العصف الذهني المعاكس
في الآونة الأخيرة ظهر ما يسمى بالتعلم المعكوس، والذي يعد قلباً للأدوار فى العملية التعليمية لأجل خلق جو من المرونة والمتعة وزيادة معدل الممارسة العملية والاستيعاب في العملية التعليمية، مما جعلنا نتساءل، ماذا لو تم قلب العديد من الاستراتيجيات الموجودة حاليا؟ هل سيتغير الوضع وتزداد معدلات الاستيعاب والتعلم؟ بالفعل يبدو أن الأمر ممتع جداً مع قلب الوضع الروتيني الذي اعتاد عليه الجميع لخلق بنية معرفية أكثر مرونة وتشويقا تسمح بالمزيد من الحرية التعليمية.
جميعنا نتعرض في معظم مواقف حياتنا للعصف الذهني، و ليس على النطاق التعليمي فقط، فالعصف الذهني يُعدُّ هدفاً و وسيلة منظمة لأجل إيجاد حلول بطريقة علمية، ووفقاً لخطوات منهجية للعديد من المشكلات، فهو يضع الطالب داخل صندوق المشكلة كي يستطيع أن يجد لها حلاً، فتنمو لديه العديد من المهارات أهمها التفكير النقدي والإبداعي والتفكير السابر.
فالعصف الذهني التقليدي هو أسلوب تعليمي وتدريبي وتفكيري يبدأ بتحديد المشكلة ثم اقتراح الحلول فاختبار مدى صلاحيتها، ثم إيجاد الحل المناسب. فهو يقوم على حرية التفكير لأجل توليد أكبر كم من الأفكار لمعالجة موضوع ما. أما في العصف الذهني المعاكس ، فدعونا نقلب الطاولة هذه المرة، فماذا لو طُلب من المتعلم أن يصطنع مشكلة ويقوم بحلها؟ ماذا لو عرضنا على المتعلم طريقة يجعل بها الأمور أكثر سوءاً لكي يقوم بحلها؟ هذه العملية برمتها ستؤدي إلى تخزين كم من القرارات والمعرفة إذا ما حدثت هذه المشكلة حقيقة، فيكون على علم بطريقة حلها، هذا ما سوف نتعرف عليه من خلال السطور القادمة في هذه المقالة.
مفهوم العصف الذهني المعاكس
يمكن تعريف العصف الذهني المعاكس بأنه أسلوب للتفكير والتدريب يُستخدم لتطوير الأفكار، وذلك من خلال جعل الأمور أكثر سوءاً، و اختلاق المشكلات، فبدلاً من البحث عن أسباب المشكلة نبحث في كيفية صنع المشكلة والتسبب فيها، فيتحول الأمر من الحل إلى الإحداث، لأجل اكتشاف المشكلات ووضع الحلول.
فهو أسلوب لابد أن يعتمده المتخصصون في إدارة الأزمات، عليهم بخلق المشكلات التي من الوارد حدوثها، لينظروا كيف سيتصرفون على إثرها، وما هي القدرات والإمكانيات الموجودة لديهم لحلها إذا ما حدثت تلك المشكلة فيما بعد بالفعل.
كذلك فهو أسلوب للوقاية من المشكلات يجعلك تصطنع المشكلة وتقوم بحلها ويمكن من تخزين قدر كبير من القرارات التي يمكن اتخاذها وقت حدوث المشكلة إذا ما حدثت في الواقع، فهو أسلوب جديد لابد علينا أن نعتمد عليه في الكثير من المجالات.
مميزات العصف الذهني المعاكس
يمكن أسلوب العصف الذهني المعاكس من:
- اصطناع المشكلات للتأكد من مدى وجود حلول لها.
- التأكد من مدى وجود خبرات لدى المتقدمين للوظائف أو المتدربين.
- تطوير الأفكار، وإيجاد مشاريع جديدة.
- التنبؤ بما قد يطرأ أثناء حدوث المشكلة من مفاجآت.
- تنمية مهارات الإبداع والابتكار واتخاذ القرارات لدى المتعلمين.
- استخدامه في التدريب لإدارة الأزمات والوقاية من الكوارث.
- يمكن الشركات من تطوير بنيتها، و كفاءة موظفيها.
- هو مهارة أكثر إفادة من مهارة العصف الذهني التقليدي، فالقدرة على اصطناع المشكلة لحلها، أفضل من القدرة على حل مشكلة موجودة بالفعل.
- يجعل الفرد يمتلك كمية كبيرة من القرارات المخزنة، والتي تكون تحت الطلب إذا ما حدثت مشكلة من المشكلات.
- القدرة على مواجهة الظروف الطارئة والمستعجلة بشكل صحيح.
- النظر إلى المشكلات من زاوية أخرى غير تقليدية، مما يؤدي إلى إيجاد حلول إبداعية.
- القضاء على الروتين والبيروقراطية في حل المشكلات.
مراحل العصف الذهني المعاكس
تختلف جوهرياً عن مراحل العصف الذهني التقليدي ويمكن تلخيصها فى المراحل التالية:
- التعرف على أسباب حدوث المشكلات.
- التسبب في حدوث المشكلة.
- وضع حلول ومقترحات للحل.
- اختبار الحلول.
- إيجاد طرق لمنع حدوث المشكلة.
الهدف من العصف الذهني المعاكس إذن، هو منع حدوث المشكلات مستقبلاً من خلال اصطناعها في الوقت الحالي والعمل على حلها.
العصف الذهني المعاكس كمتغير بحثي
من المؤسف في بحوثنا العلمية والتربوية أن لا نجد جديدا في مجال المتغيرات البحثية، فالجميع يركز على التحصيل أو المهارة أو الاتجاه، دون القدرة على إحداث ابتكارات في مجال المتغيرات البحثية. علينا أن نحدث إصلاحات جذرية في المتغيرات البحثية، فليست كل المتغيرات تحصيلا واتجاها ومهارة، فإذا ما أبدعنا و ابتكرنا سنجد الكثير من المتغيرات الهامة التى تحتاج منا الاهتمام بالبحوث العلمية والتربوية.
ويُعد العصف الذهني المعاكس أحد أهم المتغيرات التي يجب أن نركز عليها فى الفترة القادمة لتنمية مهارات تفكيرية سواء نقدية أو إبداعية. على جميع الباحثين إذن الاتجاه نحو العديد من المتغيرات البحثية الأخرى الحديثة والمختلفة، وعدم الاعتماد على المتغيرات التقليدية التي ملأت البحوث، فيجب أن نتخلى قليلاً عن الروتين الذى أودى بالبحث العلمي إلى التقليدية وعدم إنتاج معرفة جديدة.
مثال على العصف الذهني المعاكس
إذا كنت موظفاً في المصالح الحكومية، وتبحث دائما عن إرضاء العميل أو المواطن، فمن الممكن أن تقلب الطاولة وتسأل نفسك سؤالاً: كيف يمكن أن أتسبب في عدم إرضاء الجمهور؟ للتعرف على المشكلات التي من الممكن أن يعاني منها، لتقوم بعرض الخطوات التى تتسبب فى حدوث المشكلة، ومن ثم القيام بمراحل العصف الذهني المعاكس السابقة الذكر لأجل الوصول إلى إرضاء الجمهور وحل مشكلاته بشكل إبداعي.
التفكير المعاكس
الفصل المقلوب أو المعكوس flipped classroom مفهوم ليس بالجديد على ميدان التدريس عامة، اللهم إذا استثنينا معظم الدول العربية، حيث بدأنا نسمع مؤخرا عن التعليم المعكوس في بعض المواقع والمدونات العربية الرائدة في تقنيات التعليم. فقد وصف بمستقبل التعليم، من طرف العديد من المهتمين بتطوير طرق و استراتيجيات التدريس، حيث اعتبروه الطريق الأسهل إلى تكنولوجبا التعليم دون المساس بمبادئ التعليم التقليدي، والذي يعتبر التفاعل المباشر بين المتعلم و المعلم من جهة و بين المتعلمين فيما بينهم من جهة أخرى ركيزة أساسية لبناء التعلم.
في هذا المقال سنحاول التعرف على ماهية الفصل المقلوب، مميزاته و بعض الأدوات المتاحة للتعامل معه.
ماهو التعلم المقلوب ( المعكوس ) ؟
التعلم المقلوب في إطار الفصول المقلوبة ( المعكوسة )، هو نموذج تربوي يرمي إلى استخدام التقنيات الحديثة و شبكة الإنترنت بطريقة تسمح للمعلم بإعداد الدرس عن طريق مقاطع فيديو أو ملفات صوتية أو غيرها من الوسائط، ليطلع عليها الطلاب في منازلهم أو في أي مكان آخر باستعمال حواسيبهم أو هواتفهم الذكية أو أجهزتهم اللوحية قبل حضور الدرس. في حين يُخصص وقت المحاضرة للمناقشات والمشاريع والتدريبات. ويعتبر الفيديو عنصرا أساسيا في هذا النمط من التعليم حيث يقوم المعلم بإعداد مقطع فيديو مدته ما بين 5 إلى 10 دقائق و يشاركه مع الطلاب في أحد مواقع الـويب أو شبكات التواصل الاجتماعي.
وهكذا فإنّ مفهوم الفصل المقلوب يضمن إلى حد كبير الاسـتغلال الأمثل لوقت المعلم أثناء الحصة، حيث يقيّم المعلم مستوى الطلاب في بداية الحصة ثم يُصمّم الأنشطة داخل الصف من خلال التركيز على توضيح المفاهيم وتثبيت المعارف و المهارات. ومن ثمّ يشرف على أنشطتهم ويقدمُ الدعم المناسب للمتعثرين منهم وبالتالي تكون مستويات الفهم والتحصيل العـلمي عاليةً جداً، لأن المعلم راعى الفروقات الفردية بين المتعلمين.
طريقة العصف الذهني
ينبغي معرفة قواعد ومعايير جلسة العصف الذهني الجماعية قبل البدء بها، وهي تلك القواعد الأربعة التي وضعها أوزبورن والتي تم الإشارة لها سابقاً، ويُمكن إعادة تلخيصها في توليد أكبر كم من الأفكار أثناء جلسة التفكير الإبداعي، وتجنُب تعريض أي من الأفكار المطروحة إلى النقد أو السخرية، وتشجيع الأفكار غير الاعتيادية، ثم الدمج بين هذه الأفكار لتطويرها وتحسينها،عقب ذلك يوجد بعض الإجراءات التي يُمكن اتباعها لبدء جلسة العصف الذهني الجماعية التي تتكون من مجموعة كبيرة أو صغيرة من الأشخاص، وهي كالآتي:
- تحديد أحد أعضاء المجموعة كمسؤولٍ توكَّل إليه مهمة إدارة جلسة العصف الذهني.
- تحديد المشكلة التي ستكون محور جلسة العصف الذهني، إذ يجب أن تكون واضحة لجميع أعضاء المجموعة.
- وضع قواعد عامة يتم التقيُد بها أثناء الجلسة، والتي تشمل السماح للشخص المسؤول بإدارة الجلسة بشكل كامل، وعدم تقييد أي من أعضاء المجموعة بحيث يُسمح للجميع بالمُشاركة، بالإضافة إلى عدم الحكم على أي من الأفكار حتى يتم تجميعها كاملة، وافتراض صحة أي فكرة يتم طرحها، فضلاً عن تسجيل كل الأفكار التي يتم طرحها ما لم تكن مُكررة، كما يجب تحديد وقت زمني تنتهي عنده عملية طرح الأفكار وإنتاجها.
- البدء بعملية العصف الذهني مع التركيز على تشجيع المجموعة على طرح الأفكار الإبداعية التي ترتكز على التفكير خارج الصندوق.
- اختيار الأعضاء بالترتيب حسب الدور الذي يحدّده المسؤول؛ ليطرحوا أفكارهم التي خرجوا بها من خلال العملية، ثم تدوين كل هذه الأفكار.
- تجنُب أي نقد قد يتم توجيهه لأي من الأفكار المطروحة.
- البدء بتقييم الأفكار المُدونة، ويُمكن إجراء ذلك من خلال تصويت المجموعة عليها.
- تجميع الأفكار المُتشابهة، بهدف حصر الأفكار المُدونة وتقليلها.
- مناقشة جميع الأفكار الباقية بعد أن تمّ حصرها.