تنمية بشرية

أسباب اليأس و طرق التخلص منه

تعدد المشكلات ،و الضغوط يعرض الفرد للإصابة باليأس الذي يعد أحد العوامل التي تقوده للفشل ،و تعوقه عن تحقيق أهدافه .

المقصود باليأس .. مشكلة تواجه الفرد ،و تؤثر بالسلب على مستقبله فالشعور باليأس يجعل الفرد دائماً مصاب بالإحباط و هذا ما يدفعه دائماً للإستسلام ،و قبول الهزيمة  ،و عدم الكفاح ،و النضال من أجل تحقيق أهدافه ،و لليأس تأثير ،و عواقب وخيمة  على حياة الفرد فهو سبب أساسي في رسوبه ،و توتر علاقته بالأشخاص المحيطين به  ،و يسهل التعرف على الشخص الذي يعاني من اليأس من نظرته التشاؤمية للأمور ،و قد نهانا المولى عزوجل عن اليأس حيث يقول الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم (  إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) صدق الله العظيم  .

أسباب اليأس و طرق التخلص منه

أسباب اليأس:

  1. ضعف الإيمان ،و عدم الإلتزام بأداء الفرائض ،و العبادات .
  2. كثرة المشكلات التي يقع فيها الإنسان و تؤثر بالسلب على حالته النفسية خاصة المشاكل الأسرية التي ينتج عنها انهيار الأسرة و معها يشعر الإنسان بالضياع .
  3.  مواجهة الفرد لمواقف صعبة مثلاً كفقدان شخص عزيز أو عدم النجاح في دراسته أو عمله أو غير ذلك .
  4.  تعرض الفرد لأزمات مادية تدفعه للإستدانة ،و الحاجة إلى الغير .
  5. عدم قدرة الفرد على التكيف ،و التأقلم مع الظروف التي يتعرض لها .
  6.  سوء الأحوال الإقتصادية ،و الإجتماعية بالمجتمع الذي يعيش فيه ،و هذا ما يترتب عليه ضيق العيش ،و كثرة المشكلات .

طرق مكافحة اليأس

  1. الإلتزام بأداء الفرائض ،و العبادات ،و المدوامة على ذكر الله عزوجل في كل وقت وحين .
  2.  التخلص من التفكير السلبي ،و الإعتقادات الخاطئة بانك ستفشل في أداء المهام ،و المسئوليات المطلوبة منك .
  3. العمل على تدعيم ،و توطيد الثقة بالنفس و الإستعانة بأصحاب الخبرات لإستشارتهم في إيجاد حلول فعالة للمشكلات ،و الأزمات .
  4. الإستفادة من أخطاء الماضي،و ذلك لتجنب الوقوع في الفشل مجدداً
  5. الحرص على ترتيب الحياة ،و محاولة تخصيص  وقتاً للإستمتاع ،و ذلك للتخلص من الطاقة السلبية .
  6. الإبتعاد عن أصحاب النظرة التشاؤمية الذين يحاولون نقل أفكارهم السلبية للآخرين ،و التقرب من الأشخاص الذين ياولون نشر الأمل ،و التفاؤل .
  7. الإطلاع على التأثير السلبي لليأس ،و عواقبه الوخيمة ،و ذلك حتى يقتنع الفرد بمدى خطورته اليأس على مستقبله ،و يحاول التخلص منه بشتى الطرق .

علاج الإحباط بالقران

يؤكد الكثير من علماء النفس أن الكثير من الأمراض النفسية وخاصة الإحباط تأتي بسبب عدم الرضا عن الواقع الذي يعيشه الإنسان وعدم رضاه عن نفسه، حيث أنه في حالة زادت حالة الإحباط عن حدها تنقلب إلى مرض يصعب علاجه.

تتحدث أساليب العلاج الحديث للتغلب على حالة الإحباط، حيث تقول الدراسات الحديثة أن حالة الإحباط التي يمر بها الإنسان تغير من مظهره بحيث يغطي وجه الحزن ونجده يتحدث بصعوبة ويتنفس بصعوبة ويملأ وجهه الضيق والهم، لذا تقترح هذه الدراسات أن العلاج هو أن يتظاهر الإنسان بالسعادة والفرح وستجد أن هذا التظاهر يجعله يشعر بالسعادة شيئًا فشئيًا.

يعني هذا أن الإنسان لكي يخرج من حالة الإحباط يجب أن يسلم أقداره لله وينسى همومه ويعيش حالة التأمل التي أمر بها القرآن الكريم وهذا ما أكد عليه بالفعل القرآن في قوله تعالى “وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ” [لقمان: 22]، وهذا يعني أن بالقرآن من الممكن علاج الحالات النفسية التي يمر بها الإنسان.

علاج اليأس في الإسلام

عالج القرآن اليأس في محورين رئيسين :

المحور الأول : الآيات التي تدعو إلى التوحيد مما يبعث الأمل والأمان في القلوب : {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ }  [ الزمر  : 62 – 63] { وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } [ الأحزاب : 3]  { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [ يونس : 58] { فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  } [ الروم : 50] .

فالإيمان إذن يقتضي التوحيد، والتوحيد يقود إلى التسليم، والتسليم يحقق التوكل، والتوكل يسهل الطريق إلى سعادة الدارين، ويبعد اليأس عن الإنسان، ويرتفع به إلى أعلى عليين، بما يمده من قوة الإيمان، أما إذا ترك الإنسان التوكل، فلا يستطيع التحليق والطيران إلى الجنة فحسب، بل ستجذبه تلك الأثقال إلى أسفل سافلين .

والإيمان نور، فإذا استقر نور الإيمان في هذا الإنسان، لبين ذلك النور جميع ما على الإنسان من نقوش حكيمة، فيقرؤها المؤمن بتفكر، ويشعر بها في نفسه شعورًا كاملًا، ويجعل الآخرين يطالعونها ويتملونها، أي : كأنه يقول : هذا أنا مصنوع الصانع الجليل ومخلوقه، انظروا كيف تتجلى فيَّ رحمته وكرمه، وتصطبغ الكائنات في نظره بالنور الإلهي .

فليس الزمن الغابر كما يتوهم اليائس مقبرة عظمى، بل يشهد ببصيرة القلب، كل عصر من العصور الماضية زاخر بوظائف عبودية تحت قيادة نبي مرسل، أو طائفة من الأولياء الصالحين، ويخترق حجب المستقبل فيرى الموت مقدمة لحياة أبدية، ويرى القبر باب سعادة خالدة، ويتيقن أن كل حادثة من حوادث الكون – كالأعاصير والزلازل والطاعون وأمثالها – إنما هي مسخرات موظفات مأمورات، ويرى أن عوصف الربيع والمطر وأمثالها من الحوادث التي تبدو حزينة سمجة ما هي في الحقيقة والمعنى إلا منار الحِكَم اللطيفة .

وهكذا تتحرر النفس البشرية من كل دواعي اليأس الذي يقوض أركانها.

المحور الآخر: استنهاض الهمة إلى أقصى مدى :

إن إحساس الإنسان باليأس ينتج أيضًا من انحطاط الهمة، والانشغال بسفاسف الأمور، حيث يستغل الشيطان حب الراحة والدعة لدى الإنسان؛ فيصرفه عن الإيمان بدسائس ومكائد خبيثة، تصيبه بالغفلة وانحطاط الهمة، فيقعده عن معالي الأمور، ويقذف به في هاوية السفالة والذلة .

لذلك فقد جعل القرآن الكريم للعمل منزلة مقدسة سامية، واستحث الإنسان أن يسعى في الأرض لاستنطاق أسرارها، واستخراج خيراتها ؛ لأن إعلاء كلمة الله في الأرض، يتوقف على الرقي المادي، فقال – تعالى – : { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله} [ التوبة : 105] { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } [ النجم : 39] .

لقد أدرج الله – سبحانه وتعالى – لكمال كرمه جزاء الخدمة في الخدمة نفسها، وأدمج ثواب العمل في العمل نفسه.

ولأجل هذا كانت الموجودات قاطبة تمتثل الأوامر الربانية بشوق كامل، وبنوع من اللذة عند أدائها لوظائفها الخاصة بها، والتي يطلق عليها الأوامر التكوينية، فكل شيء ابتداء من النحل والنمل والطير، وانتهاء إلى الشمس والقمر كل منها يسعى بلذة تامة في أداء مهماتها، أي: اللذة كامنة في ثنايا وظائف الموجودات حيث إنها تقوم بها على وجه من الإتقان التام، برغم أنها لا تعقل ما تفعل ، ولا تدرك نتائج ما تعمل .

فتأمل في وظائف أعضائك وحواسك ترى أن كلًّا منها يجد لذائذ متنوعة أثناء قيامه بمهامه، في سبيل بقاء الشخص أو النوع، فالخدمة نفسها والوظيفة عينها تكون بمثابة ضرب من التلذذ والمتعة بالنسبة لها، بل يكون ترك الوظيفة والعمل عذابًا مؤلمًا لذلك العضو .

والنباتات والأشجار تمتثل أوامر فاطرها الجليل بما يشعر أن في عملها شوقًا ولذة ؛ لأن ما تنشره من روائح طيبة وما تتزين به من زينة فاخرة، تستهوي الأنظار وما تقدمه من تضحيات وفداء حتى الرمق الأخير لأجل سنابلها وثمارها، كل ذلك يعلن لأهل الفطنة أن النباتات تجد لذة فائقة في امتثالها الأوامر، بما يفوق أية لذة أخرى حتى إنها تمحو نفسها وتهلكها لأجل تلك اللذة، ألا ترى شجرة جوز الهند وشجرة التين، كيف تطعم ثمرتها لبنًا خالصًا تطلبه من خزينة الرحمة الإلهية، بلسان حالها، وتتسلمه منها، وتظل هي لا تطعم نفسها غير الطين، وشجرة الرمان تسقى ثمرتها شرابًا صافيًا، وهبها لها ربها، وهي ترضى قانعة بشراب ماء عكر حتى إنك ترى ذلك في الحبوب، فهي تظهر شوقًا هائلًا للتسنبل، بمثل اشتياق السجين إلى رحب الحياة .

ومن هذا السر الجاري في الكائنات المسمى بسنة الله، ومن هذا الدستور العظيم يكون العاطل الكسلان الطريح على فراش الراحة أشقى حالًا، وأضيق صدرًا من الساعي المجِدِّ، ذلك لأن العاطل يكون شاكيًا من عمره، يريد أن يمضي بسرعة في اللهو المرح، بينما الساعي المجد شاكر لله وحامد له، لا يريد أن يمضي عمره سدى .

لذا أصبح دستورًا عامًّا في الحياة المستريح العاطل شاك من عمره، والساعي المجد شاكر، وذهب مثلًا : ((الراحة مندمجة في الرحمة، والرحمة مندمجة في الراحة، وهنا يتبين سر الآية العظيمة التي جعلت السعي في الحياة مدعاة لذهاب دواعي اليأس، وذلك في أمر نبي الله يعقوب – عليه السلام – لبنيه ألا يستسلموا لليأس، ويسعوا في البلاد بحثًا عن يوسف وأخيه { يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}  [ يوسف : 87 ] .

اليأس من الدنيا

الحياة الدنيا لا تصفو لأحد من المصائب والأكدار، ولا تغدو مرتعا للهناء والعيش المريح على الدوام دون نغص ولا ألم، فلا أمان من تقلباتها، لذا فهي تتطلب نفسا كبيرا وصبرا كثيرا لخوض كل معتركاتها الوعرة دون الوقوع في مصيدة اليأس، فلا ينتظم أمر هذه الحياة إلا إذا كانت العلاقة بين العبد وربه متينة، لذا فليس هناك شيء أشرح للصدر بعد الإيمان بالله من حسن الظن به سبحانه.

ولعل أكبر دافع دعاني للحديث عن هذا الموضوع هو ما نراه في الآونة الأخيرة من ارتفاع مهول في نسبة الانتحار بالعالم الإسلامي، والذي لم نكن نسمع به في أوساطه إلا نادرا؛ مما يعني بالذات أن هناك خلل ما؛ خصوصا مع وجود حالات الاكتئاب الحاد بكثرة، والتي لا تحدث إلا بالوقوع المسبق في مستنقع اليأس، وحديثي هنا بالذات إنما هو من باب توجيه الرسالة إلى أي إنسان ذاق الويلات والغصص والآلام فمل من الحياة الدنيا وضاق ذرعا بأيامها، مما أفقده شهية العيش فيها.

إن تجرعك للأوجاع والأسقام دافع لك للعيش ببسالة؛ بمعنى أنه موقف للتحدي الذاتي، وليس سببا مقنعا لليأس والاعتقاد بأن الموت هو الحل لزوال ما أصابك وانتهاء معاناتك، إذ لا أحد محصن من مباغتة الأفكار والهواجس التي توحي للمرء بأنه عاجز لا يقوى على فعل شيء يغير من حاله، فلا مفر من لحظات الضعف والانهزام التي يعلن فيها المرء وبكامل إرادته أنه لم يعد له أي بصيص من الأمل، وهذا الشعور يتفاقم إن ترك بلا علاج، وقد يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان متعة العيش، فلا تجعل اليأس يثنيك عن أهدافك السامية وطموحاتك النبيلة، فلرُب ضيق تعقبه سعة وانفراج قريب، فالمؤمن الحقيقي لا ييأس من روح الله، ولا يعتقد توقف عجلة الحياة إلا بإرادة المولى جل شأنه.

علاج اليأس والاحباط

  1. – حدد سبب الضيق فهناك أسباب مكشوفة كالأزمات المالية أو فقدان شخص عزيز أو شجار، وأسباب أخرى خفية لا تصل إليها إلا بعد تفكير كضيق الوقت أو الخوف من الفشل أو نظرة الناس إليك. فمعرفة السبب أول خطوات العلاج.
  2. – نظم أسلوب حياتك بحيث تبدأ بالأهم فالمهم.
  3. – ضع أهدافا وتوقعات حقيقية ولا داعى للمبالغة حتى لا تقع فى شباك الإحباط.
  4. – كن مرنا فلا تحزن إذا لم توفق فيما رسمت فتعديل الخطة لا يعنى الفشل.
  5. – لا تكن عجولاً واعط لنفسك الوقت الكافى لتحقيق ما تريد.
  6. – كن منطقيا وتغلب على الأمور غير المتوقعة بالتفكير لا بالانفعال والغضب.
  7. – ابتعد عن الروتين وكن مجددا فى عملك أو فى اللهو فالتغير يدعو إلى الحماس ويحفز على الإنجاز.

علاج اليأس من رحمة الله

أولا: الإيمان بأسماء الله وصفاته؛ فإنّ العلمَ والإيمان بأسماء الله وصفاته الدالة على رحمته ومغفرته وكرَمه وَجُوده وحِلمه ولطفه وإحسانه… مما يجعل المسلم راجيا لرحمة الله، طامعا في مغفرته وإحسانه، غيرَ آيس من رَوْحِه وفضلِه وعطائِه… ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾ [الشورى: 25، 26].

فلا ييأسُ مِن رحمتِه مَن يخافُ انتقامَه، ولا يأمَنُ انتقامَه مَنْ يرجو رحمَته، وذلك باعث على مُجانبةِ السيئة ولو كانت صغيرة، وملازمةِ الطاعة ولو كانت قليلة…

يقول العَلاّمة محمد السفاريني رحمه الله: (حالُ السلف؛ رَجاءٌ بلا إهمال، وخوف بلا قنوط. ولابدّ من حُسن الظن بالله تعالى).

فعلى العبد أن يكون بين الخوف والرجاء؛ يخاف الله ولا يقنط من رحمته، يخاف ذنوبه، ويعمل بطاعة ربه، ويرجو رحمته… فقد قال تعالى في مدح عباده المؤمنين: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾. [الأنبياء: 90].

ثانيا: حُسْنُ الظن بالله، ورَجاءُ رحمتِه؛ فواجبٌ على العبد أن يُحسن الظن بربه، وعليه أن يتدبرَ الآياتِ والأحاديثَ الواردةَ في كرَم الله وعفوه ورحمته ومغفرته، مع الأخذِ بالأسباب التي اقتضتها حِكمة الله تعالى في شرْعه وقدَره وثوابه وكرامته…

فلا ييئسُ مَكروبٌ من الفرَج، ولا ييأسُ مُبتلىً في بدنه أو ماله أو ولده من الفرَج، ولا تيأسُ امرأة عقيم من رحمة الله، ففضلُ الله عظيم، والأملُ في رحمته كبير!.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة». متفق عليه.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم؛ إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم؛ لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم؛ إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة». أخرجه الترمذي وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.

وفي الصحيحين عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “إنّ ناساً من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا، وَزَنَوْا وأكثروا، فأتوْا محمداً صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحَسَن، لو تخبرُنا أنّ لِمَا عَمِلنا كفارة؟”. فنزل: ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخرَ ولا يقتلون النفس التي حَرّمَ الله إلا بالحق ولا يزنون ﴾… [الفرقان: 68]. ونزلتْ: ﴿ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ﴾… [الزمر: 53].

ثالثا: الصبرُ، مع تمام الرضا بقضاء الله وقدَره؛ فإذا علم المرءُ وأيقن أن ما حصل له إنما هو بقضاء الله وقدَرهِ، استراحَ قلبُه، ولم ييأس لفوات شيء… قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾. [الحديد: 22].

وقال سبحانه: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾. [التغابن:11].

فليس للمسلم في أيام الرخاء أنفعُ من الشكر والثناء، وليس له في أيام البلاء أنجعُ من الصبر والدعاء، فذلك مما يجعل المسلم ينطلق نشيطاً قوياً مهما تتابعت الفتن أو تواترت المصائب من بين يديه أو من خلفه؛ لأنه يعلم أن الأمر بيد الله، وأن الملك كله لله، وأن الله وعد عباده باليُسر والفرَج، فقال سبحانه: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6]. وقال عز وجل: ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ﴾ [الطلاق: 7].

وقال نبينا صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس رضي الله عنه: «…واعلمْ أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرَج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا». أخرجه الإمام أحمد، وصححه شعيب الأرناؤوط في تعليقه على المسند..

وعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن، إنّ أمرَه كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سَرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له». رواه مسلم.

كما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تمني الموت بسبب الضر والبلاء، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يُدخِلَ أحدا عمله الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: « لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا، ولا يتمنيَنّ أحدكم الموت: إما مُحسنا فلعله أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يَسْتعتِب».

رابعا: التأسي بأنبياء الله ورُسُلِه؛ ففي سِيَرهِم أروع الأمثلة في الصبر والثبات وعدم اليأس والقنوط، لبثوا في أقوامهم يدعونهم ويعلمونهم سنين عددا، من غير ملل ولا يأس ولا قنوط، وما دعا بعضهم على قومه بالهلاك إلا من بعد أن بين الله له وأوحى إليه: ﴿ أنه لن يؤمن من قومك إلا مَن قد آمن ﴾ [هود: 36]..

ومن أروع القصص في الصبر على البلاء، وحسن الظن بالله، ورجاء الفرَج من الله، وعدم اليأس والقنوط: قصة نبي الله يعقوب عليه السلام عند فقده لابنه يوسف عليه السلام.

لمن يأس من الحياة

حين تضعف الإرادة، وتلين العزيمة، فإن النفس تنهار عند مواجهة أحداث الحياة ومشاكلها التي لا تكاد تنتهي. وحين يفشل مثل هذا الإنسان في موقف أو مجموعة مواقف، فإنه يصاب باليأس الذي يكون بمثابة قيد ثقيل يمنع صاحبه من حرية الحركة، فيقبع في مكانه غير قادر على العمل والاجتهاد لتغيير واقعه بسبب سيطرة اليأس على نفسه، وتشاؤمه من كل ما هو قادم، قد ساء ظنه بربه، وضعف توكله عليه، وانقطع رجاؤه من تحقيق مراده.

إنه عنصرٌ نفسي سيء؛ لأنه يقعد بالهمم عن العمل، ويشتت القلب بالقلق والألم، ويقتل فيه روح الأمل.

إن العبد المؤمن لا يتمكن اليأس من نفسه أبدًا، فكيف يتطرق اليأس إلى النفس وهي تطالع قوله تعالى: (وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ) [يوسف:87]. أم كيف يتمكن منها الإحباط وهي تعلم أن كل شيء في هذا الكون إنما هو بقدر الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)  [الحديد: 22، 23].

فإذا أيقن بهذا فكيف ييأس؟ إنه عندئذٍ يتلقى الأمور بإرادة قوية ورضىً تام، وعزم صادق على الأخذ بأسباب النجاح.

إن القرآن يزرع في نفوس المؤمنين روح الأمل والتفاؤل: (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) [الزمر:53].

قال بعض العلماء: لولا الأمل ما بنى بانٍ بنيانًا، ولا غرس غارسٌ غرسًا.

ولا تيأسن من صنع ربك إنه.. …. ..ضمينٌ بأن الله سوف يُديلُ

 فـإن الليالي إذ يـزول نعيـمهـا.. …. ..تبشــر أن النائبــات تزولُ

ألـم تـر أن الليـل بعـد ظلامــه.. …. ..عليـه لإسفار الصباح دليلُ

لما جاءت إبراهيم عليه السلام البشرى بالولد في سنٍ كبير أبدى تعجبه فقال: (قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ)[الحجر:54]. فقالت الملائكة: (بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ)[الحجر:55]. قال عليه السلام: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ)[الحجر:56].

إن الأمور وإن تعقدت، وإن الخطوب وإن اشتدت، والعسر وإن زاد، فالفرج قريب.

كيف تتخلص من الإحباط والياس وتعطي نفسك دفعة للحياة الناجحة

  1. خذ فى الاعتبار إذا ما كنت تحكم على الآخرين بقسوة. …
  2. شتت انتباهك: عندما تبدأ فى نقذ ذاتك وقول انا محبط انا لا فائدة لي في الحياة والي اخره من هذه الكلمات المحبطة التي ستزيد يأسك وربما تؤدي بك إلى الاكتئاب وقتها وجه تركيزك على اى شىء آخر لا يهم ما هو ولكن قد يصرف انتباهك عن التفكير. …
  3. اسخر من نفسك: نعم ما سمعته صحيح !

الشعور باليأس والاحباط

يعتبر الشعور باليأس والإحباط شيئاً طبيعياً في حياة كل الناس بعد الخروج من تجربة صعبة ومؤلمة. لكن الكثيرين يعانون من إحباط دائم دون أن يعرفوا ذلك، وهذه بعض علاماته. الإحباط هو مجموع مشاعر مؤلمة، كالإحساس بالضيق والتوتر والغضب والعجز والدونية، وينتج عن وجود عائق ما يحول دون إشباع حاجة عند الإنسان أو حل مشكلاته.

 

 

السابق
كيف تصبح قليل الكلام ؟
التالي
أسباب عدم الثقة بالنفس و تأثيرها

اترك تعليقاً