كيف تكتسب خلقاً من أخلاق النبي ﷺ؟ تعرف على وسائل تساعدك على معرفة صفات الرسول للسير على نهجها
الحرص على معرفة صفات الرسول ﷺ وقراءة كتب الرقائق وتهذيب الأنفس:
- تهدف كتب الرقائق إلى تزكية النفوس ومن المكتبة الإسلامية في هذه الكتابات، كتب ابن أبي الدنيا في الرقائق والتي تعددت عناوين ومضامين كتبه لتتنقل من ذم الصفات الخبيثة إلى الترغيب في الصفات الكريمة وقد تضمنت ثنايا هذه الكتب أحاديث وآثار تفاوتت درجة صحتها بين الصحيح والضعيف ولكنها تناولت طيفاً واسعاً من الأخلاق التي تبنى عليها المعاملات ويحتاج إليها المجتمع لتعزيز الثقة.
- وكما قال الشاعر: “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت **فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا”، فالأخلاق هي الأساس لقوة أي مجتمع وأمانه فبالصدق تكون الأمانة وبالعدل يكون القضاء، وإن الله لينصر الأمة العادلة ولو كانت كافرة، على الأمة الظالمة ولو كانت مؤمنة.
من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحِلم تعليماً وهدياً
- إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يعطه ومن يتق الشر يوقه.
- وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم أغنني بالعلم وزيني بالحلم وأكرمني بالتقوى وجملني بالعافية).
- وكان من نصائحه صلى الله عليه وسلم قوله:(ابتغوا الرفعة عند الله، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: (تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتحلم عمن جهل عليك).
- ومن الأخبار عنه صلى الله عليه وسلم، خمس من سنن المرسلين: (الحياء والحلم والحجامة والسواك والتعطر).
- وفي الحديث الشريف: (إن الرجل ليدرك بالحلم درجة الصائم القائم).
- وفي تشجيع النبي صلى الله عليه وسلم على خلق الحلم قوله صلى الله عليه وسلم لأشجع عبد القيس: (إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة)، والأناة: هي ترك العَجَلَة.
- وعن عمرو بن دينار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب الحليم الحيي”.
أخلاق نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم
- وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب الحليم المُتحلم، العفيف المُتعفف ويكره الفاحش المُتفحش البذيء، السائل المُلحف – (أي السائل الملح من الإلحاح وكثرة السؤال).
- ولقوله صلى الله عليه وسلم: “إن الله لا يحب إضاعة المال ولا كثرة السؤال ولا قيل وقال”.
- وفي صحيح البخاري: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال.
فكيف نكتسب هذه الأخلاق الحميدة عن النبي صلى الله عليه وسلم
الأحاديث إنما جاءت لتوجيه المسلمين في أخلاقهم ومعاملاتهم واكتساب الأخلاق التي تحلى بها النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك عن طريق:
أولاً، محبة النبي ﷺ حتى نتبع سنته وطريقه في الحياة.
ثانياً، حسن اختيار الصحبة:
- وفي الأحاديث الصحيحة والحسنة الإسناد: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) فالمرء مع من أحب.
- وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم (يقصد انقطع بالزمان والمكان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب.
مشهد من كتب السيرة وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في الثبات على الحق
- ذكر ابن كثير في كتابه السيرة النبوية ما دار من مجادلة المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان جالساً وحده في المسجد الحرام بمكة فقام إليه عتبة بن ربيعة من سادات قريش وكنيته أبو الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد استشارته أهل المشورة والرأي في قريش حتى يثني رسول الله صلى الله عليه من المضي في دعوته إلى الإسلام.
- إذ قال عتبة: يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أموراً لعله يقبل بعضها فنعطيه إياها ويكف عنا، وذلك حين أسلم حمزة وازداد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذي قبل عدداً، فقالوا بلى يا أبا الوليد.
- فقام عتبة وجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة (الشرف) في العشيرة والمكانة في النسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني حتى أعرض عليك أمورا تنظر فيها، لعلك تقبل منها بعضها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا الوليد أسمع) فقال عتبة: يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثر مالاً، وإن كنت تريد به شرفاً سودناك علينا ( أي وليناك أمر السيادة) حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا، وإن كنت هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، حتى إذا فرغ عتبة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أفرغت يا أبا الوليد)، قال: نعم، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات الأولى من سورة فصلت (حم (1) تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8) حتى بلغ إلى السجدة فيها فسجدها ثم قال صلى الله عليه وسلم، سمعت يا أبا الوليد؟ قال سمعت فقال صلى الله عليه وسلم أنت وذاك.
- ثم قام عتبة ورجع إلى قومه عائداً لأصحابه في أهل الشورى لقريش فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءكم أبا الوليد بغير الوجه الذي ذهب به وكان عتبة (أبو الوليد) سيداً حليماً، فلما جلسوا قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالكهانة يا معشر قريش اطيعوني واجعلوها بي، خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ، فإن تُصبه العرب فقد كُفيتُموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم، فقالو سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه، فقال لهم: هذا رأيي لكم فاصنعوا ما بدا لكم.
- ولما تآمرت قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزايدت ضغوطها على عمه أبي طالب، فقالوا: يا أبا طالب إن لك فينا سناً وشرفاً، وإنا فد استنهيناك أن تنهي ابن أخيك فلم تفعل وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آلهتنا وآباءنا، وتسفيه أحلامنا حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك إلى أن يهلك أحد الفريقين، فعظم الأمر على أبي طالب، وأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قالت قريش وقال له: أبق على نفسك وعلي ولا تحملني من الأمر مالا أطيق، فقال: صلى الله عليه وسلم: ( يا عماه والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته فقال أبو طالب: فقل ما شئت فوالله لا أسلمك لشيءٍ أبداً وأنشد يقول والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا.
