اسلاميات

تعريف مخارج الحروف.. مع تفسير “لحن القول” كما ورد عن المُفسرين

تعريف مخارج الحروف

سلامة النطق لتحقيق صحة المعنى وتجنب اللحن الجلي، واللحن الجلي المقصود به خطأ يمس سلامة الألفاظ ويخل بصحة المعنى ومثال ذلك ما جاء في صحيح البخاري من لفظ إلقاء السلام بلفظ السام والمقصود بالسام الموت، فكان إسقاط حرف اللام تغييراً بالمعنى إلى مضاده، وكذلك إبدال الحركة من الضم كما في قوله تعالى: الحمد ُ لله وهي مقدمة عدة سور افتتحت بها، فإذا أُبدلت بحركة فتح فصارت الحمدَ لله كان ذلك تغييرا يجب تصحيحه لأن في تركه إخلال يمس بسلامة القراءة.

ثواب صحة مخارج الحروف في قراءة القرآن

  • في صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وهو حافِظٌ له مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، ومَثَلُ الذي يَقْرَأُ، وهو يَتَعاهَدُهُ، وهو عليه شَدِيدٌ فَلَهُ أجْرانِ.
  • وفي صحيح أبي داود بإسناد حسن صحيح عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها.

لحن القول في أقوال المفسرين

قال تعالى في سورة محمد صلى الله عليه وسلم والتي عرفت بسورة الفاضحة للمنافقين في الآيتين رقم 29 – 30 {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ (٢٩) وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي ‌لَحْنِ ‌الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (٣٠)}.

في تفسير الثعلبي المسمى الكشف والبيان عن تفسير القرآن
في تفسير قوله تعالى {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي ‌لَحْنِ ‌الْقَوْلِ} قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما: في معنى القول: فحواه، وقال القرظي: في مقصده ومغزاه، وللحن وجهان: صواب، وخطأ، فأمّا الصواب: فالفعل منه لحِنَ يَلحَنُ لحَنًا، وهو لحِنٌ إذا فَطَن للشيء، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بصحيح البخاري عن أم سلمة أم المؤمنين: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ ألْحَنُ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فمَن قَضَيْتُ له بحَقِّ أخِيهِ شيئًا، بقَوْلِهِ: فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النّارِ فلا يَأْخُذْها.

وفي التفسير الوسيط للواحدي
{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي ‌لَحْنِ ‌الْقَوْلِ} وهو خلاف الإفصاح، قال عطاء ومقاتل وقتادة: (كانت تسمى هذه السورة – سورة محمد – الفاضحة والمثيرة والمبعثرة، أثارت مخازي المنافقين وفضحتهم).

وفي تفسير الشعراوي شرحاً لحال المنافقين مع الإشارة القرآنية في قوله تعالى {ولتعرفنهم في لحن القول} بقوله:

  • ((إذا لاحظت كلامهم لعرفتهم، مثلهم مثل كل المنافقين في الدنيا، تلاحظ في كلامهم لقطة من نفاق؛ فالمؤمن حين يجلس مع جماعة من المنافقين ويأتي وقت صلاة الظهر ويدعو الأذان إلى الصلاة، تجد المؤمن يقول: فلنقم إلى الصلاة وهنا يسخر المنافق ويقول للمؤمن: لتأخذني على جناحك للجنة يوم القيامة)).
  • ((ومثل هذه الكلمة يكون «لحن القول»، أو عندما يدخل مؤمن على جماعة من الناس فيهم منافق، فيستقبل المنافق المؤمن بلهجة من السخرية في التحية، «كيف حالك أيها الشيخ (فلان)»؟ ومعنى ذلك أنه غير مستريح لوجود المؤمن فيسخر منه، وذلك من «لحن القول» الذي يظهر به المنافق، ومثل هذه العمليات عندما يواجهها المؤمن الواعي المستنير الذي يتجلى الله عليه بالإشراقات النورانية، مثل هذه العمليات تكون وقوداً للمؤمن وتزيد من إيمانه؛ لأن المؤمن على منهج الحق، وقادر على نفسه؟ والمنافق لا يقدر على نفسه؛ لذلك يريد أن يسحب المؤمن من عقيدته ليكون معه على النفاق والعياذ بالله، وعلى المؤمن أن يوطن نفسه على أنه سيواجه منافقين يريدون أن يردوه عن الإيمان.
  • ((وسيجد أناساً يسخرون منه ويتغامزون عليه، مصداقاً لقوله الحق: {إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الذين آمَنُواْ يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمُ انقلبوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قالوا إِنَّ هؤلاء لَضَالُّونَ وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [سورة المطففين: ٢٩ – ٣٣]، والمنافق أو الكافر قد يقول لأهله: لقد رأيت اليوم شيخاً أو رجل دين أو متدينا فسخرت منه وأهنته ويتندر المنافق بمثل هذا القول في بيئته الفاسدة، ويكشفها الحق لنا بقوله الكريم، ليطمئن المؤمنين، ويعوض كل مؤمن عما يصيبه من أهل النفاق والفساد، والحق يكشف لنا واقع المنافقين بتجارب معملية حتى لا يقول واحد منهم: لست منافقاً. وعندما يظهر الله المنافق ويكشفه بحادثة مدوية فعليه، ومخجلة تبين أنه منافق، فيكون قد وُصم بالنفاق، لأن كثيراً من الناس الذين يظلون طوال عمرهم ينافقون اعتمادًا على أنهم مسلمون في الظاهر لا يتركهم الله، بل لا بد أن يأتي الله لهم بخاطر من الخواطر ويقعوا في فخ اكتشاف المؤمنين لهم حتى يعرفهم المؤمنون ويقيّموهم على حقيقتهم، فسبحانه وتعالى القائل: {مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ المؤمنين على مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حتى يَمِيزَ الخبيث مِنَ الطيب} سورة آل عمران الآية 179، وكلمة «يذر» تعني «يترك» أو «يدع»، والدارسون للنحو يعرفون أن هناك فعلين هما «يذر» و «يدع»، أهملت العرب الفعل الماضي لهما، فهذان الفعلان ليس لهما فعل ماضٍ، ونستخدمها في صيغة المضارع، والحق سبحانه لم يكن ليدع المؤمنين على ما هم عليه من الاختلاط واندساس المنافقين بينهم وعدم معرفة المؤمنين للمنافقين؛ لذلك يميز ويظهر الخبيث من الطيب)).
السابق
أهم 3 معلومات عن النظرة الشرعية
التالي
هل يمكن قراءة القرآن أثناء الحيض؟ تعرف على أهم 4 خطوات هامة لذلك

اترك تعليقاً