اسلاميات

صفات وخُلُق الفاروق عمر بن الخطاب.. مع الموافقات العُمَرّية

منزلة عُمر بن الخطاب من الحق

كان لعمر بن الخطاب أوصاف وأحوال وفضائل شهدت بها الأحاديث، ومنها ما أخرجه ابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن عمر – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ اللهَ جعَل الحقَّ على لسانِ عُمَرَ وقلبِه – وقال ابنُ عُمَرَ: ما نزَل بالنّاسِ أمرٌ قطُّ فقالوا فيه وقال عُمَرُ بنُ الخطّابِ إلّا نزَل القُرآنُ على نحوٍ ممّا قال عُمَرُ، وفي هذا الحديث شهادة من الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب بأن عمر يتوافق ما يسره بقلبه وما يعلنه بلسانه يوافق الحق، وقد وافق القرآن الكريم رأي عمر بن الخطاب في ثلاثة مسائل وأطلق العلماء على هذه الموافقات القرآنية لرأي عمر بالموافقات العمرية تأكيدًا على أن رأي عمر جاء موافقاً للحق الذي أكده نزول الآيات لتثبيت قوله في هذه المسائل للأخذ بها في الأحكام، وفي صحيح الجامع الصغير للسيوطي عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لمّا أسلمَ عمرُ أتاني جبريلُ فقالَ: قدِ استبشرَ أهلُ السماءِ بإسلامِ عمرَ.

الموافقات العُمرية للقرآن الكريم

  • في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر: قالَ عُمَرُ: وافَقْتُ رَبِّي في ثَلاثٍ، في مَقامِ إبْراهِيمَ، وفي الحِجابِ، وفي أُسرى بَدْر.
  • وفي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب: قالَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، وافَقْتُ رَبِّي في ثَلاثٍ: فَقُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنا مِن مَقامِ إبْراهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: {واتَّخِذُوا مِن مَقامِ إبْراهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥]
  • وآيَةُ الحِجابِ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لو أمَرْتَ نِساءَكَ أنْ يَحْتَجِبْنَ، فإنَّه يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ والفاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجابِ، واجْتَمع نِساءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الغَيْرَةِ عليه، فَقُلتُ لهنَّ: (عَسى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أنْ يُبَدِّلَهُ أزْواجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ)، فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ.
  • وفي عمدة التفسير بإسناد صحيح أخرجه البخاري عن عمر بن الخطاب قال: وافَقَني ربِّي في ثلاثٍ -أو وافَقْتُ ربِّي في ثلاثٍ- قلتُ: يا رسولَ اللهِ، لو اتَّخَذْتَ مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصَلًّى؟ فنزَلَتْ: {واتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥]، وقلتُ: يا رسولَ اللهِ، لو حُجِبَتِ النِّساءُ؟ فنزَلَتْ آيةُ الحِجابِ، والثّالثةُ: لمّا مات عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ جاء رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصلِّيَ عليه، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، تُصلِّي على هذا الكافِرِ المنافِقِ؟ فقال: إيهًا عنكَ يا بنَ الخطّابِ؛ فنزَلَتْ: {وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ} [التوبة: ٨٤].
  • وفي لباب النقول للسيوطي بإسناد له طرق يقوي بعضها بعضًا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: أنَّ يهوديًّا لقِي عمرَ بنَ الخطّابِ، فقال: إنَّ جبريلَ الَّذي يذكرُ صاحبُكم عدوٌّ لنا، فقال عمرُ: {مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ}.

أخلاق عُمر بن الخطاب رضي الله عنه

حسن الخلق

من أخلاق عُمر بن الخطاب رضي الله عنه – الأدب وحسن الاستئذان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي مسند أحمد بإسناد صحيح، وأخرجه النسائي في السنن الكبرى عن عبد الله بن عباس قال: جاء عُمرُ فقال: السلامُ على رسولِ اللهِ السلامُ عليكم أَيَدْخُلُ عمرُ، ومن تواضع عُمر للحق وهو على رأس الأمر في ولاية المسلمين، كما جاء في كتاب التلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني بإسناد صحيح عن مسروق بن الأجدع قال: كتب كاتبٌ لعمرَ: هذا ما أرى اللهُ أميرَ المؤمنين عمرَ، فانتهرَه، وقال: لا، بل اكتبْ هذا ما رأى عمرُ، فإن كان صوابًا فمن اللهِ، وإن كان خطأً فمن عمرَ.

ثباته في الحق
وعن شدة عمر بن الخطاب في الحق وفي دين الله روى أنس بن مالك في صحيح الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أرحَمُ أمَّتي بأمَّتي أبو بَكْرٍ، وأشدُّهم في أمرِ اللَّهِ عمرُ، وأصدقُهُم حياءً عثمانُ، وأعلَمُهُم بالحلالِ والحرامِ معاذُ بنُ جبلٍ، وأفرَضُهُم زيدُ بنُ ثابتٍ، وأقرَؤُهُم أبيُّ ولِكُلِّ أمَّةٍ أمينٌ وأمينُ هذِهِ الأمَّةِ أبو عُبَيْدةَ بنُ الجرّاحِ.

مروءة عُمر بن الخطاب ودعوته إلى فعل الخيرات
وعن حبه للمروءة ودعائه لفاعل الخير بالجنة وإجابة الله تعالى لدعائه، أخرج ابن حجر العسقلاني في فتح الباري بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر أنَّهُ كانَ معَ عمرَ صادِرًا منَ الحجِّ فمرَّ بامرأةٍ فدفنَها كُليبٌ اللَّيثيُّ فشَكرَ لَهُ ذلِكَ عمرُ وقالَ أرجو أن يدخلَهُ اللَّهُ الجنَّةَ قالَ فطعنَهُ أبو لؤلؤةَ لمّا طَعنَ عمرَ فماتَ.

خشيته من الله وتجنبه لدعوة مستجابي الدعاء

  • وعن حفاظ عمر بن الخطاب للآداب العامة مع تجنبه لدعوة مستجابي الدعاء مثل سعد بن أبي وقاص، فقد أخرج الشوكاني في در السحابة رواية عن سعيد بن المسيب بإسناد رجاله ثقات فقال: خرجَت جاريةٌ لسَعدٍ يقالُ لها زَبْرا وعليها قميصُ حريرٍ فكشفتها الرِّيحُ فشدَّ عليها عُمَرُ بالدِّرَّةِ وجاءَ سعدٌ ليمنعَهُ فتناولَهُ بالدِّرَّةِ فذهبَ سعدٌ يدعو على عمرَ فناولَهُ عمرُ الدِّرَّةَ وقالَ اقتصَّ فعفا عن عمرَ، وهذه الرواية تبين حرص عمر على حشمة ملابس النساء، كما تبين زجره لسعد لمسئوليته عن جاريته (ملك اليمين من خروجا بالملابس الشفافة التي نهى الإسلام عنها بالطريق العام) فعمر لا يخاف في الله لومة لائم، وبعد ضربه لسعد، رفع سعد يداه ليدعو على عمر فخاف عمر من دعوة سعد، وأعطاه الدرة حتى يقتص سعد ويضرب عمر بدرة عمر، فعفا سعد عن عمر، وهذا الموقف يبين مخافة عمر من الله بالرغم من قيامه بمسئوليته كولي لأمر المسلمين ولكن خوف عمر من شبهة الظلم ومن إجابة الله لدعوة سعد كانت أسرع وأعظم من تقدير عمر لمهامه كخليفة للمسلمين.
  • وعن حفاظ عمر على أداء الفرائض بعد طعنه بخنجره أبي لؤلؤة المجوسي، ولم يتأخر عن أداء الصلاة قبل الموت، كما جاء في الرواية التي أخرجها الألباني بإسناده صحيح على شرط الشيخين عن عروة بن الزبير قال: أنَّ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ دخلَ على عمرَ بنِ الخطابِ من الليلةِ التي طُعِنَ فيها فأَيْقَظَ عمرَ لصلاةِ الصبحِ فقال عمرُ نعم ولا حَظَّ في الإسلامِ لمن تركَ الصلاةَ فصلّى عمرُ وجُرْحُهُ يَثْعَبُ دمًا.

تقديره للعلم وأهله
وعن تقدير عمر لأهل العلم ومكانة الرجال بمواقفهم في الإسلام وعلمهم بأمور الدين، فقد اشتهر عبد الله بن مسعود بقصر قامته ونحافة جسمه ودقة ساقيه التي كانت سببا في ضحك بعض الحاضرين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لما شاهدوا نحافة ساقيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أَتَضْحَكُونَ من دِقَّةِ ساقَيْهِ! والذي نفسي بيدِه لَهُما أَثْقَلُ في الميزانِ من جَبَلِ أُحُدٍ ( رواية عبد الله بن مسعود – أخرجها لألباني في غاية المرام بإسناد حسن، وكذلك كان عمر بن الخطاب يقدر مكانة عبد الله بن مسعود في العلم والعمل، كما جاء في الرواية التي أخرجها الهيثمي في مجمع الزوائد، ورجاله رجال الصحيح عن زيد بن وهب الجهني قال: إنا لجلوسٌ مع عمرَ إذ جاء عبدُ اللهِ يكادُ الجلوسُ يوازونَه من قِصَرِه فضحك عمرُ حينَ رآه فجعل يكلمُ عمرُ ويضاحِكُه وهو قائمٌ عليه ثم ولّى فاتبعَه عمرُ بصرَه حتى توارى فقال كُنَيفٌ مُلِئَ فقهًا (بمعنى اكتنف وأحاط علماً وفهما).

محاسبة النفس
محاسبته لنفسه بما علمه من حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم: فقد روى أبو داود والنسائي والحاكم بإسناد صحيح على شرط الشيخين عن واثلة بن الأسقع، قال: أتينا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل، فقال: “أعتقوا رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار”، وعلى ضوء هذا الهدي النبوي فقد أعتق عمر بن الخطاب رقبة بعد أن صاح بامرأة فأسقطت جنيناً، وهكذا كان عمر بن الخطاب يقيم حكم الله ورسوله على نفسه.

تأديب من يتجاوز في الاستهانة بالطلاق
وعن تأديب عمر لمن استهان بيمين الطلاق وتلاعب بعدده، جاءت الرواية الثابتة التي أخرجها بن حزم في المحلى عن زيد بن وهب الجهني أنه قال: رُفِعَ إلى عمرَ بنِ الخطابِ برجلٍ طلق امرأتَه ألفًا فقال له عمرُ أطلَّقتَ امرأتَك فقال إنَّما كنتُ ألعبُ فعلاهُ عمرُ بالدِّرَّةِ وقال إنَّما يكفيكَ من ذلك ثلاثٌ.

مكانته عن الله عز وجل
وعن مكانة عمر بن الخطاب عند الله تعالى، ففي الحديث الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن عمران رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللَّهمَّ أعِزَّ الدِّينَ بأحَبِّ هذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إليكَ: بأبي جهلِ بنِ هشامٍ أو عُمَرَ بنِ الخطّابِ) فكان أحَبَّهما إليه عُمَرُ بنُ الخطّابِ.

علمه

  • وعن علم عمر بن الخطاب قال عبد الله بن مسعود في الرواية التي أخرجها الألباني في العلم لأبي خيثمة بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود أن عبد الله
  • قال: لو أنَّ عِلْمَ عمرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ وُضِعَ في كفَّةِ الميزانِ، ووُضِعَ عِلْمُ أهلِ الأرضِ في كفَّةٍ، لرجح عِلْمُ عمرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ.
  • [عن الضحاك بن سفيان الكلابي:] أن عمرَ بنَ الخطابِ نشدَ الناسَ بمِنًى: من كان عنده علمٌ من الديةِ أنْ يخبرَني فقام الضحاكُ بنُ سفيانَ الكالبيُّ فقال: كتب إليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ أورثَ امرأةَ أشيمَ الضبابيِّ من ديةِ زوجِها فقال له عمرُ: دخل الخباء حتى آتيَكَ فلما نزل عمرُ بنُ الخطابِ أخبره الضحاكُ فقضى بذلك عمرُ بنُ الخطابِ قال ابنُ شهابٍ: وكان قتلُ أشيمَ خطأً.
  • وعن سؤال عمر ابن الخطاب في بعض المسائل التي كان له رأي فيها، واتباعه لمن له علم ودليل ومخالفته لما ذهب إليه رأيه الأول، كما جاء في صحيح أبي داود عن سعيد بن المسيب أنه قال: كانَ عمرُ بنُ الخطّابِ يقولُ: الدِّيةُ للعاقلَةِ، ولا ترِثُ المرأةُ مِن ديَةِ زَوجِها شيئًا، حتّى قالَ لَهُ الضَّحّاكُ بنُ سُفيانَ: كتبَ إليَّ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن أُوَرِّثَ امرأةَ أشْيَمَ الضِّبابيِّ مِن ديَةِ زَوجِها.

فقد كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قد استَعمَلَ الضَّحّاكَ بنَ سُفيانَ على مَن أسلَمَ مِن قومِه، وفي هذا الحديثِ أنَّه كان عُمرُ بنُ الخطّابِ رَضِي اللهُ عَنه يَقولُ: «الدِّيَةُ»، أي: المالُ الَّذي يَدفَعُه القاتِلُ لأقاربِ المقتولِ لِيَفْدِيَ به نفسَه، «للعاقِلةِ»، أي: قَرابةِ الرَّجُلِ مِن قِبَلِ أبيه الَّذين يَدفَعون الدِّيةَ، والمرادُ: أنَّ الدِّيةَ يُورِّثُها أقاربُ المقتولِ مِن جِهَةِ أبيه، «ولا تَرِثُ المرأةُ مِن دِيَةِ زوجِها شيئًا، حتّى قال له الضَّحّاكُ بنُ سُفيانَ: كتَب إليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أنْ أورِّثَ امرأةَ أَشْيَمَ الضِّبابيِّ مِن دِيَةِ زوجِها»، أي: أن أجعَلَ نَصيبًا لِزَوجةِ أَشْيَمَ الضِّبابيِّ مِن دِيَتهِ المدفوعةِ فيه، وكان أحَدَ الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عَنه، وكان قد قُتِلَ خَطَأً، وقولُه: «فرَجَع عُمرَ»، أي: في عدَمِ تَوريثِه لِزَوجةِ المقتولِ مِن دِيَتِه، وجعَل للزَّوجةِ ميراثًا في الدِّيَةِ.

يقين الفاروق عُمر بن الخطاب وحزمه

  • في مسند الفاروق لابن كثير بإسناد صحيح عن أنس بن مالك قال: أنَّ عمرَ أُتِي بشابٍّ قد حلَّ عليه القطعُ فأمر بقطعِه فجعل يقولُ: يا ويلَه ما سرقتُ قطُّ قبلَها، فقال عمرُ: كذبتَ وربِّ عمرَ ما أسلم اللهُ عبدًا عند أوَّلِ ذنبٍ – وفي هذه الرواية الصحيحة دليل على يقين عمر بأن الله يستر عبده في أول مخالفة ليتيح له التوبة فإن لم يتب رفع عنه ستره متى شاء الله ذلك.
  • وبإسناد حسن في كتاب إرواء الغليل أخرج الألباني هذه الرواية عن سويد بن غفلة قال: كنا مع عمرَ بنِ الخطّابِ وهو أميرُ المؤمنين بالشامِ فأتاه نِبطيٌّ (من الأنباط الذين كانت لهم مملكة عربية قديمة عاصمتها البتراء بالأردن) مضروبٌ مُشجٍ مُستعدي فغضب غضبًا شديدًا، فقال لصُهيبٍ: انظُرْ من صاحبُ هذا، فانطلق صهيب فإذا هو عوفُ بنُ مالكٍ الأشجَعيِّ، فقال له: إنَّ أميرَ المؤمنين قد غضب غضبًا شديدًا فلو أتيتَ معاذَ بنَ جبلٍ فمشى معك إلى أميرِ المؤمنين فإني أخافُ عليك بادِرَتَه فجاء معه معاذٌ، فلما انصرف عمرُ من الصلاةِ، قال: أين صُهَيبٌ، فقال: أنا هذا يا أميرَ المؤمنين، قال: أجئتَ بالرجلِ الذي ضربَه، قال: نعم، فقام إليه معاذُ بنُ جبلٍ، فقال: يا أميرَ المؤمنين إنه عوفُ بنُ مالكٍ فاسمعْ منه ولا تعجَلْ عليه، فقال له عمرُ: مالكَ ولهذا، قال: يا أميرَ المؤمنين رأيتُه يسوقُ بامرأةٍ مُسلمةٍ فنخسَ الحمارَ ليصرعَها فلم تُصرعْ ثم دفعها فخرَّتْ عن الحمارِ ثم تغشّاها ففعلتُ ما ترى، قال: ائتنِي بالمرأةِ لنُصدِّقكَ، فأتى عوفٌ المرأةَ فذكر الذي قال له عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ، قال أبوها وزوجُها: ما أردتَ بصاحبتِنا فضحتَها، فقالتِ المرأةُ: واللهِ لأَذهبنَّ معه إلى أميرِ المؤمنين، فلما أجمعتْ على ذلك، قال أبوها وزوجُها: نحن نُبلِّغْ عنكِ أميرَ المؤمنين، فأتَيا فصدَّقا عوفَ بنَ مالكٍ بما قال، فقال عمرُ لليهوديِّ: واللهِ ما على هذا عاهدْناكم فأمرَ به فصُلِبَ، ثم قال: يا أيها الناسُ فُوا (أي أوفوا) بذمَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم فمن فعل منهم هذا فلا ذمَّةَ له، قال سُويدُ بنُ غفلةَ: وإنه لَأولُ مصلوبٍ رأيتُه.
السابق
تفسير الرجال قوامون على النساء.. ومن هم خير النساء؟
التالي
ما هو الفرق بين صلاة الفجر والصبح .. تعرف على 3 جوانب دينية حول هذه الصلاة

اترك تعليقاً