منذ أن ضاعت فلسطين واستولت عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وباتت قضية فلسطين هي الشغل الشاغل للمسلمين بكافة أنحاء المعمورة، حيث تعتبر هي القضية المركزية والأهم من بين القضايا العربية المختلفة، فما هي هذه القضية ومتى كانت بدايتها؟ وما أبعادها العقيدية والفكرية؟، هذا ما سنتناوله بمقالنا اليوم.
قضية فلسطين :
هي مصطلح يشير للصراع السياسي والتاريخي، ويرجع بداية هذه المشكلة الإنسانية لعام 1897 عقب عقد المؤتمر الصهيوني الأول ولا تزال القضية الفلسطينية حتى يومنا الحالي، وتعتبر قضية فلسطين بمثابة جزء جوهري وأساسي من النزاع العربي الإسرائيلي الذي كان سببه هجرة اليهود ونشأة الصهيونية والاستيلاء على أرض فلسطين، مما نتج عنها نشوب العديد من الأزمات والحروب بمنطقة الشرق الأوسط، وتتمحور القضية الفلسطينية حول شرعية الدولة المحتلة واحتلال القوات الإسرائيلية لأراضي فلسطين، وحول القضايا الخاصة باللاجئين والمجازر التي يمارسها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وحول عمليات المقاومة للقوات المحتلة، وحول القرارات التي تم إصدارها من قبل الأمم المتحدة والتي من أبرزها كان قرار 194 وكذلك قرار 242.
الأراضي الفلسطينية :
تقع فلسطين بقلب الشرق الأوسط، وتتمتع بموقعها الإستراتيجي بين الأردن ومصر وسوريا، فهي تقع بين غرب القارة الأسيوية وشمال القارة الأفريقية، ويبلغ مساحة فلسطين حوالي 27 ألف كم2، ويعتبر قبائل اليبوسيوم والكنعانيون هم أول من أستوطنوها، وقد شهدت عدد من الحضارات، وتتمتع فلسطين بأهميتها الدينية العظيمة للديانات السماوية الثلاث، وطول تاريخها شهدت عدد من النزاعات ذات الطابع الديني من أبرزها الحروب الصليبية.
أطماع اليهود في فلسطين :
منذ قديم الزمان وكانت أطماع اليهود في فلسطين واضحة وضوح العيان، حيث أنهم يظنون أن فلسطين حق لهم، ويزعمون بأنها الأرض الموعودة التي كُتبت لهم، ويستدلون على هذا الأمر بالكثير من الحجج الواهية، والتي منها أنهم حكموا فلسطين منذ الألفية الثانية ما قبل الميلاد، وذلك أبان حكم نبي الله داوود وابنه سليمان، ولكن في الحقيقة أن المولى سبحانه ذكر فلسطين بكتابه العزيز أنه أمر على لسان نبي الله موسى لقومه بني إسرائيل أن يذهلون هذه الأرض التي كُتبت لهم حينئذ، إلا أن اليهود نكصوا على أعقابهم بل وأزوادا في جبنهم عن ملاقاة من فيها، وكان عقابهم من الله أن الله حرم عليهم هذه الأرض أربعين عام حيث ظلوا في تيه ثم بعد ذلك شاء الله لهم أن يرجع بنو إسرائيل لدينهم وذلك كان في عهد النبي داوود وتمكنوا من دخول هذه الأرض المقدسة فحكموها لفترة من الزمان.
نشوء قضية فلسطين :
الصهيونية والمؤتمر الأول للصهاينة :
أولا الصهيونية عبارة عن حركة سياسية عدوانية أنشئت بأواخر القرن الـ19 على يد يهود أوربا، وذلك من أجل تجميع اليهود بكل أرجاء العالم وحشدهم بأرض فلسطين والدول العربية التي تقع بالجوار، وذلك إقامة دولة يهودية يبدأ حدودها من النيل حتى الفرات، وتبنت الدول الاستعمارية بأوربا مهمة نشر الفكرة الصهيونية كي يتخلصون من اليهود ويقومون بإخراجهم من بلادهم.
وفي عقد الثمانينيات للقرن الـ19 بدأت دول الغرب في تبني نظريات جديدة من أجل استعمار أرض فلسطين، وذلك عن طريق استبدالهم لمحاولات السيطرة المدنية لتكون سيطرة مسلحة، وفي عام 1897 عُقد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا، حيث طالبت الحركة في المؤتمر بإقامة دولة لليهود بفلسطين، هذا الأمر الذي لاقى رفض وغضب شعبي شديد بكافة أرجاء فلسطين، وكان نتيجة هذا الغضب الشعبي نشأت حركة مقاومة شعبية بفلسطين.
وعد بلفور :
هذا الوعد الذي يعرف بأنه وعد من لا يملك لمن لا يستحق، وفي عام 1917 صدر هذا الوعد وتأييد الحكومة البريطانية له وأقرت بأحقية اليهود بإنشاء وطن قومي لهم بفلسطين.
انتداب بريطانيا على الأراضي الفلسطينية :
بعدما سقطت الدولة العثمانية وقعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني في الفترة ما بين 1920-1948، وذلك وفقاً للحدود التي تم إقرارها من قبل بريطانيا وفرنسا عقب الحرب العالمية الثانية وكان ذلك في معاهدة سيفر، ثم جاء بعد ذلك في عام 1992 وأقرت عصبة الأمم شرعية الانتداب بناءً على وعد بلفور، وقد شمل الانتداب للأراضي الفلسطينية التاريخية وهي قطاع غزة والضفة الغربية وشرق الأردن والقدس التي كانت حينها عاصمة للانتداب البريطاني، وكانت مقر لمؤسسات حكومة الانتداب ومقر للحاكم البريطاني، ومنذ بداية الانتداب وقامت بريطانيا بالإعلان عن تحقيق وعد بلفور، وتم فتح أبواب الهجرة بفلسطين أمام اليهود، وفي منتصف ثلاثينيات القرن الـ20 قامت حكومة الانتداب بتغيير سياستها وحاولت إيقاف توافد اليهود لفلسطين، ومنعت بيع الأراضي الفلسطينية.
قرار تقسيم أرض فلسطين :
وهو قرار رقم 181 وتم الموافقة عليه من قبل الجمعية العامة التابعة لأمم المتحدة عام 1947، حيث قضت حينها بانتهاء انتداب بريطانيا لأرض فلسطين، وقُسمت أرض فلسطين لثلاثة كيانات جديدة، من أجل حل النزاع العربي اليهودي، وذلك من خلال القيام بتأسيس دولتين وهما الدولة العربية والدولة اليهودية على الأراضي الفلسطينية، بحيث تقع كل من مدينتي بيت لحم والقدس تحت وصاية دولية.
المقاومة الفلسطينية :
قام شعب فلسطين كثيراً أبان عهد الانتداب البريطاني ورفضوا مخططات الصهاينة كما أعلنوا رفضهم لقرارات تقسيم فلسطين، وفي عام 1929 شهد ثورة البراق وذلك نسبة للجدار الغربي الذي يقع بالمسجد الأقصى الذي حاول أن يستولى عليه قوات الاحتلال، وفي عام 1936 حدثت العديد من الثورات التي كان يقودها عز الدين القسام، كما قامت الجامعة العربية بإنشاء جيش الإنقاذ ومن بعد أنشئ جيش الجهاد المقدس، وجميعهم أبلو بلاء حسن في قتالهم لليهود والبريطانيين.
قيام إسرائيل :
في عام 1948 قام اليهود بتأسيس دولتهم على الأراضي الفلسطينية، وحينها حدثت النكبة حيث تم تهجير مئات الألوف من أهل فلسطين وتم مصادرة ألاف الدونمات من الأراضي، كما وقع العديد من المجازر بحق الشعب الفلسطيني، مثل مجزرة دير ياسين، ونٌشبت حروب بين إسرائيل والعرب إلا أن كل الحروب فشلت في استرداد الأراضي الفلسطينية.
قطاع غزة :
ويبلغ مساحة هذا القطاع 363 كم2 يشكل 1.3% من المساحة الإجمالية لفلسطين والتي تم حينها الإقرار بوضعها تحت الإدارة المصرية.
الضفة الغربية :
وهي عبارة عن أراضي فلسطينية تضم لكل من رام الله ونابلس والخليل وجنين وعدد من المناطق الأخرى وتبلغ مساحة الضفة الغربية 5875 كم2 أي حوالي 20.3% من المساحة الإجمالية لفلسطين، وقد تقرر إلحاقها بالأردن.
منظمة التحرير :
وهي منظمة سياسية شبه عسكرية فلسطينية، أسست عام 1964 بعدما أتعقد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول بمدينة قدس، وتعتبر هذه المنظمة ممثل شرعي لشعب فلسطين بالداخل والخارج حيث أنه معترف بها من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربي، وكان الهدف الأساسي من إنشاء هذه المنظمة هو تحرير فلسطين من خلال الكفاح والنضال المسلح، ولكنها بعد ذلك تبنت فكرة القيام بإنشاء دولة ديمقراطية علمانية من ضمن الحدود الانتدابية بفلسطين، وفي عام 1988 قامت المنظمة بتبني خيار حل الدولتين من أجل العيش في سلام بجوار دولة الاحتلال مع ضمان رجوع اللاجئين والحصول على الاستقلال على حدود 1967، وكذلك أن تكون مدينة القدس الشرقية هي العاصمة لدولة فلسطين.
انتفاضة الحجارة الفلسطينية :
بدأت شرارة الانتفاضة الفلسطينية في أواخر عام 1987، بعدما قامت آلية عسكرية بدهس مجموعة عمال فلسطيني أمام حاجز أيزر بصورة متعمدة، هذا الأمر الذي تسبب في استشهاد خمسة منهم وإصابة سبعة، فنشب غضب شعبي حاد، بدأ من مخيم خباليا وانتشر سريعاً بكافة أرجاء قطاع غزة، وباليوم التالي كان تشييع جثامين الشهداء واستمرت شرارة الغضب إلى أن وصلت لكافة مدن ومخيمات الضفة الغربية، واستمرت هذه الانتفاضة عدد من السنوات، والتي انتهت عام 1993 بقرار سياسي، حيث تم توقيع اتفاقية أسلو بين كل من دولة الاحتلال ومنظمة التحرير، ورغم ذلك لم تتوقف الثورات الفلسطينية حيث في عام 1996 تم نشوب ثورة هبة النفق بعدما قامت قوات الاحتلال بحفر نفق من أسفل المسجد الأقصى، وبعدها بمدة أربع سنوات شهدت فلسطين اندلاع انتفاضة الأقصى بعدما زار الأقصى أرييل شارون، ومن أكثر ما تميزت به هذه الانتفاضة هو العمليات العسكرية التي تمت، كما أنه تم مشاركة أغلب الفصائل وكتائب المقاومة في فلسطين.