اسلاميات

قصة النبي نوح وبنائه لسفينة النجاة

مقدمة

ان قصة النبي نوح محملة بالحكم الالهية فهي مرتبطة بدء الخلق والطوفان والتطهير والهلاك والبعث، انها قصة البدء الدائم حيث يأتي الطوفان مخلصا الانسان من الماضي ليحل الحاضر طاهرا جديدا مفعما بالنور والحيوية ، سر من أسرار الله يطهر الارض من الفاسدين بماء لا حدود له. قصة نوح هي قصة التجدد وبعث الحياة من جديد، انها عجيبة من العجائب التي يبعثها الله تعالى في عبر لعباده ونشدد على كلمة عبر وليس عبرة فان فكر الانسان اكثر من مرة بما حصل في الطوفان مع النبي نوح عليه السلام فهو يجد اكثر من عبرة ان كان بدايتها الخلاص من الكفرة الذين وجهت الدعوة لهم والنصائح لاكثر من مرات عدة ودعوا للتخلص من حياة الكفر التي يعيشونها ولكن العبرة هنا لم تكن مجرد الخلاص منهم لانهم لم يذعنوا لارشادات ودعوات النبي نوح انما كان هناك خوفا منهم في نشر فسادهم اكثر واكثر وبالاخص بأنهم ان انجبوا سينجبون ذرية مثلهم كفرة لا يؤمنون ولذلك كان القرار الالهي بانشاء السفينة والرحيل بها مع نوح وقومه المؤمنين لخلاص العالم ككل من الكفرة .كان في سالف الزمان قوم مؤمنون، يعبدون الله وحده، ويفعلون الخيرات، فمات أولئك القوم، فحزن عليهم الناس لصلاحهم وأخلاقهم. فعمل بعض تماثيل أولئك، وكانوا يسمّون بهذه الأسماء: ودّ، سواع، يغوث، يعوق، نسر.

بداية القصة

  • كان في سالف الزمان قوم مؤمنون، يعبدون الله وحده، ويفعلون الخيرات، فمات أولئك القوم، فحزن عليهم الناس لصلاحهم وأخلاقهم. فعمل بعض تماثيل أولئك، وكانوا يسمّون بهذه.
  • الأسماء: ودّ، سواع، يغوث، يعوق، نسر.
  • وأحب الناس هذه التماثيل، وجعلوها رمزاً لأولئك النفر الصلحاء الذين ماتوا الى ان وصلت المرحلة الى المبالغة الكبرى والكفر والشرك حيث دخلت الصور الى بيوتهم ومضى زمن ومات الآباء وكبر الابناء وقاموا بعبادة هذه الصور والتماثيل ويسجون لها . وأخذت التماثيل من نفوس أولئك القوم مأخذاً عظيماً. وقالوا عنها انها آلهة.
  • في هذا الوقت بالذات وعندما وصل الامر الى هذا الحد من الكفر والاشراك ارسل الله إلى أولئك القوم نوحاً عليه السلام ليرشدهم إلى الطريق الصحيح، وينهاهم عن عبادة الأصنام، ويهديم إلى عبادة الله تعالى.
  • فجاء نوح إلى القوم.. (فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلهٍ غيره) فكذّبوه، ولم يقبلوا منه، فأنذرهم من عذاب الله تعالى.
  • قال: (إنّي أخاف عليكم عذاب يوم عظيم). فجاوبوه (قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين).
  • قال يا قوم ليس بي ضلالةُ ولكني رسول من ربّ العالمين أبلّغكم رسالات ربّي وانصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون. فتعجّب القوم مما قال نوح فقالوا له: أنت بشر مثلنا، فكيف تكون رسولاً من عند الله؟ وإن الذين اتبعوك هم جماعة من الأراذل والسفلة وقال بعض القوم لبعض: (ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضّل عليكم إن هو إلا رجل به جنّة).
  • وشجّع بعض القوم بعضاً، في عبادة أصنامهم (وقالوا لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودّا ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً).
  • ولما طال حوارهم وجدالهم، قال نوح: (أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم) وأخذ نوح عليه السلام جانب اللين واللّطف، ولكن القوم لم يزيدوا إلا عناداً.
  • ولكن النيي نوح لم ييأس منهم، بل كان يأتيهم كل صباح ومساء، ويجدد الدعوة لهم وينذرهم بلطف ولين، وكان القوم إذا جاءهم نوح للدعوة (جعلوا أصابعهم في آذانهم) حتى لا يسمعوا كلامه (واستغشوا ثيابهم) تغطّوا بها حتى لا يروه. وكثيراً ما هاجموه، وضربوه حتى يغشى عليه،  لكنّ نوحاً لم يستسلم وتابع رسالته فكان إذا أفاق يقول: اللهم اهد قومي فإنّهم لا يعلمون.
  • حتى انه ظل يرشدهم فكانوا يقولون: لم (يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا)؟، وفي اخر المطاف استسلم النبي نوح ووجه شكواه لله تعالى يحث انه ما عاد هناك مجالا للدعوة والنصيحة، فتوجه الى الله تعالى قال( رب اني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي الا فرارا) ( واني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا اصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا).
  • (ثم إني دعوتهم جهاراً)، (ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً)، (يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهاراً).واختلق بعض أولئك الكفّار عذراً غير منطقي فقالوا: (أنؤمن لك واتّبعك الأرذلون)؟ وطلبوا منه ان يطرد اتباعه وقومه الذين امنوا بالله وبرسالة نبيه نوح  فأجابهم نوح عليه السلام (قال وما علمي بما كانوا يعملون) (إن حسابهم إلا على ربّي لو تشعرون) (وما أنا بطارد المؤمنين) (وما أنا بطارد الذين آمنوا) (ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكّرون) (إن أنا إلا نذير مبين) فأخذوا يهدّدونه، بالرجم بالحجارة (قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكوننّ من المرجومين).
  • توجه مجددا نوح الى الله تعالى، وطلب منه ان ينقذه من هؤلاء القوم الذين غلب في نصحهم واقناعهم بالايمان وكذبوه وقال( رب ان قومي كذبون) (فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين) فكان جوابهم ( فائتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين) فاجابهم(انما يأتيكم به الله ان شاء) وقال: لا ينفعكم نصحي ان اردت ان انصح لكم.
  • وعند ذاك توقّع النّصر من الله تعالى، وانتظر الوحي ليعلم أنّه ما ينبغي أن يصنع بهؤلاء القوم،  فأوحى إليه الله تعالى: (إنّه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون).فدعا إلى الله تعالى، قائلاً: (ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفّاراً).وحينئذ أمره الله تعالى أن يغرس النخل فإذا أثمر نزل عليهم العذاب. والهدف من ذلك أن الله تعالىىلا يعذّب طفلاً صغيراً بذنوب الآباء،  فعقّم أرحام النساء أربعين سنة، فلم يولد لهم مولود ولم يبق لهم طفل غير مكلّف.

بناء سفينة النجاة

  • ولما نشأ النخل وبلغ اشده، وانقضت خمسون سنة، أمر نوحٌ بقطعه، فاستهزىء قومه منه مرة اخرى.ولمّا اكتمل الأمر أوحى الله إليه بصنع السفينة (فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا). فأخذ نوح يصنع الفلك، وجبرئيل يعلّمه كيف يصنعها، فساعده في صنع سفينة لتتسع ملايين المخلوقات لكن نوحا سأل الله تعالى ان يعينه على صنع مثل هذه السفينة الكبيرة، فأوحى الله اليه: ناد في قومك وبعضهم كان يقول له: السفينة تصنع للبحر وانت تصنعها للبر. وظل الكفرة يستهزؤون بما يقوم به نوح عليه السلام.
  • وبعضهم كان يقول له: السفينة تصنع للبحر وأنت تصنعها في البر. وظل الكفرة يستهزؤون بما يقوم به نوح عليه السلام.
  • وكان يجيبهم نوح بكل ادب: (إن تسخَروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحلّ عليه عذابٌ مقيم). واستمر يعمل بانشاء السفينة التي ستبحر قريبا وتغرق قوما لم يؤمنوا  حتى انتها من صنع السفينة.
  • ثم أمر الله سبحانه نوحاً أن يحمل في السفينة الذي آمنوا معه، ومِن كل ذي روح زوجين اثنين، لئلا ينقرض نسل الحيوان.
  • فحمل من الضأن اثنين ومن المعز اثنين، ومن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين، ومن الغزال اثنين، ومن اليحمور اثنين، ومن البغل اثنين، ومن الفرس اثنين، ومن الأسد اثنين، ومن النمر اثنين، ومن الفيل اثنين، ومن الكلب اثنين، ومن الدّب اثنين.
  • وحمل الذين آمنوا به، وكان عددهم ثمانين شخصاً (وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها إن ربّي لغفور رحيم).
  • وكان لنوح (عليه السلام) زوجتان، إحداهما مؤمنة، والثانية كافرة، وكانت الزوجة الكافرة تؤذي نوحاً، وتقول للناس: إن زوجي مجنون وإذا آمن أحد، أخبرت الكفّار. فترك نوح زوجته الكافرة واخذ معه المؤمنة فغرقت مع الكفار.
  • ولما ركب نوح والّذين آمنوا معه السفينة، وأركب جميع الحيوانات، كلاً في موضعه، وبدأت  السماء تمطر مطراً غزيرا عجيبا ً، وطفقت عيون الأرض تنبع بالمياه الكثيرة (فالتقى الماء) ماء الأرض وماء السماء، حتى صار العالم كبحر كبير.
  • واستمرّ هطول الأمطار ونبع العيون أربعين يوماً. كانت السفينة تجري فوق ظهر الماء حسب هبوب الرياح، وإذا بنوح (عليه السلام) يشرف من السفينة فيرى ولده، يقع مرّة، ويقوم أخرى، يريد الفرار من الغرق، فناداه: (يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين). لكن الابن العاق أبى قبول نصيحة والده الشفيق، وأجاب نوحاً (قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء).
  • فنظر إليه نوح نظر مشفقٍ، وقال: (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم). ولكنّ عناد الولد، وإصراره على الكفر حال بينه وبين قبول نصح أبيه، فلم يركب السفينة، وكانت السفينة حينذاك (تجري في موج كالجبال).
  • فتضرّع إلى الله تعالى في نجاة ابنه (ربّ إن ابني من أهلي وإن وعدك الحقّ وأنت أحكم الحاكمين).
  • ولكنّ الله تعالى، كان قد وعد نجاة أهل نوح الذين كانوا من الصالحين، ولذا أجابه: (يا نوح إنه ليس من أهلك أنه عمل غير صالح).
  • بعدما غمر الماء جميع الأرض، وهلك كل كافر (قيل يا أرض ابلعي ماءك) فغاض الماء الذي نبع من الأرض، وأوحى إلى السماء: (يا سماء اقلعي) فانقطع المطر (واستوت) السفينة (على الجودي) وهو جبل، أرست السفينة عليه، وأخذت المياه التي بقيت على الأرض من الأمطار، تتسرّب إلى البحار.
  • وأوحى إلى نوح (عليه السلام): (يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أممٍ ممن معك) فنزل نوح من السفينة، ونزل المؤمنون الذين كانوا معه، وبنوا مدينةً، وغرسوا الأشجار، وأطلقوا الحيوانات التي كانت معهم.
  • وأخذ الناس يتوالدون ويتناسلون، وأوحى الله تعالى إلى نوح: يا نوح، إنني خلقت خلقي لعبادتي، وأمرتهم بطاعتي، فقد عصوني، وعبدوا غيري واستوجبوا بذلك غضبي، فغرّقتهم.
السابق
أهم الصفات لرسول الله خلقيا وشكليا
التالي
الانبياء والرسل ما هو عددهم الفعلي

اترك تعليقاً