الطبيعة

ما هي قوانين الطبيعة

ما هي قوانين الطبيعة

القانون الطبيعي له عدة تعريفات ولكن يمكن تعريفه بأنه مجموعة القواعد الثابتة وغير المكتوبة والواجبة الانطباق على كافة الأفراد في كل المجتمعات نظراً لانها تجد مصدرها في الطبيعة ذاتها … والعلاقات، تماماً مثلما تحكم قوانين الطبيعة الظواهر الطبيعية كافة، فطبيعة الأشياء، أو الطبيعة الاجتماعية الخارجية هي مصدر كل قانون وكل حق وكل قيمة

قوانين الطبيعة السبعة

القوانين الكونية السبعة: مبادىء وحدة الإله الأزلية الابدية. نقلاََ عن تحوت الفرعونى (هيرميس تريسمجيستوس)
1 – مبدأ العقلانية
يجسد هذا المبدأ حقيقة أن المطلق هو العقل. يوضح هذا المبدأ أن المطلق (وهو الحقيقة الجوهرية الكامنة في كل التجليات والهيئات، التي نعرفها تحت مفاهيم الكون المادي: ظواهر الحياة، المادة، والطاقة، وباختصار كل ذلك ظاهر لحواسنا المادية) هو الروح، والتي بذاتها مجهولة وغامضة، والتي، مع ذلك، يمكن اعتبارها أو الإعتقاد بأنها عقل كلي، مطلق، وفعال. كذلك يوضح هذا المبدأ أن كامل العالم الظاهري أو الكون هو ببساطة إبداع عقلي للمطلق، والخاضع لقوانين المخلوقات المخلوقة، وأن الكون ككل، وبأجزائه أو وحداته له وجوده في عقل المطلق، الذي بعقله نحيا ونتحرك ونحقق وجودنا. إن هذا المبدأ، من خلال إثبات الطبيعة العقلية للكون، يوضح بسهولة كل الظواهر العقلية والنفسية المتنوعة التي تحتل جزءً كبيراً من اهتمام الرأي العام، والتي بدون مثل هذا التوضيح لا يمكن فهمها وتحدي التحليل العلمي. إن فهم مبدأ العقلانية لهرمس العظيم يتيح للفرد أن يفهم بسهولة قوانين الكون العقلي وأن يطبقها من أجل سعادته وترقيته. إن تلميذ هرمس يستطيع بذكاء تطبيق القوانين العقلية النبيلة بدلاً من استخدامها بطريقة خطيرة، وبوجود المفتاح الرئيسي بحوزته قد يفتح التلميذ الأبواب المتعددة لمعبد المعرفة العقلية والنفسية، ودخولها بحرية وبتعقل. يوضح هذه المبدأ الطبيعة الحقيقية للطاقة، القدرة والمادة، ولماذا وكيف تخضع كل هذه الأشياء لسيطرة العقل. كتب أحد مدرسي هرمس القدماء منذ وقت طويل ” إن من يفهم حقيقة الطبيعة العقلية للكون فهو في مرحلة متقدمة على الطريق نحو التفوق”. وإن هذه الكلمات صحيحة في يومنا هذا قدر صحتها عندما كُتبت لأول مرة. بدون هذا المفتاح الرئيسي، التفوق مستحيل، والتلميذ يطرق دون جدوى على الأبواب المتعددة للمعبد.
2 – مبدأ التواصل.
يجسد هذه المبدأ حقيقة أن هناك دائماً تواصل بين قوانين وظواهر المستويات المختلفة للوجود والحياة. تُلخص مسلمة هرمس القديمة بالعبارة التالية ( كما في الأعلى كذلك في الأسفل، كما في الأسفل كذلك في الأعلى)، وفهم هذا المبدأ يعطي المرء وسائل إيجاد حلول لعدة تناقضات غامضة ولأسرار خفية للطبيعة. هناك مستويات تفوق معرفتنا، لكن عندما نطبق مبدأ التواصل عليها فإننا نستطيع فهم ما هومجهول بالنسبة لنا أكثر منه عند عدم تطبيقه. هذا المبدأ ذو تطبيق ووجود شاملين للكون المادي، العقلي، والروحي. فهو قانون كوني. اعتبرالهرمسيون القدماء هذا المبدأ من أهم الأدوات العقلية التي تمكّن المرء بواسطتها من تخطي العقبات التي تخفي المجهول عن الرؤية. حتى أنّ استخدامه أزال الحجاب عن إيزيس إلى درجة أنه أصبح بالإمكان رؤية لمحة من وجه الإله. تماماً كما تمكّن معرفة مبادئ علم الهندسة من قياس الشموس البعيدة وحركاتها بينما المرء جالس في مرصده، كذلك إن معرفة مبدأ التواصل تمكّن الإنسان من الإنتقال من المعلوم إلى المجهول بذكاء. بدراسة الخلية يفهم المرء الملاك الرئيسي.
3 – مبدأ الإهتزاز: التذبذب
يجسد هذا المبدأ حقيقة أن كل شيء يتحرك، كل شيء يهتز، وأن لا شيء ثابت، وهي حقائق أكدها العلم الحديث، والتي يميل كل اكتشاف علمي جديد إلى التحقق منها. ومع ذلك أُعلن هذا المبدأ الهرمسي منذ آلاف السنين من قبل حكماء مصر القدماء. يوضح هذا المبدأ أن الفوارق بين التجليات المتعددة للمادة، الطاقة، العقل، وحتى الروح، تنتج إلى حد كبير عن تفاوت معدلات الإهتزاز. من المطلق، وهو روح نقية، وصولاً إلى أضخم شكل للمادة، كلها متحركة، كلما ارتفع الإهتزاز، أصبح المركز أعلى من حيث المستوى. إن اهتزاز الروح يبلغ معدلاً لا محدوداً من القوة والسرعة إلى درجة أنها عملياً ثابتة، تماماً كما تبدو عجلة تتحرك بسرعة وكأنها ثابتة. وفي الطرف الآخر من المستوى يوجد أشكال إجمالية للمادة والتي اهتزازاها منخفض جداً إلى درجة أنها تبدو ثابتة. وبين هذان الطرفان يوجد ملايين وملايين من درجات الإهتزاز المتفاوتة. من الكرية والإلكترون، الذرة والجزيء إلى العوالم والأكوان، كل شيءٍ في حركة اهتزازية. كذلك ينطبق هذا على مستويات الطاقة والقوة ( التي ما هي إلا درجات متفاوتة من الإهتزاز)، وكذلك على المستويات العقلية( التي تعتمد حالتها على الإهتزاز)، وحتى على المستويات الروحية. إن فهم هذا المبدأ، مع الصيغ المناسبة يمكن تلاميذ هرمس من التحكم في اهتزازتهم العقلية وكذلك الإهتزازات الأخرى. كذلك يستخدم الحكماء هذا المبدأ لقهر الظواهر الطبيعية بطرق مختلفة. يقول أحد الكتّاب القدماء ” إن من يفهم مبدأ الإهتزاز قد أمسك بصولجان الطاقة”
4 – مبدأ القطبية: الإزدواجية
” كل شيء مزدوج، كل شيء له أقطاب، كل شيء له زوج من الأطراف، التشابه وعدم التشابه هو الشيء نفسه، الأضداد متشابهة بطبيعتها لكن بدرجات متفاوتة، الطرفان يجتمعان، كل الحقائق ما هي إلا أنصاف حقائق، قد يمكن التوفيق بين كل المتناقضات” من كتاب كيباليون Kybalion لهرمس.
يجسد هذا المبدأ حقيقة أن كل شيء هو مزدوج، كل شيء له قطبين، كل شيء له زوج من التناقض، وهي كلها كانت مسلمات هرمسية قديمة. إنها توضح التناقضات القديمة التي حيّرت الكثيرين، والتي ذُكرت على النحو التالي: الإطروحة ونقيضها متماثلان بطبيعتهما، لكن متفاوتان بالدرجة، الأضداد متشابه وتختلف بدرجتها فقط، قد يمكن التوفيق بين زوج من الأضداد، الطرفان يجتمعان، كل شي هو وليس هو في الوقت نفسه، كل الحقائق ما هي إلا أنصاف حقائق، كل حقيقة هي نصف كاذبة، هناك جانبان لكل شيء.. إلخ، إلخ.
هذا يفسر أن في كل شيء هناك طرفان أو مظهران متناقضان، وأن المتناقضان في الواقع هما طرفان للشيء نفسه مع العديد من الدرجات المتفاوتة بينهما. وللتوضيح: الحر والبرد على الرغم من أنهما متناقضان فهما في الواقع الشيء نفسه، تتألف الفوارق فقط من درجات من الشيء نفسه. أنظر إلى مقياس الحرارة خاصتك وتحقق مما إذا كان بإمكانك معرفة أين ينتهي الحر ويبدأ البرد. لايوجد أي شيء يعرف بالحر المطلق أو البرد المطلق، كلاهما ببساطة يشير إلى درجات متفاوتة من الشيء نفسه. ذلك الشيء نفسه الذي يظهر كبرد أو حر هو مجرد شكل، اختلاف، ومعدل من الإهتزاز. لذلك ببساطة إن الحر والبرد هما طرفان لذلك الذي نسميه الحر، والظواهر المصاحبة لذلك هي مظاهر من مبدأ الإزدواجية. يتضح المبدأ نفسه في حالة النور والظلمة وهما الشيء نفسه: يتألف الفرق من درجات متفاوته بين طرفي الظواهر، أين تنتهي الظلمة، ويبدأ النور؟ ما هو الفرق بين كبير وصغير، بين صلب ولين؟ بين أسود وأبيض؟ بين حاد ومحدب؟ بين الضجيج والهدوء؟ بين مرتفع ومنخفض؟ بين إيجابي وسلبي؟
يوضح مبدأ الإزدواجبة هذه التناقضات، ولا يمكن أن يحل أي مبدأ آخر محله. ينطبق المبدأ نفسه على المستوى العقلي. دعونا نأخذ مثالاً فطرياً ومتطرفاً وهو الحب والكراهية، حالتان عقليتان مختلفتان تماماً ظاهرياً، لكن مع ذلك هناك درجات من الحب ودرجات من الكراهية ودرجة وسطى والتي نعبر عنها بكلمتي ” ود ونفور” والذان يضللان بعضهما البعض إلى درجة أننا في بعض الأحيان نحتار لمعرفة ما إذا كنا نود أو ننفر أو لا هذا ولا ذاك. وكلها ببساطة درجات من الشيء نفسه، كما سترى إن كنت ستفكر للحظة فقط. وأكثر من هذا( وهو يعتبر ذو أهمية أكبر من قبل الهرمسيون) إنه من الممكن تغيير ذبذبات الكراهية إلى ذبذبات محبة، قي عقل الشخص وعقول الآخرين. العديد منكم، ممن سيقرأ هذه السطور، كان لديكم عدة تجارب شخصية عن الإنتقال السريع اللاإرادي من المحبة إلى الكراهية، وبالعكس في حالتكم الخاصة وحالة الآخرين. ولذلك ستدركون إمكانية تحقيق هذا بالإرادة من خلال استخدام الصيغ الهرمسية. الخير والشر ما هما إلا طرفان للشيء نفسه، ويعرف الهرمسي استخدام طرق تحويل الشر إلى خير عن طريق تطبيق مبدأ الإزدواجية. باختصار إن فن الإستقطاب يصبح حالة من الكيمياء العقلية يعرفها ويمارسها معلمي الهرمسية القدماء والمعاصرين. إن فهم هذا المبدأ يمكّن المرء من تغيير إزدواجيته بالإضافة إلى ازدواجيات الآخرين، إن كان سيكرس الوقت ويدرس الضروري لإيجادة هذا الفن.
5 – مبدأ التناغم
“كل شيء يتدفق، للداخل والخارج، كل شيء له مد وجزر، كل شيء يرتفع ويسقط، يظهر تأرجح عقرب الساعة في كل مكان، مقدار التأرجح إلى اليمين هو مقدار التأريج إلى اليسار، الإيقاع متكافئ”. ( الكيباليون)
يجسد هذا المبدأ أنه في كل شيء ظاهر هناك حركة منتظمة إلى الأمام والخلف، منبع ومصب، تأرجح للخلف والأمام، حركة شبيه ببندول الساعة، مثل جز ومد الأمواج، هناك أمواج مرتفعة وأمواج منخفضة بين الطرفين الذين يتواجدان وفقاً لمبدأ الإزدواجبة. يوجد دائماً فعل وردة فعل، تقدم وتراجع، اررتفاع وانخفاض. هذا متعلق بإمور الكون، العوالم، البشر، الحيوانات، العقل، الطاقة، والمادة. هذا القانون جلي في خلق وإفناء العوالم، في نهوض وانهيار الأمم، في حياة كل الأشياء وأخيراً في الحالات العقلية للبشر ( وفي هذا الأخير يجد الهرمسيون أن فهم المبدأ هو الأهم) لقد فهم الهرمسيون هذا المبدأ و أحكموا تطبيقه الشامل، وقد اكتشفوا أيضاً بعض الوسائل للتغلب على آثاره في أنفسهم باستخدام صيغ وأساليب مناسبة. فهم يطبقون قانون الحياد العقلي. لا يمكنهم إلغاء هذا المبدأ أو أن يتسببوا في إيقاف تطبيقه، لكنهم تعلموا كيفية الخلاص من تأثيراته على أنفسهم إلى درجة معينة معتمدين على إتقان المبدأ، لقد تعلموا كيفية استخدامه بدلاً من أن يتم استخدامهم من قبله. بهذه الطريقة وبطرق مشابهة تتشكل طرائق الهرمسيون. الخبير بالمبادئ الهرمسية يغير نفسه عند المرحلة التي يرغب عندها بالراحة ثم يحايد التأرجح المتناغم للبندول الذي من شأنه أن ينقله إلى الطرف الآخر. كل الأشخاص الذين بلغوا أي درجة من السيطرة على النفس يفعلون هذا إلى حد ما، ودون إدراك تقريباً، لكن المتفوق يفعل ذلك بإدراك وباستخدام إرادته، وتحقيق درجة من التوازن والثبات العقلي الذي يكاد يكون مستحيل التصديق من جانب الجماهير الذين يتأرجون للأمام والخلف مثل بندول الساعة. لقد تمت دراسة هذا المبدأ ومبدأ الإزدواجية عن كثب من قبل الهرمسيين، كما أن طرائق مواجهتهما و محايدتهما واستخدامهما تشكل جزءاً هاماً من الكيمياء العقلية لدى الهرمسيين.
6 – مبدأ السبب والنتيجة
“كل سبب له نتيجته وكل نتيجة لها سببها، كل شيء يحدث وفقاً لقانون. الصدفة هي مجرد إسم يطلق على قانون غير معروف. هناك عدة مستويات من العلاقات السببية، لكن لا شيء ينجو من هذا القانون” الكيباليون
يجسد هذا المبدأ حقيقة أن هناك سبب لكل نتيجة، ونتيجة من كل سبب. يوضح هذا المبدأ أن كل شيء يحدث وفقاً لقانون، أن لا شيء يحدث أبداً ببساطة، أنه لا يوجد شيء يسمى صدفة، وأنه في حين يوجد العديد من مستويات السبب والنتيجة فإن أكثرها سيطرة هو أضعفها، مع ذلك لا يوجد أي شيء على الإطلاق ينجو من هذا القانون. يعرف الهرمسيون فن وطرائق التسامي فوق المستوى العادي لمبدأ السبب والنتيجة إلى حد ما، وبالإرتقاء عقلياً إلى مستوى أعلى فإنهم يصبحون المسببين بدلاً من النتائج. ينتقل الناس مذعنين للمحيط، رغبات وإرادات الآخرين أقوى من أنفسهم. تنقلهم الوراثة والإيحاءات وأسباب خارجية أخرى مثل البيادق على رقعة شطرنج الحياة. لكن الخبراء يرتقون إلى مستوى أعلى، يسيطرون على طباعهم، صفاتهم، خصالهم وقدراتهم بالإضافة إلى البيئة المحيطة بهم ويصبحون الناقلين بدلاً من أن يكونوا بيادق، إنهم يساعدون على لعب لعبة الحياة بدلاً من أيتم تحريكهم واللعب بهم بواسطة إرادات وبيئات أخرى. إنهم يستخدمون المبدأ بدلاً من أن يكونوا أدواته. يمتثل المتقن لسببية المستويات الأعلى، لكنها تساعده على السيطرة على مستوياته. في هذه العبارة كُثفت ثروة المعرفة الهرمسية، فليقرأ من يستطيع.
7 – مبدأ النوع: الجنس
” يوجد تنوع في كل شيء، كل شيء له أصول مذكرة ومؤنثة، يظهر النوع على كل المستويات” (الكيباليون)
يجسد هذا المبدأ حقيقة أن النوع متجلي في كل شيء، الأصلين المذكر والمؤنث فعالين دائماً، لا ينطبق هذا على المستوى المادي فحسب، بل على المستويات العقلية وحتى الروحية. على المستوى المادي: يظهر المبدأ على شكل الجنس، على مستويات الأسمى يأخذ المبدأ أشكال أسمى، لكن المبدأ يبقى نفسه دائماً. لا يوجد خلق، مادي، عقلي، أو روحي ممكن دون هذا المبدأ. إن فهم قوانينه سيسلط الضوء على عدة مواضيع حيّرت عقول البشر. يعمل مبدأ النوع دائماً في اتجاه التكاثر، الإنبعاث الروحي والخلق. كل شيء وكل شخص يحتوي على العنصرين أو الأصلين، أو أن هذا المبدأ يوجد داخل الشيء، داخله، وداخلها.
كل شيء ذكر يحتوى على العنصر الإنثوي، كل أنثى تحتوي على العنصر الذكوري. إذا كنت ترغب بفهم فلسفة الخلق الروحي والعقلي، التكاثر، الإنبعاث الروحي، ينبغي عليك أن تفهم وتتعلم هذا المبدأ الهرمسي. إنه يشمل حلول العديد من أسرار الحياة. نحذركم أن هذا المبدأ لا يحمل أي إشارة لممارسات أو تعاليم النظريات المتعددة الوضيعة الخبيثة، المهينة، والشهوانية، التي يتم تعليمها تحت أسماء وهمية، وهي بغاء مبدأ النوع الطبيعي الرفيع. هذا الإحياء الوضيع للأشكال الفاضحة القديمة من الوثنية يميل إلى تدمير العقل الروح والجسد. لقد أطلقت الفلسفة الهرمسية دائماً علامة تحذير ضد هذه التعليمات المهينة التي تميل نحو الشهوة، الفجور، وإفساد مبادئ الطبيعة، إذا كنت تسعى إلى مثل هذه التعليمات عليك الذهاب إلى مكان آخر. بالنسبة لهم الهرمسية لا تحتوي شيئاً لك يشبه ذلك. بالنسبة للشخص الطاهر كل الأشياء طاهرة، بالنسبة للوضيع كل الأشياء وضيعة.

عناصر القانون الطبيعي

إن كشف جذور النظم القانونية في العالم القديم، وتقصّي مصادر القانون المطبق في تلك الحضارات القديمة، ينير الطريق إلى فهم الأنظمة القانونية المعاصرة، وقد كان للقانون الطبيعي دور كبير في نشأة التشريعات القديمة، فقد تألقت تلك الفكرة في حضارات العالم القديم، خاصة لدى الإغريق والرومان، ولذا فهي تعتبر من أشهر وأقدم النظريات القانونية ذات الصفة الفلسفية، ولكن قبل الخوض في مدرسة القانون الطبيعي يجب أن نتطرق أولاً إلى تعريف القانون بصفة عامة.

تعريف القانون:

لكلمة القانون معنيان: أحدهما معنى لغوي، والآخر معنى اصطلاحي

المعنى اللغوي لكلمة القانون: القانون يعني في اللغة مقياس كل شيء وطريقه، وكلمة قانون مفرد قوانين وتعني الأصول ولفظ القانون يفيد النظام، والمقصود به تكرار أمر معين على وتيرة واحدة بحيث يعتبر خاضعاً لنظام ثابت.

أما القانون اصطلاحاً: فهو مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم علاقات الأفراد في المجتمع، أو النظام الذي تجري وفقاً له علاقات الأشخاص في المجتمع.

وتعني كلمة القانون مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع، فإن وصف القانون بأنه قانون وضعي أو قانون طبيعي تخصص بمعنى معين، وسيكون القانون الطبيعي هو موضوع هذا المقال.

ويقصد بالقانون الطبيعي: مجموعة القواعد الدائمة التى لا تتغير بتغير الزمان أو المكان، وتعتبر القواعد المثالية التى توجه القانون الوضعى، والتى يجب أن يتجه إلى الأخذ بها المشرعون فى مختلف البلاد.

وفكرة القانون الطبيعي قديمة وراسخة في بلاد اليونان حتى في فلسفة ما قبل سقراط، ويعد هيراقليطس Heraclitus وهو أحد فلاسفة تيار ما قبل سقراط، هو أول من ذهب إلى أن أصل القوانين الإنسانية سماوي وأنها مرتبطة بقوانين الإلهة، ومن ثم لا ينبغي للناس أن يبدلوها أو يغيروها، وأن الحكيم الحقيقي هو الذي يدرك أن القانون الذي يحكم جميع الأشياء، وقد فضل هيراقليطس عمل القانون في جميع النواحي لأن القوانين الطبيعية والإنسانية مستمدة من القانون الإلهي.

وعلى الرغم من أن هيراقلطيس هو أول من ذهب إلى أن أصل القوانين الإنسانية سماوي وثابت، ولكن تعد نشأة القانون الطبيعي مردودها إلى السوفسطائيين sophist في القرن الخامس قبل الميلاد وترجع جذور القانون الطبيعي لدى السوفسطائيين إلى أنطوفين -Antiphon، ويرى أنطوفين أن القوانين الوضعية تُفرض بشكل مصطنع، لكن قوانين الطبيعة إلزامية، ويتم التوصل إلى القوانين الوضعية بعد طرحها والموافقة عليها، وهذا معناه أنها ليست طبيعية أو حقيقية، في حين أن قوانين الطبيعة لا تحتاج إلى موافقة.

وقد قدم بعض الفلاسفة اليونانين مثل أفلاطون، وأرسطو على التمييز بين “الطبيعة” و”القانون”، “العرف”، و”الاتفاقية”، ووجود تنوع في ما أمر به القانون من مكان إلى آخر، لكن ما كان “بطبيعته” ينبغي أن يكون هو نفسه في كل مكان.

أما بالنسبة لأفلاطون – Plato فإن فلسفته الأخلاقية هي في الأساس تعد شكلاً من أشكال نظرية القانون الطبيعي، حيث إنها نظرية تقوم على أن الأخلاق تُستمد من الوجود، وتجد قواعدها في الطبيعة وتستمد الخير للإنسان من فهم الطبيعة البشرية، ومن ثم فتلك القوانين عالمية المعايير صالحة لجميع الشعوب.

وقد قام أفلاطون باستبدال الطبيعة الواقعية بالطبيعة المثالية وتبعاً لهذا كان هناك قانون مثالي موجوداً في هذا العالم المثالي، فالمثالية عند أفلاطون هي الوجود الحقيقي، ويعد منهج أفلاطون منهجاً معيارياً فلسفياً، أي أنَّه يهتم في سياسته المثلى بما يجب أن يكون، وليس بما هو كائن بالفعل.

لذا فأفلاطون قد طرح فكرة أن مثل هذه المبادئ (أي القوانين الطبيعية) موجودة، وأن لديهم مراسيها وأدلتها في الطبيعة نفسها، وقام أرسطو بتقطير وتطوير هذه الفكرة القائلة بأن مثل هذه القوانين مدرجة بطبيعتها وتوضح أول نظرية منهجية “للقانون الطبيعي”.

ويُعتبر أرسطو من قِبل الكثيرين أنه الأب “للقانون الطبيعي”، ويوضح أرسطو بأنه بصرف النظر عن القوانين “الخاصة” التي وضعها كل شخص لنفسه، هناك “قانون عام” أو “القانون الأعلى” وفقاً للطبيعة.

وقدم أرسطو عرضاً للعدالة السياسية وهي العدالة التي تقوم بين أناس أحرار متساوين مشتركين في الدولة الواحدة وهي تتجلى في القوانين العادلة التي يضعها المشرع، وهي قسمان: العدالة الطبيعية وهي واحدة ولا تتوقف على اعتقاد الناس، والعدالة الوضعية وهي تختلف باختلاف البلدان وتتوقف على العرف.

وهنا نصبح بإزاء ما يسميه أرسطو مفهوم العدالة القانونية التي هي ليست جزءاً من فضيلة وإنما هي الفضيلة بذاتها، إنها الفضيلة الكاملة وهذا يعني أنها فضيلة اجتماعية. وفي حين كانت الغاية الأساسية من نشوء الدولة عند أفلاطون هي تحقيق العدالة فإنها عند أرسطو هي تحقيق السعادة والخير بين أفراد المجتمع من خلال العدالة والصداقة، ويرى أرسطو أن كل فرد يجب أن ينال ما يستحق وما يستحق بمقابل ما يعطي، كما أنه يجب أن تكون العدالة هي هدف تلك القوانين. ويعمد إلى العدالة فيحللها تحليلاً عميقاً، فيقول إن العدالة تعني مطابقة القانون الخلقي أو الإلهي، وعندئذ تكون العدالة مرادفة للفضيلة.

وبعد فلسفة أرسطو وأفلاطون حول القانون الطبيعي، فإن التاريخ اللاحق للقانون الطبيعي مدين بالكثير للفلسفة الرواقية Stoicism philosophy، حيث ذهبت الفلسفة الرواقية إلى تأكيد فكرة عالمية الطبيعية البشرية وأخوة الإنسان، وكان من ميزات هذا المذهب البارزة تشديده على العقل باعتباره الميزة الأساسية للإنسانية، ويتبين لنا أنه بالنسبة للرواقيين كان يوجد قانون طبيعي عالمي يمكن تحقيقه بالعقل الذي يمكن بواسطته اختبار عدالة القانون الوضعي، لذلك فليس هناك حاجة لرفض القانون الوضعي لصالح القانون الطبيعي، بل من الأولى جعل القانون الوضعي مستمد من قواعد القانون الطبيعي.

وتزامن مجيء المذهب الرواقي المتأخر مع انتشار السلطة الرومانية على عالم البحر الأبيض المتوسط وأسهمت الأفكار الرواقية في هذا التوسع، حيث كانت الأساس في ظهور التشريع الروماني المعروف باسم قانون الشعوب Jus Gentium، وهو القانون الذي كان يطبق على الرومانيين والأجانب في الدولة الرومانية.

وعلى الرغم من وجود هذا التأثير للفلسفة الرواقية في تشريعات الرومان، فإن الفقهاء الرومانيين استخدموا القانون الطبيعي لماماً في كتابتهم، وكان ذلك حتى قام شيشرون Cicero (106 –43 BC) بنقل تلك الفكرة إلى الرومان بشكل كبير، وكان ذلك بمثابة نقلة لمرحلة جديدة في تاريخ القانون الطبيعي، فبعد مروره بمرحلة نشأة فلسفته على يد أفلاطون وأرسطو والرواقيين، انتقل شيشرون بالقانون الطبيعي لمرحلة جديدة وهي مرحلة القانون والدين وتبعه بعدها بعدة قرون توما الأكويني.

ويعرف شيشرون القانون الطبيعي بأنه مجموعة القواعد السرمدية التي لا تتغير وتهدف للارتقاء بالقانون الوضعي باعتبارها المثل الأعلى الثابت المشترك بين جميع البشر.

وقد لخّص شيشرون فكرة القانون الطبيعي في مؤلفه DE REPUBLICA بأنها قانون موافق للطبيعة، معروف للجميع، خالد، أبدي، يدعونا إلى اتباع ما يأمر به، وينهانا عن ارتكاب ما يحرمه ولسنا بحاجة إلى شرحه أو تفسيره.

فهو لا يختلف في روما عنه في أثينا ولا يختلف في يومه عن غده، فهو قانون واحد خالد على مر الزمان ثابت لا يتغير؛ لأن هذا القانون لم يصنعه بشر بل الله خالق الكون وهو الذي خلقه وهو الذي أمر بتطبيقه، وهو قانون عام لا يختص به شعب دون الآخر وأحكامه ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان، وكلها مستمدة من الطبيعة ذاتها والعقل السليم هو الذي يكشف عنها لأنها مطابقة للعدل والخير.

 

ويعد القانون الطبيعي عند شيشرون بمثابة العقل الذي تحكم الآلهة العالم من خلاله، فقانون الطبيعة هو قانون العقل الذي يشترك فيه البشر مع الآلهة ليسود الحق والعدل ولتحقيق التوازن في المدينة على غرار التوازن في الكون ككل وكذلك باعتباره أساساً لكل فروع القوانين الأخرى الواجب اتخاذه معياراً لها، وترجع أهمية القانون الطبيعي لدى شيشرون باعتباره المرجع الذي بناءً عليه يتم التحسين والتقبيح ويتحدد العدل والظلم فجوهر فكرة القانون الطبيعي لديه يعود لكونه معياراً تقاس عليه التصرفات والأشياء.

ورغم أن فكرة القانون الطبيعي هي نتاج التقليد الإغريقي- الروماني، فإن هذه الفكرة لم يتم رفضها من جانب مفكري المسيحية، ولقد انتقلت فكرة القانون الطبيعي إلى فقهاء الكنسية وإلى الباحثين في القرون الوسطى، وتطورت على يد القديس توما الإكويني، وعلى الرغم من تطورها فإن العناصر الأساسية للفكر الإغريقي لم تختفِ من القانون الطبيعي على الرغم من التحول الذي أحدثته المسيحية، بل اكتسب الفكر الإغريقي من التعاليم المسيحية حياة جديدة.

ويلاحظ أن آباء الكنيسة، بالرغم من أنهم استنتجوا من الوصايا العشر ومن الإنجيل المبادئ العليا للقانون الطبيعي، فقد أضافوا إليها إلى حد كبير نظريات فقهاء الرومان، الذين تأثروا بالفلاسفة الإغريق وسلموا أيضاً بوجود قانون طبيعي تفرضه القوانين الوضعية.

ويعتبر القديس توما الأكويني – Thomas Aquinas هو الممثل الأول للعصر المدرسي أو عصر الفلاسفة اللاهوتين، وكان منهج القديس توما يقوم على إعادة اكتشاف كتابات أرسطو ومحاولة إظهار وتماثل نسجها مع النسيج اللاهوتي المسيحي بإحداث توازن جديد بين العقل والوحي، وقد ساعد توما الأكويني معاصرته لفترة كانت تمر فيها الدولة بمرحلة بناء، كما أنه لعب الدوران السياسي والديني معاً.

وللقانون الطبيعي عند توما وجهان، فهو من جهة نظام وضعي للعالم، ومن جهة ثانية يكشف عنه عقل الإنسان، فهو قانون طبيعي وشعور أخلاقي.

وعلى الرغم من أن القانون الطبيعي لدى توما الإكويني كان يمكن الوصول إليه عن طريق العقل فإن مصدره ديني أو إلهي باعتباره جزءاً من القانون الأبدي الذي يعبر عن العقل الإلهي.

وقد قسم القديس توما الإكويني القوانين إلى 3 أنواع وهي:

– القانون الإلهي: يعبر عن إرادة الخالق ويتم إدراكه عن طريق الوحي والشعور كما يمكن إدراكه عن طريق العقل البشري.

– القانون الطبيعي: هو انعكاس لبعض قواعد القانون الإلهي في الحياة الإنسانية.

– القانون الوضعي: ويتضمن القواعد التي يصنعها الإنسان ويتعين أن تتفق مع القانون الطبيعي؛ لأن القانون الوضعي يستمد شرعيته وقوته الملزمة من تطابق قواعده مع قواعد القانون الطبيعي الخالدة.

وبذلك جعل القديس توما الأكويني القانون الطبيعي يمثل انعكاساً للقانون الإلهي والأساس الوحيد للقانون الوضعي، وخاصة من حيث شرعيته وقوته الملزمة.

وبعد تطوير القديس توما الإكويني للقانون الطبيعي، كانت الفترة من 14 إلى 16 قرون فترة انتقالية من العصور الوسطى إلى الحداثة، وكانت هناك تطورات أخرى جديدة في تاريخ تفكير القانون الطبيعي وأهم تلك التطورات أنه:

أولاً: في هذه الفترة، ركّز كُتاب القانون الطبيعي بشكل أكبر على حقوق الفرد، لا سيما حقوق الملكية والحرية.

ثانياً: تم استخدام مذاهب القانون الطبيعي لترسيخ مبادئ الحرية والمساواة، وأن استخلاص شرعية القانون والحكومة يتم عن طريق موافقة الشعب، وتم استخدام القانون الطبيعي لتقييد الحكومات وأحياناً بتهديد ضمني أو صريح بسحب تلك الموافقة في حالات إساءة استخدام السلطة.

وكان من أوائل الشخصيات في تطوير مثل هذه النظريات في القرن الرابع عشر هو عالم اللاهوت ويليام أوف أوكهام – Ockham، وقد كان طرح أوكهام ينص على أن إرادة الله السيادية للسلوك الإنساني قد تم الكشف عنها من خلال التصميم العقلاني لخلقه، وأن العقل البشري يستطيع التوصل لمبادئ القانون الطبيعي.

وفي مطلع العصور الحديثة واجهت نظرية القانون الطبيعي بعض المصاعب نتيجة لتبلور فكر نظريات السيادة والمذهب الإرادي، ولكن رغم هذا فقد اعتنقها فقهاء كثيرون وجعلوها تصمد في إطار الفكر القانون الحديث، وقد كان من ضمن هؤلاء الفقهاء المفكر الإسباني فيتوريا – Vitoria حيث قرر بأنه “يوجد قانون سرمدي يولد مع البشر ويخاطب ضمير الإنسان ويلزمه كما يلزم الأمم، ولا يمكن تعديل أحكامه التي يشترك في احترامها جميع البشر وهذا القانون الطبيعي هو الذي يجعل من سيادة الدولة غير مطلقة بل مقيدة بأحكامه”، وقد طرح فيتوريا هذه النظرية في وقت كان فيه النهب والسلب والغزو شائع في المناطق التي اكتشفتها إسبانيا حديثاً واحتلتها، وقد حاول فيتوريا أن يعلن من لاهوت الأخلاق عن نظام عالمي للقوانين التي تحكم البشرية جمعاء.

ويشرح فيتوريا في محاضرته De Indis أن كل السلطة تأتي من الله، والقانون الطبيعي يحترم ممارسة السلطة المدنية، ولا يمكن لأي مجتمع موجود من أجل الصالح العام، أن يدعي السلطة على مجتمع آخر، ثم يستنتج أنه لا يوجد سيادة للإمبراطور الإسباني على العالم أجمع، لأن السيادة لا يمكن أن توجد إلا بموجب القانون الطبيعي أو القانون الإلهي أو القانون الإنساني، والإمبراطور ليس سيد العالم من قبل أي من هذه القوانين.

ثم وفي بداية العصور الحديثة خرج علينا توماس هوبز – Thomas Hobbes بنظرية العقد الاجتماعي وبتطويرات جديدة للقانون الطبيعي، ويعتقد هوبز أن أول أمر يصدر عن القانون الطبيعي هو “البحث عن السلام والسعي إليه”، وبمقتضى هذا القانون يجب على الناس أن يسعوا إلى السلام ولتحقيق هذا الهدف عليهم جميعاً إبرام عقد فيما بينهم وأن يتنازلوا بموجبه عن الحق في عمل كل شيء، وبهذا التنازل المتبادل ينشأ المجتمع السياسي.

وعلى الرغم من التنازل من أجل إبرام هذا العقد أو تحقيق السلام، فإنه لا يجوز بمقتضى هذا العقد التنازل عن الحقوق الأساسية للإنسان، ويقول هوبز “إن موضوع التصرفات الإرادية لكل شخص هو شيء حسن لهذا الشخص، ولهذا السبب فإن هناك بعض الحقوق التي لا يتصور أن رجلاً يتنازل عنها أو يتصرف فيها بأي كلمات أو إشارات”، وتلك الحقوق التي يتحدث عنها هوبز هي الحقوق التي أُطلق عليها فيما بعد حقوق الإنسان، وهي الحقوق الطبيعية التي تستمد وجودها من القانون الطبيعي ذاته ولا يجوز المساس بها عن طريق أي تصرف إرادي سواء كان هذا التصرف قانوناً أو عقد.

وهكذا فإن العقد الاجتماعي عند هوبز يستمد أسباب وجوده ويستمد شروطه من القانون الطبيعي وليس من الإرادة، فالعقد الاجتماعي عقد غير إرادي، ومع هذا فهوبز قد انحرف بنظرية القانون الطبيعي انحرافاً يبرر طغيان القانون الوضعي.

وبعد توماس هوبز جاء جون لوك – John Locke، ويعد جون لوك من فلاسفة القانون الطبيعي الصادقين، حيث احتج على أخطاء هوبز التي أدت إلى الطغيان والتحكم، حيث أشار إلى أن “القانون الطبيعي هو القاعدة الخالدة للناس جميعاً وللمشرعين كما لغيرهم”، وأن “القانون الطبيعي هو قانون العقل، والعقل هو قاعدة القياس المشتركة التي أعطاها الله للجنس الإنساني”، والتي لا يستطيع أحد الخروج عليها فلا إرادة للأفراد أو للمشرّع تستطيع أن تخالف القانون العقلي؛ لأن الإرادة دائماً خاضعة له.

لذلك فإن المجتمع السياسي لدى جون لوك لا يمكن أن يُخلق بواسطة القوة والقهر، وأساس الدولة ليس هو العقد الاجتماعي بل هو العقل الطبيعي، وكذلك الله خالق هذا العقل “فإن الله كما يقول لوك قد أنشأ السلطة السياسية ليقمع تحيز الناس وعنفهم”.

لذلك فالعقد الاجتماعي عند لوك هو مجرد وسيلة فنية ولازمة لتحقيق هذا الأمر الإلهي، وينبغي أن يكون موافقاً لهذا الأمر أيضاً، لأنه ليس لأي عقد كان أن يضع نهاية لحالة الطبيعة بين الناس، بل ينبغي أن يؤدي هذا العقد إلى المحافظة على الحياة المشتركة بين كل الناس وحماية حرياتهم وممتلكاتهم، كذلك فقد رسخ لوك فكرة أن المجتمع عبارة عن مخلوقات عاقلة قامت بتكوين جماعة لمصلحتها المشتركة.

وعليه فإن طرح لوك لفكرة العقد الاجتماعي يعتبر أنه وسيلة يتم استخدامها لتنفيذ مبادئ القانون الطبيعي، وهذا العقد لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتخطى حريات الأشخاص أو أن يجور على ممتلكاتهم.

وجاء التطوير الأكثر ثورية على يد الفيلسوف جان جاك روسو – Jean-Jacques Rousseau ويقول جان جاك روسو إن الإرادة الإنسانية ليست هي مصدر العدل “فالشيء الحسن والمطابق للنظام هو كذلك بحسب طبيعة الأشياء ذاتها وبصفة مستقلة عن الاتفاقات الإنسانية ، فكل عدل يأتي من عند الله الذي هو وحده مصدره”.

ونظراً لأن إرادة الأفراد قد تنحرف فإن روسو يؤكد ضرورة “إلزام هؤلاء الأفراد بإخضاع إرادتهم لعقلهم”، والقانون هو الذي يقوم بذلك بشرط أن يكون القانون هو نفسه معبراً عن حكم العقل.

وبعد كل هذه التأكيدات من روسو وغيره من الفلاسفة، يتضح أن المقصود بالعقد الاجتماعي هو العقد العقلي العادل، وليس العقد الإرادي، وأن مصدر هذا العقد هو القانون الطبيعي وليس الإنسان.

وبعد تطويرات الفلاسفة حتى القرن الثامن عشر، فقد شهد القرن التاسع عشر انحدار مدرسة القانون الطبيعي إلى الحضيض، وقد حلت محلها الوضعية القانونية التي كانت مرتبطة بنهوض الوضعية العلمية، ويعد أحد أهم الأسباب هي المبالغة في العقلانية التي سادت في هذا الوقت لدى فلاسفة الاستنارة والشعور بأن القانون الطبيعي يخلو من أي أساس علمي، وأنه تجاهل الدور الحيوي للعوامل التاريخية في تطوير القانون، ولكن على الرغم من ذلك ظهر القانون الطبيعي مرة أخرى على الساحة، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية بسبب ظهور الديكتاتورية الفاشية والنازية، والإنكار الصريح المتعمد من جانب أمم جبارة لكل المعايير الأخلاقية والثقافية التي كانت تعتبر العناصر التي لا غنى عنها في الحضارة الإنسانية أدت إلى إعادة البحث والفحص في مبادئ القانون الوضعي والحكومة.

ويتضح لنا أن تطور القانون الطبيعي قد مرّ بثلاث مراحل يمكن تقسيمهم كالتالي:

المرحلة الأولى: هي مرحلة الفلسفة، حيث نشأت فلسفة القانون الطبيعي ورُسمت أول علاماته على يد الفلاسفة اليونان مثل أفلاطون وأرسطو والرواقيون.

المرحلة الثانية: هي مرحلة ربط القانون الطبيعي بالدين عن طريق تمثيل القانون الطبيعي أنه استخلاص للقانون الإلهي وكان للقديس توما الأكويني دور كبير في ذلك، وإن كانت لفلسفته تلك دور مؤثرة في البلدان التي لا يزال للكنيسة الكاثولكية فيها دور سلطوي.

ويطرح كلا نوعي النظرية السابقين صورة مثالين للقانون الطبيعي، ويعاملان الطبيعة كشيء يفرض معايراً مثالياً.

أما المرحلة الثالثة: المرحلة الاجتماعية عن القانون الطبيعي تتبنى معالجة أكثر واقعية، حيث اهتمت أكثر بتطبيق القانون الطبيعي بشكل عملي، وتجلى ذلك في نظرية العقد الاجتماعي.

وعلى مر تاريخ تطور القانون الطبيعي فقد وضع الفقهاء من أنصار هذه المدرسة سمات للقانون الطبيعي تميزه عن القوانين الوضعية، ويمكن تقسيم تلك السمات كالتالي:

أولاً العقلانية: إن للعقل البشري دوراً كبيراً في إنتاج القانون الطبيعي من الروابط الاجتماعية يكون بداية لصياغة القانون الوضعي على غراره، وكلما قرب القانون الوضعي من القانون الطبيعي كان أقرب إلى الكمال.

ثانياً الموضوعية: إن من سمات القانون الطبيعي أن يكون موضوعياً، وهو يكون كذلك حينما يحكم الناس على وجه سواء، دون النظر إلى آرائهم الخاصة ومصالحهم الذاتية، فالطبيعة وحدها هي التي تنأى بالقانون عن القسوة والضيق والنقص والتغيير وعن هوى الفرد وتحكّم المشرع، فالقانون هو العقل المجرد من العاطفة، أو هو القائد الذي ينبغي الاهتداء بحكمه، على حد تعبير أرسطو.

ثالثاً الخضوع: إن القانون الطبيعي يقتضي من الأفراد طاعة القانون الوضعي ولو كان مخالفاً لبعض مقتضيات القانون الطبيعي، وبهذا المعنى يقول أرسطو إن الخضوع للقوانين هو الأمر الأولى بالاتباع، وكذلك فكان رأي هوبز “أن نزول الأفراد عن حقوقهم الطبيعية للحاكم هو نزول كامل غير مشروط ولا رجوع فيه، والحاكم لا يلتزم في مواجهة الأفراد إلا بالتزام وحيد وهو الالتزام بممارسة الحكم والمحافظة على النظام”.

رابعاً: الإطلاقية والتعميم
إن من أهم خصائص القانون الطبيعي أن قواعده تتميز بالتجريد والعمومية، ومن هنا جاءت تسمية القانون الطبيعي بـ”المطلق”، فهي تسري على الكل وتخلو من الشروط أو الصفات الخاصة التي قد تؤدي إلى تطبيقه على طرف أو شيء معين بذاته أو على واقعة محددة بذاتها، وأن هذا القانون ينظم الكون كله، وهو قانون ثابت لا يتغير لا في الزمان ولا في المكان، وهو كامن في طبيعة الأشياء يهيمن على سلوكها.

خامساً المثالية
يقصد بالمثالية الأفكار التي تؤمن بأن هناك مبادئ وأصولاً تسمو على القانون المنطبق في جماعة معينة، وتشكل نموذجاً للعدل يبغي السير على نهجه في كافة القوانين الوضعية، وتكاد تنحصر فكرة المثالية في مذهب القانون الطبيعي، وهذا نتاج الطرح الأفلاطوني للقانون الطبيعي، حيث طرح فكرة أنه هو القانون الكلي الشامل المختبئ وراء الموجودات والمتموضع في الأشياء.

وكما أشرنا سابقاً إلى أن القرن التاسع عشر كان بداية انحدار نظرية القانون الطبيعي وانحسارها من الاستخدام، فكان هناك أيضاً العديد من الانتقادات الموجهة للقانون الطبيعي.

الانتقادات التي وُجّهت إلى نظرية القانون الطبيعي

أولاً: المصادر المتضاربة: يعد ذلك النقد من أهم الانتقادات التي وُجهت للقانون الطبيعي، حيث إن أنصار القانون الطبيعي قد اختلفوا في تحديد مصدره، كما تباينت آراؤهم في تحديد مضمون قواعده، فبعضهم ذهب إلى أن القانون الطبيعي من صنع الله، والبعض الآخر ذهب إلى أنها مستنبطة من الطبيعة ذاتها ولا دخل لإرادة الله في صنعها.

ثانياً: استخدامات القانون الطبيعي: حيث إن بعض أنصار القانون الطبيعي قد استخدموا مضمونه في تدعيم سلطات الحاكم وتقليص حرية الشعوب وحرمان الأفراد من حق معارضته حتى ولو كان ظالما كما أشار توماس هوبز إلى “أن نزول الأفراد عن حقوقهم الطبيعية للحاكم هو نزول كامل غير مشروط ولا رجوع فيه، والحاكم لا يلتزم في مواجهة الأفراد إلا بالتزام وحيد وهو الالتزام بممارسة الحكم والمحافظة على النظام”، وكذلك حرمانهم من حق الاعتراض على أي قوانين يضعها الحاكم بنفسه أو عن طريق حكومته، كما أشار جروسيوس إلى أن “على الأفراد واجب الطاعة لقانون الدولة حتى ولو كان مجافياً للعدل، وذلك طالما أن هذا القانون يستمد سلطته وشرعيته من القانون الطبيعي”.

ثالثاً: طغيان الجانب الفلسفي: نظر أصحاب نظرية القانون الطبيعي لها على أنها قانون مثالي ونموذجي، ما يجعلها فكرة فلسفية، ويخرج النظرية من نطاق الدراسات القانونية إلى نطاق الدراسات الفلسفية، وهذا ما نادى به بعض نقاد النظرية إلى أن القانون الطبيعي يخرج من حيز القانون بالمعنى الدقيق.

رابعاً: الخلط بين القانون والأخلاق: عرض نظرية القانون الطبيعي على أنها عبارة عن مبادئ أخلاقية يعرّيها من صفة الإلزام، حيث إن الأخلاق ليس لها صفة إلزامية، ويترتب على ذلك أن القانون الطبيعي غير مُلزم وبالتالي فالقانون المتفرع من القانون الطبيعي يكون غير ملزم.

في النهاية فإن نظرية القانون الطبيعي بدأ تناولها في حقبة ما قبل التاريخ، وظلت متصدرة للمدارس القانونية طيلة ثمانية عشر قرناً من الزمان، ومرّت النظرية بثلاث مراحل: المرحلة الفلسفية، المرحلة الدينية، والمرحلة الاجتماعية، وانحدر القانون الطبيعي في القرن التاسع عشر أمام تيار العقلانية وفلاسفة الاستنارة، ولكن سريعاً ما طرح على الساحة مرة أخرى كنوع من التشكيك في القوانين الوضعية بعد الحرب العالمية الثانية.

وعلى الرغم من النقد الذي طال نظرية القانون الطبيعي خاصة في القرنين التاسع عشر والعشرون، فإنه كان لها دور كبير في ترسيخ العديد من التشريعات، وفي بناء بعض الدول على مر التاريخ.

قوانين الكون

قوانين الكون السبعة .. دستور لحياتك.
■ والقائمة أدناه ترتب هذه القوانين :
1- لا تستعجل الثمرة : حين يقوم المزارع بغرس البذور في التربة فإنها تحتاج وقتاً للنمو والإثمار لاحقاً، فهو لا يحصد ثمرته بمجرد غرس البذرة أو الشتلة، بل يظل يتعهدها بالري والعناية يومياً، كي تعطيه بعد بضعة أسابيع أو ربما أشهر حصادها، فإن كان النبات يحتاج لكل ذلك الوقت فمن باب أولى الارتقاء بالنفس الإنسانية فنحن لا نتغير ولا نتخلص من عيوبنا بمجرد أن نقرر ذلك، بل الأمر يحتاج لمثابرة ووقت طويل وعلينا أن نتحلى بالصبر كي نحصد في النهاية ثمرة ما غرسناه، وسنحقق بمرور الوقت التغير الإيجابي الذي ننشده بإذن الله.

2- قانون السببية : عليك أن تتذكر دائماً أن كل فعل له رد فعل، وكما تقدم للناس من حولك تلقى، أن خيراً فخير وأن شراً فشر، فاحرص على أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك، وتذكر أن الناس لا تكره أو تحب بدون سبب، فحاول قدر الإمكان أن تعود نفسك على مكارم الأخلاق، عامل الناس بكل حب ولطف واحترام وستجد أن هذا الخلق الكريم سينعكس إيجاباً على حياتك، وستحل البركة عليك دنيا وآخرة، فمن يعصر البرتقالة يحصل على عصيرها، انشر الخير من حولك ولا تقلق للنتائج فهذا ليس شأنك، فالعمل على العبد والنتائج على الرب.

3- قانون النسبية : لا يوجد شر مطلق في الحياة بل هو نسبي أي بحسب نظرتنا له، وفي باطن كل ابتلاء للمرء خير كثير لكن نظرته القاصرة للأمر لا تجعله يدرك ذلك، وفضلاً عن الأجر الأخروي فإن الابتلاءات تجعلنا اكثر قوة وصلابة وتعلمنا الكثير، وكذلك قد يحمل لنا الخير في طياته الشر دون أن نفطن، إذا مررت بظروف صعبة قارن حالك بمن هو أسوأ حالاً منك وستحمد الله تعالى على ما أنت فيه، وكلما ثارت عليك نفسك وأرادت أن تحبط من عزمك قم بمقارنة سريعة في ذهنك لظرفك مع ظرف من هو أسوأ حالاً منك وسرعان ما ستتخلص من ذلك الخاطر السلبي، وتستعيد حماسك للحياة.

4- قانون الجذب : الأفكار التي في ذهنك يتولد عنها باستمرار طاقة سلبية أو إيجابية، فالأفكار لها طاقة تنتقل على شكل فيزيائي أي أنها تتجسد فعلياً وبصورة مستمرة، وغالباً فإن ما يحدث لك في حياتك هو نتيجة أفكارك، فاحرص على التفكير الإيجابي باستمرار، واحذر التفكير السلبي فإنه يدمرك ويدمر حياتك، أي أن أغلب ما يصيبك بسببك أنت قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (يونس : آية 44) وفي الحديث الشريف (تفاءلوا بالخير تجدوه).

5- قانون الضد : كل شئ في الحياة له ضد ونقيض، فاللون الأسود نقيضه الأبيض، والليل نقيضه النهار، والفرح ضد الحزن، والنجاح ضد الفشل، وهكذا، وأنت لك الخيار فيما تختار، فهل تختار الفرح أو الحزن ؟ هل تختار النجاح أو الفشل ؟ حدد أختيارك واعمل ما بوسعك لتحقيقه.

6- قانون الذبذبات غير المرئية : كل شئ من حولنا يهتز على شكل ذبذبات لا تراها العين المجردة، فأنت ترى الطاولة التي أمامك ساكنة لا تتحرك لكنها في الحقيقة تهتز بذبذبات خفيفة لا نشعر بها، وكذلك الأفكار التي في رأسك، أو في رأس الشخص الجالس أمامك لها ذبذبات، وانت تتأثر بهذه الذبذبات فالمشاعر، والأحاسيس التي تعتريك هي نتيجة تأثرك بأفكارك أو أفكار غيرك، فانتبه لأفكارك لأن مشاعرك مرتبطة بها.

7- قانون التعاقب : لا شئ دائم في هذه الحياة فالليل يعقبه النهار والمد يعقبه الجزر، وكذا الأحزان يعقبها فرح أو العكس، وكما قال الشاعر :
قل لمن يحمل هما أن هما لا يدوم • • • مثلما تفنى المسرات كذا تفنى الهموم
إن حياة المرء بين هم وفرح لا الأول يدوم ولا الثاني، فلا تستلم لأحزانك وهمومك فلا شك أنه سيعقبها فرح، فتلك سنة الله تعالى في خلقه : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (الشرح آية 5 ـ 6).

قانون الطبيعة والبشر

ابتكر كورماك كولينان مصطلح قانون الطبيعة لأول مرة للإشارة إلى قوانين الإنسان التي تتوافق مع تشريعات الأرض. قانون الطبيعة هو قانون صادر عن البشر لتنظيم السلوك البشري الذي يحافظ على سلامة مجتمع الأرض بأكمله على المدى البعيد، ويحافظ على مصالح أي نوع (بما في ذلك البشر) في وقت معين.

صيغت قوانين الطبيعة لتنظيم المشاركة البشرية في المجتمع الواسع. إذ تسعى إلى الموازنة بين حقوق ومسؤوليات البشر وحقوق الكائنات الأخرى في البيئة الطبيعية التي تشكل الأرض (مثل النباتات والحيوانات والأنهار والنظم البيئية) من أجل حماية جميع الحقوق بشكل آمن.
يمكن التفريق بين قوانين الطبيعة والقوانين القائمة على فكرة أنَّ الأرض هي مجموعة من الأشياء التي يحق للبشر استغلالها لصالحهم بشكل حصري (مثل قوانين الملكية). إنَّ تطوير القوانين الطبيعة مدفوع باعتقادنا بالحاجة إليها، وهي ضرورية لبقاء العديد من الأنواع (ربما بما في ذلك البشر)، ومن أجل تغيير طبيعة علاقتنا بالعالم من الاستغلال إلى الديمقراطية والمشاركة في مجتمع من الكائنات الأخرى. يتطلب ذلك أولًا سن قوانين بأن الكائنات البيئية الأخرى في مجتمع الأرض تتمتع بحقوق، وثانيًا منع البشر من انتهاك تلك الحقوق بشكل غير مبرر (كما هو الحال في المجتمع البشري).

لا يمكن تصنيف قانون الطبيعة بسهولة ضمن الفئات القانونية التقليدية (مثل القانون الموضوعي أو الإجرائي أو الخاص أو العام). ربما سيفهم أفضل عند مقاربته لحكم البشرية، لا حين يعَد فرعًا من القانون أو مجموعة من القوانين.
عقد مؤتمر على أساس مفهوم القانون البري في نوفمبر عام 2005 في جامعة برايتون في المملكة المتحدة. ترأس المؤتمر وزير البيئة السابق وعضو البرلمان مايكل مايتشر، وكان من بين المتحدثين جاكلين ماكغلاد رئيسة الوكالة الأوروبية للبيئة وليندا وارين من وكالة البيئة.
عُقد مؤتمر استند إلى كتاب القانون البري الذي كتبه كورماك كولينان في جامعة برايتون في المملكة المتحدة في نوفمبر عام 2006، ونُظّم بالاشتراك مع جمعية القانون البيئي في المملكة المتحدة ومؤسسة القانون البيئي.
عقدت ورشة عمل بعنوان (قانون الطبيعة: استجابة لتغير المناخ) في سبتمبر عام 2007 لتطوير مقاربة عملية لتطبيق مبادئ قانون الطبيعة، وساعدت بالفعل في تغيير الإجراءات القانونية في الولايات المتحدة الأمريكية وجنوب إفريقيا. عقدت في مركز للمؤتمرات في ديربيشاير في المملكة المتحدة، مع وجود متحدثين مشهورين دوليًا مثل كورماك كولينان مؤلف كتاب قانون الطبيعة، والبروفيسور برايان غودوين باحث وأستاذ زائر في العلوم الشمولية في كلية شوماخر في المركز الدولي للدراسات البيئية، وأندريو كيمبريل المدير التنفيذي لمركز سلامة الأغذية في الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسس المركز الدولي لتقييم التكنولوجيا، وبيتر رودريك مدير برنامج العدالة المناخية ومحامٍ سابق لشبكة أصدقاء الأرض في لندن منذ عام 1996.
من المقرر عقد ورشة العمل تحت عنوان (قانون الطبيعة – أفكار عملية) في سبتمبر عام 2008، لإطلاق المرحلة الأولى من البحث الدولي من قبل جمعية القانون البيئي في المملكة المتحدة ومؤسسة غايا لتحديد التوجهات العملية لقانون الطبيعة وتوفير مجموعة أدوات قانونية لصناع القرار ومنفذيه. من بين قادة ورشة العمل التي عقدت في مركز المؤتمرات في ديربيشاير في المملكة المتحدة: ميليس دامتي وهو محامٍ إثيوبي وعالم أحياء، وأندرو كيمبرل محامي المصلحة العامة وناشط ومؤلف والمدير التنفيذي لمركز سلامة الأغذية في الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسس المركز الدولي لتقييم التكنولوجيا، والأستاذة ليندا وارن أستاذة فخرية بجامعة أبيريستويث ومستشارة بيئية ومشرفة على الأبحاث..

القانون الطبيعي والقانون الوضعي

كان قصدنا من الملاحظات التي سجلناها في المقالين السابقين الوصول إلى السؤال التالي الذي ينقلنا إلى موضوعنا، أعني خصوصية مفهوم “الحق” في عبارة “حقوق الإنسان”:
هل نستطيع الوصول إلى “حقوق الإنسان” بمفهومها المعاصر من هذه الطريق التي سلكنا إلى الآن؟ وبعبارة أخرى: كيف يمكن انتشال مفهوم “حقوق الإنسان” من ميدان النسبي، والتفكير فيه في فضاء المطلق؟
لقد انطلقنا في التفكير في مفهوم “حقوق الإنسان” تحت سلطة وتوجيه فكرة ثنائية “الحق والواجب”؛ ومع أنه بالإمكان الاسترسال في التنظير للحق والواجب على المستويين القانوني والأخلاقي فإن ما تقدم يكفي لجعلنا ندرك أنه يصعب جداً، إن لم يكن يستحيل، الوصول من هذا الطريق إلى مفهوم “حقوق الإنسان”!
لماذا؟
يمكن أن نقدم كتبرير أولي أن مفهوم “حقوق الإنسان” متحرر من التقيد بعلاقة التلازم القائمة بين الحق والواجب، علاقة “المقايضة” التي أبرزناها قبل. ذلك أنه إذا كانت فكرة “الحق”، على المستويين القانوني والأخلاقي، تستدعي فكرة “الواجب”، لكونها تعبر عن علاقة بين الناس، بعضهم مع بعض، أو بين الفرد والمجتمع، علاقة يكون فيها “الحق” كنوع من العوض لـ “الواجب”، فإن مفهوم “حقوق الإنسان” لا يستدعي أي مقابل ولا أي عوض. حقوق الإنسان بالمعنى المعاصر هي حقوق له من حيث هو إنسان وليس من حيث أن عليه واجبات.
كيف يمكن أن نتصور “حقوق الإنسان” بهذا المعنى؟ وكيف ينبغي أن نؤسسها؟
هنا لابد من تجاوز التحليل القانوني والأخلاقي الذي يستمد مواده من التاريخ والمجتمع، ومن ثم لابد من الارتقاء إلى مستوى التحليل الفلسفي الذي يشرع لكل من المجتمع والتاريخ!
ذلك ما تم مع اليونان، وخصوصاً مع “سقراط” و”أفلاطون” و”أرسطو”.
قد يتساءل القارئ: لماذا فقط مع هؤلاء؟

يمكن أن نقدم إجابة عامة فنقول: لأن التحليل الفلسفي المنظم إنما ظهر مع مفكري الإغريق، حسب ما لدينا الآن من معارف عن تاريخ الفكر البشري! (قد يكون هناك فلاسفة قبل اليونان، ومن شعوب أخرى، ولكن لا شيء لدينا عنهم).

وبقطع النظر عن هذه المسألة يمكن القول إن التحليل الفلسفي كطريقة في النظر، سواء كان صاحبه من هذه الجهة أو تلك من جهات المعمور، لا يفسر بمفرده ما نحن بصدده، أعني ما عبرنا عنه بالارتقاء بالتفكير في “الحق” إلى المستوى الفلسفي الذي سنخوض فيه الآن.

ذلك أن الانتقال بفكرة “الحق” من المستوى القانوني التاريخي الاجتماعي إلى المستوى الفلسفي إنما تم عبر خاصية لغوية هي كون الكلمة التي تفيد معنى “الحق” من الكلمات التي تقال بـ”اشتراك”، في اللغة اليونانية واللغات الأوروبية عموماً؛ فاللفظان “droit, loi” بالفرنسية و”law, right” بالإنجليزية يقالان بمعنى “القانون الوضعي” الذي تعتمده المحاكم – مثلا- وبمعنى الاستقامة وعدم الانحراف عن “القانون الطبيعي” الذي يحكم الظواهر الطبيعية (الخط المستقيم، الزاوية القائمة… إلخ). أما في اللغة العربية فكلمة “حق” لا تقال بهذا النوع من الاشتراك: لا نقول:”الحق الطبيعي” بمعنى القانون الطبيعي (كقوانين الفيزياء)، ولا نقول: “الخط الحق”، ولا “الزاوية الحق”.

ربما يرجع هذا الاشتراك في كلمة “قانون”، في اللغات الأوروبية (والاشتراك هنا يعني دلالة الكلمة الواحدة على معان مختلفة)، إلى كون الفلسفة بدأت عند اليونان بالبحث في الأخلاق والسياسة مع الحكماء السبعة في القرن السابع قبل الميلاد. فهؤلاء – ومنهم صولون ودراكون- هم الذين شرعوا للمدينة اليونانية فوضعوا لها قوانين وضعية (من وضع العقل) بعد أن كانت تتبع “الناموس”، أي القانون الذي ينسب للآلهة. كان من بين هؤلاء الحكماء “طاليس” أول الفلاسفة، وكان في نفس الوقت من العلماء الطبيعيين الذين كان شغلهم الشاغل إرجاع ظواهر الطبيعة إلى مبدأ واحد أو جملة مبادئ. ومن هنا كان التفلسف يعني البحث عن “القوانين” التي تحكم الطبيعة وتحافظ على نظامها. وربما كانت فكرة “القانون الطبيعي” مستوحاة من القانون الاجتماعي الذي ينظم المدينة/الدولة في اليونان. وعلى كل حال ففكرة القانون الذي يحكم ظواهر الطبيعة والقانون الذي ينظم شؤون المدينة قد عرفت النور في فضاء فكري واحد عند اليونان، مما لابد أن يكون له دور ما في هذا “الاشتراك” الذي تختص به كلمة “قانون” ورديفها كلمة “حق”.

ومهما يكن فالثابت أنه عندما أخذ السفسطائيون يشككون في قوانين المجتمع، في ثباتها وعموميتها، ويلحون على كونها نسبية تختلف من مجتمع لآخر ومن عصر لآخر، انطلاقاً من مبدأ أن “الإنسان مقياس كل شيء”، وأن القانون الحقيقي الذي يحكم شؤون المجتمع البشري هو نفسه “قانون الغاب”، أعني “رأي الأقوى”، جاء الرد على لسان “سقراط” أولا، ثم على لسان “أفلاطون” و”أرسطو” من بعده. وقد اعتمد الثلاثة في ردهم على التمييز بين القانون الوضعي، الذي تطبقه المحاكم والقانون الطبيعي الذي هو “العدل” نفسه.

القانون الوضعي يتغير ويختلف بتغير المجتمعات والعصور واختلافها. أما القانون الطبيعي فيتميز بالثبات والاطراد، قوامه نظام الكون. و”النظام” في الطبيعة معناه أن كل شيء من أشياء الكون وكل ظاهرة من ظواهره يحتل المكان المناسب له وللنظام ككل. وذلك ما عبروا عنه بـ”العدل”. فالعدل على مستوى الكون هو إنزال كل شيء منزلته “الطبيعية”. وقد استعير هذا المعنى من الطبيعة ووظف في المجتمع، فقالوا – قال فلاسفة اليونان- العدل في المجتمع هو “إنزال الناس منازلهم”. والقانون الوضعي مهمته هي هذه بالضبط: أعني إنزال الناس منازلهم. وقد ورثت القرون الوسطى في العالم العربي والعالم الأوروبي هذا المعنى لـمفهوم العدل.

من هنا يتضح أن للقانون الوضعي، الذي هو نسبي بطبيعته، مرجعية تنتمي إلى فضاء المطلق، هي “القانون الطبيعي”، أو نظام الكون “الكوسموس”، الذي لا يتخلَّف ولا يختلف ولا يتغير! فـ”الحق” المطلوب في المجال الإنساني بمثابة “الخط المستقيم” في الطبيعة، الخط الذي لا انحراف فيه، أو بمثابة الزاوية القائمة التي تساوي دائماً 90 درجة، لا تميل يميناً ولا شمالا.

هذه المزاوجة بين القانون الطبيعي والقانون الوضعي هي التي سمحت –في العصر الحديث- بالارتفاع بـ “حقوق الإنسان” إلى مستوى أعلى: من مستوى القانون الوضعي النسبي، إلى مستوى القانون الطبيعي المطلق، ومن ثمة قيل: إن حقوق الإنسان هي حقوق طبيعية للإنسان، تماماً مثلما أن القوانين الطبيعية هي “حقوق” طبيعية للكون، أعني قوانينه. ويمكن أن نفهم هذا جيداً إذا نحن فهمنا الإنسان على أنه “جسم” أولا وقبل كل شيء، وأنه بالتالي جزء من الطبيعة تسري عليه قوانينها، وأن له “حقوقا” أو قوانين خاصة به.

يتضح مما سبق أن المرجعية التي تؤسس مفهوم “حقوق الإنسان” هي غير المرجعية التي تؤسس مفهوم “الحق والواجب”، وبالتالي فكلمة “حقوق”، في عبارة “حقوق الإنسان”، لا تجد خصوصية معناها لا في سجل العلوم القانونية ولا في لغة الأخلاق. إن لها مرجعية خاصة، شرحنا أصولها. والسؤال المطروح الآن: هل هذه “الأصول” أصول واقعية تاريخية أم أنها افتراضية نظرية

مذهب القانون الطبيعي

يتمثل مذهب القانون الطبيعي فيما ذهب اليه الفلاسفة والفقهاء منذ القدم من وجود قانون اعلى من القوانين الوضعية وهذه الفكرة تعبر عن نزعة الانسان الى الكمال ، وهي ليست من صنع الانسان ، بل هي قواعد ابدية ثابتة اودعها الله في الكون وان المشرع مطالب بالاقتداء بها عند وضع التشريع . فقد كانت فكرة القانون الطبيعي عند الاغريق فكرة فلسفية تقوم على التأمل في مظاهر الحياة الاجتماعية ومحاولة الكشف عن طبيعتها ، فلاحظ فلاسفة اليونان النظام الثابت الذي يسير عليه الكون ويخضع له كل ما يوجد في هذا الكون من ظواهر طبيعية .
وكانت فكرة القانون الطبيعي عند الرومان ورجال الكنيسة في القرون الوسطى فكرة قانونية ، ودينية . فقد انتقل مذهب الرواقية الى الرومان ، فتأثروا بمذهبهم القائم على النزعة الفردية ، وبفكرة وجود قانون طبيعي ، فالقانون الطبيعي عندهم ينطبق على كافة الشعوب لانه اعلى من القوانين الوضعية وسابق على وجودها .
واما في العصور الحديثة فقد وجدت فكرة القانون الطبيعي طريقها كمذهب في القرنين السابع عشر ، والثامن عشر وقد ظهر الكثير من الفلاسفة والفقهاء فمن ابرزهم هو الفقيه الهولندي (جروسيوس) فقد تخلص القانون الطبيعي مما الصقته به من طابع ديني العصور الوسطى ، فقد تحرر بذلك القانون من رجال الدين ، واتجه بالقانون الطبيعي وجهة العدل وتحرر بذلك من تحكم الدول وقبضة السلطان ولهذا فقد كان القانون الطبيعي في العصور الحديثة ذا طابع سياسي .
وبعد هذه المقدمة القصيرة قمت بتقسيم البحث الى اربعة اقسام ففي القسم الاول قمت بعرض مفهوم القانون الطبيعي بشكل عام ، وفي القسم الثاني تكلمت عن مفهوم القانون الطبيعي عند اليونان ، وفي القسم الثالث مفهوم القانون الطبيعي عند الرومان ورجال الكنيسة أي في العصور الاوربية الوسطى ، واما في القسم الرابع فتناولت القانون الطبيعي في العصور الاوربية الحديثة . وفي الختام يتمنى الباحث من العزيز القدير ان يلهمه ما من شانه ان يحقق خدمة للعقيدة والامة والثقافة القانونية .

القانون الطبيعي pdf

لتحميل الملف اضغط هنا

قوانين الطبيعة البشرية pdf

لتحميل الملف اضفط هنا

 

السابق
تأثير التغيرات المناخية على التنوع البيولوجي
التالي
طريقة صنع الزبادي

اترك تعليقاً