الفرق بين الجدال والحوار ومفهوم كل منهم ستجده في هذا المقال، حيث أن للإتصال والتفاهم اللفظي والتفاعل مع الآخرين له أساسيات وشروط ومبادئ، فأصل التواصل الاجتماعي هو الحديث والحوار، ولا يوجد تواصل من دون تفاعل بين أفراد المجتمع الواحد، فيصيغ كل فرد أفكاره ومشاعره لكافة وسائل التواصل، ويحاول أن يوصل فكرته وما يريد للشخص الذي أمامه لكي يؤثر عليه بصورة أو بآخرى، وهناك العديد من عيوب الإتصال يقع فيها المتكلمين نتيجة للإنفعال أو الغضب مما يجعل موقفهم ضعيف في الحوار، ولذلك يجب الإلتزام بالهدوء وبالمنطق عند التفاهم مع الآخرين والبعد عن الإنفعال والمبالغة.
الفرق بين الجدال والحوار
ما هو الحوار
- الحوار هو تبادل الحديث والنقاش ما بين شخصين أو أكثر، ويكون الحديث حول موضوع معين أو حول حدث معين، ويكون الغرض الأساسي من الحوار هو تقريب وجهات النظر وتبادل الآراء والأفكار.
- وأهم ما يميز الحوار أنه يكون هناك مساحة حرة لكل فرد لكي يقول رأيه ويعبر عن أفكاره بحرية، فلا يجوز أي يأخذ أحدهم مساحة في الحديث أكبر من الآخر، فالتنسيق وتبادل الحوار من أساسيات التفاهم اللفظي.
- ويجب أن يبتعد الحديث عن التفاخر والتباهي والكذب، بل يكون الوسط ملئ بالتفكير المنطقي الرزين وبالحجج والبراهين، وذكر لفظ الحوار في القرآن الكريم في قوله تعالى “قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا”.
- فالحوار محمود لما فيه من منفعة متبادلة بين كل أطرافه.
- والحوار يتم تعريفه بأنه نقاش متبادل ويكون في الأغلب مثمر وهادئ، ويتم فيه مراعاه آداب الحديث والنقاش وأسسه، وتبادل الآراء والأفكار بصورة مثمرة ويكون النقاش له غرض ومعنى ويهدف في النهاية إلى الوصول إلى حل منطقي يوافق عليه كل الأطراف.
- وينتج من الحوارات في النهاية حلول ورؤي وزوايا منطقية جديدة يتم الإستفادة منها فيما بعد، ويجب أن يكون الحوار بعيد عن الغضب والعنف ويجب أن تتصف بالهدوء والرزانة والمنطق بعيدًا عن التعصب والتمسك بالرأي .
- ويمكن أن ينتهى الحوار من دون أن تتوحد الأفكار والآراء، فيمكن أن تختلف وجهات النظر ولكن مع الحفاظ على الإحترام بين كافة الأطراف.
ما هو الجدال
- الجدال في الأغلب يعني نقاش عنيف الهدف منه إثبات خطأ أحد الأطراف، فهو يكون نقاش فارغ من أجل النقاش وليس من أجل الوصول إلى حل أو حصول توافق بين الأفكار، فتكون الرغبة المسيطرة هي أن يتنازل أحد الأطراف عن رأيه.
- فيقوم المتحدث بالتركيز على إثبات خطأ الطرف الآخر بأي شكل من الأشكال، من دون مراعاه لأداب الحديث وأداب الحوار، وذلك من دون الإعتماد على أي من الطرق والأساليب المنطقية.
- وفي الأغلب تكون طريقة الحديث قاسية وصعبة ويدور في دوائر مغلقة ليس لها بداية أو نهاية تعتمد فقط على فرض الآراء وعلى التقليل من شخصية وآراء الطرف الآخر.
- وذكر الجدال في قوله تعالى “وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاًّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ”، فقد أكد الله تعالى أنه لابد أن يكون الجدال بالحق والصدق والمنطق.
- هناك أنواع من الجدال، فهناك جدال جيد ومفيد، وهناك جدال عقيم لا يوجد منه فائدة، فإذا كان الحديث هادئ مبني على المنطق وعلى الحكمة وهناك هدف من هذا الحديث ويتم إدارته بالعقل من دون عنف أو تعصب فيكون هذا الجدال محمود.
- وذكر هذا النوع من الجدال في القرآن الكريم في قوله تعالى “ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” صدق الله العظيم، فالآيه الكريمة حددت آداب الجدال، وهو الحديث بحكمة ولين وبمنطق وآدلة وبلطف وبطريقة حسنة حتى تكسب قلوب وعقول المستمعين لك.
- أما إذا كان الجدال من أجل إحداث فرقة أو خلاف، ولا يوجد هدف من ورائه ويحاول المتحدث أن يلون الحديث حتى يؤثر على الطرف الآخر بالكذب والزيف، فيكون حينها هذا الجدال مذموم.
- وقد تحدث الله تعالى عن هذا النوع من الجدال في قوله تعالى “وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ”، فقد أشار الله تعالى أن هناك من يتحدث ويجادل فقط من أجل التحدث.
- ولا يوجد معه أدلة أو براهين أو علم أو معرفة، فمن يقوم بهذا النوع من الجدال يتبع الشيطان وأفكاره، ولذلك هناك فرق ملحوظ بين الجدال والحوار.
أساسيات الإتصال والتفاهم اللفظي
- يجب أن يكون القلب نقي وخالي من البغض والكره والغل، حتى يكون الغرض والهدف من الإتصال سليم، فإذا كان الشخص قلبه ملئ بالأحقاد وبالكره والحسد فلن يستطيع أن يتعامل بمنطق وحب مع الآخرين، وبذلك سيكون الحوار ملئ بالعنف وبتبادل الإهانات وبالرغبة في الفوز والإنتصار على الطرف الآخر من دون التفكير في الهدف الأساسي من وراء الحوار ومن دون محاولة الوصول إلى حل منطقي.
- يجب التركيز في إختيار المصطلحات والألفاظ الطيبة السليمة التي يتقبلها أغلب الأفراد، ويتم الإبتعاد عن الأفكار النابية وعن الشتائم والإهانات، لما تسبب من توتر في الأجواء وتمنع الوصول إلى حلول، وتعوق مواصلة الحديث، فدائمًا ما يكون استخدام الإهانات والألفاظ السيئة دليل قوي على ضعف موقف المتحدث، وعدم إيجاده لبراهين وحجج ولذلك يلجأ للإهانات.
- يجب عليك أن تحترم كافة أطراف الحوار مهما اختلفت معهم في وجهات النظر، فإختلاف الرأى لا يفقد للود قضية، فمن الطبيعي أن نختلف وأن ينتظر كل منا إلى الموضوع من وجهة نظره الخاصة، ولكن رغم الخلافات لابد أن يحترم كل شخص الآخر وألا يتعدى عليه بالحديث أو بالفعل وأن يسعى لكي تكون العلاقة طيبة من دون أي شئ يعكرها.
- يمكنك في نهاية الحوار ألا تتبنى رأى الطرف الآخر، ويمكن للطرف الآخر ألا يتبنى رأيك، ولكن لابد أن تحافظوا على احترام بعضكم لبعض حتى مع اختلافكم.
- الثقة بالنفس أول طريق النجاح، فإذا كنت واثق من نفسك ومن قدراتك وأفكارك وآراءك سيثق فيك الآخرين وسيستمعون لك بإنصات وتركيز، فإذا وثقت في ذاتك ستتحدث بهدوء وبثقة بعيدًا عن التوتر والتذبذب كما ستكون هادئ غير منفعل مما سيزيد من إعجاب الآخرين بك.
- إذا توترت أثناء حديثك سيفقد المحيطين بك إهتمامهم حتى من قبل أن تتحدث، فلا يوجد من يثق في ضعيف الشخص.
- لا بأس إذا لم ينتهى الحديث من الجلسة الأولى، فالحوارات يمكن أن تطول لأكثر من جلسة حتى نصل لنهاية مرضية.
- يجب أن تحافظ على إتزانك حتى نهاية الجلسة مهما طال الوقت، ولا يجب أن يظهر على وجهك علامات الضيق أو الملل أو النعاس إحترامًا للطرف الآخر.
- إذا قام الطرف الآخر بالإخلال بأي قاعدة من قواعد الحوار السليم، ووجدته يقوم بالإنفعال ويالحديث بعشوائية من دون الإستناد إلى منطق في حديثه، يمكنك حينها أن تعتذر عن إكمال الحوار لأنه ليس بالمستوى العلمي المطلوب.
- اسعى أن تكون صادق وحقيقي أثناء حديثك، ابتعد عن الكذب وعن التلفيق وعن الزيف، لأن الحقيقة سريعًا ما تنكشف.
- استمع لكل الآراء وأنت منفتح العقل، ولا تنغلق على نفسك لكي تستفيد من وجهات النظر والخبرات والآراء المختلفة.
- تحدث بذكاء، فلا تتحدث فيما لا تعرفه، وابتعد عن التناقض في الأفكار والآراء.
- لا يمكن الإهتمام في الحديث على الجانب العاطفي فقط، كما لا يمكن الإعتماد على الجانب العقلي فقط، فيجب تحقيق التوازن بينهم.
- الإنسان المتكبر المغرور ينفر الجميع منه ويبتعدوا عن الإستماع له ولأفكاره، والإنسان المتواضع دائمًا ما يكسب قلوب المحيطين له.