موضوع عن الصدق بين العبد وربه :
الصدق يعتبر على رأس الأخلاق الحميدة التي أوصت بها “الأديان السماوية ” وديننا الحنيف الإسلام أمرنا بالصدق حيث أن الصدق أصل البر والكذب أصل الفجور فالصدق كان يتسم به رسولنا الكريم محمد صلى الله وعليه وسلم حيث لقب بالصادق الأمين فالتحلي بالصدق هو التزام بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم جعل الله سبحانه وتعالى هذه الصفة من المنجيات ودرب من دروب الجنة وأساس العبادة حيث قال عز وجل في كتابه العزيز {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً} [النساء: 122] كما قال الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين} [التوبة: 119] {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما} (الأحزاب-22) .
كما أن الصدق بالعهد من الأشياء التي حث الله سبحانه وتعالى عليها ووضع الله مجموعة من الصفات للصادقين وأقرها في كتابه الكريم حتي تصبح قانون يمشي عليه الخلق ويكون حجة عليهم يوم القيامة{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} (البقرة -177) كما وضع الله جزاء للصالحين وهي جنة تجري من تحتها الأنهار {يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ} (المائدة – 119 ) .
وقد أمر سيد الخلق في حديثه الشريف بالصدق حيث قال : “عليكم بالصدق فإن الصدق يهدى إلى البر وإن البر يهدى إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور وإن الفجور يهدى إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ” .
كما أثنى الله على كثير من أنبيائه بالصدق، فقال القرآن الكريم عن نبي الله إبراهيم {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقًا نبيًا} [مريم: 41 وقال الله عن إسماعيل {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيًا } [مريم: 54 وقال الله عن يوسف {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ} [يوسف: 46 {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} ( مريم – 56) وقال القرآن عن إدريس بالتالي ندرك أن صفة الصدق هي محور رئيسي في العبادة بين العبد وربه وبدونها لن تصح العبادة فهي شرط للتقرب إلى الله
الصدق بين الأفراد في العمل :
أن تكون صادقا في العمل هذا سيؤدى إلى احترامك من زملائك و رؤسائك لان احترام الشخص لنفسه سيؤدى إلى احترام الأخريين له , وخلق مناخ جيد ومحبة وراحة نفسية تساعد الفرد على العمل والإنتاج .
الصدق بين الزوج والزوجة :
العلاقة الزوجية يجب أن تبنى على الصدق المتبادل فالصدق يكسب صاحبه الاحترام والتقدير والكذب يؤدى إلى ضمور العلاقة وخلق الخلافات بالتالي الصدق صفة أساسية يجب توافرها في العلاقة بين الزوج والزوجة حتى تتكون أسرة على أسس سليمة
الصدق بين الأسرة :
على الإباء والأمهات أيضا تربية أبنائهم على الصدق ,فالأطفال يتعلمون من إبائهم هذه الصفات , فيجب أن ينشأ الطفل في أسرة تحترم حصيلة الصدق وتغرسها في النشا منذ الصغر , ولا تربيه على الكذب ولو على سبيل الخداع للهروب من موقف معين
الصدق بين المجتمع بعضه البعض
الصدق محور هام من محاور تقدم المجتمعات فالمجتمع الذي ينتشر به الصدق والإخلاص بين أفراده يكون مجتمعاً صادقا ذو ضمير حي ّ مثل شعب اليابان حيث أن الصدق ينعكس على مدى الإخلاص في العمل و إنتاجية الشعب, لان الصدق والإخلاص والضمير هم من يؤدون إلى الفناء في العمل وإخراجه في أحسن صورة .
بحيث يكون الطالب مخلص في طلبه للعلم والموظف مخلص في وظيفته والحرفي مخلص في حرفته بالتالي كل فرد سيؤدى العمل على أكمل وجه ويكون مجتمع منتج وعلى النقيض .. المجتمع الذي ينتشر فيه الكذب والنفاق وعدم الإخلاص يكون مجتمع متخلف غير منتج ومتأخر ينتشر فيه الفساد والرشوة .
وبعد أن سردنا أهمية الصدق في الدين والعمل الأسرة والمجتمع , نتكلم عن الصدق من منطلق إنساني حيث أن لا تكتمل مروءة الإنسان إلاَّ بالصدق والوفاء، ففي صدق الإنسان إكْرام لنفسه وصوْن لهيْبته، وحفظ لمكانته في المجتمع والحياة وبالصدق تُعْرَف عظمة الإنسان .
وفى تراثنا قصصاً كثيرة عن الصدق وكيف نجي صاحبه من المهالك وكانت السبيل للنجاة نذكر منها :-
1- خطب الحجاج في يوم الجمعة فأطال الخطبة، فقام إليه رجل فقال: إن الوقت لا ينتظرك والرب لا يعذرك. فأمر به إلى الحبس فأتاه آل الرجل فقالوا: إنه مجنون، فقال: إن أقر على نفسه بما ذكرتم خليت سبيله، فقال الرجل: لا والله لا أزعم انه ابتلاني وقد عافاني، فبلغ ذلك الحجاج فعفا عنه لصدقه
2 – عن شداد بن الهادِ رضي الله عنه، أن رجلاً من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه، ثم قال: ” أهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فلما كانت غزوة غنم النبي صلى الله عليه وسلم سبيًا فقسَّم، وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا ؟ قالوا: قسم قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم.
فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا ؟ قال: قسمته لك، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أُرمى هاهنا – وأشار إلى حلقه – بسهمٍ فأموت فأدخل الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: ” إن تصدق الله يصدقك ” .
فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو، فأُتي به النبي صلى الله عليه وسلم يُحملُ قد أصاب السهم حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” أهو هو ؟ قالوا : نعم، قال: صدق الله فصدقه ” . ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: ” اللهم هذا عبدك، خرج مهاجرًا، فقُتل شهيدًا، أنا شهيد على ذلك ”