الطبيعة

لماذا يسود الظلام في الفضاء

لماذا يسود الظلام في الفضاء

الفضاء الخارجي يحتوي على بعض الغازات وعلى غبار كوني، ولكنه لا يتمتع بغلاف جوي ليسبب تناثر الضوء، ومن ثَمَّ، فإنه يتشح بالسواد. فبمجرد أن يصطدم الضوء بجسم ما ويرتد منه، فإن الغلاف الجوي هو ما يسمح برؤية الألوان في الطيف المرئي. على الرغم من وجود كثير من النجوم في الفضاء الخارجي، فإنه لا يزال مظلمًا.

النور الذي يخيم على الكرة الأرضية كلها هو بفعل نجم واحد من النجوم ، فهو الذي يحترق من أجل أن ينير الكون كله ، وعندما تلف الأرض حول محورها ، وتكون هناك أجزاء لا تواجه الشمس فأنها تصبح مظلمة ، والحقيقة ، أن السؤال يكمن في كون الشمس نجم ، وبالليل يظهر الكثير من النجوم ، وعلى الرغم من ذلك فأن السماء تكون مظلمة ولا يكون هناك إلا إضاءة خافتة بفعل هذه النجوم ، ويكون الفضاء كله في حالة ظلام دامس ، وهناك سبب رئيسي في كون الشمس هي النجم الوحيد الذي يستطيع إضاءة هذا الكون ، ولا يمكن لملايين النجوم أن تفعل هذا .

الأمر يشبه أن تعيش في غرفة صغيرة مساحتها لا تتعدى العشرة أمتار ، و أن يضيء هذه الغرفة مصباح واحد من المصابيح ، فإن ظل الشخص داخل هذه المساحة فأن إضاءة هذا المصباح ستكون كافية بالنسبة له ، وسيكون المصباح منير لجميع أركانها ، ولكن أن كانت مساحة الغرفة تتعدى مئات الامتار ، فأن هذا المصباح إضاءته لن تكون كافية حتى تنير هذا الجزء الكبير جداً والمساحة التي تحتاج إلى إضاءة أكبر من ذلك بكثير ، وهذا هو الحال في الفضاء فإن النجوم الموجودة في وسط الفضاء هي جزء صغير جداً من كون كبير وفسيح .
وليس ذلك فقط بل أن هذا الكون يتمدد مع مرور الوقت ، ولا يظل على ذات المساحة التي كان عليها منذ أن خلقه الله منذ 13.8 مليار سنة ، وبسبب هذا التمدد المستمر فأن الكواكب ، والمجرات والنجوم بدأ تنجرف بعيداً عن كوكب الأرض ، وتزيد المسافة بيننا وبينهم ، حتى أن المسافة بينها وبين بعضها بدأت بالتزايد .
كما أن الضوء الذي يصل من الفضاء إلينا يقطع رحلة طويلة جداً قد تصل إلى ملايين السنوات الضوئية ، وهذا ما جعل القدر الذي يصل إلينا من هذه النجوم ، أو من المجرات مجتمعة قليل جداً ، كما هو الحال في الفضاء الذي يحتوى على مليارات من النجوم في كل مجرة من المجرات .
وعلى الرغم من ذلك فأننا نجد أنه في حالة ظلام دامس طوال الوقت ، ويرجعه ذلك إلى أن كل مجرة من المجرات بينها وبين الأخرى ، ملايين الكيلومترات ، كما أن الفضاء لا يوجد به توزيع متناسق للنجوم ، بمعنى أننا نجد منطقة من المناطق بها تكتل وعدد كبير من النجوم ، ومنطقة أخرى لا تحتوى إلا على عدد قليل من النجوم ، والمنطقة التي تحتوى على تكتل بعيدة كل البعد عن المنطقة الأخرى لذلك تكون إحداهما منيرة ، والأخرى مظلمة .
كما أن الأمر لا يرجع إلى الأسباب السابقة فقط ، وإنما يرجع إلى طبيعية الضوء ، حيث أن الضوء لا يمكن له أن ينتشر إلا إذا وجد جسم صلب يصطدم به ، فإن وقفت في غرفة مظلمة ووجهة أحد أنوار المصابيح الصغيرة إلى الحائط فأنك ستلاحظ أن هذا الحائط أصبح كله منير ، ولكن الأمر ليس كذلك في الفضاء ، فالفضاء عبارة عن مكان فسيح فارغ ، حتى أن الأجسام التي توجد بداخله أغلبها مكونة من الغازات ، لذلك فأن الضوء عندما يصدم بهذه الأجسام فأنه لا ينتشر وإنما يمر من خلالها ، فيظل الضوء يسير في هذا الفراغ الفسيح دون أن يجد أي جسم يصدم به ، وأن وجده فأن يجده بعد رحلة طويلة جداً تجعله يفقد كل طاقته الضوئية ، ولا يصلنا من الضوء إلا القليل .

سبب ظلمة الفضاء

إذا كان الكون لا نهائي ومليء بالنجوم والمجرات، فلماذا لا نرى شيئاً في كل مكان ننظر إليه؟

بحسب (ستيفن فراي)، فعندما تشعر بأنك تنظر إلى حيز من السواد أو الفراغ أمامك، وبأن المستقبل هو مكان يستحيل وجوده، وبأن الاتجاه الذي تسير به يبدو غير مفيد، فإنك ستصاب باليأس، وهو شعور فظيع جداً.

في بعض الأحيان، تكون أبسط الأسئلة هي ما يقوم بتوليد أعمق الأفكار من إجاباتها.

هل تبدو سماء الليل مجرد مساحة سوداء لأن الجنس البشري لا يمكنه أن يرى سوى لمسافة محدودة؟ وبعبارة أخرى، لماذا تبدو سماء الليلة مظلمة وخالية من الضوء؟

إذا فكرت في الأمر، فقد يبدو لك في الحقيقة بأنه سؤال ليس له أي معنى، بالتأكيد، نحن نمتلك غلافاً جوياً شفاف يسمح لنا بالرؤية في أعماق الفضاء الشاسع عندما تنتقل الشمس إلى الجانب الآخر من عالمنا، كما أن موقعنا في مجرتنا يعني أنه لا يوجد سوى جزء من الكون محجوب نتيجة غازات المجرة وغبارها التي تمنع الضوء من المناطق الوسطى من مجرة درب التبانة من الوصول إلينا، ولكن إذا كنا نعيش في كون لانهائي حقاً، فإذا نظرنا في فراغ الفضاء السحيق لفترة طويلة بما فيه الكفاية، فسنجد في نهاية المطاف نقطة مضيئة من الضوء في أي اتجاه ننظر إليه.

بالتأكيد، يمكننا أن ننظر إلى أعمق أعماق الفضاء الخالي، حيث لا يمكن رؤية النجوم أو المجرات سواءً بالعين المجردة أو من خلال التلسكوبات التقليدية، ولكن يمكننا ضبط تلسكوب الفضاء هابل للتحديق في ذلك المكان لساعات أو حتى أيام في كل مرة، وعندما نفعل ذلك، سنجد بأن الكون في الواقع مليء بالنجوم والمجرات، فمنذ ملايين ومليارات أو حتى عشرات مليارات السنين الضوئية، كانت أضواء النجوم تسافر في جميع أنحاء الكون، وتصل إلينا لنلتقطها باستخدام أفضل معدات الرصد لدينا، وعلى الرغم من أن التقاط ما يكفي من الفوتونات من هذه المسافة الكبيرة قد يستغرق الكثير من الوقت، ولكن مع وجود 170 مليار مجرة مكتشفة على الأقل في جزء من الكون حتى الآن، قد نتساءل إذا كان هذا العدد غير نهائي حقاً.

كان من المسلم به في عام 1800 من خلال النظرية التي وضعها (هاينريش أولبيرز) بأنه إذا كان الكون لا نهاية له حقاً – مع عدد لا حصر له من النجم الساطعة – ففي نهاية المطاف، وبغض النظر عن الاتجاه الذي ننظر فيه، فإن عينيك تستطيع رؤية نجمة ما، وذلك على الرغم من أنك لن ترى المجرات كما يفعل العلماء، أي كمساحة فارغة بمعظمها، فما ستراه هو كل تلك النجوم فيها، بالإضافة إلى كل النجوم في المجرات التي توجد وراءها، وكذلك كل النجوم التي تقع بعيداً عنها حتى، وبغض النظر عن المسافة التي سيكون عليك السفر خلالها، سواء لمليارات، أو لتريليونات، أو لكاديليونات السنوات الضوئية أو حتى أكثر، ففي نهاية المطاف ستجد نجمة لا محال.

هذه معادلة رياضية بسيط واقعة، فإذا أخذت مساحة غير محدودة تحتوي على كثافة محدودة غير صفرية من “الأشياء”، ومن ثم إذا نظرت إلى أي مكان وفي أي (وكل) اتجاه، فستصل في النهاية إلى تلك “الأشياء” تحديداً بعد مسافة معينة، لذلك فإذا كنا نقول بأن الفضاء هو مكان مليء بالنجوم – حتى لو كان كمية قليلة منها – ولكنه لا نهائي وذو كثافة محددة ومنتظمة، فسنجد إحداها في نهاية المطاف بغض النظر عن المكان الذي ننظر إليه، وذلك حتى وإن حاولت المراوغة من خلال الزعم بأن هناك غبار خفيف يمتص الضوء ويمنعك من رؤيتها.

ذات النظرية الرياضية التي تخبرك بأن ضوء النجوم في النهاية سيلتقي في مكانك من جميع الاتجاهات، تنطبق على جميع المواقع في الفضاء، بما في ذلك أماكن تواجد الغبار، فمع مرور الوقت، ستقوم النجوم بتسخين الغبار بحيث يتوهج هو الآخر، وإذا كان هذا هو كوننا – ثابتاً، ولا حصر له ويحتوي على نجوم تتألق إلى الأبد – فإن سماء الليل ستكون مشرقة إلى الأبد.

ولكن ما الذي يمنع حدوث هذا إذن؟ صدقوا أو لا تصدقوا، إنه الانفجار الكبير! أو بمعنى آخر، حقيقة أن الكون لم يكن موجوداً منذ الأزل، وأنه لا يمكننا أن نرى سوى النجوم والمجرات التي تقع على بعد مسافة محدودة فقط – وبالتالي، وصول كمية محدودة من الضوء والحرارة والطاقة منها إلينا – هذا ما يفسر السبب الذي يمنع وجود كمية اعتباطية من الضوء في سماء ليلنا، وعلى الرغم من وجود عدد كبير من نقاط الضوء هناك، التي تنتشر في جميع أنحاء الكون، إلّا أن المقدار الذي يمكننا أن نراه، والذي يحده سرعة الضوء وفيزياء توسع الكون، هو محدود بعد كل شيء، وبالرغم من وجود احتمالية لأن يكون هناك أكوان أخرى، تحتوي على المزيد من النجوم والمزيد من المجرات في مكان أبعد مما يمكننا رؤيته، إلّا أنها لن تضيء سمائنا، وذلك لعدم وجود ما يكفي من الوقت منذ الانفجار الكبير ليصل هذا الضوء إلينا.

قد يعترض البعض بالقول بأن “الانفجار الكبير يخبرنا بأن الكون كان أكثر سخونة وأكثر كثافة في الماضي، ولذلك يجب أن يكون هناك إشعاع ناتج عن تلك الكثافة الحارة في كل مكان، وفي كل الاتجاهات، حتى يومنا هذا!” وهذا صحيح، فقد كان هناك وقت قبل حوالي 13,8 مليار سنة عندما كان الكون حار جداً لدرجة أنه لم يكن بمقدور الذرات المحايدة أن تتشكل، وذلك قبل أن تنشأ أي نجمة أو أي مجرة، ولكن عندما تشكلت تلك الذرات المحايدة أخيراً، أصبح هذا الضوء حر في السفر في خط مستقيم، وقادراً على الوصول إلى أعيننا من كل الاتجاهات في كل وقت، بغض النظر عن ما نقوم به.

حقيقة الأمر هي أننا نرى ونستقبل هذا الضوء، في كل مرة تقوم فيها بتشغيل التلفزيون القديم لدينا لتظهر تلك الشاشة المشوشة، ذاك “الثلج” الذي تراه على التلفزيون يأتي من جميع أنواع المصادر، سواء من إسال الإشارات الراديوية البشرية، أو الشمس، أو الثقوب السوداء، وجميع أنواع الظواهر الفيزيائية الفلكية الأخرى، ولكن حوالي 1% منه يأتي من توهج بقايا الانفجار الكبير والخلفية الكونية الميكروويفية، وإذا استطعنا أن ننظر في جزء من موجة الميكروويف / الراديو من الطيف الكهرومغناطيسي – بدلاً من الضوء المرئي – سنرى بأن سماء الليل كانت عملياً ذات سطوع موحد، مع بعض البقع الداكنة في كل مكان.

الجمع بين كلا الحقيقتين (أولًا الكون موجود منذ فترة محدودة من الزمن، وثانيًا لا يمكننا أن نرى الضوء سوى في الجزء المرئي من الطيف) يجعل سماء الليل تبدو مظلمة، بل في الواقع، يبدو بأن السبب الوحيد الذي جعلنا نتكيف مع رؤية الضوء الذي نراه في السماء هو أن أشعة شمسنا تبلغ آلاف الدرجات من الكلفن، وبالتالي فإن ما نراه من النجوم والمجرات، هي الكائنات التي تعكس ضوء شمسنا، وإذا ما كنا قادرين على رؤية جميع درجات الكلفن، لكانت سماؤنا كلها مشرقة، أي بمعنى آخر، فإن حواسنا البشرية المحدودة هي ما يجبرنا على استكشاف الكون في المقام الأول!

لماذا الفضاء أسود

إن سواد الفضاء راجع لسببين رئيسيين، أولهما عدد النجوم المحدود في الكون، وثانيهما قدرتنا المحدودة على الرؤية إلا من الطيف المرئي.

كوننا المحدود

بدأ البشر رصد السماء بالعين المجردة في الليالي المليئة بالنجوم، وكانت تلك الطريقة المتواضعة هي الأقوى وقد ألهمتنا لآلاف السنين، تستطيع العين المجردة رؤية أقل من 4.500 نجمة من سطح الأرض، بينما نعلم الآن أن عدد نجوم درب التبانة وحدها يبلغ 100 مليار نجمة.

إن لم يزعج هذا إدراكك للمنظور، يمكنك الأخذ في الاعتبار وجود أكثر من 170 مليون مجرة في الكون، العديد منها بعيدة عن مجرتنا، هذا يعني وجود عدة تريليونات من النجوم كل منها آلة نابضة مشعة قادرة على إنارة الفضاء حولها لملايين الأميال، ويعتبر وجود أعداد كهذه لا حصر لها مصدرًا للتساؤل الشائع عبر التاريخ عن قلة الضوء في السماء، فلماذا يبدو الفضاء باللون أسود؟

عند تحديق أقوى التلسكوبات في اتساع الفضاء، فهي تتطلع إلى الفضاء في وقت سابق، يمكننا رؤية 46 مليار سنة ضوئية في جميع الاتجاهات بينما لا يملك أي مصدر ضوء وقتًا كافيًا للوصول إلينا عبر كل هذه المسافة، وحتى عند تركيز تلك التلسكوبات القوية على نقطة صغيرة في الفضاء، فإنها تبدو سوداء بالكامل.

ما يزال الضوء قادرًا على الوصول لمعداتنا الراصدة، وما زلنا نجد المزيد من النجوم والمجرات الموجودة بأعداد مذهلة يصعب على عقولنا تصديقها. تقريبًا لا يمكننا تصور أو رصد مدى المجرة، لذلك فهي تبدو لا محدودة لجميع المراصد، ورغم ذلك لاحظ عديد من الخبراء وكشفت التجارب أنه إذا كان كوننا لامحدودًا حقًا، فإنك إذا نظرت بعيدًا وطويلاً بما فيه الكفاية لأية نقطة في الفضاء، ستقع عيناك على مصدر الضوء ولو كان على الجانب الآخر من الكون، لكن الأمور ليست على هذا النحو.

نظرًا لفهمنا للانفجار العظيم والتوسع المتسارع والخلفية الكونية الميكروية، فإن الاعتقاد السائد هو أن الكون محدود، أي لو كان الكون غير محدود فعلاً، فلن نرى أبدًا المساحات الفارغة (اللون الأسود) بين المجرات والنجوم، إذ ستمتلئ كل مساحة سوداء بالنجوم والمجرات، في مدى غير محدود من الأعماق أو المسافات، ولو كان كوننا لا نهائيًا لكانت ليالينا مضاءة بالكامل، لكننا نعرف أنه ليس كذلك، نظرًا للنسب الهائلة للكون، ورغم امتلائه بترليونات النجوم و مئات المليارات من المجرات، فإن الغالبية العظمى منه فارغة تمامًا.

يعتقد بعض الخبراء أن كثافة المادة في الكون تقريبًا ذرة هيدروجين واحدة لكل متر مكعب! فإذا تخيلنا الكون كله بحجم مكعب من الورق فإن كل النجوم والمجرات والكواكب والستيرودات والأقمار ستشكل فقط مقدار ذرة هيدروجين في ذلك المكعب، حينها سنبدأ في فهم مدى اتساع الفراغ الفضاء وبالتالي سبب ظلمته.

يوجد الكثير مما لا يمكننا ملاحظته من الكون حاليًا لعدم توفر الوقت الكافي لوصول ضوء الأجرام السماوية إلينا منذ الانفجار العظيم. الأكثر إثارة أنه وبسبب تسارع توسع الكون، لن تكون الأجرام السماوية والمجرات وحدها من يبتعد عنا بسرعة مقاربة لسرعة الضوء -لأقصى حواف الكون- وإنما ستتوسع معها المسافات التي تفصل بينها بمعدل سريع أسرع من الضوء ذاته-، ما يعني تباعد حواف الكون عنا أيضًا، معنى ذلك أنه حتى بعد مليارات السنين من الآن، ستظل السماء سوداء ولن نستطيع اللحاق بأبعد نقطة في الكون.

قيود بشرية

ليس للجوانب المادية للكون -مثل كثافة المادة وسرعة التمدد- وحدها تأثير على لون الفضاء الأسود، بل إن هناك قيودًا على رؤيتنا، مثلاً نستطيع رؤية الضوء ضمن الطيف المرئي فقط، فالطيف المرئي مجرد شريط ضيق تحده من جانب أشعة غاما والأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية، ويحده من الجهة الأخرى الأشعة تحت الحمراء وأشعة الرادار والأشعة الميكروية والراديوية.

تنشأ هذه الأنواع المختلفة من الإشعاع في جميع أنحاء الكون وتُضَّخ بين النجوم، لكننا غير قادرين على رؤية ذلك الضوء دون استخدام أجهزة استشعار متخصصة، الأهم من ذلك أنه في بداية الكون -الانفجار العظيم- احتوت الكتلة الموجودة حاليًا كثافة وحرارة لانهائيتين تقريبًا، قبل أن يبدأ بالتوسع السريع للخارج.

لم يكن الكون مستقرًا في البداية ولم تكن الذرات قادرة على التكون من الناحية النظرية، فوُزِّع كل الإشعاع والحرارة والطاقة بالتساوي في جميع أنحاء الكون حين توسع، هذا يعني أننا بحاجة لاختبار ذلك واستشهاده من كل اتجاه طوال الوقت.

لقد هدأت العديد من تلك الإشعاعات خلال 13.8 مليار سنة مضت لكنها لم تختفِ، وكما ذُكر سابقًا، هناك ما يسمى بإشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وهو باختصار الإشعاع المتخلف عن الانفجار العظيم، وموجود في جميع أنحاء الكون.

هذا الإشعاع بارد جدًا ومنخفض الطاقة، بالتالي هو ليس ضمن الطيف المرئي. إذا تمكنا من رؤية موجات الراديو ذات الكثافة المنخفضة بنفس الطريقة التي نرى بها الضوء المرئي، حينها ستكون السماء مضاءة لنا بلا حدود، لكن الطريقة التي تكيفنا بها على الرؤية لا تسمح لنا برؤية نوع أو مدى الإشعاع الذي يصدره النجم.

أخيرًا

قد تشعرك المساحة السوداء للكون بالعزلة، لكن تذكر أن ما يمكنك رؤيته بالعين المجردة ليس سوى جزء لا نهائي من النجوم والمجرات التي تقع في أقصى الفضاء الخارجي، فالغالبية العظمى من الفضاء فراغ مجرد من أي شيء يمكنه توليد ضوء مرئي لنشهده.

إذا كان الفراغ المعتم يحبطك تذكر أنه في الحقيقة ممتلىء بالضوء، لكنه ضوء من نوع لا نستطيع رؤيته.

لماذا الفضاء مظلم رغم وجود الشمس والنجوم؟

الضوء موجود لكنه لا يشتتت كما يحدث على سطح الأرض، فالضوء القادم من الشمس إلى الأرض يتشتت بفضل الغلاف الجوي فيصبح الضوء واضحاً حول الأرض لكن في الفضاء ليس هناك ما يكفي من المادة لتشتيت ضوء الشمس وغيرها من النجوم لكن لو نظر مباشرة إلى الشمس فإنك سترى الضوء حتى في الفضاء, لكنه ضوء يؤذي عينك لأنك ستكون أقرب.

لماذا لا تضيء الشمس الفضاء

المسافة بين الأرض والشمس ‏150 مليون كيلو متر في المتوسط

واذا صعد الإنسان من سطح الأرض مسافة تزيد عن 200 كيلو متر فقط متجها للشمس فسيرى ظلاما دامسا مع انه لا يزال هناك مسافة كبيرة بينه وبين الشمس .

والسبب في هذا الظلام أن الغالبية العظمي من أشعة الشمس هي أشعة غير مرئية‏

ولكن من اين يأتي نور النهار؟

إن الجزء المرئي من اشعة الشمس لايري إلا بعد انعكاسه علي الغلاف الغازي للأرض‏ الملاصق لنصف الأرض المواجه للشمس وقت النهار
وهكذا تتجلى لنا الشمس في النهار

ومن هذا المنطلق يكون النهار هو الذي يجلي لنا الشمس وليست الشمس هي التي تجلي النهار

إقرأ الأية الثالثة من سورة الشمس

الضوء في الفضاء

الضوءالمتباطيء الضوء كقاعدة عامة يسير في خط مستقيم بالفراغ المفرغ. لكنه عندما يمر بجوار ثقب أسود ينحرف عن مساره بزاوية أكبر من انحرافه عندما يمر قرب حافة الشمس. لأن شدة جاذبية الثقب الأسود أضعاف شدة جاذبية الشمس. ولو مر جسم كروي قرب حقل جاذبية ثقب أسود فإنه يصبح جسما ممطوطا وتحديد عمر كوننا يعتمد علي مسارات الضوء في الماضي مع افتراض أن مساراته في خطوط مستقيمة ثابته وخالية لايعترضها شيء. إلا أن الضوء كطبيعته يخضع للانعكاس والانكسار عندما يقع علي جرم عاكس له كالمرآة. فالأضواء التي تنبعث من النجوم سوف تتعرض إلي الانعكاسات الضوئية عندما تقابلها أجرام أخرى أشبه بضوء الشمس عندما يقع علي سطح القمر فيضيء لأنه مرآة عاكسة.كما أن الضوء يمر بكثافات مختلفة لمواده وغبار كوني منتشر بالكون يشتته. لهذا الضوء في الفضاء والمنبعث من النجوم لايسير في خط مستقيم ولكنه سيسير في خطوط انعكاسية وانكسارية مما قد يطيل مسافاته مما لايعطينا المسافات والزمن الكوني بدقة. لهذا نجد أن المعطيات حول قياسات أو أبعاد الكون أو الزمن التقديري لعمره اعتمادا علي الضوء المنبعث من النجوم القديمة ستكون معلومات غير دقيقة وغير حقيقية.وحسب قوانين الانعكاس والانكسار الضوئي نجد أننا لانري النجوم والأجسام الفضائية في مواقعها الحقيقية. لأن صورة السماء كما نراها فوقنا صورة مرآتية داخل كرة الكون ولايمكن تحديد مراكز الأجرام بها. وعندما نتطلع للسماء من فوق الأرض. فإننا نعتبرها تجاوزا مركز الكون ومنها نقيس أبعاد ومسافات المجرات. وما نقيسه ليس قطر الكون في كل اتجاه بالنسبة لموقعنا علي الأرض التي تعتبر بالنسبة لحجم الكون ذرة غبار متناهية فيه. فأطلقنا عليها كوكب الأرض وتدور حول الشمس وتقع في أقصي جزء من مجرتنا المظلمة. والضوء يسير في الفراغ بسرعة 300 ألف كيلومتر /ثانية. ولقد استطاع العلماء تجميد الضوء بإمرار نبضات ضوئية خلال سحب متناهية من الغازات درجة حرارتها تقترب من الصفر المطلق. ويمكن لجليد الغازات الاحتفاظ بالنبضات الضوئية لإعادة إرسالها مرة ثانية. لهذا نجد أن العلماء أمكنهم تحضير الضوء المتباطيء أو المتجمد. كما توجد مواد عادية تبطيء سرعة الضوء. فالماء عندما يمر به الضوء يخفض 75%من سرعته في الفراغ (الخواء). وهذه النظرية تبين أيضا أن النبضات الضوئية عندما تمر بوسط بارد تبطيء في سيرها وعندما تمر بوسط حار تسرع في سيرها وتتسارع مع ازدياد معدل الحرارة. لهذا يمكن أن تنطبق هذه الحالات علي الضوء عندما يمر بالفضاء. كما أن هذه الفرضية تبين أن الضوء كان سريعا بعد الانفجار الكبير بالكون ثم أخذ يتباطيء مع برودته. لهذا لايمكن اعتبار حسابات إينشتين عن سرعة الضوء كشيء مطلق أو سرعته ثابتة (300 ألف كيلومتر ثانية) إلا لوكان الضوء يمر في فراغ مفرغ من الغازات تماما حتي لاتكون له حرارة تؤثر عليه. لهذا لاتطبق نسبية إينشتين علي كوننا الذي تتعدد فيه الحرارة. ولكن علي كون خوائي لاحرارة فيه. وهذا الكون لاوجود له إلا في نظرية النسبية فقط. لهذا نجد أن قياس عمر الكون حسب سرعة الضوء والمسافات التي قطعها ليست مؤشرا دقيقا لتحديد عمر الأجرام التي نراها. لأن الضوء حسب قوانين الفيزياء يتعرض في رحلته المديدة لمفهوم الحرارة والبرودة والانعكاس والانكسار. كما أن الصور التي قد نراها قد تكون صورا مرآتية. لهذا مقاييس الكون بما فيه ليست مقاييس حقيقية أو واقعية للمسافات أو السرعة أو الزمن. وقد يكون الضوء القادم إلينا قد تجمد في سحابة باردة أو تباطيء في سيره لبرودتها أو ظل متجمدا أو انتقل معها وأعادت إرساله من مكانها الجديد لو انتقلت السحابة لمنطقة دافئة لمواصلة سيره بالفضاء. لهذا نجد أن الضوء يتباطء ويتسارع أثناء رحلته بالفضاءحسب كيفية الوسط الذي يسير به ودرجة حرارته.

لون الفضاء

الفضاء اسود ، أو الاصح من ذلك لاقول : لايوجد أي لون ، والسبب في ذلك يكمن في عدم وجود ما يعكس ضوء الشمس أو أي نجم آخر في الفضاء. فنحن نرى الألوان والضوء في عالمنا لأن الضوء ينعكس على أعيننا، بينما لا توجد أجسام عاكسة للضوء في الفضاء الفسيح مما يجعل الفضاء نفسه أو الفراغ يمتص الضوء المنبعث من الشمس وبقية النجوم.

ماذا يوجد في الفضاء

مكوّنات الفضاء يتكون الفضاء الواسع من عدّة مكوّنات، حيث لايمكن اعتباره فارغاً تماماً بسبب وجود الغبار الكوني والغازات، وازدحام بعض مكوّناته في بعض مناطق الفضاء، حيث يمكن ذكر مكوّناته كالآتي:- الإشعاعات يمتلئ الفضاء بالإشعاعات االلامرئيّة، مثل الإشعاع الشمسي الذي يمر عبر الغبار والغاز، حيث يتألف الإشعاع الشمسي من جسيمات شمسيّة والبلازما، بالإضافة للأشعة الكونيّة التي يعتقد أنها نشأت بسبب الانفجار العظيم. الثقوب السوداء الثقوب السوداء هي أجسام لم يعرف للآن ماهيّتها، يعتقد أنها نشأت بعد تدمير الجاذبيّة لنجمٍ كبير، حيث تقوم هذه الثقوب بابتلاع كل ما يقترب منها، حتى الضوء. النجوم أحد أقرب الأمثلة للنجوم هي الشمس التي نعرفها، حيث تتألف النجوم بشكلٍ عام من كتلة كبيرة من الغاز، تقوم بإطلاق الإشعاعات من ذاتها، تتراوح بين أحمر وأبيض. المجرّات المجرّات هي تجمع كبير من النجوم، ومن أقرب الأمثلة عليهات مجرّة درب التبانة التي تحتوي على نظامنا الشمسي، حيث تتواجد المجرّات بعدّة أشكال قد تكون لولبيّة، إهليجيّة أو غير منتظمة، يوجد في مركزها ثقب أسود، وتوجد بعض المجرات التي تتألف من عدد كبير من المجرّات المجتمعة بفعل التجاذب فيما بينها. مكوّنات اخرى الكواكب: هي أجسام ضخمة ذات شكل كروي، تدور حول الشمس في مدارات معيّنة. الكويكبات: هي أجسام صخرية أصغر من أن تدخل ضمن الكواكب، تكوّنت من بقايا النظام الشمسي، تتواجد معظمها في مدار بين كوكبي المريخ والمشتري. المذنبات: هي أجسام كرويّة، تكوينها الأساسي من الجليد، من أمثلتها مذنب هالي. الفضاء الفضاء هو ذلك الفراغ الكبير الموجود في كوننا الواسع، حيث يحيط الفضاء بالكواكب، ويمتلئ بالغبار والجسيمات الصغيرة، والتي قد تشكّل سحباً ذات عرض كبير تدعى بالسديم، كما ينتشر وجود الصخور التي تتدرج في حجمها من كبير إلى صغير بحجم حبات الرمل،  إضافةً لوجود أشعة كونيّة، مجال مغناطيسي، ورياح كونيّة تنشأ بسبب موت النجوم واضمحلالها. لايمكن للصوت أن ينتقل عبر الفضاء، كما لايوجد هواء ليتيح للإنسان ممارسة التنفّس، كما يبدو الفضاء مظلماً بسبب افتقاره للأكسجين الذي يكسب السماء زرقتها.

لماذا الفضاء بارد

الفضاء الخارجي هو الفراغ الموجود بين الأجرام السماوية، بما في ذلك كوكب الأرض. وهو ليس فارغًا تمامًا، ولكن يتكون من فراغ نسبي مكون من كثافة منخفضة من الجزيئات (الجسيمات)، في الغالب بلازما الهيدروجين والهيليوم، وكذلك الإشعاع الكهرومغناطيسي، المجالات المغناطيسية، والنيوترونات. أثبتت الملاحظات مؤخرا أنه يحتوي على المادة والطاقة المظلمة أيضًا. خط الأساس لدرجة الحرارة، والذي حدده الإشعاع المتبقي بسبب الانفجار الكبير، هو 2,7 كلفن. البلازما ذات الكثافة المنخفضة للغاية (أقل من ذرة هيدروجين واحدة في المتر المكعب) ودرجة الحرارة المرتفعة (ملايين من درجات الكلفن) في الفضاء بين المجرات تحسب في أغلب مسألة الباريونية العادية في الفضاء الخارجي؛ وقد كُثِّفت تركيزات محلية إلى نجوم ومجرات. يشغل الفضاء بين المجرات حجما أكبر من الكون، وحتى المجرات والأنظمة النجمية معظمها يكون فراغا والكواكب تشغل تقريبا المساحة الفارغة.

ليس هناك حد معين يحدد بداية الفضاء الخارجي، ولكن بشكل عام فقد تم اعتماد خط (كارمان) الواقع على ارتفاع 100 كم (62 ميل) فوق مستوى سطح البحر كبداية للفضاء الخارجي وذلك من أجل تسجيل القياسات الجوية والمعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بالفضاء. ولقد تم تأسيس الإطار العام لقانون الفضاء الدولي عن طريق اتفاقية الفضاء الخارجي والتي مررت عبر هيئة الأمم المتحدة عام 1967. وهذه الاتفاقية تحظر على أي دولة الإدعاء بالسيادة على الفضاء، وتسمح لجميع الدول باستكشاف الفضاء بحرية. أما في عام 1979 فوضعت اتفاقية القمر التي جعلت أسطح الكواكب والمدارات الفضائية حولها تحت سلطة المجتمع الدولي. حيث تم إضافة بنود أخرى للاتفاقية تتعلق بالاستخدام السلمي للفضاء الخارجي بإعداد من الأمم المتحدة ومع ذلك لم تحظر نشر الأسلحة في الفضاء، والتي من ضمنها الاختبارات الحية للصواريخ المضادة للأقمار الصناعية.

بدأ البشر في اكتشاف الفضاء الفيزيائي خلال القرن العشرين من خلال رحلات المناطيد الارتفاع، متبوعًا بإطلاق صواريخ فردية على مراحل متعددة. كان يوري قاقارين من الإتحاد السوفيتي أول من اكتشف مدار الأرض عام 1961م ومنذ ذلك الحين وصلت مركبات فضائية غير مأهولة إلى جميع الكواكب المعروفة في النظام الشمسي. وبسبب ارتفاع كلفة الوصول للفضاء، لم تتعدى الرحلات المأهوله حدود القمر. وفي عام 2012، أصبحت فوياجر 1 أول مركبة من صنع الإنسان تصل مجال البينجمي.

يستدعي الوصول إلى أدنى مدار حول الأرض لسرعة تصل إلى 28,100 كم/س (17.500 ميل في الساعة)، وهي أسرع بكثير من أي مركبة تقليدية. كما يشكل الفضاء الخارجي بيئة تحدي مناسبة لاكتشاف البشر بسبب مخاطر الفراغ المزدوج والإشعاع. ولانعدام الجاذبية تأثير ضار على وظائف الأعضاء البشرية مما يؤدي إلى ضمور العضلات وهشاشة العظام. ولقد اقتصرت رحلات الفضاء المأهولة على مدار الأرض المنخفض والقمر، وما جاور النظام الشمسي للرحلات غير المأهولة؛ وما تبقى من الفضاء الخارجي يظل متعذرًا على البشر خوضهُ باستثناء استخدامات التليسكوب.

نجد أن الفضاء الأرضي هو منطقة الفضاء الخارجي القريبة من الأرض. فالفضاء الأرضي يتضمن المنطقة العلوية للغلاف الجوي والغلاف المغناطيسي. حزام فان الين الإشعاعي يقع داخل الفضاء الأرضي. أما الحدود الخارجية للفضاء الأرضي فهي الغلاف المغناطيسي، الذي يكوَن السطح البيني بين الغلاف المغناطيسي للكوكب والرياح الشمسية. أما الحدود الداخلية فهي الغلاف الأيوني. وكما أن الخواص الفيزيائية والحالة بالقرب من الفضاء الأرضي القريب تتأثر بحالة الشمس وطقس الفضاء، فإن نطاق الفضاء الأرضي مرتبط بالفيزياء الشمسية (الفيزياء الشمسية هي دراسة خاصة بالشمس وتأثيرها على كواكب النظام الشمسي).

حجم الفضاء الأرضي يُعرف بأنه مغناطيسية مضغوطة في اتجاه الشمس بواسطة ضغط الرياح الشمسية، مُعطيةً مسافة مثالية واقعة تحت الشمس بعشرة أمثال قطر الأرض من منتصف الكوكب. على كل حال، يمكن أن يمتد الذيل إلى الخارج لأكثر من 100 إلى 200 قطر عن الأرض. أما بالنسبة للقمر فهو يمر من خلال ذنب الفضاء الأرضي تقريبًا أربع أيام من كل شهر، في الوقت الذي يكون فيه السطح عادةً محميًا من الرياح الشمسية.

إن الفضاء الأرضي مأهول بجزيئات مشحونة كهربائيًا في المناطق ذات الكثافة شديدة الانخفاض، فتكون الحركة تحت سيطرة نطاق مغناطيسية الأرض. حيث تُشكل هذه البلازما (الحالة الرابعة للمادة) وسطًا تتمكن فيه الاضطرابات العاصفة التي تسببها الرياح الشمسية من دفع التيارات الكهربائية إلى الغلاف الجوي العلوي للأرض. و خلال هذه العاصفة الجيومغناطيسية، يوجد هنالك منطقتين في الفضاء الأرضي مضطربتين كثيرًا وهما مناطق أحزمة الإشعاع ومنطقة الغلاف الأيوني. ونتيجة لذلك؛ تزيد هذه العواصف من تدفقات الإلكترونات النشطة التي يمكنها أن تسبب عطلًا دائمًا لإلكترونيات الأقمار الصناعية، وقد تؤدي أيضًا إلى تعطيل الاتصالات السلكية واللاسلكية وتقنية الـ جي بي إس. كما يمكن أن تشكل خطرًا على رواد الفضاء وإن كانوا على مدار أرضي منخفض، وكذلك تشكل شفقًا قطبيًا يمكن رؤيته قرب القطب المغناطيسي.

فعلى الرغم من أنه يدخل ضمن تعريف الفضاء الخارجي، نجد أن كثافة الغلاف الجوي في أول بضع مئات من الكيلومترات فوق خط كارمان لا تزال كافية لتشكيل مقاومة مانعة و معتبرة على الأقمار الصناعية. مع ذلك، تحتوي هذه المنطقة على مادةٍ خلّفتها قواذف سابقة و سواءً كانت مزودّة بطاقم أم لا فهذه المادة تشكل خطرًا محتملًا على المركبة الفضائية. وقد تعود بعض هذه المخلفات الفضائية لتدخل في الغلاف الجوي للأرض بشكل دوري.

الفضاء المجانب للقمر
ويُشار إلى المنطقة الواقعة بين الغلاف الجوي للأرض ومدار القمر بالفضاء المجانب للقمر (بالإنجليزية: cislunar)‏، بما في ذلك النقاط الانجرنجية.

فضاء ما بين الكواكب
الفضاء ما بين الكواكب، هو الفضاء الواقع بين الشمس وكواكب النظام الشمسي، تُسيطر هذه الكواكب المتوسطة على هذه المنطقة، التي تمتد حتى حافة الغلاف لجوي للشمس (بالإنجليزية: HELIOPAUSE)‏، حيث يبدأ تأثير بيئة المجرة من سيطرة المجال المغناطيسي إلى تدفق الذرات الشمسية. يتم التعرف على الفضاء بين الكواكب، عن طريق الرياح الشمسية، التي تكون عبارة عن تيار مستمر من الجزيئات المشحونة المنبثقة من الشمس، والتي تنشأ غلاف جوي ضعيف جدًا يُسمى بـ (الغلاف الشمسي) والتي يصل تأثيرها لمليارات الكيلومترات في الفضاء.وتُقدر الكثافة الجسمانية لهذه الرياح بـ 5-10 بروتونات/سم3، وتتحرك في سرعة تُقدر بـ 350-400 كم/ث (ما يُقارب 780,000-890,000) ميل في الساعة. وتختلف المسافة وقوة حافة الغلاف الشمسي باختلاف مستوى نشاط هذه الرياح الشمسية. وتشير اكتشافات عام 1995م للكواكب خارج المجموعة الشمسية على امتلاك النجوم الأخرى لوسائل إعلام خاصة بها نظرًا لما يدور بين الكواكب.

حجم الفضاء بين الكواكب هو تقريبًا فراغ تام، و مسار حر وسطي بحجم وحدة فلكية واحدة في المسافة المدارية للأرض. مع هذا، هذه المساحة ليست خالية تمامًا، حيث أنها ممتلئة قليلًا بإشعاعات كونية، التي تشمل نواة ذرة متأينة و مختلف الأجسام دون الذرية. هنالك أيضًا غاز، بلازما، غبار، نيازك صغيرة، والعديد من أنواع الجزئيات العضوية التي اكتشفت إلى الآن بواسطة مطيافية الراديو.

يحتوي الفضاء بين الكواكب على الحقل المغناطيسي الذي تولده الشمس. هنالك أيضًا الأغلفة المغناطيسية التي تولد من قبل المشتري، زحل، عطارد، والأرض و التي تمتلك جميعها حقولها المغناطيسية الخاصة. التي تتشكل بتأثير الرياح الشمسية إلى شكل يقارب الدمعة، مع امتداد الذيل الطويل إلى الخارج خلف الكوكب. تستطيع هذه الحقول المغناطيسية أن تصيد جسيمات من الرياح الشمسية ومصادر أخرى، مما يؤدي إلى تكون أحزمة من الجسيمات المغناطيسية مثل حزام فان آلن الإشعاعي. تتعرض الكواكب التي لا تمتلك حقولًا مغناطيسية كالمريخ إلى التآكل التدريجي في الغلاف الجوي من قبل الرياح الشمسية.

الفضاء البينجمي هو الحيز المادي داخل المجرة الذي لا تشغله نجوم أو أنظمة كوكبية. يحتل الوسط البينجمي مكانًا في الفضاء البينجمي. يبلغ متوسط كثافة المادة في هذه المنطقة حوالي106 جسيم/م، هذه تتفاوت من حد منخفض يساوي تقريبًا 104-105 في مناطق المادة المتناثرة ليصل إلى 108-1010 في السديم المظلم. يمكن أن تصل كثافتة مناطق تكون النجوم إلى 1012-1014 جسيم/م3. (وللمقارنة، كثافة الجو الأرضية هي بحدود 1025 جزيئة في المتر المكعب). تتكون حوالي 70% من هذه الكتلة من ذرات الهيدروجين الوحيد. وهذه تخصّب بذرات هيليوم وكذلك بكميات ضئيلة من ذرات أثقل تشكلت أثناء تفاعلات الانصهار النجمي. ويمكن أن تقذف هذه الذرات إلى الوسط النجمي بواسطة الرياح النجمية أو عندما تبدأ النجوم المتطورة بإزالة أغلفتها الخارجية كما يحدث خلال تكوّن السديم الكوكبي. سوف يولد الانفجار الكوكبي للمستعّر الفائق موجة الصدمة المتوسعة التي تتألف من المواد المقذوفة بالإضافة إلى الاشعة الكونية المجرية.

عدد من الجزيئات الموجودة في الفضاء البينجمي التي تدعى جزيئات الغبار يمكن أن تكون دقيقة جدًا لتصل إلى 0.1 ميكرومتر. وعدد الجزيئات المكتشفة عن طريق علم الفلك الراديوي في تزايد مستمر بمعدل أربع أصناف كل عام. تسمح المناطق الواسعة المكونة من مواد ذات كثافة عالية، المعروفة بالسحابات الجزيئية، بالتفاعل الكيميائي بما فيه خلق أصناف من المواد الحيوية ذات نواة ذرية متعددة والتي تسببها الصدمات. ويتم ذلك بسبب اختراق الإشعاعات الكونية ذات الطاقة العالية الهيدروجين البارد والمؤين مع الهليوم لينتج، مثلا، كاتيون ثلاثي الهيدروجين. وبالتالي، تنفصل للهليوم المؤينة لتنتج كاربون مؤين الذي يؤدي لتفاعلات مادة كيميائة حيوية.

متوسط البينجمي المحلي هو عبارة عن حقل يحتل مساحة 100 فرسخ نجمي عن الشمس، والذي استفاد من قربه وتفاعله مع النظام الشمسي. هذا الحجم يتوافق مع منطقة في الفضاء تدعى الفقاعة المحلية، التي تتميز بنقص شديد في الكثافة، واحتوائها على سحب باردة. فهو يُشكل تجويفًا في ذراع كوكبة الجوزاء من مجرة درب التبانة مع السحب الجزئية الكثيفة المحاطة على طول الحدود، كتلك الموجودة في أبراج الحواء والثور. (تتراوح المسافة الفعلية للحدود من هذا التجويف ما بين 60 إلى 250 فرسخ نجمي يحتوي هذا الحجم على حوالي 104 -105 نجم وغاز البينجمي الذي يوازن مراكز النجوم المحيطة بتلك النجوم، مع تفاوت حجم كل مجال تبعا للكثافة المحلية لمتوسط البينجمي. تحتوي الفقاعة المحلية على عشرات السحب البينجمية الدافئة مع درجات حرارة تصل إلى 7000 كالفن وكعبرة من 0، 5 – 5 فرسخ نجمي.

عندما تتحرك النجوم بسرعة غريبة عالية بما يكفي، يمكن للنجماء توليد صدمة القوس كما تصطدم بالحيز البينجمي. وعلى مدى عقود، افترض العُلماء بأن الشمس تحتوي صدمة القوس. ولكن في 2012م، أظهرت بيانات من مستكشف حدود النجوم ومن مسافري برنامج فويجار بأن صدمة قوس الشمس لا وجود لها. عوضا عن ذلك، يؤكد هؤلاء الكتاب أن موجة القوس أقل من سرعة الصوت، وتُحدد ابتداءً من تدفق الرياح الشمسية إلى منطقة البينجمي. ان صدمة القوس هي الحد الثالث لغلاف مركز النجوم، بعد صدمة المدمرة، والغلاف النجمي (والتي تُسمى أيضًا بحافة الغلاف الشمسي في النظام الشمسي).

الفضاء بين المجرات هو المساحة الفعلية بين المجرات حيث تُسمى الفضاءات الواسعة بين عناقيد المجرة بالفراغات. وتحيط البلازما المتخلخلة بين المجرات والتي تنتظم في هياكل خيطان المجرات. تسمى هذه المادة محيط الفضاء بين المجرات وكثافتها تعادل ما بين خمسى أضعاف ومئتي ضعف كثافة الكون. وهي تتألف من أيونات الهيدروجين، أي بلازما مؤلفة من عدد بروتون مماثل للإلكترون. وعندما تتساقط الغازات في محيط فضاء المجرات من منطقة العدم، ترتفع حرارتها لتص ما بين 105 إلى 107 كلفن، وهي عالية لدرجة أن تصادم ذرتين فيما بينهما يملكان طاقة كافية تدفع الإلكترون لفك ترابطها والفلول من نواة ذرة الهيدروجين مما يجعلها مؤينة. وتظهر المحاكاة الحاسوبية أن نصف المواد الموجودة في الكون موجودة بحالة الدفء الحار المتخلخلة.

وتشير التقديرات الحالية أن متوسط كثافة الطاقة في الكون بما يعادل 5.9 بروتون لكل متر مكعب، بما في ذلك الطاقة المظلمة والمادة المظلمة والعادية والباب الباريوني، أو الذرات. فالذرات تشكل فقط 4,6% من اجمالي كثافة الطاقة، أو بمعنى آخر كثافة بروتون واحد لكل أربعة أمتار مكعبة. إلا أن كثافة الكون ليست محددة بدقة فهي تتراوح بين كثافة عالية نسبيًا في المجرات، بما في ذلك الكثافة العالية جدًا للهياكل داخل المجرات مثل الكواكب والنجوم والثقوب السوداء، إلى حالة الفراغات الفسيحة التي تحوي كثافة اقل من ذلك بكثير، على الأقل من حيث المادة المرئية.

الاستكشافات والتطبيقات

تم اكتشاف الفضاء عبر الجزء الأكبر من التاريخ البشري من خلال المراقبة عن بعد؛ بداية باستخدام العين المجردة ثم باستخدام التليسكوب. قبل حلول عصر تقنية الصواريخ، كان أبعد ما وصل إليه الإنسان من الفضاء الخارجي يتم بواسطة المناطيد. في سنة 1935م، بلغ المنطاد الأمريكي “اكسبلورر 2” ارتفاعا قدره 22 كم (14 ميل). تم تجاوز هذا الرقم بشكل كبير في سنة 1942 عندما أطلق الألمان صاروخ أي-4 الذي بلغ ارتفاع 80 كم (50 ميل). و في سنة 1957 تم إطلاق القمر الصناعي سبوتنك 1 عن طريق الصاروخ الروسي أر-7، الذي استطاع الدوران حول الأرض على ارتفاع 215 – 939 كم (134 – 583 ميل). تبع ذلك أول رحلة فضاء للبشر في سنة 1961 عندما تم إرسال يوري غاغارين للمدار حول الأرض على متن مركبة فوستوك 1. أول من استطاع تجاوز مدار الأرض كان فرانك بورمان وجيم لوفل وويليام آندرس في سنة 1968 على متن المركبة أبولو8 التي حققت مدارًا قمريًا و استطاعت الابتعاد عن الأرض بمسافة 377,349 كم (234,474 ميل).

كانت “لونا 1” السوفيتية أول مركبة فضائية وصلت إلى سرعة الإفلات، وكان ذلك خلال رحلة بالقرب من القمر في سنة 1959م. و في سنة 1961م، أصبحت “فينيرا 1” أول مسبار كوكبي؛ والتي اكتشفت وجود الرياح الشمسية واستطاعت التحليق بالقرب من كوكب الزهرة، بالرغم من فقدانها القدرة على الاتصال قبل وصولها إلى الزهرة. و كانت أول مهمة كوكبية ناجحة هي رحلة المركبة “مارينر 2” التي حلقت إلى كوكب الزهرة في سنة 1962. تعتبر مارينر 4 أول مركبة تمر بكوكب المريخ في عام 1964. منذ ذلك الوقت، درست المركبات الفضائية غير المأهولة جميع كواكب النظام الشمسي بنجاح، بالإضافة لأقمارها والعديد من الكواكب الصغيرة و المذنبات. إلى هذا اليوم، تظل هذه المركبات أداة أساسية لاستكشاف الفضاء الخارجي ومراقبة الأرض أيضًا. في أغسطس 2012، أصبحت فوياجر 1 أول صناعة إنسانية تترك النظام الشمسي وتدخل الفضاء البيننجمي.

يجعل غياب هواء الفضاء الخارجي (سطح القمر) مكانًا مثاليًا ؛لعلم الفلك على جميع الأطوال الموجية في الطيف الكهرومغناطيسي. كما يتضح من الصور المذهلة التي أعادها مرصد تلسكوب هابل الفضائي. مما سمح بمعاينة أضواء تعود إلى قبل 13.8 بليون سنة – تقريبًا إلى زمن الانفجار العظيم. مع هذا ليس كل موقع في الفضاء مناسب لوضع مرصد التلسكوب فيه. يبعث الغبار الموجود بين الكواكب إشعاع قريب بإمكان الأشعة تحت الحمراء أن تُغطي الانبعاث من المصادر الباهتة مثل الكواكب خارج المجموعة الشمسية. تحريك لمرصد الأشعة تحت الحمراء إلى مكان خارج موقع تواجد الغبار سيزيد فاعلية الجهاز بطريقة مماثلة، يمكن لموقع مثل فوهة دايدالوس الصدمية في الجانب البعيد من القمر أن تحمي مرقاب راديوي من تداخل ترددات الراديو التي تُعيق الملاحظات التي تتم من الأرض ويمكن للفراغ العميق في الفضاء أن يخلق بيئة جذابة لبعض العمليات الصناعية، مثل تلك التي تتطلب سطوحًا فائقة النظافة.

الفراغ العميق للفضاء يجعله عاملا جذابا للعديد من الصناعات بخاصة الصناعات التي تتطلب نظافة فائقة مثل صناعة الرقاقات الإلكترونية. إلا أن تحقيق هذا الحلم ما زال مكلفا وغير منتج للأن.

 

السابق
وصفة تنزل السكر التراكمي المرتفع
التالي
فوائد الجاكوزي البارد وخطوات استعمال الجاكوزي البارد

اترك تعليقاً