اسلاميات

4 معلومات حول هجرة الرسول من مكة إلى المدينة

هجرة الرسول

هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة تعتبر من الأحداث الفارقة في تاريخ الإسلام، حيث انه بعد الهجرة بدأت رحلة الإسلام تأخذ منحنى آخر وذلك لأن المدينة كانت بمثابة النواة الأولى لانطلاق الإسلام في العديد من الاتجاهات كما أنها كانت بداية وضع قواعد الدولة الإسلامية التي استطاعت أن توحد الجزيرة العربية بأكملها تحت لواء الإسلام وذلك بعد فتح مكة.

ومن الممكن أن نقول أن السنوات قبل الهجرة كانت قاسية جدا على المسلمين وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لذا كان لابد من التحرك من المدينة التي كان الكفر راسخا بها بشكل كبير إلى مكان يستطيع أن يحتضن الدعوة الجديدة ويدافع عنها.

أحداث الهجرة طويلة وممتلئة بالعديد من الصور التي توضح عظمة الله سبحانه وتعالى مع نبيه وتوضح أيضا معجزاته، كما أن أحداث الهجرة من مكة إلى المدينة بها الكثير من الدروس والعبر حول الإيمان والتضحية بكل ما هو غالي ونفيس من أجل دعوة الله سبحانه وتعالى ومن أجل نصرة رسوله صلى الله عليه وسلم.. وفي هذا المقال سوف نتعرف سويا على مجموعة من أهم المعلومات حول هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.

هجرة الأنبياء لنشر دعوتهم

ولو نظرنا إلى فكرة الجرة بشكل عام سوف نجد أن الله سبحانه وتعالى جعلها هي الوسيلة التي قام بها العديد من الأنبياء لنشر دعوتهم وذلك، ولم يكن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هو النبي الوحيد الذي فرضت عليه الهجرة، لكن قبله كان هناك العديد من الأنبياء الذين واجهوا جحود وقسوة أقوامهم فأمرهم الله ان ينشروا دعوتهم في بلاد أخرى.

ومن الممكن أن نقول أن الله شرع الهجرة لكي تكون وسيلة نشر الدعوة إلى الله كما أنها كانت الطريقة التي جعلت الدعوة تستمر لأنها كانت حامية لها من الظلم والكيد الذي تعرض له كل نبي في قومه، وكان محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر نبي هاجر ولكن قبله فإن القرآن الكريم يذكر العديد من الأنبياء الذين هاجروا لكي يحموا دعوتهم، ومنهم نبي الله إبراهيم الذي هرب من كيد قومه له، ونبي الله لوط الذي هاجر هو ومن تبعه من المؤمنين من فساد قومه، ونبي الله موسى عليه السلام حيث هاجر هو وكل من آمن معه هربا من ظلم فرعون وجبروته، ثم انتهت الهجرات النبوية بآخر الأنبياء حيث هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.

وقد ذكر الله في كتابه العزيز الهجرة في العديد من المواضع ومنها “فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ”.

متى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

كانت هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد 13 عام من نزول الوحي عليه والبعثة التي كانت في مكة المكرمة، وقد قال ابن إسحاق “أنّ الهجرة النبوية كانت في السابع والعشرين من شهر صفر من السنة الرابعة عشرة من بعثة النبي محمدٍ -عليه الصلاة والسلام-، أمّا وصوله إلى المدينة المنورة فكان في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وذلك على اعتبار أنّ شهر محرّم الشهر الأول من السنة الهجرية”.

ما هي أهم الأسباب التي دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الهجرة؟

من الممكن أن نقول أن أسباب الهجرة من مكة إلى المدينة متعددة وكثيرة، وجدير بالذكر أن هجرة الرسول سبقتها هجرة أخرى حيث أمر أتباعه من المؤمنين الذين لاقوا العذاب من قريش بالهجرة من مكة إلى الحبشة وقال على ملكها أنه لا يظلم عنده أحد أبدا، وقد أمر الرسول المسلمين الضعفاء بالهجرة لأنهم لم يكن لهم من يحميهم في مكة المكرمة لأن قريش استضعفتهم فسرقوا أموالهم وروعوهم في ديارهم ولم يكونوا آمنين، ولذلك كان لابد لهم من الذهاب إلى ملجأ يشعرون فيه بالأمان على مالهم وأرواحهم.

تعذيب قريش للمسلمين
وهنا يأتي السؤال وهو لماذا لم يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المسلمين من مكة إلى الحبشة؟ هنا لابد أن نوضح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في حماية عمه أبي طالب وهو واحد من سادة قريش لذا فإن الحمية والعصبية التي كانت عليها مكة في ذلك الوقت كانت سببا رئيسيا في عدم قدرة قريش على إيذاء النبي، لأن وقتها كان الصراع سوف يسود بين سادة مكة والتحالفات القبلية فيما بينهم.

لكن هذا لا يمنع أن العذاب طال أيضا رسول الله وأصحابه بشتى الطرق التي استطاع الكفار أن يصلوا إليها، فلقد قامت قريش بفرض حصار قاسي على المسلمين وعزلتهم في شعب أبي طالب حيث اجتمع كل سادة مكة وقاموا بتوقيع وثيقة تقضي بعدم البيع للمسلمين وعدم الشراء منهم، وحصارهم في شعب أبي طالب اقتصاديا واجتماعيا لا يتزوجوا منهم ولا يجتمعوا بهم، وفي هذه الأثناء عانى الرسول وأصحابه وكل المسلمين من كرب شديد، وأصيبوا بالجوع والخوف برجالهم وأطفالهم ونسائهم، حتى رأى بعض سادة قريش أن ما يفعل بمحمد وأصحابه سوف يجلب لهم العار وسط القبائل بأنهم جوعوا قومهم، فذهبوا إلى الكعبة حتى يقوموا بتمزيق الوثيقة التي تقضي بمقاطعة المسلمين فوجدوا الأرضة قد أكلتها ولم يبقى منها سوى كلمة باسمك اللهم.

وقد كانت آخر مؤامرات قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم تسبق الهجرة مباشرة، حيث اجتمع سادة الكفار لكي يبحثوا في كيفية قتل الدعوة وإنهائها من جذورها، لذلك جاءت آرائهم كثيرة فبعضهم اقترح أن يحبسوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يتمكن من نشر دعوته، وبعض منهم قال أن يتهموه بالجنون والسحر حتى ينفض الناس عنه، أما البعض الآخر فلقد عزموا على قتله، ولأن فكرة أن يقوم شخص واحد بقتل رسول الله سوف يؤدي إلى قتال بني هاشم مع قبيلة الرجل آخذا بالثأر، لكن رأي الشيطان تدخل واقترح أحدهم أن يفرقوا دم محمد بين القبائل، وأن يختاروا من كل قبيلة رجل ويتربصوا به جميعا ويقتلوه بضربة رجل واحد حتى يكون ثأر بني هاشم مع كل قبائل مكة فلا تستطيع قتالهم. لكن الله سبحانه وتعالى أحبط مخططهم، وفي هذا ذكر ابن حجر في فتح الباري.. ذكر أحمد من حديث ابن عباس بإسناد حسن في قوله تعالى: وإذ يمكر بك الذين كفروا الآية، قال تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم بل اقتلوه وقال بعضهم بل أخرجوه فأطلع الله نبيه على ذلك، فبات عليّ على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم، يعني ينتظرونه حتى يقوم فيفعلون به ما اتفقوا عليه. فلما أصبحوا ورأوا عليا رد الله مكرهم. فقالوا أين صاحبك هذا؟ قال لا أدري فاقتصوا أثره فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم فصعدوا الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا لو دخل ها هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه فمكث فيه ثلاث ليال.

نشر الدعوة الإسلامية خارج مكة
يأتي سبب مهم أيضا من أسباب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نشر الإسلام خارج مكة، حيث أن أهل مكة قابلوا الدعوة بالقسوة والرفض والتكبر وقاموا بمحاربتها، لذلك كان لابد من البحث عن مكان آخر يكون أهله أكثر تقبلا وأقل تكبرا من أهل قريش، وقد قابل رسول الله قبيلة الخزرج في موسم الحج ووجد فيهم ترحيبا بدعوته وقبولا لها.

ومن الممكن أن نقول أن قبيلة الخزرج كانت على استعداد لتقبل دعوة الإسلام حيث أنهم في المدينة كانوا يجاورون اليهود، وقد كان من المعروف عن اليهود أنهم يبشرون بقدوم نبي جديد، عندما عادت قبيلة الخزرج إلى المدينة أخبروا الناس فيها عن دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق قلبهم لها، وفي الموسم التالي للحج جاء اثنى عشر رجلا من الأوس والخزرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي يبايعونه على الإسلام وقد روى عبادة بن الصامت عن أحداث البيعة ما يلي “عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ -وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ-: «تَعَالَوْا بَايِعُونِي عَلَى:أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ». قَالَ: فَبَايَعْتُهُ عَلَى ذَلِك.

إقامة دولة الإسلام
جدير بالذكر أن واحدة من أهم أسباب الهجرة إلى المدينة هو حتمية قيام دولة للإسلام، وكان هذا لابد أن يتم خلال إطار سياسي واجتماعي مستقر، وقد كان من الصعب تحقيق ذلك أثناء وجود المسلمين في مكة وتعرضهم لكل أشكال العذاب على يد قريش، لكن في المدينة كان الوضع أكثر استقرار، حيث استطاع المسلمين التآلف مع أهلها وكان الوضع آمنا ومستقرا للرسول وأصحابه لكي يبدأوا في تأسيس المجتمع الجديد ووضع الأسس السياسية والاجتماعية والدينية التي سوف تحكمهم، وتكوين جيش قوي من المسلمين استعدادا للدفاع عن الدعوة ولكي يكون هذا الجيش هو النواة الأولى لانطلاق الفتوحات في البلاد المجاورة.

أحداث الهجرة الشريفة

هناك الكثير من الأحداث البارزة في الهجرة النبوية وقد ذكرت في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة، ومن أبرز الأحداث الخاصة بالهجرة نذكر التالي:-

عندما جاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره بالهجرة إلى المدينة المنورة ذهب إلى صاحبه أبي بكر وقال له “فإنِّي قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ فقالَ أبو بَكْرٍ: الصَّحابَةُ بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ قالَ أبو بَكْرٍ: فَخُذْ – بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ- إحْدَى راحِلَتَيَّ هاتَيْنِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بالثَّمَن”.. وقد قبل رسول اله صلى الله عليه وسلم صحبة أبي بكر إلى المدينة المنورة.

وقد طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من علي بن أبي طالب أن ينام في فراشه حتى يخدع قريش، وقد كانوا ينتظرونه حتى يخرج لصلاة الفجر ويقتلونه حسب الخطة التي وضعوها ولكن الله أعمى أبصارهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يروه، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه العزيز قائلا “وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ”.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خارجا من مكة يشعر بالحزن لفراق البلد التي يحبها، وقد قال في ذلك “ما أطيبَكِ مِن بلدةٍ وأحَبَّك إليَّ ولولا أنَّ قومي أخرَجوني منكِ ما سكَنْتُ غيرَكِ”.

انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الطريق إلى المدينة المنورة تاركين مكة بجبروتها وظلمها ذاهبين إلى حيث أمر الله رسوله، وقد كان أبو بكر يسير ساعة خلف رسول الله وساعة أمامه حتى لا يصيبه مكروه وحتى يحميه من قريش، حتى ذهبوا إلى غار ثور وهناك أراد أبو بكر في البداية أن يدخل إلى الغار حتى يتأكد أنه خالي من أي شيء قد يلحق الأذى برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء ذكر ذلك في القرآن الكريم في قول الله تعالى “إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”.

وعندما علمت قريش بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج وأنهم لن يستطيعوا اللحاق به أعلنوا عن مكافأة مائة ناقة لأي رجل يستطيع أن يأتي لهم بمحمد وصاحبه، وكان سراقة بن مالك يطمع في الحصول على هذه الجائزة فخرج في آثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن معجزة الله سبحانه وتعالى قد تمت وسقط سراقة من على فرسه وعلم أنه كان سوف يرتكب إثما عظيما فتراجع عن ما كان سوف يفعله وأقسم على حماية رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر حتى يصلوا إلى المدينة المنورة.

السابق
2 من غزوات الرسول في رمضان
التالي
2 من المعلومات المهمة عن قصة يونس والحوت

اترك تعليقاً