الطبيعة

ماهي المشكلات البيئية المعاصرة

ماهي المشكلات البيئية المعاصرة

ويواجه كوكب الأرض حالياً الكثير من المخاوف البيئية أبرزها التلوث والتغيرات المناخية. من المشكلات البيئية الأخرى الأمطار الحمضية وتلوث الهواء، إضافة إلى أضرار الامتداد العمراني، ومشكلة التخلص من النفايات واستنفاد طبقة الأوزون وتلوث المياه وغيرها الكثير التي تؤثر على الإنسان والحيوان.

المشاكل البيئية في الوطن العربي

لا توجد منطقة في العالم في مأمن من التحديات البيئية، لكن تلك التي تواجه الوطن العربي هي تحديات ذات طبيعة شديدة بشكل خاص، فرغم أن المنطقة العربية غنية ببعض الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، لكنها تواجه عجزاً خطيراً في موارد أخرى كالماء والأرض الزراعية اللازمة لدعم متطلبات النمو. وعند الأخذ في عين الاعتبار سياق التحولات الديمغرافية المتوقعة والنمو السكاني، والتدهور البيئي في الماضي والحاضر، إضافة إلى أثر العولمة والتبدل المناخي، فإن هذه العيوب تثير سؤالاً خطيراً: هل يمكن للموارد البيئية أن تدعم حياة الأجيال القادمة في الوطن العربي؟ كثيراً ما يُطرح هذا السؤال على المستوى العالمي مرتبطاً بانتشار التدهور البيئي ونضوب الموارد وانقراض الأنواع والتبدل المناخي، لكن المنطقة العربية قد تكون من بين المناطق الأولى في العالم التي تواجه السؤال بشكل مباشر نتيجة لطبيعتها البيئية الفريدة.

إن التحدي لا يتعلق بمجرد تحقيق التنمية المستدامة، وهو المفهوم الذي حظي بالاهتمام العالمي لأول مرة في لجنة برنتلاند، ثم لاحقاً في قمة الأرض في ريو دي جانيرو في عام 1992‏ وبعد ذلك، شكَّل جزءاً من المرامي الإنمائية للألفية، وهو يدور حول البقاء والرخاء وجودة الحياة لنسبة كبيرة من سكان المنطقة.

أولاً: المقاربة
هناك طرق عديدة للتعاطي مع القضايا البيئية ومقاربتها، فمن الممكن النظر إلى التدهور البيئي على أنه فشل في «التنمية»، وعليه فقد يقارَب من هذه الزاوية. كما يتم التعاطي مع التحديات البيئية، بشكل متزايد، على أنها قضايا أمنية، وهذا هو الحال في الأمن المائي، بشكل خاص، الذي يمكن أن يؤدي إلى صراعات وحروب في منطقة هي أصلاً منكوبة بالعنف السياسي. سنركز في هذه الدراسة على المشكلات والمحدِّدات والعواقب والاستجابات والآثار البيئية في الصحة العامة، وسنستخدم الإطار DPSIR (المحركات، الضغوط، الدولة، التأثير، الاستجابة)[4]بتصرّف، مع إدراكنا للانتقادات والبدائل.

يرتكز تحليلنا على الوقائع الإقليمية، فالوطن العربي يملك صورة بيئية فريدة، تعكس موارده الطبيعية ومميزاته، وتميزه من مناطق أخرى في العالم. وفي الوقت نفسه، فإن المنطقة تضم تنوعاً بيئياً مهماً (مثل تساقط الثلوج الموسمية على جبال لبنان والمغرب، وندرة المياه في بلدان الخليج وشمال الصحراء الأفريقية)، وإن استعراض النظام البيئي على صعيد المنطقة بكاملها يزوّد القارئ بمنظور أوسع. ومع ذلك، فقد حاولنا استعراض المميزات البيئية المختلفة التي تتمتع بها البلدان والأقاليم الفرعية المختلفة، إضافة إلى عدد من التحديات البيئية التي تعكس المحركات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة المؤثرة.

وقبل المضي قدماً، هناك نقطتان بحاجة إلى توضيح: النقطة الأولى، رغم أننا نركّز هنا على الروابط بين البيئة والصحة العامة، فإننا ندرك أن منظوراً أوسع حول البيئة يجب أن يتجاوز المقاربة التي تتمحور حول الأنثروبولوجيا، وندرك أن المحافظة على البيئة هو نفسه أمر حيوي وهدف أخلاقي لا يحتاج إلى مبرر. والنقطة الثانية هي أننا نكرس الاهتمام بالبيئة «الطبيعية» أكثر من البيئة «المبنية»، وأن البيئة المبنية ـ مثل الإسكان والتعرض للملوّثات والوصول إلى الإصحاح ـ ذات صلة وثيقة بالصحة العامة، وتحظى عادة باهتمام أكبر في البحوث والممارسة المتعلقة بالصحة العامة في المنطقة، لكنها تتطلب مراجعة متخصصة.

ثانياً: محركات التبدل والتدهور في البيئة
إن تقييم الظروف البيئية في المنطقة العربية وتأثيراتها في بحوث الصحة العامة وأعمالها يتطلب تفهماً جيداً لمحركات تدهور البيئة، إضافة إلى تلك التي تخلق فرصاً لعمل إيجابي في مجال البيئة والصحة العامة. وإن المحركات المختلفة عبر المنطقة تعكس صوراً سياسية واجتماعية واقتصادية مختلفة في بلدان وأقاليم فرعية مختلفة، بل أكثر من ذلك، فإن بعض المحركات الرئيسية مؤثرةٌ، وآثارها تعمّ المنطقة.

في القرن الماضي، ولا سيما في السنوات الخمسين الماضية، عانت المنطقة تغيرات اقتصادية وثقافية وسياسية واجتماعية عميقة، انعكست كلها في زيادة الضغوط على البيئة. إن تنامي اقتصاد النفط، وبخاصة منذ ازدهاره في سبعينيات القرن العشرين، كان له أثر عميق في المنطقة بأكملها. فقد حدث توافر متزايد للموارد والاستثمارات في وقت كانت فيه معظم البلدان العربية بحاجة إلى مثل هذه الموارد لغايات تنموية في مرحلة ما بعد الاستقلال. وفي البلدان الغنية بالنفط استُخدمت عائدات الموارد لتمويل مشاريع تنموية ضخمة، أما تلك غير المنتجة للنفط فقد اعتمدت على التحويلات النقدية إلى الوطن من العمال الذين يعملون في البلدان النفطية التي، بدورها، قدّمت المساعدات والاستثمارات، ودعمت المشاريع التنموية أيضاً. إضافة إلى ذلك، فإن المساعدات الدولية وسياسات الحرب الباردة قد أدت دوراً في هذا الأمر، مثل الدعم السوفياتي لمشروع السد العالي الضخم في مصر وسد الفرات في سورية.

لكن التنمية السريعة التي تلت لم تكن مراعية أو صديقة للبيئة بشكل خاص، فعلى سبيل المثال، ورغم ضعف القطاع الصناعي في المنطقة حالياً، فقد تحمّلت هذه المنطقة عبء الكثير من الصناعات الكثيفة الاستخدام للطاقة، وخاصة تلك المتعلقة بالبتروكيميائيات. لم تُعتبر الصناعات المعتمدة على النفط والغاز والصناعات المرتبطة بهما مستدامة بيئياً على المدى الطويل. وبشكل مشابه، ورغم أن البلدان استثمرت بشدة في الزراعة، فإن خيارات الاستثمار التي اتبعتها لم تكن مستدامة على المستوى البيئي، ولم تكن تدار من أجل جلب الأمن الغذائي إلى الوطن العربي.

لقد أسفرت زيادة الثروة وتوافر المزيد من الموارد للبرامج الاجتماعية والصحية عن تحسن متوسط العمر المتوقع والنمو السكاني المتسارع، والتحول نحو أنماط الحياة المرتكزة على الاستهلاك. كل هذه التغيّرات، مقرونة بثقافة عامة ضعيفة بحماية البيئة، كانت لها آثار بيئية ضخمة. وكما في بقية أرجاء العالم، فقد أصبحت المدن محركات لدفع النمو الاقتصادي، مُحْدِثةً زيادة في الفروق الريفية ـ الحضرية في الفرص والتحضُّر غير المسبوق (الذي لا يخضع للمراقبة إلى درجة كبيرة)، الأمر الذي أدى إلى الضغط على الموارد الطبيعية والمرافق البيئية (الماء، الإصحاح، تدبير الفضلات الصلبة) وأدى إلى ظهور العشوائيات التي لم تكن معروفة سابقاً في الوطن العربي، مع آثار مهمة في الصحة العامة. فعلى سبيل المثال، يعيش 1.1 مليون شخص تقريباً في القاهرة «في مناطق غير آمنة» أو محفوفة بالمخاطر.

وقد كان للصراعات في المنطقة (حروب، احتلال، نزاع أهلي) آثار ضخمة في البيئة والصحة العامة، حيث يمكن للحرب أن تخرب النظم البيئية. على سبيل المثال، أدت عمليات القصف الإسرائيلي لمرفق لتخزين المواد البتروكيميائية في حرب تموز/يوليو عام 2006 في لبنان إلى تسرب نفطي ضخم في البحر الأبيض المتوسط، وأدى استخدام القنابل العنقودية إلى جعل الكثير من الغابات والمراعي في الجنوب غير آمنة، ولا يمكن الوصول إليها غالباً. كما أن التجفيف المتعمّد للمستنقعات الجنوبية في العراق من قبل نظام صدام حسين أثناء مطاردته للمتمردين بعد حرب الخليج الأولى أحدث دماراً هائلاً لَحِقَ بالنظام البيئي الثمين والهشّ، ناهيك باستخدام اليورانيوم المُنَضَّب من قبل القوات الأمريكية في الحرب نفسها الذي أدّى إلى تلوّث إشعاعي دائم. بتعميم أكثر، إن الحروب الأهلية في العراق ولبنان أدت إلى تدهور البيئات الحضرية، وغيّرتها بشدّة في الكثير من المدن المصابة، ويأتي ذلك جزئياً نتيجة الأولويات التي أعطيت للأمن على حساب اعتبارات أخرى. وما يمكن أن يكون أكثر ضرراً هو الطريقة التي تحطِّم فيها النزاعات قدرة البلدان على وضع الأولويات والتخطيط بشكل استراتيجي، حيث تستهلَك الموارد لتلبية الطوارئ الصحية والاقتصادية والاجتماعية، في حين يتفاقم تدهور البيئة، الأمر الذي يزيد العبء الاقتصادي ـ الاجتماعي الإجمالي.

وفي حين أَمْلَت ديناميات المنطقة أنماطاً نوعية من تدهور البيئة، فإن المحركات العالمية يمكن أن يكون لها القدر نفسه من الأهمية، إذ إن الأنماط الدولية للتجارة والصناعة ومتطلبات الطاقة وإمداداتها، والتلوث الواسع النطاق مثل الاحترار العالمي، هي محدّدات مهمة للديناميات البيئية في المنطقة. فقد كان للاحترار العالمي عواقب رهيبة، بخاصة في هذا الجزء القاحل والجاف من العالم. ومن ناحية أخرى، فإن تنامي الضمير العالمي المهتم بالتهديدات التي تواجهها استدامة البيئة، وضغط الوكالات الدولية من أجل جلب الانتباه إلى هذه التهديدات، تظهر حالياً على استحياء في المناقشات الإقليمية.

إن الكثير مما يحدث للبيئة يتعلق بمن يمتلك القدرة على التأثير في السياسات البيئية، ويؤثر في الممارسات على أرض الواقع، وبشكل خاص في عصر هيمنة الإطار الاقتصادي لليبرالية الجديدة. فيمكن للسياسات أن تسهِّل أو تخفِّف أثر المحرِّكات والعمليات البيئية المختلفة، لكن البيئة لم تحظ بمكانة مرموقة في البرامج السياسية، وبالتالي لم تحظ بها في السياسة العامة. لذا، فإن الميزانيات المخصصة لحماية البيئة في المنطقة لم تتجاوز 1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في أفضل الحالات، بل أكثر من ذلك، فإن الوكالات البيئية الموجودة ذات فعالية محدودة، وليس لديها تفويض لإصدار التشريعات. وبوسعنا أن نقول إن التركيز على النمو الاقتصادي وتأثير المصالح الخاصة قد أخّرا النهضة البيئية عند الحكومات العربية، لكن هناك علامات على أن الوضع يمكن أن يتغير.

إن التداخل المعقّد للمحرِّكات المختلفة التي بُحثت آنفاً يجعل من الصعب جداً، بل ربما من المستحيل، عزل وتجسيد تأثير أي محرك أو مجموعة محركات في الحالة البيئية، وهذا مجال مهم للبحوث البيئية مستقبلاً. مع ذلك، ومهما كانت المحركات مؤثرة، يمكننا تمييز ثلاث عمليات رئيسية أثّرت فيها تلك المحركات بيئياً وسوف تستمر في التأثير، وهذه العمليات تتضمن ما يلي:

1 ـ نضوب الموارد وندرتها، وهي عادةً بسبب الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، الأمر الذي يذكّرنا بالأنماط الموجودة في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل، والتي تزداد سوءاً بتأثير تغيّر المناخ العالمي.

2 ـ تزايد النزعة الاستهلاكية، ويذكّرنا ذلك بالأنماط الموجودة في البلدان المرتفعة الدخل، مع تطور مفرط وتزايد استخدام الطاقة والموارد وتدهور البيئة التالي لذلك.

3 ـ خراب وتدهور البيئة المباشر المرتبط بالنزاعات أو الفساد أو الاستخدام من دون تحمل المسؤولية.

إن هذه العمليات متداخلة وهي تأخذ مجراها عبر المنطقة، ولو بدرجات متفاوتة في مختلف البلدان والأقاليم الفرعية. على سبيل المثال، إن النزعة الاستهلاكية المتزايدة سائدة في بلدان الخليج بشكل خاص، وهي لديها بالفعل موارد طبيعية قليلة عدا النفط والغاز، بينما النزعة الاستهلاكية المتزايدة في لبنان، أُضيفَت إلى تحديات الاستخدام المفرط المتسارع للموارد الطبيعية الوافرة، والآثار البيئية للحروب الكثيرة والنزاع الأهلي المتكرر.

ثالثاً: الظروف البيئية وتحديات الاستدامة والصحة العامة

نقدم هنا مراجعة محدودة للظروف البيئية، ونحيل القارئ على تقارير حديثة شاملة اعتمدت عليها هذه المراجعة بشدّة.

1 ـ ندرة المياه والحصول على المياه والإصحاح
تعتبر ندرة المياه مَلْمَحاً بيئياً مميِّزاً للمنطقة، فقد أدت عوامل مختلفة إلى نقص في حصة الفرد السنوية من الماء المتجدّد العذب من 3500م3 في عام 1960 إلى 1000م3 حالياً (مقارَنة بالمتوسط العالمي المقدر بـ 7240م3)، وهو مستوى يُعبر عن فقر مائي، وسوف ينخفض أكثر من ذلك ليصل إلى 740م3 بحلول عام 2015، وإلى 550 م3 في عام 2050. وهناك خمسة بلدان فقط، هي السودان وسورية والعراق والمغرب ولبنان، لديها موارد مائية عذبة كافية للتوسع في الزراعة، بينما تعاني بقية المنطقة شحّاً.

وقد أحسنت بعض البلدان، وخصوصاً مصر وسورية، في إعادة استعمال مياه الصرف الصحي، ففي حين استعملت مصر 5228 مليون م3 في عام 1999، استعملت سورية 1200 مليون م3‏. وتعتمد دول مجلس التعاون الخليجي على محطات تحلية لتأمين 79 بالمئة من حاجاتها من الماء العذب، بعد أن كانت 65 بالمئة في عام 2000 .

تزداد هذه النسبة المئوية مع زيادة الحاجة، مسبّبة تنامي الاهتمامات المتعلقة بالطاقة والبيئة والاقتصاد. ومن السهولة تفهُّم الآثار الأمنية المترتبة على ندرة المياه، إذا علمنا أن 81 بالمئة من الإمدادات الإقليمية تأتي من مصادر سطحية، وأن 66 بالمئة من هذه المصادر هي أنهار تنبع من خارج المنطقة، وأنها غير مغطاة بمعاهدات دائمة تضمن تشاركاً عادلاً في الموارد. إن هذه الحالة تضع المنطقة العربية ضمن المناطق الأقل أمناً مائياً في العالم.

كما أن إنتاج الغذاء يمثل تحدياً خاصاً لكل من إدارتي الموارد المائية والبرية، إذ تستهلك الزراعة 88 بالمئة من الماء، مع أن الإنتاجية محدودة، لا تسمح للمنطقة بالوصول إلى الأمن الغذائي. وإن الحصول الآمن على الماء والإصحاح ما زال يشكّل تحدياً (الشكل الرقم (1))، فحوالى 83 مليون شخص يفتقدون طرق الحصول الآمن على الماء، لكن هذه المعدلات أظهرت تحسناً متفاوتاً بين عامي 1990 و2002 (86.7 بالمئة لسكان الحضر، و72 بالمئة لسكان الريف). وإن حوالى 96 مليون شخص يفتقدون إصحاحاً ملائماً، يعيش معظمهم في بلدان منخفضة الدخل أو بين المحرومين في البلدان الأغنى. وإذا لم تعالج هذه المشكلات، فإن معدلات الحصول على الإصحاح سوف تستمر بالانحدار في المستقبل، مع آثار عميقة في الصحة العامة والعافية والعدالة والإنجاز الاقتصادي.

2 ـ الموارد الأرضية
هناك حوالى 90 بالمئة من الأراضي في المنطقة العربية قاحلة، مع معدل هطول أمطار سنوي أقل من 250 مم (المجال 50 ـ 500 مم). وقد شكّلت عوامل مختلفة، تتضمن النمو السكاني والسياسات الاقتصادية وتبدل العادات الاستهلاكية، ضغوطاً هائلة على الأرض في السنوات الخمس والعشرين الماضية، التي أدت، مقرونة بتأثيرات الاحترار العالمي إلى تردّي 68.4 بالمئة من إجمالي الأراضي.

ويعزى حوالى 98 بالمئة من التردّي إلى أنشطة بشرية. وتشكل الأراضي المنتجة للغذاء 14.1 بالمئة، منها 5.1 بالمئة جاهزة للزراعة (المتوسط العالمي 11.5 بالمئة)، وهذا يمثل تراجعاً بحوالى 72 بالمئة عما كانت عليه عام 1980. كما أن التردّي شديد بشكل مماثل في أراضي الرعي الضعيفة التي تمثل 33 بالمئة من المساحة الإجمالية في الوطن العربي. إن عوامل مختلفة، بما فيها الحراثة والرعي المفرط، قد أثرت في هذه النظم البيئية، مؤدية إلى تدهور التربة وتصحرها، فقد انخفضت حصة الفرد من أراضي الرعي بمقدار 33 بالمئة بين عامي 1980 و2005. كما أن في المنطقة العربية غابات محدودة، وتشكّل حالياً 6.4 بالمئة فقط من إجمالي اليابسة (المتوسط العالمي 30.3 بالمئة)، ثلاثة أرباعها في السودان. كما أن فقد الغابات ليس أقل أهمية من ندرتها أصلاً، حيث فقد 34 بالمئة منها خلال السنوات الخمس والعشرين الأخيرة

ويأخذ تردّي التربة أشكالاً عديدة تتضمن الملوحة، والانحسار، والتصحر، وفَقْد الموائل (المَواطن البيئية)، وضياع التنوع الحيوي. ويجسِّد التصحّر بشكل جيد خطورة المشكلات البيئية في المنطقة، حيث أثّر في 68 بالمئة من إجمالي اليابسة، ويهدد 20 بالمئة أخرى منها في المستقبل.

3 ـ التنوع الحيوي وموارد الرزق
يواجه التنوّع الحيوي في المنطقة تحدي التخريب والتدهور المتفاقمين لكل من الموائل البحرية والبرية. وتشكل المناطق المحمية حالياً أقل من 5 بالمئة من إجمالي اليابسة، وذلك أقل من المتوسط العالمي بشكل واضح (13 بالمئة)، حيث يهدد الانقراض 1084 نوعاً (24 بالمئة من الأسماك، و22 بالمئة من الطيور، و20 بالمئة من الثدييات).

ولهذه الحالة غير المسبوقة آثار عميقة في موارد الرزق والاستدامة والصحة العامة. لقد تكيّفت الكثير من النظم البيئية في المنطقة بالفعل مع الندرة والجفاف. وباتت المحاصيل المحلية والأراضي مقاومة للأمراض وللإجهاد غالباً. مع ذلك، فإن الموائل والأنواع في مثل هذه البيئة أكثر ما تعيش قريباً من نقاط التغيّر الذي لا يقبل التراجع في البيئة (درجة الحرارة، توافر الماء، مغذيات التربة… إلخ). ويُعدّ شمال أفريقيا واحداً من النقاط الساخنة الخمس والعشرين الأولى للتنوع الحيوي العالمي، ومن المناطق الأقدم والأغنى في العالم من حيث تقاليد استخدام النباتات الطبية. ويمكن أن تفاقم خسارة التنوع الحيوي انعدامَ الأمن الغذائي، وتضعف الأساس البيئي للصحة العامة. وإذا ما أخذنا في عين الاعتبار الأهمية المتزايدة للتنوع الحيوي في الاقتصاد العالمي، حيث يعتمد 40 بالمئة من الأنشطة الاقتصادية على منتجات وعمليات حيوية، فإن الكثير من فرص التنمية المستدامة سوف تُفقد في هذه المنطقة إذا استمرت مخاطر الانقراض الحالية.

4 ـ جودة الهواء والغازات المسبّبة للاحتباس الحراري
إن تدهور جودة الهواء في مدن الوطن العربي موثّق بشكل جيد، حتى إنه أصبح يشكّل تحدياً رئيسياً. فمع التملّك المرتفع للسيارات الخصوصية، صار النقل مصدراً رئيسياً للانبعاثات، حيث يساهم في 90 بالمئة من مجمل كمية أحادي أكسيد الكربون. ويعتبر إنتاج الطاقة واستهلاكها من الوقود الحجري/الأحفوري مصدراً رئيسياً لثنائي أكسيد الكربون الذي ازدادت انبعاثاته بمقدار 15 بالمئة بين عامي 1990 و2003، بسبب زيادة الأنشطة الصناعية والتنموية بشكل رئيسي. وتنتج الأنشطة الصناعية المختلفة ملوّثات وغازات أخرى كثيرة مسبّبة الاحتباس الحراري. وإجمالاً، تساهم البلدان العربية بـ 4.7 بالمئة من الانبعاثات العالمية للغازات المسبّبة للاحتباس الحراري. وتؤدي الرمال الموسمية والعواصف الغبارية دوراً أساسياً في نقل ونثر الملوّثات الهوائية المختلفة عبر البلدان وضمنها، الأمر الذي يزيد من التشديد أكثر على الحاجة إلى مقاربات شاملة للمنطقة.

5 ـ الفضلات الصلبة
ازدادت الفضلات الصلبة في البلدية منذ عام 1970 بمقدار 900 بالمئة (من 4.5 مليون طن/السنة إلى 81.3 مليون طن/السنة حالياً) ويتوقع أن تزداد إلى أكثر من 2200 بالمئة (لتصل إلى 200 مليون طن/السنة) في عام 2020، وهذه مشكلة كبيرة عند أخذ عجز أنظمة معالجة الفضلات الحالية عن تلبية المتطلبات في عين الاعتبار، حيث يعالَج 20 بالمئة فقط من الفضلات المتولّدة بشكل ملائم، ويُعاد تدوير أقل من 5 بالمئة منها. ويعالج بعض البلدان أكثر من 50 بالمئة من هذه الفضلات، إضافة إلى الطبية والصناعية منها، بطرق بدائية، مثل التفريغ في مكان مفتوح والحرق المفتوح.

وتثير المعالجة الخطرة (1.6 إلى 3.2 بالمئة من الفضلات الصلبة البلدية) المزيد من المشكلات والمخاطر. وقد أحرز بعض البلدان تقدماً في وضع أطر قانونية لإدارة النفايات بشكل ملائم، ومع ذلك، يبقى هذا استثناءً أكثر من كونه القاعدة.

6 ـ الظروف البيئية والأقاليم الفرعية: بلدان الخليج مثالاً
من غير الممكن، في هذا الحيِّز الضيق، أن نأخذ بالحسبان الاختلافات الملحوظة في الظروف البيئية، والتحدّيات بين مختلف الأقاليم الفرعية والبلدان والمحليات، مع أن فهم هذه الاختلافات له آثار عميقة في العمل في المنطقة، كما سنبيّن ذلك لاحقاً، وفي الحلول الخاصة بكل مكان أو بلد على حدة. فعلى سبيل المثال، إن النمو السكاني السريع في الاقتصادات الغنية لبلدان الخليج، الناجم غالباً عن العمال المهاجرين والتطور الاقتصادي المتسارع، أدّيا إلى مجموعة كبيرة من التحدّيات، تتضمن تخريب النظم البيئية البحرية والساحلية، وإنتاجاً واسعاً للفضلات الصلبة المرتبطة بالهدم والبناء، وانبعاثات كبيرة لغازات مسبّبة للاحتباس الحراري، تصل إلى 50 بالمئة من غازات المنطقة، إضافة إلى المشكلات المزمنة، مثل تدهور اليابسة، وانعدام الأمن الغذائي، والنقص الخطير في المياه، المؤدي إلى الاعتماد على توليد المياه من خلال التحلية.

وغالباً ما تحاول هذه البلدان تخفيف آثار الاتفاقات الدولية حول إنقاص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، الأمر الذي يزيد من بصماتها البيئية أكثر. ومن ناحية أخرى، فقد سنَّ بعض هذه البلدان حديثاً سياسات ومشاريع بيئية، مثل «مدينة مصدر»، التي يُتوقع أن تصبح المدينة الأكثر اخضراراً في العالم، قرب أبو ظبي، وقوانين الأبنية الخضراء في دبي في الإمارات العربية المتحدة.

7 ـ آثار تدهور البيئة وندرة الموارد في سبل العيش والصحة العامة
بينما يبدو المستقبل كئيباً إن لم تعالج المشكلات البيئية الحالية، فإننا، بالفعل، بدأنا نعاني آثار هذه المشكلات منذ الآن. وللتعبير عن ذلك بمصطلحات اقتصادية، فإن تكلفة تدهور البيئة مقدرةً بنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي هي 2 ـ 5 بالمئة (في الجزائر 3.6 بالمئة، وفي مصر 4.8 بالمئة، وفي لبنان 3.4 بالمئة، وفي المغرب 3.7 بالمئة، وفي سورية 3.5 بالمئة، وفي تونس 2.1 بالمئة)، ويُقدَّر أن هذه الأرقام أعلى بمقدار 1.5 ـ 2 ضعف من تلك الموجودة في البلدان الصناعية. إن العبء الأقل في تونس قد يعكس إنجازاً بيئياً أفضل بشكل عام، بحسب ما هو موضَّح في المؤشرات الدولية التي ستُبحث لاحقاً.

تبلغ تكلفة الضرر الذي يلحق بالبيئة في العالم حوالى 0.5 ـ 1.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، علماً أن هذه الأرقام قد تقلل من التكاليف الحقيقية، لأنها تستند إلى دراسات أجريت في ستة بلدان فقط في أواخر تسعينيات القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة. وثمة مصدر محتمَل آخر للتقدير الأقل، هو المنهجيات ومصادر البيانات. وتُقدَّر التكاليف عادة لثلاثة أنماط من الفقدان، وهي:

أ ـ فقدان الحياة الصحية، ويقدر بأنه يساهم في 60 ـ 65 بالمئة من التكاليف الإجمالية.

ب ـ الخسائر الاقتصادية الناجمة عن انخفاض قيمة الموارد الطبيعية وتراجع السياحة الدولية.

ج ـ فقدان الفرص البيئية وتكاليف إعادة التأهيل لعكس أو لتصحيح التدهور البيئي.

إن غياب المراقبة المنظَّمة وقصور أنظمة التبليغ عن البيانات في هذه المناطق، بما في ذلك عبء المرض واعتلال الصحة، قد يقلل إلى حدّ كبير من تقدير الخسائر والتكاليف المرافقة.

تعتبر الروابط بين البيئة والصحة معقّدة، مع وجود مسارات متعددة الأسباب والنتائج، يمكن أن تُستعرض ضمن أطر مختلفة. وتراوح هذه الأطر، على سبيل المثال، بين النظرة الأكثر تركيزاً على عبء المرض الناجم عن تعرّضات بيئية نوعية، أو النطاق الأوسع لمقاربة النظم البيئية للصحة والبيئة (يشار إليها أحياناً بالصحة البيئية). إن أسلوب الصحة البيئية يبحث، إضافة إلى التأثيرات السلبية، في الآثار الصحية الإيجابية لبيئات فضلى، ويَنظر إلى مسارات متعددة بدلاً من أن ينظر إلى عوامل خطر مفردة، كما ينظر إلى نتائج المرض.

على أي حال، فإن البيانات والبحوث في المنطقة العربية تقع ضمن الإطار الأول أكثر منها ضمن الإطار الأخير. ومع أنه لم تُجْرَ مراجعة منهجية للتعرّضات المختلفة ونتائج الأمراض، لكن يُقدَّر أن حوالى 25 بالمئة من عبء المرض على الصعيد العالمي ينجم عن تعرُّضات بيئية، وأن عبء المرض المرافق لتدهور البيئة والمقدَّر كنسبة مئوية من العبء الإجمالي يختلف عبر المنطقة (الشكل الرقم (2))، حيث يكون العبء الأعلى في البلدان الأشد فقراً.

ومن منظور العدالة، فإن البلدان الأفقر والفئات الضعيفة من السكان في كل بلد (حوالى 60 بالمئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر) تعاني أكثر من غيرها عبء الأمراض المرتبطة بالبيئة. كما أن الأمراض المنقولة بالماء التي تنجم عن تدني جودة مياه الشرب المحفوفة بالمخاطر، وعن الإصحاح السيئ والممارسات غير الصحية، هي مساهِمات رئيسية في عبء المرض والوفاة، وبخاصة في البلدان الأفقر، كجزر القمر وجيبوتي وموريتانيا والصومال واليمن، حيث تسبّب أمراض الإسهال وحدها ما يقدر بـ 16 ـ 19 بالمئة من الوفيات بين الأطفال.

ويمكن عزو حوالى 36 بالمئة من عبء الملاريا إلى تدهور البيئة (السياسات والممارسات الخاطئة حول استخدام اليابسة وإزالة الأحراج وإدارة الموارد المائية ومواضع السكن). وهذا العبء يتركّز مرة أخرى في البلدان الأكثر فقراً، كموريتانيا والصومال والسودان واليمن (التي تشكل 98 بالمئة من الحالات المبلّغ عنها). وتبلغ معدلات وفيات الأطفال نتيجة الملاريا في هذه البلدان نسباً مرتفعة.

ويمثل التغيّر المناخي مجموعة جديدة من التحدّيات الصحية للمنطقة، وهو أكثر وضوحاً في البلدان الأفقر. وتشير الأدلة إلى خطر انتشار الأمراض الحاصلة بالنواقل، مثل الملاريا والبلهارسيا في مصر والمغرب والسودان، وزيادة الإصابات بالحساسية والأمراض الرئوية في لبنان والسعودية والإمارات العربية المتحدة، وتفاقم الآثار الصحية الناجمة عن موجات الحرارة في البلدان ذات المناخات الحارة.

رابعاً: إطار السياسات للعمل البيئي
وقَّعت البلدان العربية منذ عام 1986 عدة اتفاقيات حول البيئة والتنمية، وتبنّت برنامجاً إقليمياً للعمل حول التنمية المستدامة في عام 1992 بعد قمة ريو. وفي عام 2002، وتحت راية جامعة الدول العربية، التزمت مختلف البلدان بـ «مبادرة التنمية المستدامة في المنطقة العربية» الهادفة إلى تطوير استراتيجيات تستهدف بلوغ المرمى السابع من المرامي الإنمائية للألفية حول الاستدامة البيئية. ولدى معظم هذه البلدان الآن استراتيجيات وطنية للتنمية المستدامة، لكن إدراج هذا المفهوم في عملية صنع القرار والإدارة والممارسات اليومية، ووضعه موضع التنفيذ العملي، ومن ثم لمس تأثيراته في أرض الواقع، يختلف بحسب هذه البلدان، فهو ضعيف في تلك التي تشهد مستوى مرتفعاً من عدم الاستقرار السياسي والأمني بشكل خاص.

وبما أن العمل البيئي يتم على مستويات كثيرة، فإن تفهم التحدّيات المختلفة في الأقاليم الفرعية والبلدان وحتى المحليات المختلفة، يجب أن يشكّل الأساس للعمل، خاصة ضمن إطار من التنسيق أو التعاون أو التكافل أو التكامل في المنطقة. على سبيل المثال، فإن المعدلات المختلفة من تردّي التربة (35.6 بالمئة في بلدان المشرق، مقابل 89.6 بالمئة في شبه الجزيرة العربية) تثير أهمية المحافظة على الأراضي في البلدان الغنية بها، مثل مصر والسودان وسورية وتونس، لتحسين فرص الأمن الغذائي لكامل المنطقة. إن الاعتماد على المحاصيل الموجّهة إلى التصدير، التي تسبّب تدهور التربة، وعلى المحاصيل التي تستهلك كمية كبيرة من الماء، مثل القطن، في بعض هذه البلدان، مثل مصر وسورية، لاستجلاب العملة الأجنبية قد ساهم في تدهور الأراضي، وكان لهذا الأمر تأثيرات على امتداد المنطقة يجب أن تعالج من خلال عمل يغطي المنطقة بكاملها ويستهدف تأمين الموارد لحماية البيئة.

ومن خلال كل الأعمال التي استهدفت إعداد الأطر الإقليمية والاستراتيجيات الوطنية للتنمية المستدامة، ظهر إدراك واسع النطاق بأن العمل في شؤون البيئة عموماً، وفي إطار السياسات، والقدرات التقنية، ومؤسسات الدولة المعنية بالعمل البيئي، لا تزال ضعيفة. فقد عولجت وظائف الصحة والبيئة والتنمية والاقتصاد بشكل منفصل في معظم البلدان من قبل وزارات ومؤسسات عديدة بدلاً من أن تعالج بطرق متكاملة لضمان الاستدامة. كما أن المؤسسات البيئية الوطنية ووزارات البيئة هي حديثة التشكل وقليلة التمويل، وأضعف كثيراً من باقي الوزارات الاجتماعية والاقتصادية، ولها صلاحيات وقدرات محدودة من أجل القيام بالتغيير المطلوب. إن أنشطة بناء القدرات على صعيد المؤسسات بغية استدامة البيئة مستمرة منذ قمة ريو في عام 1992 مع نتائج متواضعة. كما أن العديد من المشاريع المشتركة بين الوكالات الدولية والوزارات توظف مستخدمين متعاقدين، يغادرون الوحدات الحكومية بعد اكتمال المشروع، الأمر الذي يضعف استدامة مثل هذه المشاريع. لذلك تختلف القدرات اللازمة لتقييم الأثر البيئي في ما بين البلدان، ولم تكن جهود منظمة الإسكوا في الأمم المتحدة في هذا المجال في البلدان الأعضاء ناجحة.

إن الإطار القانوني لحماية البيئة، ناهيك بالاستدامة، ما زال ضعيفاً عربياً؛ فالتشريعات البيئية لا يتم إعدادها بشكل جيد، ويغلب أن تكون استجابة لأضرار بيئية، وليست استباقية وذات رؤية مستقبلية. ثم إن القوانين لا تنفّذ بشكل جيد، كما أن غياب المراقبة والتبليغ المنتظمين وغياب سلطات الجهات الفاعلة السياسية والاقتصادية يزيد من تقويض إنفاذ القانون. وتتم تسوية العديد من القضايا البيئية في المحاكم المدنية والتجارية التي لا تفهم خطورة التدهور البيئي.

ليست عملية وضع الأولويات البيئية استراتيجية بالضرورة، حتى وإن وجدت استراتيجيات وطنية للتنمية المستدامة. إن مصالح الفئات السياسية والمستثمرين، وتوافر تمويل المشاريع والقروض، ومشاريع الأمم المتحدة المحدّدة على الصعيد العالمي، والنواتج المباشرة القصيرة الأمد، والمنافسة الشديدة بين قطاعات التنمية المختلفة، تؤثر في وضع الأولويات، كما أن العديد من المشاريع المختارة قد تكون محدودة التأثير في التكلفة العالية للتدهور البيئي وعبء الأمراض المنسوبة إليه والتقدم نحو التنمية المستدامة.

خامساً: الأطراف الفاعلة التقليدية والجديدة في البيئة
مع بقاء الدولة الطرف الفاعل الرئيسي المسؤول عن استدامة البيئة، ظهرت أطراف فاعلة أخرى تدعو إلى قوانين وسياسات أكثر صرامة وأفضل تنفيذاً، تتحدّى الدولة بها وتحمِّلها المسؤولية. فعلى المستوى العالمي، دفعت وكالات الأمم المتحدة الحكومات إلى الاستجابة لمشكلات البيئة التي يساهم المجتمع المدني محلياً في أساليب مبتكرة للتعامل معها. كما أن الكثير من المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية على امتداد المنطقة تخصّص موارد لتعزيز الوعي البيئي والدعوة إلى التغيير البيئي، وتنفيذ مشاريع إيضاحية حول استدامة البيئة. وبعض هذه المنظمات غير الحكومية، وبخاصة المحلية منها، مقيدة ضمن حدود الموارد المالية والبشرية، كما أن غياب المساءلة والمسؤولية الحكومية يضعف من تأثيرها. ويمكن أن يكون نقد السياسات البيئية للحكومة خطِراً إذا تجاوزت المنظمات غير الحكومية الخط الأحمر وهدّدت أصحاب النفوذ القوي. ومن غير المستغرب أن يكون العمل السياسي البيئي ضعيفاً حتى الآن، ضمن البيئة السياسية الحالية للوطن العربي. وكحالة استثنائية، فإن لبنان الآن هو موطن لثلاثة أحزاب سياسية بيئية، وبغضّ النظر عن دوافعها وأثرها الحالي، الذي لا يزال ضئيلاً، فإن مجرد تأسيس مثل هذه الأحزاب يحمل أملاً لعمل بيئي مستقبلاً.

هل تعمل مختلف الأطراف الفاعلة بعضها مع بعض؟ تشير خبراتنا إلى أن الأمر ليس كذلك عادة. هذا السؤال وغيره من الأسئلة المرتبطة بفرص وأطر العمل المشترك هي أسئلة بحثية واضحة الأهمية. ومهما كانت الأجوبة، فإن خطورة التحديات البيئية تشير إلى أنه على الجهات الفاعلة المختلفة، بما في ذلك الصحة العامة، أن تعيد دراسة أدوارها. وسوف نأخذ هذه المسألة في عين الاعتبار لاحقاً.

دعم البرامج البيئية
لقد نفَّذت البلدان العربية، منذ بداية تسعينيات القرن العشرين، أو هي بصدد تنفيذ، مشاريع مختلفة، تهدف إلى حماية واستدامة البيئة. ويلقى الكثير منها دعماً من المنظمات الدولية، بما في ذلك مرفق البيئة العالمي، وهو مؤسسة مشتركة بين مختلف البلدان، أسست في عام 1991 لدعم الجهود البيئية حول القضايا البيئية العالمية، كما أنشئ مرفق البيئة العربي في عام 2007 للغاية نفسها. وقد وضع مرفق البيئة العالمي قائمة بـ 169 مشروعاً وطنياً في 15 بلداً عربياً، بتكلفة إجمالية تقترب من ملياري دولار أمريكي، يساهم مرفق البيئة العالمي بـ 19 بالمئة منها (GEF Project Database) (2011)، تستأثر مصر وحدها بـ 51.3 بالمئة من هذه التكاليف والمغرب والأردن وموريتانيا بـ 35.8 بالمئة أخرى. كما تجمع المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الأكاديمية أموالاً من موارد وطنية، وتتلقى دعماً للمشاركة في المشاريع البيئية الإقليمية والعالمية، ويوفر عدد من البلدان برامج منح صغيرة لدعم المشاريع والبحوث البيئية. وهذا يعني أن الجهود قد تلقت دعماً لوجستياً ومالياً، وأن هذا الدعم لا يزال متوافراً حالياً من خلال آليات مختلفة.

والسؤال الأكثر صعوبة يرتبط بتأثير واستدامة هذه المشاريع، فرغم أن بعضها تلقّى تقييماً نال رضا الأطراف المعنية، فإن المتابعة الطويلة الأمد لا تجرى عادة. ومن غير المعروف ما إذا كانت المشاريع البيئية المختلفة قادرة على إزاحة العوامل المحركة لتدهور البيئة والإجهاد الواقع عليها. ولم نطَّلع على دراسات طولية أو دراسات لنماذج للإجابة عن هذا السؤال، لكن هناك طريقة غير مباشرة للإجابة، وهي الاطلاع على أداء البلدان العربية بشأن مؤشرات الاستدامة البيئية خلال السنوات التي شاركت فيها هذه البلدان في مشاريع كهذه.

سادساً: أمثلة عن برامج وأنشطة بيئية
عادة ما يتم التصدّي للتحديات البيئية من خلال العمل على عوامل الإجهاد البيئي (مثل ندرة المياه)، والتعرّض للخطر (مثل تلوّث هواء المدن)، والنتائج الصحية (مثل الأمراض المنقولة بناقل)، أو النظم البيئية (مثل الأنظمة البيئية البحرية المشتركة)، ولا تتعارض هذه المقاربات بعضها مع بعض. وسنقدم أمثلة قليلة فقط، بسبب ضآلة المساحة المتاحة لذلك.

1 ـ تحديات التصدّي لندرة وجودة المياه
لقد لفتت المياه الانتباه بشكل كبير كقضية شديدة الأهمية ذات آثار أمنية مهمة، ابتداءً من مشاريع تحدِّدها الأمة، مثل السد العالي في مصر، مروراً بتعاون إقليمي حول التشارك في المياه، وصولاً إلى برامج محلية حول زيادة إنتاجية المياه. وتعتبر الإدارة المتكاملة للموارد المائية مقاربة أساسية لندرة المياه في المنطقة.

كما أن مختلف البلدان هي في مراحل متعددة من تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية للإدارة المتكاملة للموارد المائية، إلا أن العقبات كثيرة، وتشمل عقبات جغرافية وسياسية وإقليمية، كما تشمل النزاعات، وحاجات الأمن الغذائي مقابل الاكتفاء، وإنتاجية المياه. ومع ذلك، فإن الفرص كثيرة أيضاً، وتشمل استراتيجيات التعاون الإقليمي، واستبدال المحاصيل المستهلِكة للماء بمحاصيل الأراضي الجافة، وإشراك الجمهور في معالجة الإجهاد المائي.

وتوضح دراسة لحالة مسجلة حديثاً من الأردن كيف يمكن لتحسين إدارة المياه الزراعية والمنزلية، بإنقاص تسرب المياه المنزلية، واستخدام تقنيات التروية بالتنقيط، أن تفيد في آن واحد الاقتصاد (توفير الماء) والبيئة (تخفيف نضوب المياه الجوفية، وإنقاص الحاجة إلى الطاقة من أجل ضخّ المياه)، والصحة (خفض معدلات الإسهال). وقد قُدر المعدل التراكمي للمنفعة/التكلفة بأكثر من 1:2.4، ومن اللافت ذكره أن العاملين في الصحة العامة قد أدّوا دوراً رئيسياً في هذا الصدد.

2 ـ النجاح في إنقاص استهلاك المواد المستنفِدة للأوزون
هناك تدابير ومشاريع تنفذ حالياً، أو يخطّط لتنفيذها، في مجالات مختلفة للتخفيف من تأثير التغيّر المناخي. فقد بذلت البلدان العربية جهوداً كبيرة في تنفيذ بروتوكول مونتريال لإنقاص المواد المستنفِدة للأوزون، فسنَّت قوانين ووضعت برامج لخفض ومراقبة وضبط استهلاك المواد المستنفدة للأوزون، وخصوصاً مركبات الكلوروفلوروكربونات. ومنذ عام 2000 بدأت كل البلدان بالتبليغ عن تراجعات في الاستهلاك الإجمالي للمواد المستنفدة للأوزون، وكان أكثرها أهمية ما بُلِّغ عن بلدان المشرق (معدلات الإنقاص 40 بالمئة)، والتحدّي الأكبر هو استمرار البرامج وتحقيق الأهداف الموضوعة.

وما زالت هناك موارد غير مستغَلّة يمكن أن تنقص الاعتماد على الطاقة الأحفورية، إذ إن المنطقة العربية تمتلك إمكانات عالية من موارد الطاقة المتجدّدة، مثل الموارد الشمسية والقوة المائية وقوة الرياح والكتلة الحيوية، لكن تطوير هذه البدائل ما زال محدوداً، ويبقى الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري هو القاعدة.

3 ـ التضارب بين الدولة والمجتمع المدني حول تدبير الفضلات الصلبة
قام الزبّالون (وهو الاسم الشائع لجامعي النفايات)، وعددهم ستون ألفاً في القاهرة، بجمع وإعادة استخدام وإعادة تدوير كلٍ من النفايات العضوية وغير العضوية لخمسة عقود على الأقل، وكانت معدلات إعادة الاستخدام والتدوير مرتفعة جداً، وصلت حتى 85 بالمئة، بحسب بعض التقارير. وقد ضُربت مصالحهم في عام 2005 عندما قررت محافظة القاهرة التعاقد مع ثلاث شركات أجنبية للقيام بخدمات جمع النفايات، وهو ما اصطُلِح عليه بـ «إعادة تأهيل» صورة القاهرة كمدينة حديثة، كما اندلع تضارب آخر في المصالح بسبب قرار اتخذته الحكومة بذبح الخنازير على نطاق واسع، وكانت الخنازير تقتات على النفايات العضوية التي يجمعها الزبّالون، وذلك أثناء جائحة الإنفلونزا (H1N1)، واعتبر الزبّالون هذا القرار بمنزلة رد فعل مفرط تمّ بدوافع سياسية.

سابعاً: قياس الأداء البيئي للبلدان العربية
يرسم التقرير الأحدث والشامل حول البيئة صورة كئيبة للظروف والنزعات الحالية منذ بداية سبعينيات القرن العشرين. وفي مواجهة هذه الحالة، من المفيد أن نعرف مدى حسن استجابة البلدان العربية، وهناك الكثير من المَناسب العالمية التي تقيس الأداء البيئي للبلد.

ومع أن هذه المَناسب قد تكون مفيدة كأدوات تخدم الحملات الإعلامية، لكن يجب التعامل معها بشكل انتقادي واستخدامها بحذر. فإضافة إلى النقد التقني لكيفية تطوير المَناسب المختلفة، حذَّر بعض المؤلفين من أن بعضها يحابي بلدان الشمال، ولا يعطي تقديرات صادقة لمدى مشاركتها الحقيقية في تدهور البيئة العالمي.

إن نظرة إلى الوطن العربي يمكن أن تلقي الضوء على هذه الناحية، فعلى سبيل المثال، إذا كانت البلدان التي شاركت في غزو واحتلال العراق بقيادة الولايات المتحدة مسؤولة عن الضرر البيئي الذي سبّبته للعراق، فإن أداءهم بحسب مَناسب البيئة العالمية يمكن أن ينخفض بشكل واضح. وليس مصادفة أن ينجز العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة أقل تقدم لتحقيق المرمى السابع من المرامي الإنمائية للألفية، بشكل مشابه للبلدان العربية الأفقر.

وهناك مشكلة أخرى في المؤشرات العالمية المرتكزة على أساس قطري، وهي أنها لا تأخذ التعاون الإقليمي في العمل البيئي بعين الاعتبار كمؤشر على النجاح. ورغم هذه التحفظات، فإن المَناسب يمكن أن تسمح بمقارنة في ما بين البلدان العربية من جهة، وبين المنطقة العربية ومناطق أخرى من جهة أخرى. إذ إنّ التراكب بين البلدان المتوسطة والمرتفعة الدخل في مؤشرين يُستخدمان بكثرة، وهما مَنسب الأداء البيئي، ومَنسب الاستدامة البيئية (الشكل الرقم (3))، يشير إلى الحاجة إلى دراسة عوامل تتجاوز الثروة الوطنية.

أهم المشكلات البيئية التي يعاني منها المجتمع المصري

تلوث الهواء

تلوث الهواء في القاهرة.
تلوث الهواء في القاهرة هو أمر مثير للقلق الشديد حيث أن جودة الهواء في وسط القاهرة هي أقل من 10 إلى 100 مرة من المعايير العالمية المقبولة. وتعاني القاهرة من ضعف شديد بسبب قلة الأمطار وسوء تخطيطها للمباني الشاهقة والشوارع الضيقة مما يخلق تأثيرًا على الصحة العامة بسبب التهوية السيئة وحبس الملوثات. مشكلة تلوث الهواء الرئيسية في مصر هي في الجسيمات الثقيلة الضارة. من أبرز مصادر الغبار والجسيمات الصغيرة ووسائل النقل والمصانع وحرق النفايات في الهواء الطلق.بالإضافة إلى مصدر مهم آخر الرياح المحملة بالتربة والغبار القادمة من المناطق القاحلة في جميع أنحاء مصر (على سبيل المثال الصحراء الغربية).

الهواء في مصر سميك جداً ذو لون رمادي وهناك ضباب على القاهرة. وعلاوة على ذلك هناك أشكال أخرى من تلوث الهواء في أول أكسيد الكربون في الشوارع بسبب الكمية الزائدة من عوادم السيارات وملوثات المصانع. السماء رمادية وليست زرقاء وهي تشبه إلى حد كبير السماء الرمادية في مكسيكو سيتي ولندن وبكين بسبب الملوثات بالطبع مما تسبب الكثير من أمراض الجهاز التنفسي حيث أن وكالة حماية البيئة الأمريكية قد نشرت بيانات المخاطر التي تنص على ما ذكر أعلاه أن الحد الآمن من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الخطيرة والسرطان الناتج عن استنشاق الجسيمات في الهواء (الغبار والسخام والهيدروكربونات ومركبات المعادن الثقيلة) هو: 2 شخص لكل 1000.

التلوث الضوضائي
من أبواق السيارات الصاخبة إلى حفلات الزفاف بلغ ارتفاع التلوث الضوئي في مدينة القاهرة على مدار الساعة مستويات مثيرة للقلق مما أدى إلى مشاكل صحية.حيث أن السكان المقيمين في وسط المدينة يتعرضوا إلى مستويات ضوضاء إلى 90 ديسيبل في المتوسط ولا يتراجع أبداً عن 70 ديسيبل ويشبه قضاء يوم كامل داخل أحد المصانع وفقاً لدراسة أجراها المركز القومي للبحوث في مصر عام 2007 عن القاهرة أن مستويات الضجيج في الشوارع المختلفة في أوقات مختلفة من اليوم هي أكثر من الحدود التي وضعتها وكالة حماية البيئة ويمكن أن يساهم تلوث الضوضاء في العديد من المشاكل الصحية

تلوث الهواء والماء في القاهرة له تأثير مدمر على العديد من المعالم الأثرية في المدينة. فجامع السلطان الغوري ، على سبيل المثال هو واحد من العديد من المباني في وسط المدينة التي تغطيها قشرة رمادية وسوداء من تلوث الهواء. وجامع السلطان الغوري هو ممثل لقضايا تحلل المباني التاريخية في القاهرة لأنه موقع مهم من عصر المماليك ويحتوى على ضريح جنائزي ومسجد ولأن القشرة التي تظهر عليه تمت دراستها بالتفصيل. وتشمل المواقع الأخرى التي تم فحصها بالتفصيل في منطقة القاهرة الكبرى مثل الأهرام في الجيزة وباب زويلة وجامع الأزهر وقلعة صلاح الدين الأيوبى.

تظهر القشرة السوداء على الأجزاء العليا من الجدران الخارجية للآثار وغيرها من الأماكن ذات الأهمية الثقافية والتاريخية نتيجة لاحتراق الغازات الكربونية في بيئة من الرطوبة المرتفعة. بالإضافة إلى ذلك تظهر القشور البيضاء على الأقسام السفلية من هذه الجدران. تتكوّن القشور البيضاء بواسطة ترسبات الهالايت أو الملح الصخري بسبب زيادة ملوحة التربة. وترتفع المياه الجوفية المحملة بالملح في دلتا النيل حيث تقع القاهرة وتترسب الأملاح في الأحجار الأساسية من الآثار التي ترتفع عن سطح الأرض في المباني الأثرية. يتزايد منسوب المياه الجوفية في جميع أنحاء مصر لأسباب متنوعة. وتشمل هذه تسرب مياه الصرف الصحي والتسلل أو المصنع أو الجريان السطحي الزراعي وعدم كفاية ضخ المياه الجوفية.

المباني المصنوعة من الحجر الجيري مثل جامع السلطان الغوري عرضة للتآكل بسبب التلوث لأن القشرة التي تشكل مشكلة في سلامة الحجر وتتساقط مما ينتج إزالة السطح الخارجي للمبنى بها. العديد من المواقع من العصر الإسلامي في وقت مبكر تتعطل بسبب ترسب الملح مع تلوث الهواء وارتفاع منسوب المياه الجوفية فضلا عن غيرها من الظواهر المدمرة والجهد الرئيسى لإنقاذ هذه المواقع الأثرية غير ممكن حاليا بسبب المناخ السياسي والاقتصادي لمصر. تؤدي البيئات المالحة والرطبة أيضًا إلى نمو الميكروبات وبدون التنظيف المنتظم سوف تستمر المباني التاريخية المصنوعة من الحجر الجيري بسبب ارتفاع مساميته في التاكل نتيجة للاستعمار البيولوجي.

ارتفاع مستويات مياه البحار هي مشكلة بيئية أخرى يواجهها المكلفون بحماية المواقع الأثرية في مصر. على سبيل المثال تقع مدينة رشيد التي عثر بالقرب منها على حجر رشيد على ساحل البحر المتوسط وستكون تحت الماء في غضون عقود ما لم يتم التعامل مع تغير المناخ على نطاق عالمي. يعتبر موقع أبو مينا وهو موقع مسيحي قديم تم تصنيفه كموقع للتراث العالمي لليونسكو عام 1979والان أصبح في خطر التدمير الوشيك.

معابد أبو سمبل في عملية إعادة البناء، 1967.
واجهت مصر قضايا مماثلة في الماضي مع السد العالى على نهر النيل في أسوان. كان إنشاء بحيرة ناصر للسيطرة على تدفق النيل عبر مصر السفلى وتوليد الطاقة الكهرومائية يعني غمر مواقع مثل معابد أبو سمبل. أبو سمبل يوجد فيها معابد لرمسيس الثاني بني من الحجر الرملي ويضم اثنين من المعابد للمعبودات المصرية القديمة. أجريت الحفريات الأثرية في حالات الطوارئ والمشاريع لاسترداد أكبر قدر ممكن من هذه المواقع التي تم الحفاظ عليها بشكل جيد للغاية من قبل المناخ الجاف. تم تقسيم معابد أبو سمبل إلى قطع ونقلها إلى جرف فوق مستوى الماء الجديد للنيل فوق السد. وتقف الآن على ارتفاع 60 متراً فوق المكان الذي كانت عليه في الأصل على منحدر يطل على بحيرة ناصر.

هناك نصب آخر مشهور تم نقله أثناء مهمة الإنقاذ كان مجمع المعبد في فيلة وهو موقع يوناني روماني كان في الأصل معبدًا للإلهة المصرية القديمة إيزيس ويقع الآن في جزيرة أجيلكا. أعطيت بعض المعالم الأثرية للمتاحف الأجنبية لمساعدتها في الحفاظ على المواقع التي غمرتها بحيرة ناصر. أربعة من هذه المعالم هي معبد ديبود الذي يقع الآن في باركي ديل أويست في مدريد في إسبانيا ومعبد إليسيا الذي يقع الآن في إيطاليا ومعبد تفاح الذي يوجد الآن في متحف ريجكسميوزيام أودهيدن في ليدن بهولندا ومعبد دندور الذي يتم عرضه في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك.

السياحة

أهرامات الجيزة.
واحدة من أكبر الضغوط البيئية على أبو سمبل هي السياحة والقضايا المرتبطة بها. وقد أدت المناظر الطبيعية التي أجريت من أجل جعل الموقع يبدو أكثر إلى تضرر وجه الصخور الرملية الصخرية الحساسة. جلبت المناظر الطبيعية الرمال التي عملت مع الرياح إلى تآكل وجه نفرتاري على المعبد تقريبا وهي واحدة من زوجات رمسيس الثاني. في محاولة لحل هذه المشكلة تم زرع العشب حول قاعدة المعابد. وسقي العشب أيضا أضر بالموقع عن طريق رفع مستويات الرطوبة في الحجر الرملي. غالبًا ما يكون الناس مهملين في المواقع الأثرية وينتشرون فوق اللوحات الجدارية القديمة ويتسلقون إلى أجزاء من الآثار لالتقاط الصور الفوتوغرافية.

تسبب السائحون في إلحاق أضرار بمواقع أخرى في مصر مثل الهرم الأكبر خوفو والأهرامات الجيرية في الجيزة عرضة للتغيرات في الرطوبة والملوحة. تخضع الأهرامات باستمرار لإصلاحات لتنظيف الملح من الجدران في محاولة لمنع حدوث المزيد من الضرر. تم تركيب أنظمة التهوية داخل الهرم الأكبر وفي البنى الأخرى على هضبة الجيزة من أجل تقليل تأثير تنفس السياح.

مشكلة أخرى تجلبها السياحة هي الكتابة على الجدران تركت الكتابة على الجدران في غرف الأهرام منذ أن تم بناؤها منذ أكثر من 4000 عام عندما ترك عمال بناء الأهرامات بصماتهم على الجدران. ومع ذلك فإن الرسوم الجدارية الأخيرة في مقبرة الجيزة قد أضرت بالمواقع. يجب غالبًا إغلاق المعالم الأثرية وتجديدها لإزالة العلامات التي قام بها الزوار العصريون. في عام 2013 قام سائح صيني بنقل اسمه إلى جدار معبد الأقصر في جنوب مصر مما تسبب في غضب واسع النطاق وأشعل نقاشًا دوليًا حول السياح والكتابات بشكل عام.

التوسع العمراني

ساهمت السياحة بالإضافة إلى التوسع العمراني في تدهور المواقع خاصة في منطقة القاهرة الكبرى. كان الطريق الدائري المنصوص عليه في المخطط الرئيسي للقاهرة الكبرى الذي صدر في عام 1984 أكبر تهديد تنموي للآثار على هضبة الجيزة في ربع القرن الماضي. كان الهدف من الطريق هو تخفيف الضغط المروري على مدينة القاهرة. تم اكتشاف أنه يتم قطع العديد من المناطق المحمية على الهضبة وهو موقع الأهرام وأبو الهول وغيرها من المعالم الأقل شهرة.

احتجاجًا على المسار الجنوبي المخطط للطريق الدائري والذي سيشمل منطقة الأهرامات قامت اليونسكو بإزالة الأهرامات من قائمة التراث العالمي للضغط على الحكومة المصرية لتغيير خطط الطريق. أجبر الضغط وخسارة التمويل الناتج عن هذه العقوبة الحكومة على إعادة التفكير في مسار الطريق السريع واستعادت الأهرامات مكانتها كموقع للتراث العالمي.

كانت مدينة القاهرة تتعدى على هضبة الجيزة لعقود من الزمان. حيث زاد السكان كثيراً لدرجة أن هناك الآن شقق على بعد بضع مئات من الياردات من الأهرامات. أصبح تطوير الضواحي وملاعب الغولف وسلاسل الوجبات السريعة الآن أقرب إلى أبو الهول والأهرام أكثر مما هو قانوني حسب المتحدث باسم اليونسكو سعيد ذو الفقار. “لا يمكنك أن تقسم هذا الموقع كما لو كانت شريحة من اللحم” قال سعيد أيضا “سوف يفقد الموقع الأثرى تفرده… إنه في انتهاك تام لاتفاقية التراث العالمي في مصر التي وقعت وهو ينتهك القانون المصري “.

الكثافة السكانية
مصر هي البلد الأكثر كثافة سكانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع أكثر من 96 مليون نسمة. وبما أن غالبية الجغرافيا المصرية تتكون من صحراء شاسعة فإن 43.1٪ من المواطنين يعيشون في المناطق الحضرية على طول النيل أو البحر الأبيض المتوسط، مثل القاهرة أو الإسكندرية أو أسوان.

القاهرة ليست فقط أكبر مدينة في العالم العربي حيث يبلغ عدد سكانها 12.3 مليون نسمة ولكنها أيضًا واحدة من أكثر المدن كثافةً سكانية. وذُكر أن محافظة القاهرة لديها كثافة سكانية حضرية تبلغ 45,000 لكل كيلومتر مربع (117,000 لكل متر مربع) في عام 2012 هذا يعتبر 1.5 مرة كثافة مانهاتن. وجاء في تقرير من جامعة الإمارات العربية المتحدة أن “هذا النمط من النمو الحضري له وجهان متناقضان. فمن ناحية تعمل المدن الضخمة كمحركات للنمو الاقتصادي والاجتماعي ولكن من ناحية أخرى فإن معظم هذا يصاحب ذلك أيضًا تقليل الفقر وتدهور البيئة على حد سواء “. ركزت الكثير من سياسة الحكومة على الكثافة السكانية باعتبارها المساهم الرئيسي في العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية مثل الضوضاء وتلوث الهواء وحركة المرور الكثيفة ومحدودية المساكن وضعف الصحة العامة.

يبذل المسؤولون الحكوميون في القاهرة جهوداً لتحقيق اللامركزية في ترتيبات المعيشة والعمل منذ عام 1970 كوسيلة لتحسين نوعية الحياة. وبدلاً من التركيز على تحسين البنية التحتية داخل المدينة فإن العديد من الحلول المقترحة تشمل نقل السكان إلى مناطق حضرية حديثة الإنشاء في الصحراء. يعمل هذا المقترح على حل العديد من القضايا الخاصة مثل البناء على الأراضى الزراعية ومحدودية الوصول إلى المياه. وأكد الرئيس السابق مبارك على ضرورة التوسع الصحراوي في خطاب ألقاه أمام البرلمان في عام 2006 قائلاً: “إن مغادرة وادي النيل الضيق إلى الصحراء بطريقة مخططة ومنظّمة في جميع أنحاء البلاد أصبح ضرورة لا مفرّ منها. من هذه الحقائق لم يعد غزو الصحراء شعارًا أو حلمًا بل هو ضرورة تمليها الزيادة السكانية المتصاعدة فالمطلوب ليس نزوحًا رمزيًا في الصحراء بل إعادة النظر في توزيع السكان في جميع أنحاء البلاد.

اقترح مخططو المدن بناء المدن الكبرى التي بنيت من الألف إلى الياء لنشر السكان خارج القاهرة. مثل القاهرة الجديدة ومدينة السادس من أكتوبر وهي تقسيمات جديدة تم بناؤها لاحتواء الملايين بحلول عام 2020 ولها المقر الرئيسي الذي يوجد حاليًا في القاهرة. لا تزال هذه المدن المخططة قيد الإنشاء ولكنها بالفعل موطن لمناطق صناعية كبيرة والعديد من الجامعات. في الآونة الأخيرة اقترحت الحكومة المصرية بناء عاصمة جديدة بالكامل. ومع ذلك تشير التقارير إلى أن هذه الأساليب قد حققت نجاحًا محدودًا وأن اتباع نهج مختلف أمر ضروري من أجل تخفيف تأثير العديد من المشكلات الحضرية.

حركة المرور

المنطقة الحضرية الكبرى في القاهرة تشتهر بمستوياتها المرتفعة من الازدحام المروري. أعلن البنك الدولي عن 1,000 وفاة سنوياً على الأقل نتيجة للحوادث المرورية نصفهم من المشاة. في حين أصيب 4,000 شخص إضافي من حوادث السيارات في منطقة القاهرى الكبرى. المناطق الحضرية الأخرى مثل مدينة نيويورك تشير إلى أقل من 300 حالة وفاة سنوياً بسبب حوادث السيارات. وقد نمت حركة المرور لتلحق الضرر ليس فقط بالسلامة العامة ولكن أيضًا بالنمو الاقتصادي. مع متوسط سرعة حركة المرور أقل من 10 كيلومترات في الساعة ومتوسط زمن الرحلة في 37 دقيقة نما الازدحام ليحد من إنتاجية المدينة وكفاءتها. وقد كان لذلك آثار اقتصادية كبيرة حيث كلف البلاد مليارات الدولارات سنوياً أي ما يعادل 4٪ تقريباً من إجمالي الناتج المحلي في مصر نتيجة لساعات العمل الضائعة والوقود المهدر والتأثيرات البيئية لتلك الانبعاثات الإضافية.

ارتفاع عدد السيارات على الطريق هو نتيجة لعوامل كثيرة مثل الدعم الحكومي للوقود وخيارات النقل العام المحدودة وفرص الائتمان المحسنة من البنوك. في عام 2012 أفاد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن 2.07 مليون مركبة مرخصة في القاهرة. زادت محاولات الحد من الازدحام المروري في السنوات القليلة الماضية. يعتقد العديد من موظفي الحكومة وخبراء التخطيط الحضري في تطوير أنظمة نقل عام أكثر كفاءة كوسيلة للتخفيف من آثار السيارات الخاصة. يوجد في مترو القاهرة حاليا ثلاثة خطوط فقط للمدينة التي يبلغ عدد سكانها 7 ملايين نسمة. يزعم كريستيان باوريديل الأستاذ بالجامعة الأمريكية في القاهرة أن إضافة 10 إلى 15 خط مترو جديد و 200 ممر حافلات جديد لديه القدرة على تقليل حركة المرور بنسبة 40٪. من المقرر بناء خط رابع بحلول عام 2019 ولكن لم يبدأ العمل بعد. وكان الحل المقترح الآخر هو إنشاء أنفاق للمشاة تحت المدينة لضمان سلامة المواطن أثناء عبور الطرق.

مدينة العاصمة الجديدة
في 13 مارس 2015 أعلن وزير الإسكان مصطفى مدبولي عن خطط مصر لمشروع بتكلفة 45 مليار دولار لبناء عاصمة جديدة إلى الشرق من القاهرة. ويقدر أن المدينة الجديدة التي لم يكشف عن اسمها حتى الآن تستغرق ما بين خمس وسبع سنوات فقط لاستكمالها وتضم ما يصل إلى سبعة ملايين شخص. وذكر مدبولي أن هدف المشروع هو خفض كبير في الازدحام والسكان في القاهرة والذي من المتوقع أن يتضاعف خلال السنوات الأربعين المقبلة. يصف الموقع الإلكتروني الجديد للمدينة التنمية بأنها “مسعى جبار لبناء روح وطنية وتوفير النمو المستدام على المدى الطويل ومعالجة مختلف القضايا التي تواجهها مصر من خلال مدينة جديدة والتي سوف تخلق المزيد من الأماكن للعيش والعمل والزيارة.

وقد حظيت الخطط بشكوكية كونها طموحة إلى حد ما حيث تميزت بمباني إدارية وحكومية جديدة ومطار دولي ومنتزه للتكنولوجيا والابتكار ومزارع للطاقة الشمسية وثمانية عشر مستشفى وآلاف المدارس والجامعات. وكان الوضع أكثر تعقيدا عندما ألغى الرئيس عبد الفتاح السيسي المشروع بعد شهر من كشفه بسبب نقص التمويل الحكومي. ومع ذلك ذكر مدبولي أن المشروع سيستمر بتمويل من القطاع الخاص.

المساحات الخضراء
في يوم عيد الحب في القاهرة يتزايد عدد المحتفلين به باستمرار تضاءلت المساحات الخضراء التي تعزز جودة المعيشة المدينة. حيث أن المستويات المرتفعة لحركة المرور مقترنة بالتلوث الشديد للهواء والصوت تضع عائقاً كبيراً أمام نوعية المعيشة في القاهرة. وعدم وجود المساحات الخضراء في المناطق الحضرية هي واحدة من هذه العوامل. يوجد في القاهرة حاليا حوالي 1.65 متر مربع من المساحة الخضراء للفرد الواحد. هذا منخفض نظرًا لأن منظمة الصحة العالمية تقترح مساحة لا تقل عن تسعة أمتار مربعة للشخص الواحد مع أن الحجم الأمثل يتراوح بين عشرة إلى خمسة عشر مترًا مربعًا. وقد تم الإبلاغ عن وجود هذه المساحات للحد من تلوث الهواء في حين تحفيز التمارين البدنية وإنتاج الأغذية الطازجة وتحسين الصحة العقلية.

تعد المساحات الخضراء القليلة في القاهرة مثيرة للدهشة عند النظر إلى تاريخ المدينة من الحدائق والمناظر الطبيعية. تأسست العاصمة حول البساتين ومنذ ذلك الحين كانت مليئة بالعديد من أنواع المساحات الخضراء المفتوحة. ومع ذلك، فإن هذه المساحات المفتوحة مع المتنزهات والحدائق توفر مواقع مثالية للتطوير ومنذ ذلك الحين تعتبر أهدافًا جذابة للعقارات المربحة.

اليوم ازدادت الكمية القليلة من المتنزهات في القاهرة سوءًا بسبب الزيادات السريعة في النمو ونقص التخطيط الحضري. وحيث توجد المساحات الخضراء، فهي موزعة بشكل سيئ ولا يتم الاحتفاظ بها بشكل كافٍ. في حين يأمل بعض السكان أن إنشاء وتطوير المدن الجديدة سيحسن الظروف في القاهرة والبعض الآخر ليس متفائلاً ويتوقع المزيد من الإهمال للمساحات الخضراء في المستقبل.

السلطة التشريعية على الأرض والماء
وزارة الدولة المصرية لشئون البيئة
وزارة الدولة المصرية لشئون البيئة هي أعلى سلطة في مصر لتعزيز وحماية البيئة. كما أنه دور ثانوي لوزارات أكبر في مصر مثل وزارة البترول و الصناعة والمالية. في عام 1997 تم تعيين أول وزير دولة متفرغ لشؤون البيئة في مصر للتعامل مع السياسات البيئية للتنمية المستدامة.

وزارة الدولة لشئون البيئة وذراعها التنفيذية وكالة الشؤون البيئية المصرية تعتبر إدارة الموارد الطبيعية لجميع السياسات والمشاريع الوطنية في مصر. الهدف الرئيسي هو الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي والتراث الوطني فيما يتعلق بالتنمية المستدامة. وقع علماء وكالة حماية البيئة اتفاقية مع نظرائهم في مصر لحماية الاستهلاك البشري من التلوث الميكروبيولوجي في مياه الشرب.

عدم المساواة في المناطق الريفية قضية في التنمية الزراعية في مصر حيث كانت سياسات الحكومة المركزية وثروتها قضية سياسية أساسية تتعلق بالعلاقة بين سكان الريف والدولة. تناقش مشاكل التنمية الدولية على غرار سد النهضة الإثيوبي على الإدارة السليمة للموارد. يشير تيموثي ميتشل العالم السياسي في العالم العربي إلى أن الحل قد يكون “إضفاء اللامركزية على الدولة والسماح لبعض القوى في مصر بإعادة تشكيلها”. وبهذه الطريقة يمكن لمصر مواجهة الفوارق الزراعية القائمة على إدارة موارد مياه النيل وهو مصدر زراعي مشترك لمعظم البلدان التسعة التي تعتمد على مواردها الطبيعية.

أنواع المشكلات البيئية

المشكلات البيئية هي أي تغير كيمائي أو نوعي في المكونات البيئية الاحيائية واللاحيائية على أن يكون هذا التغير خارج مجال التذبذبات لأي من هذة المكونات بحيث يؤدي ألى اختلال في اتزان الطبيعة. ترتبط المشكلات البيئية بصورة رئيسية بالتلوث، كما وتعرف الملوثات بأنها أية مواد صلبة أو سائلة أو غازية وأية ميكروبات أو جزيئات تؤدي إلى زيادة أو نقصان في المجال الطبيعي لأي من المكونات البيئية.

المصادر الطبيعية: هي مجموعة المواد والطاقة الموجودة في البيئة. وتشتملُ المصادر الطبيعية على مصادر جيولوجية، أي مصادر ذات أصل جيولوجي يمكن استخراجها من الأرض وتشمل:

الألومنيوم والرصاص والخارصين والذهب والفضة وغيرها.
الصخور الصـناعية وتشـمل الرمل والحصى والحجر الجيري والغرانيت والجبس. وغيرها. بالإضافة إلى المياه الجوفية كمصدر مهم للحياة.
ومعظم المصادر الجيولوجية هي مصادر غير متجددة إذ أن معدل استهلاكها يفوق معدل تكوّنها، باستثناء المياه الجوفية لإمكانية تجددها بمياه الأمطار، والفلزات لكونها قابلة للتدوير أي يمكن إعادة تصنيعها (تتجدد صناعياً). بالإضافة إلى طاقة الحرارة الجوفية بوصفها مصدراً متجدداً للطاقة. وتدخل هذه المصادر في جميع أنواع الصناعة التي تعرفها، بدءاً من البلاط وانتهاءً بالدواء، فقلم الرصاص الذي تستخدمه، يتكون من مصادر جيولوجية، والأجهزة الكهربائية والحواسيب والصناعات الحربية والمركبات الفضائية.، جميعها مصدرها المصادر الجيولوجية. المصادر البيولوجية وتشمل الثروات النباتية والحيوانية، وتعد هذه المصادر متجددة لإمكانية توافرها في البيئة نتيجة تجددها طبيعياً. كما تشمل المصادر الطبيعية على مصادر طاقة متجددةمثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المياه.

تتعرض المصادر غير المتجددة في العالم إلى نضوب، ولذلك لجأت دول العالم إلى إيجاد حلول لها، مثل تطوير تكنولوجيات معينة قادرة على استخدام المصادر المتاحة بكفاءة عالية، والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.

كما تتعرض المصادر المتجددة إلى استنـزاف وبخاصة الثروة النباتية والحيوانية والتربة والفلزات، وهو ناتج عن استهلاك هذه المصادر بمعدل يفوق معدل تجددها طبيعياً أو صناعياً. ومن مظاهر الاستـنزاف ما يأتي:

استنزاف التنوع الحيوي ويشمل؛ استنزاف الغطاء النباتي، واستنزاف الحيوانات البرية. فاستنزاف الغطاء النباتي ينتج بفعل القطع الجائر والرعي الجائر والتلوث والكوارث الطبيعية من حرائق وبراكين وجفاف، أما استنزاف الحيوانات البرية فينتج بفعل الصيد الجائر والتلوث والقضاء على موائل الحياة البرية وغيرها.
ولحماية التنوع الحيوي من الاستنزاف، لجأت الكثير من الدول في العالم إلى إقامة مناطق محمية لحماية الحياة البرية الحيوانية والنباتية وموائلها مثل المحميات الطبيعية، ففي الأردن يوجد ست محميات تشرف عليها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة ومنها محميات: الشومري وضانا والموجب والأزرق وغيرها. بالإضافة إلى إصدار القوانين على المستوى المحلي، مثل قانون حماية البيئة الأردني لعام 1995 م وقانون تقييم الأثر البيئي للمشروعات التنموية؛ فإقامة مشروع لتعدين خام ما في منطقة معينة، سيخضع هذا المشروع إلى الدراسة التحليلية من إيجابيات وسلبيات ليجري عملية إقراره وفق قانون تقييم الأثر البيئي المعمول به في البلد.

تشتيت المصادر الطبيعيةويعني عدم المقدرة على إعادة تدوير منتجات الثروات المعدنية الفلزية مثل النحاس والحديد وغيرها بالكامل؛ أي أنه في كل عملية تدوير لا يمكن إعادتها مئة بالمئة.
التصحروهو مجموعة العمليات التي تؤدي إلى انخفاض إنتاجية أي نظام بيئي، وينتج بفعل عوامل طبيعية مثل انحباس الأمطار، وارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها، أو بفعل الإنسان مثل الرعي الجائر وقطع الأشجار المستمر والزحف العمراني واستخدام الملوثات بأنواعها. ولمقاومة التصحر، نص قانون حماية البيئة الأردني لعام 1995 على مراقبة مصادر تلوث التربة وضبطها ومراقبة انجراف التربة والتصحر، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف ذلك واتباع سياسة عمرانية قائمة على أسس بيئية.
النفايات
تطرح الكائنات الحية في النظام البيئي الطبيعي بقاياها وإفرازاتها، فيقوم النظام البيئي بإعادة استخدامها بكفاءة عالية ضمن دورة واضحة؛ إذ تقوم المحلِّلات بتحليلها إلى مواد أولية بسيطة تعود إلى التربة فتستخدمها النباتات، وهذا يسمى التنقية الذاتية. أما النفايات التي يلقيها الإنسان، ونتيجة لإزدياد عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة والتقدم الصناعي والزراعي وغيرها، أدى ذلك إلى ازدياد كمياتها، بالإضافة إلى إنتاج نوعيات خطرة على البيئة، فأصبحت عملية جمعها ونقلها والتخلص منها في جميع دول العالم من الأمور المهمة للمحافظة على الصحة والبيئة. وقد نَصّ قانون حماية البيئة الأردني لعام 1995 م على تعريف النفاية الصلبة بأنها مواد قابلة للنقل ويرغب مالكها بالتخلص منها، بحيث يكون جمعها ونقلها ومعالجتها من مصلحة المجتمع.

ملوثات المياه

وتتضمن الملوثات الآتية:

النفايات المستهلكة للأكسجين وتشمل الكائنات الحية المسببة للأمراض والمواد العضوية الناتجة عن الأغذية، ومخلفات النباتات وبقايا المحاصيل والمياه العادمة (المنزلية، والصناعية والزراعية). وهذه المواد قابلة للتحلل، إذ يمكن أكسدتها في المياه، ولذلك تسمى مواد مستهلكة للأكسجين. يؤدي استهلاك الأكسجين المذاب في الماء إلى استنزافه، وبالتالي موت الأحياء المائية خنقاً مثل الأسماك والكائنات الحية الدقيقة الهوائية، وفي الوقت نفسه تزداد الكائنات الحية الدقيقة اللاهوائية في الماء فتحلل المواد العضوية لاهوائياً، وينتج غازات سامة وروائح كريهة ناتجة من NH3, H2S.
المواد السامة العضوية وتشمل النفط، والعصارة في أماكن الطمر الصحي. وتلوث المياه بالنفط يصيب مياه البحار والمحيطات بسبب تسربه من السفن المحمَّلة بالنفط أو من آبار النفط بالبحر. أما العصارة فتصيب المياه الجوفية بسبب تسربها من مكبات الطمر الصحي وترشّحها خلال الصخور ومن ثم وصولها المياه الجوفية.
المواد السامة غير العضوية بعض هذه المواد مصدرها الصخور، إذ تتحرر بالتجوية وتحمل بالمياه الجارية أو الأنهار إلى البحيرات، أو تتخلل مسامات التربة والصخور فتلوث المياه الجوفية. غير أن الإنسان سرّع بعمليات التعدين والمعالجة في تحرير المواد السامة من الصخور بمعدل آلاف المرات مقارنة بالعمليات الطبيعية. بالإضافة إلى ما تضيفه المصانع والمستشفيات والمزارع، وغيرها من المواد السامة إلى النظام البيئي.
مواصفات المياه الصالحة للاستعمال البشري
تتضمن مواصفات المياه مجموعة من الخصائص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية. وتشمل الخصائص الفيزيائية اللون والطعم والرائحة والمواد الصلبة الذائبة (TDS)، والمواد الصلبة العالقة (TSS)، ودرجة الحرارة والعكورة وغيرها. بينما تشمل الخصائص الكيميائية؛ الرقم الهيدروجيني (pH) والقلوية والحَمْضية والعسرة والأكسجين المذاب، والعناصر الثقيلة وغيرها. أما الخصائص البيولوجية فتشمل أنواع الكائنات الحية الدقيقة مثل القولونيات الغائطية.

وتشتمل المواصفات الأردنية للمياه الصالحة للشرب والاستعمالات البشرية على الخصائص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية. ويوضح الجدولان (1-1) و(1-2) بعضاً مما ورد في المواصفات الأردنية للمياه الصالحة للشرب. SlOoM LaG

يؤثر تلوث الهواء في مكان ما على تلوث الهواء في مكان آخر.

ملوثات الهواء
تصنف الملوثات الهوائية إلى أساسية وثانوية:

الملوثات الأساسية

الأكاسيد وتشمل أكاسيد الكربون وأكاسيد النتروجين وأكاسيد الكبريت SO3,SO2)SOx)، وتنتج هذه الغازات من احتراق الوقود الأحفوري.
المواد العضوية المتطايرة، وتشمل المركبات الهيدروكربونية ك|الميثان]] والبنزين، وتنتج هذه في عوادم السيارات؛ إذ تتبخر من الكاربوريتر ومن خزانات وقود المركبات، وكذلك من المصانع المنتجة للمنظفات والحموض والقواعد.
المركبات العالقة والقُطيْرات، وتوجد المركبات العالقة في الهواء على شكل مواد صلبة مثل الغبار والكائنات الحية الدقيقة المتحوصلة وحبوب اللقاح، والفلزات الثقيلة مثل الرصاص والكادميوم والزئبق والزرنيخ، وأملاح الكبريت وأملاح النترات. أما القطيرات فتتمثل في النفط والمبيدات الحشرية.
الملوثات الثانوية
تنتج هذه الملوثات من تفاعل الملوثات الأساسية للهواء مع بعضها بعضاً أو مع ملوثات أخرى، أو مع الماء بمساعدة أشعة الشمس، وتشمل الضبخن (1) والمطر الحمضي والأوزون،

التلوث الإشعاعي

إن الإشعاعات التي تصدر عن نوى الذرات هي: ألفا (α) وبيتا (β) وغاما (γ)؛ وتختلف هذه الإشعاعات في قدرتها على اختراق الأجسام، فألفا أضعفها وغاما أقواها وبالتالي أخطرها على أجسام الكائنات الحية. ويضاف إلى هذه الإشعاعات أشعة السينية (X) وهي تشبه أشعة غاما في تأثيرها. وتنطلق هذه الإشعاعات من مصادر طبيعية، وتشمل الأشعة الكونية، وإشعاعات القشرة الأرضية والإشعاعات الذاتية التي تصدر عن الماء والهواء والغذاء مثل i40K من الألبان و i226Ra من الطعام والماء وغيرها. وتنتج أيضاً بفعل أنشطة بشرية وبخاصة التفجيرات النووية وحوادث المفاعلات النووية كحادثة تشرنوبل. وتتميز الملوثات الإشعاعية في استمرارية بقائها في الجو لمدة عدة أشهر، وبعدها تسقط على الأرض والنباتات، فتدخل السلاسل الغذائية، فتنتقل إلى أجسام الكائنات الحية. كما تصيب الإشعاعات أجسام الكائنات الحية من الوسط المحيط عن طريق التنفس، فتتراكم في أعضاء مختلفة فيها وبخاصة في العظام، ومن ثم تسبب أمراض السرطانات والعقم، وسرعة الهضم.

استنزاف الأوزون
تنتشر مواد الكلور والفلور وكاربون في الغلاف الجوي إلى أن تصل إلى الستراتسفير، حيث الأشعة فوق البنفسجية بتحليلها وتحرير ذرات الكلورين والبرومين منها، التي يزداد نشاطها الكيميائي في الحالة الحرة، فترتبط بجزيئات الأوزون ليتجزأ الأوزون إلى إكاسيد الكلورين والأكسجين، مما يؤدي إلى استزاف الأوزون. يعد سبب تآكل أو استنزاف أو إحداث ثقب الأوزون إلى تلوث البيئة بالكيماويات التي تصل إلى الغلاف الجوي بلطرق التالية:

أكاسيد النتروجين المنطلقة من عوادم الطائرات النفاثة التي تطير على ارتفاعات كبيرة على مقربة من السترواتوسفير، ومنصات إطلاق الصواريخ وعوادمها.
مركبات الكلوروفلوروكربون التي تستخدم في معدات تبريد وتكييف الهواء وفي تعقيم الأدوات الطبية، وفي تنظيف وتجفيف المعادن، وكذلك في تعبئة زجاجات العطور.
أكاسيد الهيدروجين الناتجة عن التفجيرات النووية والتجارب المتعلقة بها.
مركبات الهالون التي تستخدم في مطافئ الحريق باعتبارها مضادة للحريق.
مركبات الكلور التي تنشأ نتيجة لتبخر مياه البحار وثوران البراكين.
تلوث البحار والمحيطات
خلال الثلاثين عاماً القادمة، سيقيم أكثر 6,3 مليار نسمة في الممرات الساحلية، مما سيزيد الضغظ على خطوط الالتحام بين البر والبحر. لقد تعرضت مياه البحار والمحيطات إلى تغيرات بيئية نتيجة عاملين هما:

زيادة تركيزات نسب عدد من المواد والعناصر الموجودة في البيئة البحرية عن نسبها الأصلية مثل (النيتروجين)
إيجاد مواد جديدة لم تعرفها الطبيعة من قبل، ولا حتى في المراحل السابقة للتطور الاقتصادي مثل (اللدائن).
ملوثات البحار والمحيطات:

مياه الصرف الصحي.
المواد الطبية.
الإشعاع النووي.
المبيدات الحشرية والأسمدة.
المواد الكيماوية.
النفط ومشتقاته.
الديناميت.
المواد الصلبة.
الضوضاء

الضوضاء هي أصوات ذات استمرارية أصوات غير مرغوب فيها وتحدث عادة بسبب التقدم الصناعي. وهي أصوات تأتي مصدرها من المدن التي يكون فيها تضخم سكاني وازديادات في النشاط العمراني والصناعي واستخدام مركبات النقل ونتيجة ذلك يصبح أصوات السيارات والسكان وغيرها من الأصوات التي تزعج الإنسان وتسبب له أمراض كثيرة ومعظمها تكون أمراض نفسية تؤثر على صحة الإنسان والتجمعات الصناعية التي تكون بجانب التجمعات السكنية يسبب الضوضاء ومن الأمراض المؤثرة على الإنسان:

ارتفاع ضغط الدم
يزيد الجهة العدوانية للإنسان
الإضطراب
يؤثر على السمع يؤدي على إتلاف الخلاية cochlea
يؤثر على التفكير
المطر الحمضي (Acid rain)

المطر الحمضي هو مطر مكون من جزيئات الماء المتفاعل مع ثاني أكسيد الكربون CO2 H2O (l) + CO2 (g) → H2CO3 (aq) حامض الكاربونيك ثم يُمْكِن أَنْ يتفاعل في الماء يُشكّل تجمعَّات منخفضة مِن آيونات hydronium: 2H2O (l) + H2CO3 (aq) ⇌ CO32- (aq) + 2H3O+(aq) المطر الحمضي سببه الغازات المنبعثة من المصانع الإنسان وله تأثير كبير على الغطاء النباتي وعلى الحيوانات وعلى البنية الامائية الامامية الذي يسبب للمياء التلوث.

التلوث الضوئي
التلوث الضوئي هو الانزعاج المترتب عن الإضاءة غير الطبيعية ليلا وآثار الإنارة الاصطناعية الليلية على الفونة والفلورة وعائلة الفطريات والأنظمة البيئية، وكذا آثاره المشتبهة والثابتة على صحة الإنسان.

مثله مثل مفهوم تلوث سماء الليل الذي يعوضه أحيانا، فإن مفهوم التلوث الضوئي حديث جدا، إذ أنه ظهر في الثمانينيات من القرن العشرين، وشهد تطورات منذ ذلك الحين.

ظهر هذا المفهوم إثر اجتهادات علماء الفلك الأمريكيين الشماليين ثم الأوروبيين والمنظمات التي تمثلهم (الجمعية الفرنسية للفلك بفرنسا ودارسكي في شمال أمريكا.)، ثم نشطاء آخرين، قلقين على التدهور السريع للبيئة الليلية، من علماء البيئة، والمخططين، وتقنيي الطاقة، والأطباء، والجامعيين، والإناريين والوكالات المهتمة بالتنمية المستدامة الذين عملوا على هذا المجال الجديد.

التلوث الضوئي هو الظاهرة المتزايدة للتغيرات الوظيفية في الأنظمة البيئية بسبب الإضاءة الاصطناعية في البيئة الليلية وخاصة وقعها السلبي الواضح على أنواع حيوانية ونباتية وفطرية مهمة (مثل الحشرات الليلية (الفراشات وغمديات الأجنحة.) والخفافيش والبرمئيات.) بل وعلى سلامة المنظر البيئي عامة.

على المستوى الإحيائي الجغرافي، تعتبر هذه الظاهرة حديثة جدا. لهذا السبب، ونظرا لتأخر الوعي بهذا المشكل ونقص الميزانيات المستثمرة في هذا المجال، يبقى هذا الخطر بعيدا عن السيطرة. كما أن آثاره لم تدرس بدقة، إذ لم تشمل البحوث إلا بعض الأنواع خاصة الطيور.

أسباب المشكلات البيئية

يُعرّف التلوّث (بالإنجليزية: Pollution) بأنّه دخول أيّ مادة غير مرغوب بها إلى البيئة الطبيعية، الأمر الذي يجعلها غير نظيفة، وغير آمنة، وكذلك غير ملائمة للاستخدام، وتشمل المواد الملوِّثة: المواد الملموسة، بالإضافة إلى الصوت، والضوء، ودرجات الحرارة عند دخولها بشكل غير طبيعي إلى البيئة وفقاً لمُنظمة (Pure Earth) التي تُعنى بشؤون البيئة فإنّ التلوّث يؤثر بطريقة سامّة على ما يزيد على 200 مليون شخص حول العالم، كما أشارت إلى أنّ آثار التلوّث تتعدى ذلك، حيث وُجِد أنّ هناك زيادة في نسبة ولادة أطفال بعيوب خلقية في الأماكن التي تشهد تلوّثاً كبيراً، كما أنّ مستوى ذكاء هؤلاء الأطفال أقل بحوالي 30-40 نُقطة عند اجتيازهم لاختبارات الذكاء (IQ) مُقارنة بالأطفال الطبيعيين، بالإضافة إلى ذلك فإنّ مُتوسط أعمار سُكان هذه الأماكن أقل من 45 سنة؛ بسبب إصابتهم بالعديد من الأمراض، من هنا أصبحت فكرة الحد من مشكلة التلوث البيئي وإيجاد حلول له ضرورة ملحة، لذا تمّ بذل العديد من الجهود لإيجاد حلول جذرية للحد من انبعاث الملوِّثات إلى البيئة عن طريق إدارة ومعالجة مياه الصرف الصحي بطريقة سليمة، والحد من تلوث الهواء، وإعادة تدوير النفايات، وإدارة الملوِّثات الخيطرة بشكل فعال، وغيرها من الحلول.

تلوث الهواء أسباب تلوث الهواء هنالك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى تلوّث الهواء (بالإنجليزية: Air Pollution)، وفيما يأتي أبرز الأسباب والمصادر لذلك: الملوِّثات الصناعية: تُعدّ عمليات المُعالجة الصناعية، في مصانع المعادن، والصهر، ومصانع الورق واللب، ومحطات تكرير النفط، ومصانع المواد الكيميائية، ومصانع السكر، والقطن، ومحطات تصنيع المطاط مسؤولة عن خُمس تلوّث الهواء، وتحتوي على الملوِّثات الآتية: الملوِّثات الناتجة عن محطات الطاقة، والمداخن الصناعية عن احتراق الوقود الأحفوري، وهي: غاز ثاني أكسيد الكربون، وغاز أول أكسيد الكربون، وغاز ثاني أكسيد الكبريت، وغاز كبريتيد الهيدروجين، والهيدروكربونات. الملوِّثات الناتجة عن مصانع الأسمدة الفوسفاتية، واستخراج الألومنيوم، وحرق السيراميك، وصناعة الصلب، وتصنيع بعض المواد الكيميائية، وتشمل مُركبات الفلور. الملوِّثات الناتجة عن عمليات تصنيع المعادن، كالغُبار والأبخرة المُحمَّلة بالرصاص، والكروم، والنيكل. الملوِّثات الناتجة عن عمليات تصنيع بعض المواد الكيميائية، وهي: حمض الهيدروكلوريك، والكلور، وأكاسيد النيتروجين، والرصاص، والزنك، والزرنيخ، وأكاسيد النحاس. المَركبات: تُعدّ المركبات أكبر مصادر تلوّث الهواء، حيث تُنتِج ما يُقارب ثُلثي انبعاثات غاز أول أكسد الكربون، وحوالي نصف انبعاثات الهيدروكربونات وأكسيد النيتروس، كما تُنتِج عوادم المركبات بعض الغازات مثل الرصاص الذي له آثار سلبية على المجتمعات الحيوية، وتُنتِج العديد من المركبات العضوية المتطايرة التي تنتج عن احتراق الوقود في المركبات. حرق الوقود الأحفوري: يتمّ حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة للقيام بالعديد من الأنشطة كالطبخ، والتدفئة، والإنارة، والغسيل، وغيرها، وينتُج عنه مجموعة مُتنوعة من الملوّثات، منها: الهيدركروبونات، وغاز ثاني أكسيد الكبريت، وتجدر الإشارة إلى أنّ محطات الطاقة الكهربائية، ومحطات حرق الوقود الأحفوري وخاصة الفحم تُنتِج حوالي ثُلثي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكبريت في الهواء. انبعاثات الطائرات: يُنتِج التلوّث الناشئ عن الطائرات بعض الغازات التي تساهم أيضاً تلوّث الهواء في العالم، حيث إنّها مسؤولة عما نسبته 2.5% من انبعاثات غاز أول أكسيد الكربون، بالإضافة إلى ما نسبته 1% من انبعاثات المُركبات الهيدروكربونيّة، كما تُطلق الطائرات بعض الأدخنة التي تحتوي على العديد من الجزئيات الدقيقة التي تنتشر في الهواء، وتبعثر الضوء، وتحجب الرؤية. الأنشطة الزراعية: تُنتِج عمليات حرق الغابات والمراعي وغيرها من الأراضي الزراعية حوالي 60-65% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، كما تُنتِج حقول الأرز، وحرق الكتلة الحيوية، وعملية الإخراج لدى المواشي ما نسبته 40% من انبعاثات غاز الميثان، بالإضافة إلى أنّ استخدام المُبيدات الحشرية مسؤول عن انبعاثات مُركبات الفوسفات العضوية، والهيدروكربونات المُكلورة، والزرنيخ، والرصاص. الإشعاعات المؤيّنة: تمتاز هذه الأشعة بامتلاكها طاقة كبيرة وكافية لتأيين الذرات والجزئيات، ومن الأمثلة على الإشعاعات المؤينة جُسيمات ألفا وبيتا الناتجة عن الانفجارات النووية، والتجارب العلمية التي تستخدِم النظائر المُشعّة، واختبار الأسلحة النووية، كما يُمكن أن تَنتُج الإشعاعات المؤيّنة من عمليات التحلل الإشعاعي للمواد والتي تحدث بشكل طبيعي في البيئة. الإشعاعات الكونيّة: يتعرض الغلاف الجوي بشكل مُستمر إلى اختراق جُسيمات مشحونة عالية الطاقة من الفضاء الخارجي، وتُسمى الأشعة الكونيّة الأولية، وعند اختراقها للغلاف الجوي فإنّها تفقد جزءاً من طاقتها تدريجياً لتختفي تماماً عند اصطدامها بذرات الأكسجين والنيتروجين، الأمر الذي ينتج عنه أشعة ثانوية مُغايرة تماماً للأشعة الأولية وذات طاقة أقل. الجزيئات المُعلقة: تُعدّ هذه المادة مُلوِّثاً رئيسياً للهواء، إذ تحوي الغُبار من عِدة مصادر مُختلفة أهمّها غبار الفحم الناتج عن محطات الطاقة، ومصافي النفط، بالإضافة إلى غُبار الإسمنت والسيليكا الناتج عن تكسير الحجارة، كما يُذكر أنّ وسائل النقل تُنتِج كميات كبيرة من الغُبار أيضاً.

مشكلات البيئة الزراعية وحلولها

تلعب التربة دوراً هاماً في نمو النباتات وحياتها ، وتعد الأساس الذي تقوم عليه عمليات الإنتاج الزراعي والحياة الحيوانية ، كما تحوي التربة على كثير من الكائنات الحية الدقيقة ، والديدان ، والحشرات . وتكمن أهمية التربة في كونها وسطاً استنادياً للنباتات تنمو فيها الجذور ، وعن طريقها تمتص النباتات الماء والأملاح المنحلة التي تحتاجها . ويتوافر في التربة الشروط البيئية المختلفة من الجفاف والرطوبة والتهوية والحرارة والملوحة وغيرها . وتعد كذلك أحد المكونات الرئيسية لدورات العناصر الأساسية الطبيعية وذلك لأن مكونات التربة تعتمد على مكونات الهواء والماء وتركيب الهواء يعتمد على التربة والماء وهكذا كما تعد التربة من أعقد الأنظمة الطبيعية ، لأنها تؤلف نظاماً خاصاً متعدد الأطوار وغير متجانس فهي تتكون من طور صلب ، وطور سائل ، وطور غازي .

وتعرف التربة بأنها الطبقة السطحية من الأرض ، وقد تكونت خلال سلسلة من العمليات المعقدة خلال ملايين السنين .

وتلوث التربة يعني دخول مواد غريبة في التربة أو زيادة في تركيز إحدى مكوناتها الطبيعية ، الأمر الذي يؤدي إلى تغير في التركيب الكيميائي والفيزيائي للتربة ، وهذه المواد يطلق عليها ملوثات التربة وقد تكون مبيدات أو أسمدة كيميائية أو أمطار حمضية أو نفايات (صناعية – منزلية – مشعة وغيرها … ) وغيرها .

تعتبر التربة ملوثة باحتوائها على مادة أو مواد بكميات أو تركيزات على غير العادة سواء بالزيادة أو النقصان فتسبب خطر على صحة الإنسان والحيوان والنبات أو المنشآت الهندسية على حساب الأراضي الزراعية أو المياه السطحية والجوفية وتعتبر من أبرز مشكلات البيئة وأكثرها تعقيداً وأصعبها حلاً .

ويؤدي تلوث التربة إلى تلوث المحاصيل الزراعية ، الأمر الذي يؤدي إلى الإضرار بصحة الإنسان الذي يتغذى عليها مباشرة ، وعن طريق انتقال الملوثات إلى المنتجات الحيوانية كالحليب والبيض واللحم.

ومصادر تلوث التربة عديدة منها الغلاف الجوي والغلاف المائي والغلاف الحيوي بما في ذلك الإنسان وأنشطته.

يمكن تصنيف ملوثات التربة حسب منشئها إلى ملوثات طبيعية وملوثات بشرية، ويمكن تقسيمها حسب طبيعتها إلى ملوثات حيوية وملوثات كيميائية.

الملوثات الطبيعية:
الانجراف (بالإنجليزية: Weathering)‏
الانجراف هو ظاهرة طبيعية تتمثل في تعرية وتآكل الطبقة السطحية من التربة ونقلها بفعل العوامل المناخية وأهمها الرياح والمياه. ويمكن تقسيمه إلى انجراف هوائي (أو ريحي) وآخر مائي. وهي من أخطر العوامل التي تهدد الحياة النباتية والحيوانية، ويترتب على التعرية انجراف المواد الخصبة اللازمة لنمو النباتات. وتكمن خطورة الانجراف في سرعة حدوثه حيث يتم ذلك خلال عاصفة مطرية أو هوائية واحدة فيما نجد أن إعادة التوازن إلى التربة يتم بسرعة بطيئة جداً ويتطلب زمناً طويلاً. وعلى سبيل المثال فإن تشكل طبقة تربة سماكتها 18 سم تحتاج إلى زمن قدره 5000 عام حيث أن تشكل التربة يجري بسرعة تقدّر بـ 0.5 – 2 سم لكل مئة عام، وإن تخريب هذه الطبقة التي سماكتها 0.5 – 2 سم بسبب العواصف المطرية أو الهوائية يحتاج إلى 20 -30 سنة ، وتقدر الأراضي الزراعية التي خربت في العالم في المائة سنة الأخيرة بفعل الانجراف بأكثر من 23% من الأراضي الزراعية. ، كما أن للإنسان دوراً في زيادة انجراف التربة يتمثل في:

– تخريب وإزالة الغطاء النباتي

– حرث التربة في أوقات غير مناسبة مثل الفترات الجافة من العام مما يفكك حبيبات الطبقة السطحية منها.

– الرعي الجائر وخاصة في الفترات الجافة، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل الغطاء النباتي ويفكك التربة السطحية ويجعلها أكثر عرضة لتأثير الرياح.

التصحر (بالإنجليزية: Desertification)‏
التصحر يعني التدهور في النظم البيئية أي الإخلال بمكوناتها وتدهور خصائصها الحيوية، وقلة إنتاجها إلى درجة عجز هذه النظم عن توفير متطلبات الحياة الضرورية للحيوان والإنسان ، بحيث ينتهي شكل الأرض الزراعية والرعوية وتميل إلى أن تكون صحراوية. وقد ينتج التصحر بسبب عوامل مناخية (مثل الجفاف وندرة الأمطار) أو بسبب ازدياد نسبة الملوحة أو زحف الرمال أو بسبب تدخل البشر (مثل عمليات الرعي الجائر أو تحويل الأراضي إلى عمرانية أو صناعية)

الملوثات البشرية (الصناعية):
التلوث بالمخلفات الصلبة:
إن التقدم الذي عرفته الصناعة وما تقدمه المصانع من نفايات صلبة تنتقل للتربة فتسهم في هدم النظام البيئي، وتختلف هذه المخلفات في النتائج المترتبة على تلويثها؛ فالمخلفات الصلبة النباتية (خشب أو ورق) أو الحيوانية (عظام أو جثث) في التربة، تقوم الكائنات الدقيقة بتحليلها للحصول على الطاقة معطية المواد المعدنية التي تعود للتربة. أما المخلفات الصلبة الصناعية (حديد، ألمنيوم، بلاستيك ومطاط صناعي) فهي مواد غير قابلة للتحلل بيولوجياً أو أن تحللها بطيء جداً ويحتاج لمئات السنين، وبالتالي فإنها تتراكم تدريجياً وتضر بالأنظمة البيئية ، وكذلك هناك المخلفات الصلبة الزراعية الناتجة عن كافة الأنشطة النباتية والحيوانية ومن أهمها (إفرازات الحيوانات وجيف الحيوانات وبقايا الأعلاف ومخلفات حصاد النبات) وعموماً لا تشكل هذه المخلفات مشكلة بيئية إذا ما أعيدت إلى دورتها الطبيعية مثل استعمال إفرازات الحيوانات كسماد للتربة الزراعية، وهناك المخلفات الناجمة عن الإنشاءات والبناء وهي عبارة عن نفايات خاملة لا تسبب خطراً على صحة الإنسان وتنتج عن هدم وبناء المنشآت نظراً لعدم احتوائها على مواد ضارة في البيئة ويمكن استعمالها في عمليات الردم المختلفة وفتح الطرق العامة وتسوية المنحدرات على جوانب الطرق وغيرها ، كما أن التزايد السريع للسكان ساهم في ظهور نفايات منزلية صلبة بحاجة للتخلص منها كالزجاج والعلب المعدنية الفارغة.

طرائق التخلص من المخلفات الصلبة:

1- دفن المخلفات الصلبة ضمن التربة في حفر خاصة بعيداً عن النطاق العمراني للمدن ثم يتم تغطيتها بالتراب ويسوى بعد ذلك سطح التربة. ولتجنب تأثيرات هذه الطريقة في تلوث المياه الجوفية والتربة من جراء هذا الدفن فإنه يجب اتباع عدة طرق فنية. وهذه الطريقة مستخدمة في مدينة دمشق وغيرها للتخلص من النفايات المنزلية، ولهذه الطريقة عدة عيوب.

2- إحراق المخلفات: تقوم بعض الدول بحرق بعض المخلفات الصلبة بهدف التخلص منها، ويستفاد من الطاقة الحرارية الناتجة عن الحرق في إنتاج البخار الذي قد يستعمل في التدفئة أو في توليد الكهرباء. وتعتبر هذه الطريقة مناسبة من وجهة نظر المهتمين بالتخلص من المخلفات الصلبة ولكنها لا تعتبر مناسبة تماماً من وجهة نظر المهتمين بمقاومة التلوث وذلك لأن إحراق هذه المخلفات يسبب تلوثاً في الجو عن طريق الغازات المنطلقة والدقائق المعلقة والدخان. ولذلك يجب أن تكون الأفران التي تحرق فيها هذه المخلفات بعيدة كل البعد عن المناطق السكنية وبعيدة أيضاً عن مهب الرياح.

3- جمع وإعادة استخدام المخلفات: فالنفايات الورقية يعاد تدويرها واستعمالها كمصدر للصناعة، أما المواد الزجاجية فتستخدم كمواد أولية لصناعة الزجاج، والعلب المعدنية الفارغة يعاد تصنيعها مرة ثانية، وغيرها من المخلفات الزراعية والبلاستيكية. وتساعد هذه الطريقة على التخلص من جزء كبير من مخلفات المدن بجانب أن لها بعض القيم الاقتصادية. فنجد مثلاً في اليابان أن 40% من إنتاجها الورقي يعتمد على النفايات الورقية وفي الولايات المتحدة 50% من العلب المنتجة يعتمد إنتاجها على نفايات العلب المعدنية الفارغة.

4- تحويل المواد العضوية إلى سماد عضوي لاستخدامه في تحسين الإنتاج الزراعي.

5- إلقاء المخلفات الصلبة في البحار والمحيطات: وهذه الطريقة غير سليمة وغير مقبولة لأنها تسبب إخلالاً كبيراً في البيئة المائية وإفساداً للحياة في ذلك القطاع الحيوي.

التلوث بالمخلفات السائلة:
يقصد بالمخلفات السائلة مياه المجاري، ومخلفات المصانع والدباغات، ومياه المنظفات الكيميائية والزيوت المعدنية المستعملة، وينتج تأثيرها الملوث من تسربها بواسطة المياه خلال الطبقات المسامية للتربة ، وتعمل على قتل الكائنات الحية فيها ، وتصل إلى المياه الجوفية فتلوثها وتمنع بذلك استخدامها في الشرب. بالإضافة لذلك فإن المخلفات السائلة وعند اختلاطها بالمياه الملوثة تصبح بؤرة لانتشار الجراثيم والطفيليات الممرضة، وتنتقل هذه الكائنات إلى الإنسان من خلال المزروعات وخاصة تلك التي تؤكل مباشرة دون طبخ. وتؤدي المخلفات السائلة إلى تملح التربة وهدم بنيتها الفيزيائية. وخير مثال على تلوث التربة بالمخلفات السائلة ما يشاهد في قرى دمشق وغوطتها الواقعة على نهر بردى الملوث بمختلف أنواع الملوثات المائية والتي تنتقل إلى الأراضي المزروعة وتقلل من إنتاجيتها.

التلوث بالمبيدات:
المبيدات عبارة عن مركبات كيميائية متفاوتة السمية تحقن في المحيط الحيوي لعلاج حالات عدم التوازن التي حلت به، وتحظى التربة دون غيرها من الأوساط البيئية بالجزء الأكبر من هذه المواد السامة، حيث تستخدم تلك المواد في مقاومة الآفات الزراعية التي من أهمها الحشرات والحشائش والفطريات وبعض الأحياء الأخرى التي تقطن التربة. والمبيد المثالي هو ذلك المبيد الانتقائي الذي يؤثر فقط على الآفة التي يستعمل من أجل مكافحتها دون أن يؤثر على أعدائها من الحشرات النافعة والذي يتحلل بسهولة وفي زمن قصير نسبي إلى مواد غير سامة والذي لا يتركز في السلسلة الغذائية، أما عكس ذلك فيعتبر ملوثاً خطراً على البيئة وهي كثيرة ، وفي الواقع فإن معظم المبيدات لا تكون انتقائية في عملها. وتكمن خطورة المبيدات الكيميائية في بقائها بالتربة لعدة سنوات وأثرها التراكمي أو ما يسمى التراكم الحيوي (بالإنجليزية: Bioaccumulation)‏ أي انتقال العناصر السامة وتراكمها بواسطة السلسلة الغذائية. إن الاستعمال المستمر للمبيدات يؤدي إلى زيادة في تركيز العناصر السامة في نسج النباتات والمحاصيل الزراعية التي تنتقل بدورها إلى الحيوانات (أبقار وأغنام) التي تتغذى على هذه المحاصيل، ثم تنتقل للإنسان عن طريق تناوله للخضار والفواكه واللحوم والأسماك كل ذلك يؤدي إلى أضرار فيزيولوجية في العضوية. وقد تحمل الأمطار هذه المبيدات من التربة إلى المجاري المائية؛ فتسبب كثيراً من الأضرار على الكائنات الحية الموجودة في هذه الأوساط. وفي بعض الحالات ترش هذه المبيدات في الحقول بواسطة الطائرات من الجو، ولا تؤدي هذه الطريقة إلى تلوث التربة فقط بل تؤدي أيضاً إلى تلوث الهواء بقدر كبير قد يصل أحياناً إلى 50% من المبيد المستعمل. ويؤدي الإسراف في استخدام المبيدات إلى فقدان التوازن الطبيعي القائم بين الآفات وأعدائها الطبيعيين. ويتأثر الإنسان كذلك بهذه المبيدات، فالعمال الذين يعملون في مصانع هذه المبيدات يتأثرون بها بطريقة مباشرة إما عن طريق الملامسة، وإما عن طريق استنشاق أبخرتها، كما يتعرض لهذا الخطر العمال الذين يقومون برش هذه المبيدات في الحقول. والأمثلة على ذلك كثيرة: ففي الهند بلغت حالات التسمم بالمبيدات نحو 100 حالة عام 1958، وفي سوريا بلغت هذه الحالات نحو 1500 حالة أوائل الستينيات، كما تسمم أيضاً نحو 336 فرداً في اليابان منذ عدة سنوات. ومما يزيد من مشكلة استخدام المبيدات أن مقاومة الآفات للمبيدات قد زادت إلى درجة أن الآفات قد اكتسبت مناعة ضد هذه الأنواع من المبيدات وبالتالي فهي لم تعد تموت بجرعات كانت قاتلة لها من قبل.

ومن المبيدات الحشرية نذكر منها: مركب D.D.T وهو أكثر المبيدات شهرة وأكثرها انتشاراً حتى الآن. ويعرف الــ D.D.T كيميائياً باسم ثنائي كلورو ثنائي فينيل ثلاثي كلورو الإيثان ، وبدأ استعماله في الحرب العالمية الثانية كمبيد حشري، وقد مُنع استخدامه أو حدّد في العديد من الدول كأمريكا وكندا والسويد نظراً لاحتوائه على مركبات كلورية سامة، ومن خواص هذا المبيد أنه شديد الثبات يبقى دون أن ينحل زمناً طويلاًن ويقال أن هناك نسبة ما من هذا المبيد في جسم كل إنسان على سطح الأرض مهما كانت هذه النسبة ضئيلة.

التلوث بالأسمدة الكيميائية:
لقد كان الإنسان قديماً يستخدم الأسمدة في الزراعة لما لها من تأثير جيد على خصوبة التربة وبالتالي زيادة في المحصول ، وكانت الأسمدة قديماً من النوع العضوي ( أي من مخلفات الحيوان وبقايا النبات ) حيث تتحلل في التربة ببطء بفعل الأحياء الدقيقة وينتج عن ذلك مواد ذائبة سهلة الامتصاص ، وبكميات تفي باحتياجات النبات ، وبزيادة عدد السكان وتوسع الرقعة الزراعية اتجه المزارعون إلى استخدام الأسمدة الكيميائية التي تحوي على مركبات الفوسفات والنترات لزيادة خصوبة التربة وزيادة إنتاجها من المحاصيل الزراعية . وإن الاستخدام المفرط لهذه الأسمدة بكميات تزيد عن حاجة النبات الفعلية ( وخاصة زيادة الأسمدة النتروجينية ) فإن جزءاً كبيراً من هذه الأسمدة يبقى في التربة وهو الجزء الذي يزيد عن حاجة النبات . ويمثل هذا الجزء المتبقي إسرافاً من الناحية الاقتصادية ، وهو أحد عوامل تلوث التربة ، وعند ري هذه التربة فإن جزء من هذه الأسمدة النتروجينية يذوب في مياه الري حتى تصل في نهاية الأمر إلى المياه الجوفية في باطن الأرض ، الأمر الذي يؤدي إلى أضرار عديدة منها :

1- تؤدي إلى تسمم الحيوانات التي تتغذى على النباتات الحاوية على كمية زائدة من النتروجين.

2- كما أن حفظ النباتات في الصوامع يؤدي إلى تخمرها ، وبالتالي تصاعد غاز ثاني أكسيد النتروجين H2S الذي يؤثر بدوره على صحة العاملين .

3- زيادة النتروجين تؤدي إلى تزايد أعداد البكتريا الضارة في التربة ، التي تعمل على تحويل المواد النتروجينية الموجودة في الأسمدة إلى نترات و بالتالي تزايد التلوث بالنترات .

4- يعد الماء الذي يزيد محتواه من النترات عن 10 ppm غير صالح للشرب ، وفي حال تناول الإنسان لهذه المياه فإن البكتريا الموجودة في الجهاز الهضمي تقوم باختزال النترات إلى نتريت والذي بدوره ينتقل إلى الدم و يتحد مع الهيموغلوبين ، فيفقد الهيموغلوبين قدرته الطبيعية على امتصاص غاز الأكسجين ونقله إلى الخلايا وهذه الحالة يطلق عليها اسم حالة تسمم الدم ، وهي حالة خطيرة تمنع وصول غاز الأكسجين إلى الخلايا ، فتموت هذه الخلايا ، مما يؤدي إلى وفاة الكائن الحي

5- وقد لوحظ أن تركيز النترات في المجاري المائية يزداد يوماً بعد يوم ، وأوشك أن يصل في تركيزه في بعض البحيرات إلى مستويات تنذر بالخطر ، وقد فقدت عدد من البحيرات صلاحيتها لأخذ مياه الشرب منها ، كما أصبحت معرضة لظاهرة التشبع الغذائي ، فمركبات النترات تشترك مع مركبات الفوسفات في تحويل مثل هذه البحيرات إلى مستنقعات تنعدم فيها الحياة .

6- وقد تصل النترات إلى الإنسان عن طريق الأطعمة المعلبة ، حيث يستخدم قليل من مركبات النترات والنتريت بهدف حفظها من الفساد والتلف ، باعتبار أن لهذه المركبات خواص مضادة للجراثيم.

ولزيادة مركبات الفوسفات ( أو مركبات الفوسفور ) في المياه الجوفية في باطن الأرض تأثيراً على المجاري المائية ، وتؤدي زيادة نسبتها في هذه المجاري إلى الإضرار بحياة كثير من الكائنات الحية ، التي تعيش في مختلف المجاري المائية .

ومركبات الفوسفات مركبات ثابتة من الناحية الكيميائية ، ولذلك فإن آثارها تبقى في التربة زمناً طويلاً ، ولا يمكن التخلص منها بسهولة . كذلك فإن هذه المركبات تتصف بأثرها السام على كل من الحيوان والإنسان وبالتالي فإن زيادتها في المجاري المائية أو في المياه الجوفية التي تؤخذ منها مياه الشرب يعتبر أمراً غير صحي . وكذلك تتسبب زيادة نسبة مركبات الفوسفات في مياه البحيرات إلى حدوث نمر زائد للطحالب وبعض النباتات المائية الأخرى ، الأمر الذي يؤدي إلى وصول هذه البحيرات إلى حالة التشبع الغذائي وهي ظاهرة تحدث لكثير من البحيرات التي تلقى فيها مياه الصرف الصحي ، فتتحول هذه البحيرات مع مرور الزمن إلى مستنقعات خالية من الأكسجين ، وكذلك تخلو تماماً من الأسماك وغيرها من الكائنات الحية .

ويتضح مما سبق أنه يجب أن يكون هناك توازن بين ما تحتاجه النباتات من هذه المخصبات ، وما يضاف منها إلى التربة الزراعية ، حتى لا تتسبب الكميات الزائدة من هذه المخصبات في الإضرار بعناصر البيئة المحيطة بهذه التربة ، أو استعمال مواد أخرى أقل ضرراً بصحة الإنسان وباقي الكائنات.

المعادن الثقيلة Heavy Metals :
يقصد بالمعادن الثقيلة كافة المعادن التي تزيد كثافتها عن 5 غم/سم3 ، وما يقل عنها تدعى بالمعادن الخفيفة

تؤدي بعض هذه المعادن دوراً مهماً في حياة الأحياء وفعاليتها البيولوجية المختلفة ، فالحديد له أهمية معروفة في تركيب الدم والأنزيمات ، وتعد كل من عناصر المنغنيز والزنك والنحاس محفزات أنزيمية ، ولكن تكون هذه المعادن سامة وخطرة في تراكيز معينة . ومما يزيد من خطورة هذه المعادن في البيئة هو عدم إمكانية تحليلها بواسطة البكتريا والعمليات الطبيعية الأخرى فضلاً عن ثبوتيتها والتي تمكنها من الانتشار لمسافات بعيدة عن مواقع نشوئها أو مصادرها ، ولعل أخطر ما فيها يعود إلى قابلية بعضها إلى التراكم الحيوي في أنسجة وأعضاء الكائنات الحية في البيئة المائية أو اليابسة . ولبعض المعادن الثقيلة خواص إشعاعية ، أي أنها تكون بمثابة نظائر مشعة Radioactive Isotopes ، لذا فإن هذه المعادن ستحمل مخاطر مزدوجة على البيئة من حيث كونها سامة ومشعة في نفس الوقت ، كما هو الحال في الزنك 65 المشع ، واليورانيوم 235.

تصاب التربة بتلوث المعادن الثقيلة كالرصاص والزئبق والكادميوم ، التي تصل إلى التربة مع النفايات التي يتم دفنها في التربة ، أو مع مياه الري الملوثة ، أو نتيجة لتساقط المركبات العالقة في الهواء لهذه المعادن ، وهي معادن شديدة السمية ، وتتركز بصورة كبيرة في أنسجة النباتات والثمار ، حيث تنتقل بدورها عبر السلسلة الغذائية للإنسان .

الأمطار الحمضية:
تعتبر غازات أكاسيد النتروجين وأكاسيد الكبريت المتصاعدة المكون الرئيسي للأمطار الحمضية وذلك عند تفاعلها مع جزيئات بخار الماء Water Vapor وبالتالي تتكون هذه الأمطار وتتساقط على شكل حمض النتريك وحمض الكبريتيك ، وتعتبر الأمطار حمضية إذا انخفض رقمها الهيدروجيني إلى 5 فما دون ، كما أن هناك ما يعرف بالأمطار القاعدية التي يصل رقمها الهيدروجيني إلى 8 فما فوق وعادة ما تكون غنية بالكالسيت وغيرها من المواد كالكربونات المذابة وينحصر سقوطها في المناطق الجافة وشبه الجافة ولا تشكل أخطاراً مقارنة بالأمطار الحمضية .

وتؤدي الأمطار الحمضية إلى إحداث تغير في طبقة التربة الزراعية وتذيب عدداً من العناصر والمركبات التي تسري إلى جوف التربة ومن ثم إلى المياه الجوفية التي قد تستخدم في الشرب أو ري المزروعات . كما تعمل الأمطار الحمضية على زيادة حموضة التربة مما يؤثر على أحياء التربة ويلحق الضرر في خصوبتها وتؤدي إلى موت النباتات ، كما يمكن أن تحتوي هذه الأمطار عند تسربها في جوف التربة على عناصر ذائبة خطرة وسامة مثل المعادن الثقيلة كالرصاص والزئبق.

التلوث الإشعاعي:
بدأت مشكلة التلوث بالمواد المشعة تبرز بعد اكتشاف النشاط الإشعاعي في بداية القرن ولم تظهر المشكلة إلا بعد 1945 حينما تمكن الإنسان من تفجير القنابل النووية والقنابل الهيدرجينية ، وتقدر العناصر المتكونة من تفجير قنبلة نووية واحدة بحوالي 200 عنصر مشع ، حيث يتصاعد الغبار الذري الناتج عن الانفجار في العادة إلى عدة كيلومترات ثم يتساقط على الأرض أو ينتشر في الهواء ولا يلبث أن يتسرب الغبار الذري بطريقة ما إلى المياه الجوفية والأنهار والبحار. وفي حالات الانفجارات الهائلة التي تزيد على خمسين ميكا طن ( أي أن قوة انفجارها تعادل تفجير خمسين مليون طن من مادة T.N.T ) فإن الغبار الذري الناتج قد يدور عدة مرات حول الأرض قبل أن يتم نزول جميعه إلى سطح الأرض ، وهذا هو السبب الرئيسي الذي دعا الدول الكبرى لتوقيع معاهدة تحريم التفجيرات النووية في الجو عام 1963 ، إلا أنها لا تمنع التفجيرات في باطن الأرض.

وتأتي خطورة العناصر المشعة من كونها ذات صفة تراكمية أي أنها تنتقل من الوسط إلى الكائنات النباتية والحيوانية مع زيادة في التركيز في كل مرحلة من مراحل انتقالها عبر السلسلة الغذائية ، وإذا تلقى الجسم أو أي عضو من أعضائه دفعات متقطعة حصلت فيه أضرار مختلفة ، وحتى الجرعات القليلة جداً من الإشعاعات يمكن أن تؤثر على خلية واحدة ، وإن كانت الخلايا المتضررة هي الخلايا الجنسية ، فيمكن أن يحدث خلل وراثي Genetic injury والذي من الممكن أن ينتقل إلى الأجيال القادمة ، أو ظهور تشوهات عند الأطفال الذين يولدون في مناطق تعرضت إلى مصدر إشعاعات كما هي الحال عند الأطفال اليابانيين الذين ولدوا بعد إلقاء القنابل الذرية على هيروشيما وناغازاكي سنة 1945.

حلول مشاكل البيئة

الوعي الذاتي لدى الشخص بمخاطر التلوّث.

· وقف تراخيص مزاولة النشاط الصناعي الذي يدمر البيئة.

· تهجير الصناعات الملوثة للبيئة بعيداً عن أماكن وجود السكان.

· تطور أساليب مكافحة تلوث الهواء.

· تطوير وسائل التخلص من القمامة والنفايات، وخاصة الحدّ من

عمليات حرق النفايات في الهواء الطلق.

· القيام بعمليات التشجير على نطاق واسع للتخلص من ملوثات الهواء

وامتصاصها.

من الصعب القضاء على مشكلة التلوّث نهائيّاً؛ لأنّ كلّ مسببات التلوث البيئي هي بالنهاية مواد مهمة في حياة الإنسان ولا يمكن الاستغناء عنها، إلّا أنّه مع مرور الوقت أصبح من الممكن استخدام تقنيات تقلّل من التلوث البيئي دون التأثير على حياة الإنسان؛ حيث إنّ هناك طرق لتشغيل المصانع قليلة التلوث، كما أنّ هناك مبيدات تستخدم للنباتات سريعة التحلّل، والتي تسبّب تلوّثاً أقل، ومن الممكن استبدال استخدام المبيدات باستخدام فضلات الحيوانات بدلاً من رميها ووصولها إلى المياه، ممّا يؤدّي إلى انتشار الكثير من الأمراض.
إنّ هذه الحلول من المفروض أن تقوم الحكومات بتبنّيها حفاظاً على سكّانها وسنّ القوانين التي من شأنها الحد من التلوث البيئي إلى أقل درجة ممكنة، فهناك الكثير من الأمراض التي ظهرت مؤخّراً وانتشرت من دولة لأخرى بفعل الهواء الملوّث، كما شهدنا العديد من حالات التسمّم الغذائي الناجمة عن تلوث الأتربة بفعل المبيدات.

كتاب المشكلات البيئية المعاصرة PDF

لتحميل الملف اضغط هنا

المشكلات البيئية PDF

لتحميل الملف اضفط هنا

السابق
معلومات عن  ” فندق متروبوليتان دبي “
التالي
السياحة في جزيرة بلو ووترز التي زارها الشيخ محمد بن راشد

اترك تعليقاً