مثل «ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة وزيادة تآكل الشواطئ والعواصف الرملية»، وعمل المزيد من الدراسات لمعرفة الظواهر غير الطبيعية التى بدأت تضرب مصر مثل هطول الأمطار بغزارة فى مرسى مطروح وغيرها من الظواهر، وتوفير تمويل كاف من الحكومة لتنفيذ المشروعات البيئية.

2 ــ الترشيد فى استهلاك الموارد الطبيعية ومنها المياه والطاقة، وتوعية المواطنين ودمجهم فى خطة مواجهة التغيرات المناخية، لأن الاستهلاك الكبير للموارد الطبيعية يزيد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، وترشيد إنتاج الطاقة بحرق الوقود الأحفورى الذى يزيد الكربون، ويتطلب هذا تحسين آلية بناء المساكن وضمان التهوية والإنارة الطبيعية لها قدر الإمكان، وتشجيع استخدام وسائل النقل العام، بدلا من وسائل النقل الفردية لترشيد استخدام الوقود.

3 ــ الاعتماد على الطاقة المتجددة فى إنتاج الطاقة، والتخلى بالتدريج عن الوقود الأحفورى (بترول، وفحم، وغاز طبيعى).

4 ــ استكمال البرنامج النووى المصرى، نظرا إلى أن المفاعلات الذرية تعتبر الأقل إصدارا للغازات الدفيئة، وذلك بالنظر إلى تقرير مكتب الطاقة الذرية الأوروبية، الذى يكشف أن أوروبا يمكنها زيادة طاقتها الذرية إلى ثلاثة أضعاف حتى عام 2050، ما يؤدى إلى تفادى انبعاث 6.3 مليار طن من غاز ثانى أكسيد الكربون.

5 ــ زراعة الأشجار فى كل الأحياء وحول المدن لأنها تستهلك الكربون وتزيد الأكسجين فى الجو، خاصة أن جهاز شئون البيئة أشار إلى حاجة القاهرة لزراعة 12 مليون شجرة على الأقل، لاستهلاك الكربون الناتج عن عوادم السيارات، ويمكن زراعة الغابات الشجرية حول المدن (الأحزمة الخضراء Green Belts)، بمياه الصرف الصحى المعالجة بتكنولوجيات وتكاليف بسيطة.

6 ــ فلترة مداخن المصانع، مع الوضع فى الاعتبار أن مصانع القاهرة (12600 مصنع) مسئولة عن انبعاث 50% من إنتاج الكربون فى الجو، ويقترح الخبراء ابتكار اساليب تقنية بسيطة كتمرير دخان المصانع على احواض مياه بها طحالب تستهلك الكربون وتنتج كهرباء، وبذلك نخفض زيادة درجات الحرارة إلى نحو النصف.

7 ــ إعادة تدوير المخلفات بشكل صحيح وتحويلها إلى منتجات نافعة وطاقة كهربائية، لأن حرق القمامة فى مصر يتسبب فى 15% من تلوث الهواء، وتركها بدون حرق فى الشوارع يزيد من إنتاج غاز الميثان فى الجو، وتجدر الإشارة إلى أن مصر تنتج نحو 52 مليون طن سنويا من المخلفات (القاهرة تنتج 25 الف طن يوميا)، وما يعاد تدويره منها لا يتعدى 3%، مع التوسع فى استخدام قش الأرز فى صناعات وتطبيقات زراعية بدلا من حرقه.

8 ــ زيادة المساحة المأهولة بالسكان من مصر، وإعادة توزيع السكانى بالتساوى لخفض الكثافة السكانية من خلال إنشاء مدن جديدة متمتعة بالبنية التحتية والمرافق الشاملة والطاقة المتجددة بحسب حسن.

9 ــ منع بخر نهر النيل والترع الزراعية بتغطيتها، ويمكن أن يكون ذلك بخلايا شمسية كما يحدث فى الهند، وبذلك نتحكم فى بخر النهر وننتج كهرباء نظيفة مستدامة لسد عجز الطاقة، والتغذية الصناعية بإلقاء الرمال الدورية على الشواطئ لحمايتها من النحر، مع ملاحظة أنها لن تمنع الزيادة المتوقعة فى تغلغل المياه المالحة وامتداد تملح الأراضى وفقدان انتاجيتها تدريجيا.

10ــ حظر المبيدات والمخصبات الكيميائية فى الزراعة، والاتجاه إلى البدائل الطبيعية والزراعة العضوية المستديمة (مثلا إنتاج الأسمدة العضوية من المخلفات الزراعية والحيوانية المعالجة، وإعادة توزيع الخريطة الزراعية المصرية بالابتعاد عن المناطق التى بها أمراض (كالدلتا مثلا)، وتعديل النمط الزراعى بعمل دورات زراعية مناسبة (بمعنى زراعة محاصيل تقوم مخلفاتها بدور المسمدات للمحاصيل التالية لها).

التغيرات المناخية واثرها على البيئة pdf

لتحميل الملف اضغط هنا

حل مشكلة التغير المناخي

علماء أستراليون في تخصصات الفيزياء والجيولوجيا والشعاب المرجانية وعلوم النظام المناخي يقدمون 4 حلول لمواجهة تغير المناخ.

بحث العالم السويدي سفانتي أرينيوس في عام 1896، ما إذا كانت درجات حرارة الأرض تتأثر بوجود غازات تمتص الحرارة في الغلاف الجوي، وقدر أنه إذا تضاعفت تركيزات ثاني أكسيد الكربون، فإن درجات الحرارة العالمية سترتفع بمقدار 5 درجات مئوية.

أشجار “اللوفر أبوظبي” تواجه التغير المناخي بـ”الغناء”
وبعد أكثر من قرن بقليل، يسير العالم على طريق تحقيق توقعات أرينيوس، فإذا واصلنا المسار الحالي، سترتفع درجة حرارة الأرض إلى 4.8 درجة مئوية بحلول عام 2100.

ولمواجهة هذه المشكلة وضع مجموعة من العلماء الأستراليين في تخصصات الفيزياء والجيولوجيا وتعليم العلوم والشعاب المرجانية وعلوم النظام المناخي، 4 حلول رئيسية يجب على الحكومات القيام بها لمواجهة هذه المشكلة، تضمنها تقرير نُشر مؤخراً.

ولخص موقع “ساينس أليرت”، الإثنين، هذه الحلول الأربعة التي وضعها الخبراء الأستراليون على النحو التالي.

1- زراعة المزيد من الأشجار
قال الخبراء إن غرس الأشجار له قدرة هائلة على التصدي لأزمة المناخ، فحسب الأبحاث الحديثة فإن 900 مليون هكتار من الغطاء الشجري الإضافي في جميع أنحاء العالم، يكفي لتخزين 25% من تجمع الكربون الحالي في الغلاف الجوي.

2- تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى صخور
تنطوي عملية تمعدن الكربون على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى معادن كربونية، عن طريق محاكاة الطريقة التي يتم بها صنع الأصداف والحجر الجيري بشكل طبيعي.

وناقش الخبراء العديد من التقنيات، ومنها التقاط ثاني أكسيد الكربون من المنشآت الصناعية باستخدام البكتيريا، ثم استخدامه في إنتاج مواد بناء مفيدة كمنتج ثانوي.

3- جعل سطح الأرض أكثر انعكاسا
ويقصد الخبراء بهذا الحل، استخدام تقنيات تعكس الطاقة الشمسية (ضوء الشمس) إلى الفضاء، وبالتالي تتعارض مع التسخين الكوكبي.

ويؤدي تغيير انعكاسية الأسطح، مثل استخدام أسقف بيضاء داكنة، إلى تقليل الحرارة الممتصة بشكل كبير، ويمكن أن يؤدي ذلك لتبريد المدن.

ويمكن في إطار هذا الحل أيضاً، تغطية الطرق الإسفلتية بالحجر الجيري، وتشير الدراسات إلى أن هذه الطرق تخفف بشكل غير مباشر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، من خلال تقليل استخدام مكيفات الهواء.

4- تشجيع الاتجاه للطاقات المتجددة في وسائل النقل
دعا الخبراء إلى تقديم حوافز مالية سخية لتشجيع المركبات عديمة الانبعاثات (تعمل بطاقة الهيدروجين أو الكهرباء)، وتشمل الإعفاء من ضريبة المبيعات ومواقف مجانية للسيارات في بعض الأماكن.

وقال الخبراء إن النرويج لديها تجربة رائدة في هذا المجال، أسفرت عن أن 60% تقريبا من السيارات الجديدة التي تم بيعها في مارس/آذار 2019، كانت تعمل بالطاقة الكهربائية.

تغير المناخ هو في الأساس قضية تنمية. فهو يهدد بتفاقم معدلات الفقر ويضر بالنمو الاقتصادي. وفي الوقت ذاته، فإن كيفية نمو البلدان المختلفة وما تضخه من استثمارات لتلبية احتياجات مواطنيها من الطاقة والغذاء والمياه إما يذكي من تغير المناخ ويزيد من المخاطر حول العالم أو يسهم في إيجاد الحلول.

وفي محاضرة (e) أمام طلاب جامعة جورج تاون في واشنطن يوم 18 مارس/آذار، طرح رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم مجالات رئيسية خمسة حيث يمكن لسياسات وخيارات النمو أن تساعد في الحد من محركات تغير المناخ.

وقال كيم في المحاضرة “يجب أن يواصل الاقتصاد النمو، فلا مناص عن النمو… لكن ما يجب علينا فعله هو فصل النمو عن الانبعاثات الكربونية.”

تسعير الكربون

ويبدأ خفض الانبعاثات الكربونية ببوادر واضحة في السياسات.

فأنظمة تسعير الكربون (e) – مثل نظام تداول الانبعاثات الذي يفرض حدودا قصوى أو الضرائب على الكربون التي تُفرض بالطن – ترسل إشارات طويلة الأجل إلى الشركات بخلق حوافز للحد من السلوكيات المتسببة في التلوث وللاستثمار في خيارات الطاقة النظيفة وابتكار أساليب منخفضة الانبعاثات.

ويفرض حوالي 40 بلدا وأكثر من 20 مدينة وولاية وإقليم تسعير الكربون أو على وشك القيام بذلك من خلال أنظمة تداول الانبعاثات أو الضرائب على الكربون، وهذه الأعداد آخذة في التزايد. وكانت كوريا أحدث بلد ينشئ سوقا للكربون في يناير/كانون الثاني. وشهدت الصين، التي لديها سبع أسواق تجريبية في مدن وأقاليم، تراجع الانبعاثات العام الماضي، وهي تعتزم تدشين نظام وطني لتداول الانبعاثات في أوائل العام المقبل 2016.

وردا على سؤال عن توقعاته بشأن إبرام اتفاق مناخي دولي في ديسمبر/كانون الأول 2015 في باريس، قال كيم “تسعير الكربون هو أهم عنصر منفرد نحصل عليه من إبرام اتفاق ما في باريس. فهو سيطلق العنان لقوى السوق.”

إنهاء دعم الوقود الأحفوري

يرسل دعم الوقود الأحفوري (e) إشارة مختلفة تشجع على التبذير وتثبط من النمو المنخفض الانبعاثات الكربونية. وعن طريق الإلغاء التدريجي للدعم على الوقود الأحفوري الضار، يمكن لمختلف البلدان إعادة تخصيص مواردها إلى الأكثر المجالات احتياجات والأكثر فعالية بما في ذلك المساندة المستهدفة للفقراء.

فقد خصص حوالي 550 مليار دولار لدعم الوقود الأحفوري على مستوى العالم سنة 2013 ليخصم بذلك نسبة ضخمة من إجمالي الناتج المحلي لبعض البلدان من أجل الخفض المصطنع لأسعار الطاقة. ومع ذلك، كما قال كيم، فإن “الأدلة تظهر أن دعم الوقود الأحفوري لا يحمي الفقراء على الإطلاق.” فالدراسات (e) تثبت أن نسبة العشرين في المائة الأكثر ثراء من السكان يحصلون على منافع من دعم الوقود الأحفوري بما يزيد ست مرات عن العشرين في المائة الأشد فقرا.

ولا يعدّ إصلاح الدعم عملية سهلة أبدا. فالمواطنون غالبا ما لا يدركون التكلفة الحقيقية للطاقة ويجب البدء في زيادة المساندة للفقراء مع الإلغاء التدريجي للدعم. ويقدم البنك الدولي المساندة لإصلاح دعم الوقود الأحفوري عن طريق صندوق حجمه 20 مليون دولار سيساعد البلدان المعنية على تصميم وتنفيذ برامج لإصلاح الدعم وما يصاحبها من أنظمة للحماية الاجتماعية.

بناء المدن المرنة منخفضة الانبعاثات الكربونية

وضع جميع الأجزاء في مكانها الصحيح هو جزء من المعادلة. ومن الأجزاء الأخرى بناء مستقبل مستدام لأن كل أنشطة التنمية تجري في سياق من تغير المناخ.

وقال كيم للطلاب أن مرافق البنية التحتية التي ستشيد خلال السنوات العشرين المقبلة تزيد عما تم تشييده خلال 6000 سنة مضت. فالمدن تنمو سريعا وخاصة في العالم النامي. وحوالي نصف سكان العالم يعيشون في المراكز الحضرية اليوم، وبحلول عام 2050 من المتوقع أن تضم المدن ثلثي سكان العالم.

وبالتخطيط الدقيق للنقل واستخدامات الأراضي، ووضع معايير لكفاءة استخدام الطاقة، يمكن بناء المدن بأساليب تحول دون الوقوع في أنماط غير مستدامة. ويمكن أن تتيح فرص عمل وفرصا للفقراء وتحد من تلوث الهواء.

غير أن تمويل هذا النمو كي يصبح مستداما أمرا يمثل تحديا. وتوضح البيانات المتاحة أن حوالي 4 في المائة فحسب من أكبر 500 مدينة في البلدان النامية تعتبر ذات جدارة ائتمانية في الأسواق العالمية. وتساعد مجموعة البنك الدولي المدن على تحسين وضعها الاستراتيجي وتصحيح مقوماته المالية التي ربما تحول دون حصولها على الائتمان.

زيادة كفاءة استخدام الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة

حين نتحدث عن الطاقة يجب أن نتحدث عن الحصول عليها. فحوالي 1.2 مليار شخص في أنحاء العالم ليس لديهم كهرباء ويعتمد 2.8 مليار آخرين في الطهي على الوقود الصلب مثل الأخشاب والفحم النباتي والفحم الحجري، والذي يسبب أضرارا بالغة بتلويث الهواء داخل المنازل.

وعن طريق مبادرة الطاقة المستدامة للجميع، تساند مجموعة البنك الدولي ثلاثة أهداف حتى عام 2030: تعميم الطاقة الحديثة على الجميع، مضاعفة نسبة التحسين في كفاءة استخدام الطاقة، ومضاعفة نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي.

ويمثل تحسين كفاءة استخدام الطاقة أمرا حاسما. فكل جيجاوات يمكن توفيرها هي جيجاوات لسنا بحاجة إلى إنتاجها. وعلى مستوى العالم، فإن استخدام الطاقة اليوم يقل حوالي الثلث عما كان يجب عليه الحال بدون التحسينات التي أدخلت على كفاءة استخدام الطاقة خلال السنوات العشرين الماضية.

وفي الوقت ذاته، يتوالى الانخفاض في تكلفة الطاقة المتجددة. وفي كثير من البلدان، أصبحت تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة على نطاق المرافق أقل الآن من التكلفة في محطات الوقود الأحفوري أو تعادلها.

تطبيق ممارسات الزراعة المراعية للمناخ والتوسع في الغابات

والمجال الخامس للتحرك هو في التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره. إن ممارسات الزراعة المراعية للمناخ تساعد المزارع على زيادة إنتاجية المزرعة وقدرتها على الصمود في مواجهة آثار تغير المناخ مثل الجفاف، وفي الوقت نفسه تصبح بمثابة خزانات لامتصاص الكربون تساعد على الحد من الانبعاثات. وتعدّ الغابات أيضا خزانات مفيدة لامتصاص الكربون وتخزينه في التربة والأشجار والأوراق.

 

السابق
شروط الاقامة المميزة والفرق بين الإقامة المميزة وتأشيرة المستثمر
التالي
اسباب كثرة البلغم واهم 3 اعشاب لعلاج البلغم

اترك تعليقاً